مسقط-
تشكل انبعاثات الغاز التي تنتجها المصانع ومحطاط تكرير النفط والسيارات والمحارق وغيرها من المنشآت التي تنتج معدلات عالية من الانبعاثات مغضلة كبيرة للعالم، وتكلف الاقتصادات مبالغ طائلة وخسائر كبيرة فضلاً عن الأضرار البيئية الجسيمة التي تهدد بكوارث ذات ابعاد اقتصادية ايضاً.
وأصدر البنك الدولي تقريراً يبرز أهمية تصديق الدول العربية على الاتفاقيات الدولية التي تساهم في معالجة القضية، إذ يقول التقرير إنه في الوقت الذي يستضيف فيه المغرب المؤتمر العالمي القادم حول تغير المناخ في نوفمبر 2016، يتطلع العالم إلى الدور القيادي الذي يجب أن الدول العربية في مواجهة تحديات التغير المناخي،فقد وقع 175 طرفا (174 بلدا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي) على اتفاقية باريس في أبريل الفائت بمدينة نيويورك. إلا أن هذا وحده لا يكفي. فلا يهم فقط عدد البلدان التي وقعت على الوثيقة، بل أيضا عدد البلدان التي انضمت إلى الاتفاقية في النهاية بالتصديق عليها. فقط عندما يتم التصديق على اتفاقية باريس، تصبح نافذة وملزمة قانونيا. وهنا تتجلى أهمية الرقم السحري 55 من ناحيتين. فعلى الأقل يتعين أن يصدق 55 طرفا على اتفاقية باريس، وأن ينضم العدد الكافي من البلدان بحيث تتجاوز انبعاثاتها من الغازات مجتمعة 55 % من إجمالي الانبعاثات في العالم، وهي انبعاثات تاتي من المصانع والسيارات ومصفي البترول وغيرها من النشاطات التي تساهم في رفع درجة حرارة الأرض.
ويقول التقرير إننا «لم نصل بعد إلى هذا الرقم. في الوقت الحالي، نقف عند الرقم 22 فيما يتعلق بالهدف الأول، وعند واحد في المائة للهدف الثاني لكن الفجوة تضيقف باستثناء الاثنين وعشرين طرفا الذين صدقوا على اتفاقية باريس، فإن أغلب البلدان أشارت إلى عزمها التصديق عليها هي الأخرى. وأهمها، الأطراف الثلاثة الرئيسية المسؤولة عن الانبعاثات الغازية: وهي الصين والولايات المتحدة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. قد ينتهي هذا إلى 51 بلدا تطلق نحو 51% من الانبعاثات الغازية في العالم. وبهذه المساهمات، فإننا نسبياً نبتعد عن تحقيق الهدف بنحو أربعة بلدان وبنسبة أربعة في المائة لكي تصبح اتفاقية باريس نافذة المفعول».
ويضيف أن «منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن تكون عاملا حاسما إذ أن البلدان التسعة عشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطلق مجتمعة نحو سبعة في المائة من الانبعاثات العالمية، وهو ما سيسمح لنا بتجاوز خط القياس الذي يقف عند 55. في الحقيقة، قد لا يحتاج الأمر لأكثر من دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل أيضا أكبر الدول المطلقة للانبعاثات الغازية في المنطقة.
في وقت يتطلع فيه العالم إلى المنطقة التي تشهد استضافة المؤتمر القادم لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تقتنص هذه الفرصة لتقود العالم إلى حقبة اتفاقية باريس التي تلزم العالم بعدم السماح بارتفاع درجة حرارة الأرض عن 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة بواقع درجة مئوية واحدة عما يمكن أن تصل إليه حرارة الأرض إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء. وهذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. وكما هو مبين في الجداول السابقة، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في يدها أن تتيح للمجتمع العالمي اتخاذ هذه الخطوة الأولى».
موقف الدول العربية اليوم
تقدمت جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال المؤتمر الحادي والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، باستثناء ليبيا، بوثيقة عن المساهمات الوطنية المزمعة لمكافحة تغير المناخ. ومن ثم، فقد وقعت أغلب البلدان، فيما عدا العراق والسعودية وسوريا واليمن، على اتفاقية باريس في نيويورك في أبريل نيسان 2016. إلا أنالطرف الوحيد الذي صدق على الاتفاقية حتى الآن هو فلسطين.
رغم الوضع الأمني فيها، تستطيع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تحدث فارقا فمن المفهوم في ظل التحديات الأمنية والإنسانية التي تشهدها حاليا، أن تتخلف سوريا والعراق واليمن على منحنى التحرك العالمي لمكافحة تغير المناخ. ومع هذا فإن إجمالي الانبعاثات التي تطلقها هذه الدول الثلاث التي مزقتها الحروب لا تتجاوز 0.7% من الانبعاثات العالمية، وهذا يعني أنها حتى لو لم توقع على اتفاقية باريس، فإن كلا الهدفين سيمكن بلوغهما إذا اجتمعت باقي دول المنطقة وألقت بثقلها.
ورغم أن العديد من التجمعات الدولية يمكن أن يؤدي إلى تجاوز هدف الـ 55، إلا أن استضافة مؤتمر هذا العام يلقي بالكرة في ملعب المنطقة. وكما أوضحنا، فإذا أوقفت الدول الثلاث الرئيسة المسؤولة عن الانبعاثات الغازية العالمية بوعدها، فإن انضمام منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط كفيل بأن يحول اتفاقية باريس الملزمة قانونيا إلى واقع. بل يكفي تصديق عدد قليل من الدول الرئيسية المسؤولة عن الانبعاثات الغازية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.