"ندوة التماسك الأسري" توصي بإنشاء مراكز بحثية لشؤون الأسرة

بلادنا السبت ٢٠/أغسطس/٢٠١٦ ٠٢:٢٤ ص
"ندوة التماسك الأسري" توصي بإنشاء مراكز بحثية لشؤون الأسرة

صلالة - ش
اختتمت الخميس الفائت أعمال ندوة التماسك الأسري الخامسة تحت شعار (الإرشاد الزواجي) التي نظمتها وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع اللجنة الوطنية لشؤون الأسرة، والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمحافظة ظفار والتي استمرت ليومين بهدف رفع الوعي بأهمية التخطيط السليم لميزانية الأسرة وترشيد النفقات لما لها من أثر على تماسك الأسرة، كما وتهدف الندوة للتعريف بأهمية اختيار شريك الحياة المناسب، إلى جانب التعريف بمهام لجان التوفيق والمصالحة ودورها في تعزيز التماسك الأسري من خلال ما تم طرحه في الندوة من أوراق علمية وحلقات عمل نقاشية وتجارب قطرية على مستوى دول التعاون الخليجي بمشاركة خليجية وعربية بمشاركة عدد من صناع القرار، والباحثين، والخبراء، والأخصائيين في مجال الارشاد والتثقيف الزواجي للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا، حيث تناولت جلسات الندوة التعريف بالمفاهيم والمهارات الأساسية لبناء أسرة سليمة متماسكة. وقد جاء تنظيم هذه الندوة في نسختها الخامسة إدراكا لأهمية الإعداد السليم لحياة زوجية مستقرة ومتماسكة تحقيقا للتوافق الزواجي، وللمساهمة في الحد من مشكلات اضطراب العلاقة بين الزوجين سعيا لتكوين أسرة متماسكة تسهم بشكل فاعل وإيجابي في بناء الأفراد والمجتمعات.
جلسة حوارية
واستعرضت الجلسة الحوارية الأولى للندوة في يومها الثاني عددا من التجارب القطرية حول دور لجان التوفيق والمصالحة في تعزيز التماسك الأسري في كل من سلطنة عمان ومملكة البحرين ودولة قطر، حيث تطرق بدر بن سيف الحوقاني مدير مكتب تنسيق لجان التوفيق والصالحة بوزارة العدل بالسلطنة لما في كتاب الله وسنة نبيه من آليات دقيقة لمعالجة الخلافات الأسرية بطرق لفظية وحسية وجسدية مشيرا إلى أن الاهتمام بالصلح سبب في بقاء البشرية من خلال العلاقات الزوجية الصحية، معقبا على ما تقوم به لجان التوفيق والمصالحة من أدوار للحفاظ على تماسك الأسرة والتي أنشأت بموجب المرسوم السلطاني (98/2005) والذي صدر بموجبه قانون التوفيق والمصالحة. وأشار إلى أن استحواذ اللجان في السنوات الأربع الأخيرة بلغ ما يربو على 35% من عدد الدعاوى في السلطنة على مستوى دعاوى الأحوال الشخصية، والمدنية، والتجارية التي تنصب في جوهر اختصاص هذه اللجان، ما تمخض عنه الحاجة لرفع عدد اللجان ليصل إجمالي عددها إلى 52 لجنة بحلول عام 2013م، مؤكدا أن ما نسبته 88% من طلبات المصالحة التي يحضر فيها الأطراف تنتهي بالصلح وفقا لإحصائيات عام 2015م. فيما ا

استعرضت مريم عبدالرؤوف حمدان أخصائية الإرشاد الأسري بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بمملكة البحرين قانون أحكام الأسرة بالمملكة، ودور مكاتب الاستشارات الأسرية التابعة للوزارة والتي تعمل ضمن المراكز الاجتماعية التي تقدم خدمات إنمائية ووقائية لتفعيل دور الأسرة في مواجهة التحديات المعاصرة والمساهمة في علاجها من خلال خدمات الإرشاد الفردي والجماعي، والإرشاد للأطفال باللعب، وإبداء الرأي النفسي للمحاكم الشرعية والتنفيذية، حيث تهتم برامج الإرشاد بمراحل ما قبل الزواج، ومرحلة الحياة الزوجية، ومرحلة الانفصال وما بعدها. وعرجت حمدان على الأدوار المنوطة بمكاتب التوفيق الأسري التابعة لوزارة العدل والشؤون الإسلامية بالمملكة، إلى جانب الخدمات الصحية التي تقدمها مراكز الخدمات الصحية التابعة لوزارة الصحة بالمملكة، جنبا إلى جنب مع الجهود التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني مستعرضة في ذلك تجربة مركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري بالمملكة. أما إبراهيم الخاجة منسق البرامج والأنشطة في إدارة شؤون الأسرة بدولة قطر فقد استعرض الورقة التي أعدتها ريم خليفة العجمي الأخصائية في مجال التنمية الأسرية بإدارة شؤون الأسرة، وتحدث
تجربة دولة قطر
عن تجربة دولة قطر في الإرشاد الزواجي من خلال توضيح الخطة الاستراتيجية الخاصة بقطاع التماسك الأسري وتمكين المرأة، واستعرض البرامج والمبادرات التوعوية المختلفة التي تنفذها إدارة شؤون الأسرة بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، إلى جانب حزمة الخدمات والدورات التدريبية التي يقدمها مركز الاستشارات العائلية والذي يعد مؤسسة قطرية تقدم خدماتها المجانية لكافة شرائح المجتمع في مجالات الرعاية الوالدية، وحضانة الأطفال، والاستشارات الأسرية المختلفة. كما وقفت الورقة على تجربة مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الانسانية (راف) التي تقدم برامج الإرشاد والدعم والتمكين المالي من خلال مشروع إعفاف لتزويج الشباب القطري، وموقع (مستشارك الخاص) الذي يقدم الاستشارات التخصصية، كما أعرجت الورقة على تطبيق دولة قطر لإلزامية الفحص الطبي قبل الزواج بموجب مادة قانونية صريحة.
3 حلقات عمل
وأعقبت الجلسة الحوارية الأولى لليوم الثاني من الندوة ثلاث حلقات عمل تناولت الأولى أهمية الفحص الطبي قبل الزواج وأثره على تماسك الأسرة، أما الثانية فطرحت مهارات حل المشكلات الزوجية، والثالثة ناقشت أهمية ترشيد نفقات الزواج وأثرها على استقرار الأسرة. وأدارت حلقة العمل الأولى الدكتورة ريه بنت سعيد الكميانية الطبيبة العامة بدائرة صحة المرأة والطفل بوزارة الصحة حول الفحص الطبي قبل الزواج وأهميته، حيث استعرضت ضوابط الفحص الطبي وأهميته من المنظور العلمي والاجتماعي والاسلامي، مشيرة للكثير من الأمراض الوراثية المنتشرة في العالم العربي كأمراض الدم الوراثية الناتجة من التقارب والتشابه الجيني لزواج الأقارب، موضحة الأعباء الناتجة عن ذلك على الصعيد الصحي، والاقتصادي، والنفسي، والاجتماعي. كما تحدثت الكميانية عن الأمراض المعدية المنتقلة جنسيا بين الزوجين مؤكدة على أهمية الاستشارة الوراثية، ومستعرضة للتجربة العمانية للفحص الطبي قبل الزواج والتحديات والمعوقات المرتبطة به. فيما أدارت الدكتورة وداد العيسى المراقبة في مجال شؤون البرامج النفسية والأسرية بمكتب الإنماء الاجتماعي في ديوان رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت حلقة العمل الثانية التي تناولت مهارات حل المشكلات الزوجية، حيث تفاعلت مع المشاركين متطرقة لمفهوم المشكلات والخلافات الزوجية ومؤشراتها، وعوامل التماسك والتوافق الزواجي بين الطرفين والعوامل المقابلة لها. كما، طرحت أبرز المشكلات الزوجية التي تم رصدها على مستوى دول الخليج العربية وأسبابها التي لخصتها في الخيانة الزوجية، وسوء التواصل الزواجي، والاكتئاب النفسي، والعنف بين الزوجين. هذا، وعرجت العيسى لمظاهر الأزمة الزواجية النفسية والمتمثلة في الأفكار السلبية، والقرارات الاستبدادية، والشخصية الاستسلامية، واضطراب الحوار، وما يترتب عن ذلك من مشكلات، مستشرفة أبرز المدارس الفكرية في فهم العلاقات الزوجية، حيث تطرقت لعدد من النظريات الرئيسة في الإرشاد الأسري كمنهج بوين للعلاج الأسري ما بين الأجيال، والعلاج الأسري البنائي، والعلاج الاستراتيجي، والعلاج المعرفي السلوكي. وحول مهارات حل المشكلات الزواجية فقد طرحت أساليب مختلفة، وناقشت مجموعة من آليات التدخل للوصول إلى حلول تحافظ على كيان الأسرة وتماسكها كمهارات الإصغاء، والتعاطف الفكري والشعوري، ومهارة التساؤل، والتعبير عن المشاعر، ومهارات الحوار، والأساليب المناسبة لوضع هذه المهارات موضع التطبيق. أما حلقة العمل الثالثة فأدارها الدكتور داود بن سالم الحمداني عميد الدراسات العليا بجامعة صحار مسلطا الضوء على الأسرة العمانية كنموذج في مجال إدارة نفقات الزواج وتأثير ذلك على الاستقرار الأسري، حيث قدم معنى الأسرة لغة واصطلاحا معرجا على معنى الزواج وأسباب الاستقرار الأسري، مناقشا موضوع النفقات في الزواج وترشيده من المنظور الشرعي معرفا النفقة ونفقات الزواج عُرفا وكذلك من الناحية الإجرائية، مستعرضا في ذلك الأطر النظرية حيث خلص لأهمية تفعيل صندوق الزواج، وتعزيز مشاريع الزواج الجماعي، وتثقيف طلاب الثاني عشر في المرحلة ما قبل الجامعة حول المهارات الحياتية المتعلقة بالتخطيط والاقتصاد الأسري وإدارة المشاريع، وتكثيف البرامج التوعوية والإرشادية التي تغطي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية المبنية على النظرية السلوكية ونظرية التعلم الاجتماعي.

جهود حثيثة
وفي حوار مع فخرية بنت خميس الحسنية الأخصائية النفسية بوزارة التنمية الاجتماعية بالسلطنة أشارت إلى أن الندوة أظهرت الجهود الحثيثة والمستمرة التي تقدمها مختلف دول مجلس التعاون المشاركة في سبيل تحقيق التماسك الأسري على مستوى المجتمع وذلك من خلال ما تم عرضه من أوراق عمل حول التجارب القطرية المختلفة بالتحديات التي واجهتها وآليات التغلب عليها تحقيقا للهدف المنشود. أما فضيلة بنت عبدالله الرحيلية رئيسة جمعية المرأة العمانية بصحار فقد رأت أن أوراق العمل التي طرحت خلال فترة انعقاد الندوة كانت قيّمة حيث أنها لامست الواقع المعاش، معقّبة على أساليب إدارة الحوار والطرح التي اتسمت بالتفاعل الايجابي والتبادل المعرفي بين المشاركين ومقدمي أوراق العمل ومن أدار الحلقات النقاشية. فيما تطرق محمد محمود البقالي المساعد لأمين السر العام بالجمعية الخليجية للاجتماعيين لأهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في إبراز ما خلصت إليه الندوة لرفع سقف التوعية بالمحاور المختلفة التي تنصب في تعزيز التماسك الأسري. ويرى الدكتور عبدالناصر صالح اليافعي رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر أن أهمية الندوة تتلخص فيما تمثله من منبر للإثراء المعرفي ومساحة لتبادل الخبرات، معبّرا عن أهمية أن تخرج الندوة بتصور عام يتناسب والخصوصية الخليجية على صعيد التشريعات والقوانين التي تكفل تعزيز التماسك الأسري في المجتمع.
كلمة شكر
وفي ختام اليوم الثاني للندوة، وجّه وزير التنمية الاجتماعية معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني كلمة شكر للخبراء وأصحاب أوراق العمل والمشاركين من داخل السلطنة وخارجها، مؤكدا على أن المحاور التي تناولتها الندوة تهم كافة شرائح المجتمع وبالأخص فئة الشباب المقبلين على الزواج لما في ذلك من بناء أسرة متماسكة الأركان، كما سلط الضوء على الدور الذي يمكن أن يلعبه المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال المرحلة القادمة من خلال التنسيق على الصعيد الخليجي، وتعميم الاستفادة من التجارب القطرية الناجحة للخروج بالمأمول وتحديد المحاور الرئيسة للندوة القادمة في نسختها السادسة. ثم ألقى الشيخ الدكتور يحيى بن محمد الهنائي المدير العام للتنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية بالسلطنة البيان الختامي مؤكدا على أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المعارف، والإنسان والمجتمعات والأوطان، وأحد العوامل الرئيسة المساهمة في جني ثمار التنمية المستدامة إذا ما بنيت على أسس صحية وسليمة، مشيرا في هذا السياق لأهمية الإرشاد الزواجي في الإعداد لحياة أسرية تتسم بالتماسك والاستقرار والتوافق.
استعراض التوصيات
وتبع البيان الختامي استعراض الهنائي للتوصيات التي تمخضت عن تفاعل المشاركين في الجلسات الحوارية وحلقات العمل النقاشية القادمين من مختلف دول الخليج العربية من صناع قرار وأهل اختصاص في قضايا الأسرة من إخصائيين وخبراء وباحثين وأساتذة جامعات وممثلي منظمات وهيئات خليجية ومؤسسات مجتمع مدني، حيث تمحورت أبرز التوصيات حول أهمية إنشاء مراكز بحثية متخصصة في شؤون الأسرة لتكون بمثابة مراصد اجتماعية ذات قواعد بيانات مرجعية ودقيقة، إلى جانب أهمية تعزيز الشراكة الفاعلة بين قطاعات المجتمع الحكومية والأهلية والخاصة على صعيد إنشاء مراكز متخصصة للإرشاد والاستشارات الأسرية ذات كوادر مؤهلة ومتخصصة تعمل على تمكين الأفراد من بناء أسر متماسكة وبأسس سليمة على مستوى التنشئة، كما خلص المشاركون إلى أهمية إجراء دراسة حول إمكانية وضع قانون حول إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج والتوعية بأهمية الاستشارات حول الأمراض الوراثية المختلفة لحماية الأسرة. ونظرا لاستفادة المشاركين من التجارب القطرية التي استعرضت في الجلسات الحوارية للندوة فقد ركزت إحدى التوصيات على أهمية تعميم التجارب الناجحة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي ما يسهم في حل المشكلات الأسرية وتبادل الخبرات التي من شأنها دعم الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار الأسري، كما أوصت الندوة بضرورة تعزيز برامج التثقيف في مجال ترشيد الانفاق وإدارة الاقتصاد الأسري. وتطرقت التوصيات لأهمية الاستفادة من المساجد والمجالس العامة (السبل) والديوانيات وما شابهها من مرافق اجتماعية بدول مجلس التعاون في المساهمة في عملية الضبط الاجتماعي في الجوانب المتعلقة بالإنفاق الأسري والزواج وتكاليفه من خلال تفعيل دور القيادات المحلية في حل المشكلات الأسرية، والسعي لتعزيز مشروع تأهيل المقبلين على الزواج قبل الشروع في توثيق عقد القران لضمان الوعي الكافي لدى الطرفين بما يعزز من تماسك الأسر مستقبلا. وأكدت الندوة على أهمية التوسع في برامج تدريب الكوادر المتخصصة العاملة في مجال الإرشاد الزواجي على المستوى الخليجي، وضرورة تزويد المتدربين بأدلة مرجعية وحزم تدريبية مع العمل على اطلاعهم بشكل مستمر على التجارب الدولية الناجحة واستخلاص ما يتناسب منها والخصوصية الخليجية.