تباين الأراء حول ردع تعديلات قانون المرور للمخالفين

7 أيام السبت ٢٠/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٥٨ ص
تباين الأراء حول ردع تعديلات قانون المرور للمخالفين

استطلاع- ناجية البطاشية
"حتى تصل التعديلات الجديدة لقانون المرور إلى الهدف المنشود لابد من زيادة بث جرعة الوعي في المجتمع قبل تطبيق عقوبات قيمة الغرامة و مدة السجن" هذا ما خرجت به (7 أيام) عند رصدها لآراء بعض أفراد المجتمع حول التعديلات الجديدة على قانون المرور والذي سيتم العمل به بعد مرور ثلاثين يوما من نشره في الجريدة الرسمية.
وما يلفت النظر أن ما اشتملت عليه تعديلات قانون المرور الجديدة هي عقوبات تتواكب مع تطورات الحياة العامة للمواطنين والحركة المرورية في السلطنة، خاصة مع مستجدات الأسباب في الحوادث المرورية في الوقت الراهن بالإضافة إلى المتغيرات التي واكبت هذه الحركة خلال السنوات الفائتة، حيث لم يلائم القانون في صورته الأولى المشاكل الجديدة التي تسبب الحوادث المرورية الخطيرة. فقد نص القانون الجديد على عدد من الأحكام المستحدثة كعقوبة تعمد قطع الأودية، وعقوبة رمي الأوساخ من المركبة، وعقوبة استخدام الهاتف النقال... الخ.
ما مدى فعالية قانون المرور المعدل في ردع التجاوزات المرورية لبعض أفراد المجتمع من المتهورين في ظل استمرار مسلسل الحوادث؟ وهل ستكون هذه العقوبات على المستويين الحبسي والمالي قادرة بالفعل على تغيير مسار السلوك في المجتمع الذي لا يوجد ضمان لتغيره بين ليلة وضحاها؟ هذا ما ستحمله سطور رصد الآراء التالية:

وضوح القانون مطلب
قال المهندس عبدالحميد الجامعي: عندما يتعلق الأمر بالسلوك وتقويمه وتغيير الطباع والعادات فإن القوانين -وإن كانت طرفا مساعدا في التغيير- إلا أنها ليست العامل الرئيسي، ولا الضامن له... فالقوانين في حقيقتها عندي هي مجموعة من الإجراءات المعنية بكبح ظاهرة ما كبحا مباشرا دون أن تعنى بالسلوك أو القناعة، وهي أداة مؤقتة ومرهونة بإمكانية تطبيقها، وعلى هذا فإن فرض قانون ما هو إلا خطوة أولى ضرورية لضبط ظاهرة ما غير مرغوبة، إلا أن فاعلية القانون وأثره يعتمد على أمور رئيسية منها: وضوح مادته، وإمكانية فهمه بسهولة من الجميع، كما أنه يجب أن يكون مباشرا ورادعا ومناسبا، مع وجود الآلية السهلة لتفعيله وضبط الحالات التي تخضع له، وكذلك الفورية والسرعة حتى لا تموت به غاية الردع وهدفه.
وتابع: وبعرض بعض قوانين المرور الأخيرة مثل قانون رمي الأوساخ وقانون التهور والسرعة الزائدة وقانون المجازفة في تخطي الأودية المتكررة كثيرا والمنتشرة، نجد أنها تحقق النقطة الثانية من حيث العقوبة الرادعة، فوجودها بحد ذاته ضمن القوانين ردع وزجر للمخالفين، إلا أن النقاط الأخرى لا تتحقق بها تحقق النقطة الثانية، فالمادة ليست واضحة ويمكن قياسها في حالة قانون رمي الأوساخ، فما هي الأوساخ؟ وما صغيرها وما كبيرها؟ كما هو مطلب النقطة الأولى، وما هي آلية التبليغ وطريقتها و وسيلتها؟ ومن له حق التبليغ كما هو مطلب النقطة الثالثة؟ وما مدى الفورية والسرعة في إيقاع العقوبة كما هو مطلب النقطة الرابعة؟ وهذا ينطبق على قانون التهور، وقانون المجازفة، فيجب الوضوح والأمثلة، فما هو حد المجازفة مثلا، هل إذا كان الماء فوق العلامة البيضاء من قوائم الوادي مثلا يعد تجاوزه مجازفة ويخضع للقانون؟ والسرعة والفورية في ايقاع العقوبة ما هو ضمانها؟ هذه الأمور جميعها لا بد من توضيحها حتى تتحقق فاعلية القانون، وبدون أحدها يصيب الخلل جميعها.

وأكد الجامعي: إن وجود القانون في حد ذاته خطوة للأمام، كما أنه -عودا على بدء- القانون ليس إلا رادعا أو حاجزا ماديا مؤقتا لا يضمن تغير السلوك ورقي ثقافة المجتمع، لذلك لا بد أن يردف بعوامل تغيير السلوك الرئيسية، من التعليم ووسائل الإعلام والتثقيف المختلفة، وربط ذلك بمبادئ المجتمع وأسس الحضارة بشكل منهجي علمي حثيث، فالقانون مثله مثل السياج إن سقط منه جزء سقط كاملا، أو احدثت به ثغرة ما (كعدم توافرأحد الأمور أعلاه) فوجوده كعدمه، لذلك فإن تم تفعيل الوسائل الرئيسية الآنفة تحقق النجاح بتغيير السلوك فإن ذلك سيغني عن القانون ليصل في مرحلة متقدمة إلى مرتبة عدم الحاجة إليه.

مشكلتنا في الفهم

وقال حمد العلوي: لا شك في أن قانون المرور كغيره من القوانين يحتاج إلى مراجعة وإعادة النظر فيه، وأنا شخصياً غير متفائل كثيراً بأن يؤدي هذا التعديل إلى إحداث التغيير المنشود بالسرعة التي نتطلع إليها، والسبب في ذلك هو عدم تفاعل البعض من أفراد المجتمع مع القانون السابق، فقد كان قانوناً رائعاً، ولكن مكمن المشكلة في الفهم والتطبيق سواء أكان من قبل الناس أو من القائمين على تطبيقه بالدرجة الأولى لأنه ليست العبرة بالغرامات وحجمها وإنما العبرة بالفهم وحكمة التطبيق، وبغير ذلك أخشى أن تكون له انعكاسات سلبية، فقد كان الناس متذمرين من القانون السابق رغم أن الغرامات كانت متدنية مقارنة مع دول الجوار، فكيف الحال إذا رفعت الغرامات، والناس غير مقتنعين ولا مقدرين لعدم اقتناعهم بالهدف؟ إذن فالقناعة أمر مطلوب لتطبيق القانون، وعلينا أن نخرج عن المألوف، ثم نبحث عن أساليب أفضل في التعامل مع الجمهور. فمن حيث المبدأ دائما الناس يعادون ما يجهلون، وعامة الناس كانوا يجهلون فحوى ذلك القانون، لذلك لم يستطيعوا تفهمه والتعامل معه، وهكذا سيكون حال القانون بعد التعديلات، وهو الأخطر بما يحويه من موضوعات عنيفة من حيث عقوبات الحبس أو الغرامات المالية الضخمة.
وأضاف: الحلول -التي اتمنى أن يتم الأخذ بها- هي تأخير تطبيق القانون لأطول فترة ممكنة حتى يتم أولا ضخ دعاية تعريفية كبيرة بالقانون قبل فرضه وتطبيقه على الناس. فلا يكفي أن نعرف الغرامات وفوارقها بل الأهم من ذلك أن نعرف حكمة التشريع وحكمة رفع الغرامة المالية أو الحبس، وأنا أرى أن الثقافة المرورية ستتكفل بتقليل الحوادث وليس رفع الغرامات التي لا يكون لها تأثير ردعي لأنها تطبق بعد مرور زمن طويل، وهنا يتحول الموضوع إلى تحصيل ريعي غير معروف السبب.

حفظ النفس
الخبير الاقتصادي أحمد كشوب علق بدوره قائلا: في الواقع هناك ردود أفعال مختلفة منها الإيجابي ومنها السلبي حول قانون المرور الجديد لكننا يجب أن نعلم أننا كمجتمع نمر بوضع اقتصادي استثنائي وكان لا بد أن يأخذ هذا بعين الاعتبار فيجب اختيار الوقت الملائم لتفعيل أو تطبيق هذه القوانين، حيث إن الكثير من أفراد المجتمع عزا تلك القوانين الجديدة إلى مفهوم واحد وهو الجباية، فالجهات المعنية ذات الصلة تريد أن تعالج عجزها المالي من خلال تلك القوانيين، ولكن الواقع ليس كذلك، فالتوجيهات السامية كانت واضحة منذ الجولات السامية والخطاب الذي وجهه وخصصه جلالته لحوادث المرور والأرواح التي تزهق بهذه الصورة بأن الأهداف هي حفظ النفس قبل حفظ المال. ومن هنا تم رصد تلك المخالفات وظواهرها وأسبابها ومن ثم تحليلها، ونحن ليس بدعا فإن اتينا بشيء جديد فهناك كثير من الدول تطبق أشد من هذه العقوبات وخاصة الدول الأوروبية. ومن زاوية أخرى هناك جيل من الشباب أكاد أجزم بأن 30% من دخله يذهب للمخالفات المرورية.

بث الوعي

أما الفنان التشكيلي حسن مير فقال: الحقيقة إن بعض القوانين أتت لتقضي على بعض الظواهر التي انتشرت وأصبحت تمثل سلوكا في الآونة الأخيرة كعبور الأودية مما اهلك بعض الأنفس برغم التحذيرات المكثفة التي تطلقها وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك ظاهرة رمي الأوساخ بتعمد من المركبة التي انتشرت بشكل كبير واصبحت تؤرق النظافة العامة واصبحت من السلوكيات المتكررة وللأسف اصبحت عادة عند فئة من الناس. كما يأتي الاسراف في استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة من أهم الأخطار التي يتعرض لها كل سالك طريق. ولكنني لست مع القانون الحبسي لأنني أجده صارما جدا ويتجاوز المعقول في عدد أيام السجن، وهذا لن يؤدي إلا إلى بث الرعب بين الجمهور ونحن بحاجة إلى بث الوعي قبل الرعب والعقوبة حتى يصبح القانون نظاما يظهر في سلوك الفرد اليومي.