دوار الشمس

مزاج الثلاثاء ١٦/أغسطس/٢٠١٦ ٢٠:٢٠ م

كريستينا بيك-ترجمة: خالد طه
هو "اسم على مسمى" كما يقال. فنبات دوار الشمس يحيي الشمس كل صباح برأسه التي تتجه صوب الشرق لتلتقط أشعة الشمس. وطوال اليوم، يتتبع النبات حركة الشمس إلى أن تغرب في الغرب ليلا، ثم تبدأ الدورة من جديد.
ولكن كيف يستطيع دوار الشمس أن يفعل ذلك؟ ظل هذا السؤال لغزا محيرا منذ زمن طويل وحتى الآن. وبحسب دراسة جديدة نشرتها دورية العلم، يستخدم دوار الشمس كلا من الإيقاعات الساعة البيولوجية والتوجه الشمسي (الانحناء والتحول نحو الضوء) لتعزيز أدائه في العالم الطبيعي.
تقول مديرة برنامج أبحاث الجينوم بالمؤسسة الوطنية للعلوم، التي مولت الدراسة آن سيلفستر: "تماما مثل الناس، تعتمد النباتات على إيقاعات النهار والليل لتعمل. ونبات دوار الشمس، مثل مصفوفات الألواح الشمسية، يتتبع الشمس من الشرق إلى الغرب. وقد استفاد هؤلاء الباحثون من المعلومات الموجودة في جينوم دوار الشمس لفهم كيف ولماذا يتتبع دوار الشمس مسار الشمس."
ولكن ليس جميع نباتات دوار الشمس تستمر في تتبع الشمس. فمع نمو نباتات دوار الشمس فإن حركتها اليومية تتباطأ. وعندما تصل إلى مرحلة البلوغ الكامل، فإن جميع نباتات دوار الشمس تواجه الشرق: صباحا ونهارا وليلا.
يقول ستايسي هارمر، أستاذ البيولوجيا بجامعة كاليفورنيا: "ثمة مفهوم خاطئ شائع وهو أن زهرة دوار الشمس الناضجة تتبع الشمس، ولكن الحقيقة غير ذلك. فزهور دوار الشمس الناضجة تواجه الشرق دائما".
إن حركة دوار الشمس أكثر تعقيدا من مجرد تتبع الشمس عبر السماء بالنهار. فقد وجد الباحثون أن نباتات دوار الشمس التي تشاهد تقدم سير الشمس تعود إلى وضعها الصباحي في مواجهة الشرق. وفي ليالي الصيف القصيرة، يستغرق الأمر من نبات دوار الشمس وقتا أقل للعودة إلى وضعها الصباحي متجهة نحو المشرق، وهو وقت أقل مما تستغرقه في ليالي الخريف الأطول.
يضيف د. هارمر: "في الليل، يمكنك رؤية النبات يعيد ترتيب نفسه بالكامل، وهذا شيء مثير للدهشة. إنني أقول لطلابي دائما أن النباتات قادرة على فعل أشياء لا تصدق – ولكننا فقط لا نلاحظ لأن نطاقها الزمني يختلف عن نطاقنا".
أثار الامر استغرب الباحثين – هل حركة دوار الشمس توجهها الشمس ببساطة؟ أم هل هناك تفسيرا أعمق لحركتها؟
وحتى يتبينوا ما إذا كانت أشعة الشمس هي المفتاح لفهم حركة دوار الشمس، قام العلماء بزراعة نبات دوار الشمس في داخل البيوت تحت المصابيح. وعلى الرغم من عدم وجود ضوء شمس حقيقي، فقد تتبعت النباتات الصغيرة مسار وهمي للشمس على مدار اليوم. وعندما قام الباحثون بتعريض الزهور لدورة ضوء مدتها 30 ساعة، ظلت تحافظ على نمط الشروق والغروب.
وقد استنتج الباحثون من هذه التفاعلات مع الضوء غير الطبيعي أن هناك شيء ما له دور أكثر من مجرد غريزة متابعة الشمس، حيث اشتبهوا في وجود ساعة بيولوجية تساعد على توجيه حركة هذا النبات.
ولكن ما هو السبب العلمي الذي يمكن أن يكون وراء متابعة الشمس؟
ساعد هاجوب أتاميان، وهو باحث ما بعد الدكتوراة ضمن فريق هارمر، على حل هذا اللغز حين قام بتحويل اتجاه مجموعة من نباتات عباد الشمس مرزوعة في أوعية إلى اتجاه الغرب قبل أن تشرق الشمس كل صباح. ومقارنة بمجموعة مماثلة من نباتات لم يتم التلاعب بحركتها، كانت نباتات دوار الشمس المتجهة غربا أصغر حجما بمقدار 10%: وهو فرق كبير، وفقا للباحثين.
وليس التوجه شرقا يساعد النباتات على النمو بأحجام أكبر فحسب، بل إن الباحثين اكتشفوا أيضا أن النباتات التي تتعرض لدفء الشمس أولا وتتجه إلى الشرق تحصل على خمسة أضعاف عدد الملقحات التي تحصل عليها النباتات المتجهة غربا، وحتى تلك التي تم تدفئتها بمصباح حراري.
ومازال هناك الكثير لم يعلمه العلماء بعد عن نباتات دوار الشمس. ولكن، بحسب هارمر، مازالت هذه الدراسة تحظى بأهمية خاصة لأنها "أول مثال على تأثير الساعة البيولوجية للنبات على نموها في البيئة الطبيعية، ولها تداعيات حقيقة على النبات".

خدمة كريستيان ساينس مونيتور - ش