إسلام آباد – ش – وكالات
يعد الهجوم على جامعة /باتشا خان/ في شمال غرب باكستان جزء من نمط لهجمات حركة طالبان على مؤسسات تعليمية وأطفال.
وشهدت باكستان أكبر هجوم من هذا النوع في كانون أول/ديسمبر 2014، عندما اقتحم مسلحو طالبان مدرسة حكومية تابعة للجيش في إقليم بيشاور ، ما أسفر عن مقتل 136 طالبا في هجوم أصاب البلاد بحالة من الصدمة.
وفي عام 2012، قفز أحد مسلحي طالبان على متن حافلة مدرسية بها الناشطة ملالا يوسف زاي في إقليم سوات مسقط رأسها وأطلق عليها الرصاص في الرأس. وتعافت يوسف زاي واستمرت في مسيرتها حتى فازت بجائزة نوبل للسلام عن جهودها في الدفاع عن تعليم الفتيات.
وبعد ذلك بتسعة أشهر، فجرت انتحارية من إحدى الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة نفسها في حافلة طالبات جامعيات عندما كانت في طريقها إلى حرم جامعتهن مما أسفر عن مقتل أكثر من 12 منهن.
وفي عام 2009 ، خطفت حركة طالبان نحو 500 طالب بإحدى الكليات من منطقة جنوب وزيرستان الجبلية ولم تطلق سراحهم إلا بعد الافراج عن مسلحين محتجزين.
وفجرت طالبان مئات من المدارس والمباني الجامعية في منطقة شمال غرب البلاد التي كانت تسيطر عليها خلال الفترة من عام 2007 حتى عام 2014 قبل أن يتم طرد عناصرها منها في سلسلة من الهجمات العسكرية.
ويعتقد المتشددون الاسلاميون أن تعليم مواد مثل اللغة الانجليزية والعلوم والرياضيات للاطفال المسلمين يتنافى مع تعاليم الاسلام.
وتقول طالبان إنه يتعين الحاق الاطفال بالمعاهد الدينية.
سؤال صعب
ك ان مدير جامعة باتشا خان الباكستانية محمد شقيل محاصرا مع 15 من طلابه في شرفة بالطابق الثالث من أحد مباني الجامعة حين كان مسلحون يصعدون الدرج.. وحث الشرطة التي وصلت للموقع أن تقذف إليه بمسدس كي يتمكن من الدفاع عن نفسه والآخرين.
قال شقيل بعد أن هاجم أربعة متشددين إسلاميين الجامعة الواقعة في شمال غرب باكستان يوم الأربعاء فقتلوا أكثر من 20 شخصا "كنا مختبئين... لكننا كنا عزل."
وتابع "كنت قلقا على الطلاب. وبعدها جرى أحد المتشددين يلاحقنا. وبعدما ألححت في الطلب رمت لي الشرطة مسدسا وأطلقت أعيرة على الإرهابيين."
ومع ورود مزيد من التفاصيل عن هجوم الأربعاء تركز الاهتمام على اثنين على الأقل من أعضاء هيئة التدريس حملا السلاح لمقاومة المهاجمين الذين كانوا عازمين على قتلهم وطلابهم.
أشاد البعض بهما واعتبروهما من الأبطال في هذا الهجوم الذي كان مشابها لمذبحة وقعت في أواخر 2014 قتل خلالها 134 تلميذا في مدرسة يديرها الجيش في بيشاور على بعد 30 كيلومترا من مسرح أحداث هجوم الأربعاء.
وتساءل آخرون إن كان ينبغي أن يحمل أساتذة سلاحا -كما يحمله كثيرون غيرهم- لأن ذلك يتنافى مع أخلاقيات المهنة.
وربما كانت هذه المعضلة بعيدة عن ذهن أستاذ الكيمياء حامد حسين عندما أغلق باب إحدى الغرف عليه وعلى زملائه بعد أن اقتحم المسلحون مبنى سكنيا في حرم الجامعة.
قال شابير أحمد خان -وهو محاضر في قسم اللغة الانجليزية كان يحتمي في حمام مجاور- إنه عندما حطم المهاجمون الباب أطلق حسين عدة أعيرة من مسدسه.
وأضاف "استمروا في إطلاق النار بكثافة وكنت أهيئ نفسي للموت لكنهم لم يدخلوا الحمام ورحلوا."
وقال طلاب لوسائل إعلام محلية إن حسين عاود إطلاق النار على المتشددين لإتاحة الفرصة لطلابه بالهرب. وأطلق المهاجمون النار عليه وتوفي بعدها متأثرا بجروحه.
وقالت المذيعة الشهيرة أسما شيرازي على تويتر "المجد للأستاذ الدكتور حامد حسين. قاتل بطلنا بشجاعة وأنقذ الكثيرين."
مأزق الأساتذة
نسب آخرون أيضا الفضل إلى حسين وشقيل في منع المهاجمين المسلحين ببنادق وقنابل يدوية من إراقة مزيد من الدماء.
وقال شهود إن جامعة باتشا خان استخدمت نحو 50 من حراسها الذين خاضوا اشتباكا لما يقرب من ساعة لعزل المسلحين ومنعهم من دخول سكن الطالبات فيما وصلت الشرطة والجيش.
وقال الجنرال عاصم باجوا المتحدث باسم الجيش الباكستاني إن حراس الأمن تعاملوا "بشكل جيد جدا" مع الهجوم قبل أن تصلهم التعزيزات.
وفي أعقاب المذبحة التي وقعت في مدرسة عام 2014 عرض على المدرسين في إقليم خيبر بختون خوا حيث توجد بيشاور تلقي التدريب على حمل السلاح. لكن البعض يشعرون بالقلق من تسليح الأساتذة وتشجيعهم على خوض المعارك.
وتشيع حيازة السلاح في باكستان نتيجة قوانين التراخيص المتساهلة ولاسيما في منطقة الحزام القبلي ذات الحكم شبه الذاتي قرب الحدود الأفغانية حيث يزداد خطر عنف المتشددين.
وقال جميل تشيترالي رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة خيبر بختون خوا إن عددا متزايدا من الأساتذة بات يحمل سلاحا خاصا في ظل تدهور الوضع الأمني.
وقال "الأسلحة ضد قواعد مهنتي. أنا أدرس المبادئ والأخلاق في قاعة الدرس. كيف أحمل سلاحا؟"
* من الملوم؟
قال مسؤولون إن هجوم الأربعاء شارك فيه أربعة مسلحين لقوا حتفهم جميعا. واستغل المهاجمون ضعف الرؤية نتيجة الضباب الكثيف وتسلقوا جدران الحرم الخلفية قبل أن يقتحموا سكن الطلاب وقاعات الدرس ويطلقوا النار بشكل عشوائي.
وهناك نحو ثلاثة آلاف طالب مسجلون بالجامعة يقيم كثير منهم في الجزء السكني بالحرم. وكان مئات الزائرين موجودين في ذلك اليوم لحضور منتدى شعري إحياء لذكرى البطل المحلي خان عبد الغفار خان الذي سميت الجامعة باسمه.
ولا يزال من غير المعلوم من المسؤول عن الهجوم. فقد أعلن قيادي كبير في حركة طالبان يدعى عمر منصور المسؤولية يوم الأربعاء لكن متحدثا رسميا باسم الحركة نفى في وقت لاحق ضلوع الحركة في الهجوم واصفا إياه بأنه "مخالف للإسلام".
ويعتقد أن طالبان هي المسؤولة عن مذبحة المدرسة في 2014. والمؤسسات التعليمية هدف للمتشددين الذين يريدون إخافة الرأي العام.
وفي العام الماضي قتلت باكستان أو اعتقلت مئات يشتبه في أنهم متشددون من طالبان في ظل حملة ضخمة على الحركة التي تحارب للإطاحة بالحكومة وفرض تفسيرها المتشدد لتعاليم الإسلام.
وقال الجيش في تحقيقاته إن الهجوم على الجامعة الواقعة قرب بيشاور جرى إعداده في أفغانستان.
وقال باجوا المتحدث باسم الجيش على موقع تويتر إن قائد الجيش رحيل شريف اتصل بالرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني والقائد الأمريكي للقوات الدولية في أفغانستان لطلب مساعدتهما في رصد من تحملهم باكستان مسؤولية الهجوم.