تقرير اخباري تصاعد التوتر فجأة في شبه جزيرة القرم بين المخاطر والمخاوف

الحدث السبت ١٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٤٨ م

كييف – ش – وكالات

تشكل شبه جزيرة القرم الاوكرانية التي ضمتها روسيا في 2014، محور تصاعد مفاجئ في التوتر بين اوكرانيا وروسيا اللتين تتبادلان الاتهامات وسط دعوات من الاسرة الدولية الى تجنب اي تصعيد خوفا من تفاقم النزاع الاوكراني.
اكدت اجهزة الاستخبارات الروسية الاربعاء انها اوقفت "مخربين ارهابيين" اوكرانيين مكلفين ارتكاب اعتداءات، بعد مواجهات مسلحة اسفرت عن سقوط قتيلين قالت موسكو انهما احد رجال الاستخبارات الروسية وعسكري روسي.
اتهم الرئيس فلاديمير بوتين على الفور السلطات الاوكرانية بانها "انتقلت الى الارهاب" بهدف زعزعة استقرار القرم.
نفت كييف من جهتها هذه الاتهامات ورأت انها تستخدم "ذريعة لتهديدات عسكرية جديدة".
وضع الجيش الاوكراني في حالة تأهب قصوى على طول خط الحدود مع القرم وشرق اوكرانيا حيث اسفرت المواجهات مع الانفصاليين الموالين لروسيا عن سقوط اكثر من 9500 قتيل منذ ابريل 2014.
بثت محطات التلفزيون الروسية صورا لمتفجرات تمت مصادرتها ولرجل قالت انه عميل اوكراني تم توقيفه.
اما كييف فقد اكدت انه خطف في اوكرانيا وان كل الحادث نجم عن جنود روس سكارى استخدموا اسلحتهم.
بعد تصريحات فلاديمير بوتين، يخشى البعض ان تنتهز موسكو هذه الفرصة لبدء عملية عسكرية واقامة ممر بري بين روسيا والقرم.
لكن الخبير السياسي الكسندر باونوف من مركز كارنيغي في موسكو يرى ان فرضية من هذا النوع "تناقض المنطق" الحالي لروسيا التي ترغب، بعدما اضعفتها ازمة اقتصادية، في تطبيع علاقاتها مع الغربيين وفي رفع العقوبات الاوروبية والاميركية عنها.
ويضيف ان الكرملين يبحث على ما يبدو عن حجة جديدة للتأثير بشكل اكبر على المفاوضات بهدف تسوية الازمة الاوكرانية، التي تراوح مكانها منذ ابرام اتفاقات مينسك في فبراير 2015.
ويرى باونوف ان "روسيا تستخدم بشكل واضح ما حدث في القرم لتؤكد للغربيين ان القادة الاوكرانيين يرفضون كل تسوية".
وقبل اسابيع من الانتخابات التشريعية الروسية التي ستجرى في سبتمبر، يرى هذا الخبير ان موسكو يمكن ان تسعى الى احياء المشاعر الوطنية لسكان شبه الجزيرة الذين يعانون من نقص في المواد الغذائية والادوية منذ ضمها.
يؤكد الخبراء انه بالنسبة لاوكرانيا، اللجوء الى القوة العسكرية لاستعادة القرم وهم.
ويؤكد فاديم كاراسيوف مدير معهد الاستراتيجيات العالمية في كييف ان "تدهور الوضع لا يخدم مصلحة الحكومة الاوكرانية".
اما رئيس مركز الدراسات السياسية "بينتا" فولوديمير فيسينكو فقد اشار الى انه للمرة الاولى منذ سنتين في العاصمة الاوكرانية "عاد الحديث عن احتمال وقوع حرب".
ورأى باونوف ان تصاعد التوتر فجأة يمكن ان يسمح لكييف باعادة القرم الى لب المفاوضات بينما يركز الغربيون في جهودهم على النزاع في دونباس شرق اوكرانيا.
وقال الخبير السياسي ان "موسكو نجحت بسرعة في الفصل بين قضيتي القرم ودونباس". واضاف ان "زمن الربط بين المسألتين يمكن ان يذهب بلا رجعة".
وكانت اوكرانيا قد اتهمت روسيا بالتخطيط لاثارة اضطرابات في اراضيها فيما يبدي المجتمع الدولي قلقه من تصعيد التوتر بين البلدين على خلفية شبه جزيرة القرم.
وقال فرع الاستخبارات في وزارة الدفاع الاوكرانية على موقع فيسبوك ان "العدو يعتزم القيام باستفزازات واسعة على طول خط الجبهة في شرق اوكرانيا، يعقبها اتهام الجانب الاوكراني بعدم احترام اتفاقات مينسك".
والخميس، وضعت اوكرانيا قواتها في حال تأهب على طول خط التماس مع القرم وفي شرق البلاد بعدما اعلنت روسيا انها احبطت "اعتداءات" خططت لها كييف في شبه الجزيرة التي ضمتها موسكو عام 2014 اثر استفتاء اعتبره الغربيون غير قانوني.
وكانت الاستخبارات الداخلية الروسية اتهمت كييف بتنظيم عمليات توغل عدة لـ"مخربين ارهابيين" في بداية اغسطس في القرم، انتهت بمواجهات مسلحة واسفرت بحسب موسكو عن مقتل عنصر في الاستخبارات وجندي روسي.
من جهتها اعلنت روسيا الجمعة انها نشرت احدث طراز من منظومة اس-400 الدفاعية المضادة للطيران والصواريخ في شبه جزيرة القرم.
وجاء في بيان عسكري نقلته وكالات الانباء الروسية ان كتيبة روسية تتخذ من القرم مقرا "تلقت منظومة الدفاع المضاد للطيران +تريومف+"، من دون ان يحدد مكان نشر هذه المنظومة.
وصرح رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ان ما تتهم موسكو كييف به يشكل "جريمة بحق روسيا والشعب الروسي"، على ما نقلت وكالات الانباء.
اضاف ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يقطع العلاقات الدبلوماسية مع اوكرانيا ان لم تتوافر "وسائل اخرى للتاثير على الوضع".

من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي على لسان وزيرة خارجيته فيديريكا موغيريني إلى تجنب "أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد"، مجددا دعمه لـ"السيادة" الأوكرانية.
وقالت موغيريني في بيان إن "الاتحاد الأوروبي يدين ولا يعترف بالضم غير الشرعي لشبه جزيرة القرم" من قبل روسيا في العام 2014.
بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الخميس على "اهمية ان تعالج اوكرانيا وروسيا عبر الحوار التوتر الاخير بالنسبة الى الوضع في القرم".
كما قال الممثل الخاص للحكومة الالمانية في روسيا غرنورت ايرلر لوكالة فرانس برس الخميس "انها خطوة جديدة نحو الخروج من منطق العملية السياسية، وخطوة نحو منطق المواجهة العسكرية". واضاف "كل ذلك يثير قلقا شديدا".
اما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فدعا الغربيين الى تحذير كييف "من اجراءات خطيرة يمكن ان تكون لها اسوأ العواقب".
وسط هذه الاجواء، اعلنت منظمة الامن والتعاون في اوروبا التي تراقب تطور الوضع في اوكرانيا، الجمعة انها ضاعفت عدد مراقبيها على الحدود مع القرم.
وتنفي اوكرانيا بشدة الاتهامات الروسية، كما طلبت في جلسة مغلقة لمجلس الامن الدولي الخميس من روسيا تقديم ادلة على اتهاماتها التي شككت فيها ايضا الولايات المتحدة والحلف الاطلسي.
وعرض سكرتير مجلس الامن القومي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف الجمعة صيغة مختلفة للوقائع، مؤكدا ان موسكو تسعى الى "تغطية" عمليات اطلاق نار داخل القوات الروسية "التي اعتادت الافراط في استهلاك الكحول".
ويشكل التراشق الاخير بالاتهامات احدى فترات التوتر الاكثر حدة بين البلدين المتنازعين منذ وصول الموالين للغرب الى السلطة في اوكرانيا مطلع 2014.
فبالاضافة الى ضم القرم، اندلع نزاع في شرق اوكرانيا مع الانفصاليين الموالين لروسيا والذين يتلقون بحسب كييف والغرب دعم الجيش الروسي، في ازمة اسفرت حتى الان عن مقتل اكثر من 9500 شخص.
والاربعاء، حذر بوتين الغربيين من ان اللقاء المرتقب في بداية سبتمبر على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين والذي سيجمعه بنظيره الاوكراني بترو بوروشنكو والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل لن يكون له "اي معنى" في الظروف الراهنة.
وكانت وساطة هولاند وميركل ادت في فبراير 2015 الى اتفاقات مينسك من اجل تسوية سياسية للنزاع الاوكراني. لكنها افضت فقط الى تخفيف حدة المعارك في شرق اوكرانيا.