الوقود الصخري يضر بريطانيا

مقالات رأي و تحليلات السبت ١٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٠ م
الوقود الصخري يضر بريطانيا

كارولين لوكاس

تواصل الحكومة البريطانية سعيها المتهور لتطوير استخراج النفط الصخري مع صدور إعلان أخير عن تخطيط الوزارء لبذل جهود لاسترضاء معارضة واسعة للمصدر الجديد للوقود الأحفوري المثير للجدل من خلال تقديم صندوق ثروة نفط صخري بقيمة واحد بليون دولار. وفي الوقت الذي نحتاج فيه الى التركيز على التحول الى وظائف مستقبلية خالية من الكربون، يأتي التوجه الأخير ليمثل انتهاكا صارخا للالتزامات التي تم الاتفاق عليها في باريس العام الماضي. وقد سجل عام 2016 رقما قياسيا بالفعل في ارتفاع درجة الحرارة، وبدون أخذ خطوات ملموسة عالمية نحو التغيير فلن يتحقق هدف 1.5 درجة مئوية المتفق عليه خلال سنوات. ولا يستطيع أحد أن يشتري الصمت على تحول مناخي الى حالة من الفوضى والاضطراب.
وفي الوقت نفسه فحجم المعارضة لاستخراج النفط الصخري في المملكة المتحدة كبيرة للغاية وبخاصة في المناطق التي يتم التخطيط لحفر آبار بها. ففي يوركشاير على سبيل المثال، هناك 4375 خطاب اعتراض مقابل 36 رسالة تأييد للوقود الصخري. وعلى الصعيد الوطني كشفت دراسة حكومية حديثة أن 19 في المائة فقط من سكان المملكة المتحدة يؤيدون استخراج الوقود الصخري بانخفاض عن 29 في المائة العام الماضي. ولم يتم المضي قدما في مشروعات الوقود الصخري طوال الخمسة أعوام السابقة بسبب وقوف المجتمعات المحلية في وجه تلك الخطط ورفضها.
والواقع فإن الابقاء على ارتفاع درجات الحرارة تحت الدرجتين المئوية يتطلب الاحتفاظ بنحو 80 في المائة من الوقود الأحفوري في الأرض، وهذا الموقف يحظى بتأييد شخصيات بارزة في أنحاء المملكة المتحدة من أطباء وعلماء وحتى مصرفيين بما في ذلك مارك كارني محافظ بنك إنجلترا. وكمصدر جديد ( لم يتم اثبات ذلك حتى الآن) للوقود الأحفوري، فاستخراج الوقود الصخري يتعارض تماما مع معالجة تغير المناخ. وقد نشر مستشارو المناخ في الحكومة البريطانية مؤخرا تقريرا يحدد ثلاثة اختبارات لازمة لعمليات حفر واستخراج الوقود الصخري لتحديد إمكانية المضي قدما بسلام، وهذه الاختبارات الثلاثة جميعها ما تزال بعيدة كل البعد عن التحقيق.
والصورة الأكبر أن الوقود الصخري ما يزال علامة على سياسة طاقة عتيقة عفا عليها الزمن. والسبيل الوحيد للخروج من أزمة المناخ هو احداث تحول جوهري نحو اقتصاد خالي من الكربون على أساس الطاقة المتجددة. والرأي العام يعرف ذلك ومن ثم فإن نسبة دعم مصادر الطاقة المتجددة عالية عند 81 في المائة ومعارضة 4 في المائة فقط. وعلى الرغم من ذلك فإن المملكة المتحدة ليس لديها في الوقت الحالي سياسات لتلبية نصف أهداف الحد من الكربون للعام 2030. ومن الضروري ألا يكون الأمر كذلك، فمنذ عام 2009 انخفضت تكاليف الوحدات الضوئية الشمسية بنسبة 75 في المائة، في حين تشير التقديرات الأخيرة إلى أن الأسعار يمكن أن تنخفض بنسبة 60 في المائة أخرى بحلول عام 2025 إذا حصلت الصناعة على الاستثمار الصحيح.
وإذا استثمرنا في جعل بيوتنا أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، من الممكن توفير 100 ألف فرصة عمل جديدة مع خفض فواتير الطاقة المنزلية بمئات من الاسترليني وتعزيز أمن الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون. والحلول أمامنا، كما أن الفوائد التي يمكن أن تعود على المجتمعات المحلية القريبة من احتياطيات الغاز الصخري، مثل تلك الموجودة في نورثمبرلاند وبلاكبول، ستفوق بكثير قيمة الرشاوى النقدية التي تحاول الحكومة تقديمها.وفي وقت لاحق من هذا العام، سيكون على الحكومة نشر خطة الكربون الجديدة التي من شأنها أن تحدد المسار إلى تخفيض 57 في المائة من الانبعاثات بحلول عام 2030 لتلبية التزاماتها بموجب قانون تغير المناخ. وجنبا إلى جنب مع قرار الشروع في استراتيجية صناعية جديدة فإن هذه الخطة، إذا أخذت على محمل الجد، يمكن أن تصبح فرصة حقيقية لوضع تغير المناخ في قلب عملية صنع القرار الحكومي
كاتبة مقال رأي في صحيفة الجارديان متخصصة في الشأن الاقتصادي