وسائل التواصل الاجتماعي.. مرآة تكشف الأسرار العائلية

7 أيام السبت ١٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٠:٤٧ م
وسائل التواصل الاجتماعي.. مرآة تكشف الأسرار العائلية

كان للحياة العائلية -في زمن ليس ببعيد- حرمتها وقدسيتها، حيث لا يُسمح لأي أحد بانتهاكها والإطلاع على تفاصيل حياتها ولكن.. لم يعد ذلك من قوانين الأسرة في وقتنا الحالي، حيث أصبحت كل تصرفات العائلة وأفرادها متاحة للجميع عبر وسائل (الانهيار الاجتماعي) كما يسميها البعض.

«صلالة تايم»، «أنا وزوجي إلى ماليزيا»، «أنا والشِلّة في تايلاند»، «هدية عيد زواجي» بالإضافة إلى «شير لوكيشن» أو مشاركة الموقع مع المتابعين، وغيرها من العبارات التي تنتهك الخصوصية والتي نجدها منتشرة على وسائل التواصل سواء مع الأصدقاء أو مع الغرباء، كلها أمورا تنذر بمشاكل حدثت وستحدث، كما أصبحت الصور ومقاطع «الفيديو» الخاصة بالأسرة متاحة على مواقع التواصل الاجتماعي مما أدى إلى خلافات حادة بين الأزواج وصل بعضها للمحاكم وانتهت بوقوع الطلاق في كثير من البلدان..
بداية يعلق ياسر المنصوري قائلا: الشباب يحبون استخدام التكنولوجيا بشكل كبير فلا يوجد شاب أو فتاة لا يمتلكون حسابا في أحد وسائل التواصل الاجتماعي إن لم يكن فيها جميعها، حيث يتشاركون صورهم وخصوصياتهم وأسرارهم سويا، ورغم أن بعضهم يستخدمون هذه الوسائل بشكل خاطئ إلا أنه «شر لا بد منه» كما يقولون.
وأضاف: يتميز الشباب بروح المرح والدعابة لهذا يتشاركون خصوصياتهم أما الفتيات فمن وجهة نظري أن نشرهن لخصوصياتهن يكون من منطلق التباهي.

هوس الـ«سيلفي»

شروق أمجد طالبة في الثانوية العامة والتي لا يفارق هاتفها يدها علقت على الموضوع قائلة: أحب أن أشارك عائلتي وصديقاتي كل لحظاتي الجميلة، لذلك أنشر صور «سيلفي» كثيرة لي حيث إنني -كما يقول كل من حولي (مهووسة بالسيلفي)- بالإضافة إلى مشاركة صوري وكل الأحداث التي أقوم بها عبر الإنستجرام والفيسبوك، لكني -في الغالب- لا أشاركها سوى لأفراد عائلتي وصديقاتي.

مجموعة عائلية

أم مريم تعلق على الأمر قائلة: عبر الفيسبوك لا أنشر أبدا أي صور لعائلتي ولا أقوم بنشر أي معلومات عنا ولا عن أماكن تواجدنا، فقد قمت بعمل مجموعة على الواتساب ووضعت بها أفراد عائلتي القريبين فقط حيث نتشارك الأحاديث والصور في هذه المجموعة فقط كما أنني لا أسمح لأبنائي بوضع أي تفاصيل أو أمور خاصة بالعائلة على أي وسيلة تواصل مع الغير.

تباه وتفاخر

تضيف سحر الريامية: لا مانع من تصوير لحظات سعيدة كأيام الميلاد وحفلات التخرج وبعض المواقف الطريفة التي تحدث للشخص ولكن في أضيق الحدود للعائلة والأصدقاء المقربين، ومن الضروري توعية الشباب والفتيات بتعريف الخصوصية وأهميتها في مجتمعنا لأن هناك من ينشر كل تفاصيل حياته الخاصة حتى طعامه وشرابه وملابسه وأحذيته وهذا غير منطقي، حيث إنه لا يرغب بذلك أن يشارك أصدقاءه حدث ما بل إنه ينشر ذلك للتباهي أمامهم.

رأي الدين

بدوره يقول الشيخ محمود الفوال بهذا الصدد: هذا الأمر بمثابة قنابل هادمة للعادات والتقاليد، وقد يتم ذلك بدون قصد، ولكن في معظم الأحيان يحرص المستخدمون على ذلك رغبة في التباهي ولفت الانتباه، وهو ما يجعل أسرار العائلات عرضة للعيون الحاسدة والحاقدة.

فهذا ينشر صور سياراته ومنازله الفارهة بينما هناك من لا يمتلك مثل هذه الأشياء، وأخرى تعرض هدايا زوجها لها ودعوته لها في أحد المطاعم الشهيرة، بينما أخرى زوجها لا يمتلك المال لمثل هذه الأشياء فتنشأ بينهما غيرة وحسد وتنمو القلوب التي تحمل الضغينة في مثل هذه الأجواء، اضف إلى ذلك الخلافات الأسرية التي من الممكن أن تنشأ نتيجة مثل هذه التصرفات.
فللحياة الأسرية خصوصيتها وقدسيتها التي نهانا الله تعالى ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن انتهاكها بالإضافة إلى أنه من الأفضل أن يستعين الإنسان على قضاء حوائجه بالكتمان (عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود» رواه الطبراني، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي الكريم قال: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس» يعني: بالعين.
لذا ليس من الضروري أن يعلم العالم بأكمله أن فلانا اشترى سيارة أو بيتا جديدا أو أن فلانة ستسافر مع عائلتها لأن ذلك يتسبب في الحسد والأذى لهم.

علماء الاجتماع

ويحذر علماء الاجتماع من تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة لإفشاء الأسرار الزوجية وانتهاك الخصوصية حيث إن هناك لحظات خاصة لا يجب مشاركتها مع الغير حتى لو كانوا أصدقاء.

وأكدوا أن الصور والنصوص التي ينشرها المستخدمون على الإنترنت من الممكن أن تصبح عامة ومتاحة للجميع بشكل غير متوقع كما أنها من الممكن أن تظل على الإنترنت إلى الأبد.
وأشاروا إلى أنه عند التسجيل في أي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي، يقوم الموقع بطرح عدة أسئلة شخصية بغرض التعرف على المستخدم أكثر أو اقتراح أصدقاء لك تكون معلوماتهم تشبه أو قريبة من معلوماتك، ففي حال اقتراح الموقع أصدقاء لك فهو يعرضك بشكل كبير للتعرف على أناس وهميين ما قد يسبب لك الكثير من المشاكل أنت في غنى عنها. هذا المجتمع الافتراضي الكبير والمترامي الأطراف والمتعدد اللغات والثقافات جعل من الخصوصية أمراً يختلف عليه الكثير.
وهناك شيء آخر مهم وهو أنه عندما يقوم الشخص بعرض تفاصيل حياته على وسائل التواصل الاجتماعي وتعريف الجميع بما سوف يقوم به سواء كان خارج المنزل أو أنه على سفر فإن ذلك سيعلم اللصوص بطريقة سهلة أن أحدا ليس في المنزل وبالتالي يستطيعون السرقة بشكل سهل وميسر.