تسعى بعض الشركات الكبيرة والمؤسسات الفردية في البلاد سواء كانت محلية أو أجنبية إلى التهرب من دفع ضريبة الدخل السنوي، من خلال صور عديدة من بينها رفع قيمة المصروفات التشغيلية حتى تصبح الإيرادات منخفضة، على نحو وهمي حيث يتم زيادة تكاليف السلع والعمل، وزيادة نفقات أجور القوى العاملة، حتى تصبح الأرباح الظاهرة قليلة وبالتالي تقل الضرائب المفروضة عليها، والمقدرة بـ 12 في المائة، بالإضافة إلى إعداد سجلات وهمية غير صحيحة، وحسابات ختامية ومركز مالي غير صحيحين، ناهيك عن الشراء والبيع دون فواتير، وزيادة نسبة الاستهلاك لتقليل صافي الربح، والتلاعب في سعر الأصناف بهدف تخفيض قيمة بضاعة آخر المدة، والبعض الآخر يقوم بشراء سيارة خاصة فارهة على حساب الشركة بحيث تكون من ضمن المصروفات، وما خفي أعظم، أهذا يعقل؟.. هذا الأمر يجب إيلاؤه الاهتمام من قبل الجهات المعنية للحد من هذا التلاعب.
وثمة أساليب أخرى يلجأ إليها أصحاب الشركات والمؤسسات للتهرب عن دفع الضريبة، الأمر الذي يتسبب في خسائر كبيرة تقدر بـ «ملايين الريالات» سنويا لميزانية الدولة، حيث بلغت إيرادات ضريبة الدخل على الشركات بنهاية شهر أكتوبر 2015 نحو 402.2 مليون ريال عماني، منخفضة بنسبة 1.2 في المائة، مقارنة مع نفس الشهر من العام 2014 حيث بلغت 407 ملايين ريال عماني، والتي تم احتسابها بنسبة 12 في المائة، من إجمالي الأرباح لتلكم الشركات.
وتشير البيانات إلى أن 4 آلاف شركة فقط هي الملتزمة بدفع الضرائب من أصل 300 ألف شركة مسجلة لدى غرفة تجارة وصناعة عمان وهذا ما يؤكد وجود خلل ما في آلية التحصيل.
وقد تضمن قانون ضريبة الدخل الصادر بالمرسوم السلطاني 28 / 2009، والمعمول به منذ بداية العام 2010، العديد من المزايا الضريبية، وذلك بهدف تبني سياسة قادرة على تعزيز المناخ الاستثماري والجهود الرامية لتنويع مصادر الدخل القومي في السلطنة، والالتزام بسياسة تشجيع استثمار رأس المال الأجنبي، والمساواة بين المؤسسات والشركات العمانية ومثيلاتها الأجنبية في المعدلات الضريبية، وتبسيط الإجراءات الضريبية، وعلى الأخص مراعاة وضع المؤسسات والشركات العمانية الصغيرة لتخفيف العبء الضريبي عليهم، وإزالة الغموض عن بعض جوانب النظام الضريبي ما يسهم في الحد من المنازعات الضريبية، وبرغم ذلك فحصة العائدات الضريبية في الناتج المحلي الإجمالي ضعيفة جدا، مقارنة بعدد الشركات في البلاد، وهذا ما يؤكد لنا أنه لا يزال التحايل عن دفع الضريبة مستمرا في صفوف المؤسسات، مخلفا في ذلك مساهمة ضعيفة في إيراداتها لخزينة الدولة.
وفي ظل انخفاض أسعار النفط قامت الحكومة بزيادة نسبة ضريبة الدخل على الشركات إلى 15 في المائة وقد اعتمدها مجلس عمان، لتساهم هذه الآلية في امتصاص العجز الآني لموازنة الحكومة، والمقدر بـ 3.3 بليون ريال عماني خلال العام الجاري، ولكن من الواضح أنه سيزداد إذا ما علمنا أن الأسعار وصلت إلى 23 دولارا للبرميل، وبالتالي فإن الاستمرار في نهج التهرب الضريبي محفوف بالمخاطر التي تكمن وراء ضعف الإيرادات الحكومية. وتسعى الدولة إلى البحث عن السبل الكفيلة بزيادة الامتثال الضريبي لحشد المزيد من الإيرادات، وسد عجز الموازنة.
ومن أجل معالجة ظاهرة التهرب الضريبي فمن الضرورة بمكان فهم الأسباب الكامنة وراءها ومن بينها ضعف البيئة القانونية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باتساع مساحة الاقتصاد غير النظامي، ومدى فاعلية صلاحيات الأمانة العامة للضرائب، كما بإمكان الحواسيب والبرمجيات المتخصصة أن تساعد إلى حد كبير في تدقيق حسابات الخاضعين للضرائب في شكل أمثل، كما يمكن رفع قيمة العقوبات لردع سلوك التهرب الضريبي.
نأمل من الشركات والمؤسسات الامتثال بدفع الضريبة السنوية لرفد خزينة الدولة، وتحسين مستوى مساهمتها في الدخل الوطني، من أجل أن تسهم في بناء الوطن وتنميته، بخاصة أن البلاد حاليا تمر بأزمة انخفاض أسعار النفط.