قطع الطيران العماني شوطا كبيرا في العام الفائت - بعيدا عما قيل أو يقال عن الأداء والخدمات على أسطول طيرانها باعتبار أن ذلك لا يمثل خطة أو سياسة منهجية في الأداء من قبل الإدارة، لأن معظم الانتقادات قد تكون نتيجة لأحداث فردية في إطار انعكاس الحالة النفسية والمهارية لبعض العاملين على تعاملاتهم مع المسافرين، الذين من حقهم الحصول على أفضل الخدمات في كل الظروف، لأن ذلك يمكن أن يحدث أو ينطبق على جميع شركات الطيران في العالم، وإن كانت هذه الشركات مسؤولة عن تنمية مهارة وقدرات العاملين لديها حتى تنجح في سوق المنافسة الدولية - فقد حلق في رحلة طويلة للعبور من حالة الخسائر التي لازمتها لفترات سابقة، والتي بلغت نحو 110 ملايين ريال عماني في العام 2014، وصولا إلى تحقيق بعض المكاسب، وإن كانت أقل من الطموحات إلا أنها خطوة جيدة في رحلة الألف ميل، بعد التخلص من الخسائر وتقصير المسافة بينها وبين محطة الوصول المنشودة وهي نقطة التعادل التي تعد هدفا قصير المدى في خطتها لتقليص الخسائر بل وتجاوزها والعودة إلى تحقيق المكاسب والأرباح في نهاية 2017، وفي هذا الإطار تراجعت الخسائر في 2015 إلى 86 مليون ريال عماني بنسبة 21%، بمقدار 23 مليون ريال يمكن أن نضعها في خانة الأرباح، لأن تراجع حجم الخسائر يعني أن هناك عائدات ساهمت في ذلك بشكل أو بآخر، ومنها تراجع أسعار الوقود إلى نحو 75 %، التي تعني أن هناك وفورات تحققت من خلال بند مهم من بنود تكاليف التشغيل المتغيرة - وإن كان ليس للإدارة فضل في ذلك-، إلا أن أيضا تخفيض الدعم الحكومي من 130 مليون ريال في العام 2014 إلى 35 مليون ريال في 2016، وهو نجاح في الاستغناء تدريجيا عن الدعم الحكومي، ولا شك أن هذه جهود جيدة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية التي أثرت سلبيا على مؤسسات الدولة وكل الأنشطة المجتمعية التي تقلصت بقوة من أثر التراجع الحاد لأسعار النفط، وتتوقع الشركة المزيد من تقليص الخسائر لتصل في العام 2016 إلى 50 مليون ريال بنسبة 42% عن العام الفائت، من خلال زيادة الاستثمارات في المشروعات، وفتح خطوط جديدة في مناطق ووجهات مختلفة من بقاع العالم، لجذب المزيد من المسافرين والزوار إلى السلطنة على اختلاف مشاربهم، وتوفير العدد المناسب من الطائرات التي تمكنها من ذلك، وإذا كان ذلك يسهم في تحقيق أهداف الشركة والمساهمة في الاقتصاد الوطني وفي تلبية احتياجات النمو والتطوير وتعزيز أسطول الطائرات، لزيادة عدد الرحلات الدولية الحالية إلى العواصم السياحية والاقتصادية الدولية وتنشيطها لتوسيع استثماراتها، وإضافة خدمات جديدة تلبي احتياجات ومتطلبات العصر من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، إلى جانب فتح وجهات وأسواق جديدة وزيادة الاستثمارات الداخلية والخارجية، وأن ذلك سوف يتحقق بالضرورة بالسعي إلى سرعة تحقيق نقطة توازن إدارية تساعد أيضا على نجاح هذه الخطط، والاستماع إلى كل الآراء والأفكار الجديدة المؤيدة والمعارضة بدون حساسية تحول دون الاستفادة من الاستماع إلى كل رأي أو نقد بناء يهدف إلى التصحيح والتصويب الذي يضمن للناقل الوطني استمرار النجاح، الذي يمكنها من المنافسة في أسواق السفر والسياحة العالمية، والتفوق على المنافسين، ومن ثم عبور نقطة التعادل بين الإنفاق والإيرادات التي تمثل نقطة الأمان، والانطلاق إلى مرحلة الأرباح والمكاسب في مدى زمني أقل من التواريخ والتوقيتات المتوقعة، وهذا ليس صعبا أو مستحيلا على الناقل الوطني العماني الذي استطاع أن يحلق بعيدا عن هذه الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، بل ويجتاز ويعبر الكثير من العقبات في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتردية وغير المستقرة، وخاصة إذا ظل المستقبل مجهولا لأسعار النفط التي تتهاوى منذ بداية العام الجديد، ليصبح التحدي هو مدى القدرة على النمو والمحافظة على جودة الأداء وإجراءات الأمن والسلامة وفق المعايير الدولية المتعارف عليها.