ليبيا : عائلات الضحايا ياملون في انتهاء الحرب

الحدث الأربعاء ١٠/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:١٣ م
ليبيا : عائلات الضحايا ياملون في انتهاء الحرب

.

مصراتة – ش – وكالات

بعد ثلاثة اشهر من انطلاق العملية الهادفة الى استعادة مدينة سرت، يأمل اهالي مئات الليبيين الذين قضوا في معارك مع تنظيم داعش ان تنتهي الحرب قريبا ليتوقف نزيف الدماء في بلاد تخسر المئات من شبانها منذ خمس سنوات.
ومنذ بدايتها في 12 مايو، قتل في عملية "البنيان المرصوص" اكثر من 300 مقاتل ليبي من قوات حكومة الوفاق الوطني، واصيب اكثر من 1800 بجروح ينتمي معظمهم الى مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي خسرت من قبل المئات من ابنائها خلال انتفاضة العام 2011.
والاحد اعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني بدء "العد التنازلي" لاطلاق "المرحلة الاخيرة" من عملية استعادة سرت (450 كلم شرق طرابلس) التي تلقى مساندة جوية من قبل طائرات اميركية بطلب من السلطات المدعومة من المجتمع الدولي.

حالات انسانية
- "ذهب الاثنين واستشهد الاربعاء" - علي الكيسة (22 عاما) ودع والده عبد الرحمن عشية التحاق الاب بمجموعة من المقاتلين في سرت. لم يتواصلا ليومين، الى ان جاء الاتصال الاول معلنا للطالب الجامعي، اكبر اخوته الاربعة، مقتل الاب (54 عاما) خلال معركة في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في الثامن من حزيران/يونيو.
ويقول علي لوكالة فرانس برس وهو يقلب صورا لوالده في منزل العائلة في مصراتة "قال لي: ساذهب الى سرت، وكان طبعا على اقتناع. اجبته: انتبه على نفسك وان شاء الله خير. ذهب مرة واحدة الى الجبهة وبقي يومان. ذهب الاثنين واستشهد الاربعاء".
و في منزل قريب في مصراتة، لم يكن عبد الله حميدة (66 عاما) يكاد يفرح بعودة احد ابنائه سالما من القتال في صفوف القوات الحكومية في سرت، حتى يودع ابنا اخر ذاهبا اليها، الى ان فقد عبد القادر (30 عاما) الصحافي الذي كان ينقل اخبار معارك يقاتل فيها ثلاثة من اخوته.
يحتفظ عبد الله بصورة عبد القادر (30 عاما) المنشورة على الصفحة الاولى لجريدة محلية الى جانبه. وهو يجلس في بهو منزله على كنبة زرقاء برفقة ابراهيم احد ابنائه التسعة، وقريب للعائلة.
يفتح عبد الله الجريدة لينظر بعينين دامعتين الى صور ابنه الموزعة على الصفحات الداخلية الى جانب مقالات تنعيه، ثم يغلقها ويعود ليتحدث عن ابنه الذي تزوج قبل عام وسبعة اشهر.

"في كل بيت شهيد"
واستغل تنظيم داعش الفوضى الامنية والنزاعات المسلحة التي تشهدها ليبيا منذ خمس سنوات ليرسخ موطئ قدم له في هذا البلد الغني بالنفط والمقابل للسواحل الاوروبية.
لكن رغم نجاحه في اقامة قاعدة خلفية له في سرت التي سيطر عليها في يونيو 2015، الا ان التنظيم المتطرف فشل في استقطاب الليبيين الذي يعيشون في مجتمع اسلامي محافظ عموما ومعارض في الوقت ذاته للفكر المتطرف، ليعتمد بذلك على المقاتلين الاجانب الاتين من دول مجاورة ومن الخليج.
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سرت من وحدات عسكرية صغيرة من الجيش الليبي المفكك ومن جماعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا ابرزها مصراتة العاصمة الاقتصادية لليبيا والتي تعرضت لحصار من قبل قوات القذافي في 2011 ولدمار كبير لا تزال اثاره واضحة على الكثير من ابنيتها.
وتشكلت هذه الجماعات في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي قتل فيها الزعيم السابق معمر القذافي. وبعد اطاحة النظام، احتفظت هذه الجماعات باسلحتها واصبحت الجهة العسكرية الابرز في ليبيا والاكثر تاثيرا في امنها.
ويقول اشتيوي خليفة في احدى مقابر المدينة في محاذاة منزل الكيسة وهو يشير الى قبر اين عمه "هذه القبور هي بمعظمها لشهداء قضوا في 2011 او قضوا في حرب سرت".
ويتابع "كل بيت في مصراتة فيه شهيد".

قوات اجنبية
من جانبه اعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج امس الاربعاء ان بلاده ليست بحاجة لقوات اجنبية على الاراضي الليبية لمساعدة القوات التي تقاتل تنظيم داعش ، وذلك في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الايطالية.
وكانت صحيفة واشنطن بوست الاميركية كشفت الثلاثاء ان قوات خاصة اميركية موجودة على الارض، وتقدم للمرة الاولى دعما مباشرا للقوات الليبية التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في منطقة سرت.
وقال السراج في المقابلة "نحن لسنا بحاجة لقوات اجنبية على الاراضي الليبية" مضيفا "طالبت فقط بضربات جوية اميركية لا بد من ان تكون جراحية جدا ومحدودة في الزمن والمكان، ودائما بالتعاون معنا".
وتابع المسؤول الليبي "بامكان جنودنا انجاز المهمة وحدهم بعد الحصول على الغطاء الجوي".
وتشن قوات حكومة الوفاق الوطني حملة عسكرية منذ الثاني عشر من ايار/مايو لاستعادة السيطرة على مدينة سرت الواقعة على البحر المتوسط على بعد 450 كلم شرق طرابلس. وكان مسلحو التنظيم الجهادي سيطروا على سرت منذ حزيران/يونيو 2015.
وتقوم الطائرات الاميركية بطلب من حكومة الوفاق الوطني بضرب مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية منذ الاول من آب/اغسطس.
وافادت واشنطن بوست ايضا ان القوات الاميركية تعمل في ليبيا بالتعاون مع البريطانيين ويتم تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين.
وحذر السراج من "خطورة" تنظيم الدولة الاسلامية "الذي يمكن ان يستخدم كل الوسائل لارسال عناصره الى ايطاليا واوروبا" مضيفا انه "لن يفاجأ اذا علم بان مقاتلين من التنظيم اندسوا بين المهاجرين على الزوارق" المتجهة الى الشواطىء الايطالية.
وكانت ايطاليا اعترفت بحكومة الوفاق الوطني الليبية وسمحت للولايات المتحدة باستخدام قواعدها ومجالها الجوي لشن ضربات جوية ضد مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا.
من جهة ثانية قال السراج انه "يمكن" ان يزور روسيا "قريبا" مشددا على ان حكومته تقيم "علاقات جيدة" مع موسكو.