مرتفعات خضراء بنكهة الفراولة

محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أسير إلى مرتفعات جنتنج بين زهو الجبال الشامخة بلون أخضر تغطيها قليلا السحب لكنها لا تمنع الرؤية، ساعة من العاصمة كوالالمبور لكنها مشاهد فارقة بين ما يقع في قلب المدينة من معمار وماركات.. وما يشهق في محيط اللون الأخضر من جمال.

دور سائقي سيارات الأجرة والعاملين في السياحة، كما لاحظت في عدد من دول العالم الترويج لسياحة بلادهم وصناعاتها فيحرصون على التوقف أمام المناظر والمصانع لتلقي نظرة وغالبا ستصور وترسلها لأصدقاء هناك قد يأتون في وقت تال .. وقد يشترون بضاعة تحقق فائدة للاقتصاد الوطني وهم ضمن دورته بالطبع .. أما في بلداننا العربية فسائق (التاكسي) إذا لم (يقرفك) بسماع قصة حياته أو ظروف بلاده (القارف منهما بنفسه) فعلى الأقل سيجعلك تود مفارقة بلاده فورا .. بالنكد والاستغلال!
بدأ المشوار بمنحل للعسل، ثم الشيكولاتة وبعدها الفراولة وهكذا تدفع رسوم الدخول في أغلب الأماكن التي تدخلها، اشتغال سياحي مثر.. للزائر وهو يستمتع حيث الرسوم بسيطة.. وللبلد حيث تتحول قطرات الرسوم البسيطة إلى نهر يصب في مصلحة الدخل الوطني.. مثلما هي رسوم الطرق السريعة، ويمكننا في كل ذلك تحقيق مكاسب اقتصادية لاقتصادنا في السلطنة.. الأهم تعزيز فكرة العدالة لتأتي الثقة.
يمكن صعود مرتفعات جنتنج بالسيارة أو عبر رحلة جميلة تطير بها فوق قمم الأشجار الشاهقة تنقلك عربة التيلفريك لمسافة طويلة تمتد في ذلك الجمال المدهش أكثر من ثلاثة كيلومترات تصعد 1740 مترا في جبال تيتيوانجسا.
الحركة في فضاء المكان قمة المتعة فالعربات المعلقة أشبه بحركة سيارات تطير في الفضاء لولا ذلك الحبل المتين القادر على وضعها كحبات مسبحة تجيء وتروح بالبشر كل منهم يتأمل ويعيد حساباته.. تجاه الكون أمامه أو تضاؤله أمام جمال الطبيعة وقدرة الإنسان، عبر العلم والتفكير، على التحليق في فضاءات تتيح له حياة أعمق من المتعة.
في تلك القمم وجدت الفنادق والمجمعات التجارية والبنايات بألوان تلقي ببهجتها إلى الروح وهي تصعد القمم وتندمج مع الطبيعة.. روح الأشجار وأنفاس السحب.
ولأن السياحة تحتكم أيضا إلى تراكم خبرات من سبقونا فقد نصحنا السابقون بزيارة كاميرون.. والتي أخذت من الدولة الأفريقية القصية الكاميرون اسمها كما اتخذت سائر البلاد من علم أمريكا رسمه ليغدو العلم الماليزي كأنه الأمريكي لولا ذلك المربع الأزرق رمز المياه وعليه الشمس دلالة النهضة والنجمة في إشارة إلى الدين الإسلامي.
الطريق إلى مرتفعات كاميرون طويل يزيد عن ساعات ثلاث لكن المتعة أن تحفك الأشجار على الضفتين، نخيل الزيت التي يقول عنها السائق بأن نسبة الكوليسترول المرتفعة فيها أوقفتها عن دخول أمريكا، علق مازحا أن الوجبات السريعة والمياه الغازية القادمة منها خالية تماما من الكوليسترول، لكنه الكوليسترول الإسلامي يا صاحبي!
المنطقة استقبلتنا بحقول الفراولة ومناحل العسل ومشاتل الورد كما فعلت جنتنج تماما لكنها كافأتنا على تحمل الطريق إلى تلك المرتفعات بشلال جميل وتدرجات أشجار الشاي. سائق سيارة الأجرة قال إنه خلال أسبوعين جميع زبائنه عمانيون كما قال بائع الشاي إنه عمل 15 عاما في السلطنة.. لكن لم ينفعنا ذلك في الحساب فاكتفينا بنصائحه لأفضل الأنواع بما زاد علينا.. الحساب!