تركيا تحذر واشنطن من التضحية بالعلاقات

الحدث الثلاثاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٤ م
تركيا تحذر واشنطن من التضحية بالعلاقات

انقرة – ش – وكالات

حذرت تركيا امس الثلاثاء الولايات المتحدة من التضحية بالعلاقات الثنائية من اجل الداعية الاسلامية فتح الله غولن الذي تتهمه انقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب في 15 يوليو، على ما اعلن وزير العدل بكير بوزداك.
وقال بوزداك لوكالة الانضول المقربة من الحكومة "اذا لم تسلم الولايات المتحدة غولن فانها ستضحي بعلاقاتها مع تركيا من اجل ارهابي" مشيرا الى ان المشاعر المعادية لاميركا بين الشعب التركي بلغت ذروتها بسبب الخلاف بين الدولتين حول تسليم خصم الرئيس رجب طيب اردوغان.
وقال "يعود للطرف الاميركي ان يحول دو ان تتحول هذه المشاعر الى كراهية".
وشهدت العلاقات التركية الاميركية توترا اثر محاولة الانقلاب التي تتهم انقرة الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى الاختياري في بنسيلفانيا بالولايات المتحدة منذ 1999 بالوقوف خلفها.
واعلن وزير تركي ان "الولايات المتحدة تقف خلف محاولة الانقلاب" فيما اتهم قائد سابق لهيئة الاركان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) بتدبير العملية.

عواقب وخيمة
كما المح اردوجان الى ان رفض تسليم غولن ستكون له عواقب على العلاقات بين البلدين، متهما واشنطن بـ"حماية" خصمه.
وارسلت انقرة الى الولايات المتحدة ملفات تدعم طلبها تسليم غولن.
وينفي غولن اي ضلوع له في محاولة الانقلاب وقال احد محاميه الاميركيين الاسبوع الماضي انه لن يتم تسليم موكله لانه ليس هناك "ذرة دليل" ضده.
واذ قال وزير العدل ان "السلطات الاميركية تدرس طلب التسليم بجدية"، اشار في المقابل الى ان "غولن فقد صفته كدمية، ولم يعد بوسع الولايات المتحدة ولا اي بلد اخر استخدامه".
وتابع مشددا "اذا لم يتم تسليم غولن، فسيكون لذلك انعكاس سلبي على العلاقات بين البلدين".
وقال إنه تم احتجاز 16 ألف شخص رسميا فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الشهر الماضي وإن السلطات تدرس حالات ستة آلاف معتقل آخرين.
وأضاف لوكالة الأناضول للأنباء التي تديرها الدولة في لقاء مذاع على الهواء مباشرة على قنوات التلفزيون التركي أن 7668 شخصا آخرين رهن التحقيق لكنهم غير محتجزين حاليا.
من جهته قال رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم امس الثلاثاء إن الأتراك حولوا 11 مليار دولار إلى ليرة تركية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة فى الشهر الماضى مما "ضخ الدماء فى شريان" الاقتصاد.
وفى كلمة أمام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم قال يلدريم إن تركيا تعمل على خفض فائدة قروض الإسكان وتوظيف 15 ألف مدرس جديد و10 آلاف ضابط شرطة جديد بعد إجراءات التطهير التى أعقبت الانقلاب الفاشل.

اتهامات
ذكرت مجلة فورين بوليسى أن مناصرو الرئيس التركى رجب طيب أردوجان، يتهمون مركز أبحاث مرموق فى واشنطن بتدبير محاولة الإطاحة بالرئيس، الشهر الماضى.
ويواجه مركز "ودروو ويلسون"، وهو مؤسسة بحثية مرموقة تأسست عام 1968، موجة من الهجوم من قبل مناصرو أردوجان بزعم، غير مبرر، بأن المركز لعب دورا فى تدبير المحاولة الفاشلة للجيش للإطاحة بأردوجان من السلطة.
والاتهامات الموجهة لمركز وودرو ويلسون تصدرت الصفحة الأولى من صحيفة "أكشام" الموالية للرئيس التركى، مما دفع المركز الأمريكى لإصدار بيان يعرب فيه عن قلقه بشأن احتمال وقوع عمليات انتقام ضد باحثين وعلماء حضروا مؤتمرا نظمه المركز فى تركيا يوليو الماضى.
وتقول فورين بوليسى أن نظريات المؤامرة ضد مركز ويلسون اُثيرت بسبب توقيت موعد المؤتمر الذى نظمه المركز على مدار 3 أيام بين 15 و17 يوليو، حيث تصادف مع اليوم الذى قامت فيه مجموعة من الضباط فى الجيش بمحاولة الإطاحة بأردوجان.
وأوضح المركز الأمريكى فى بيانه، إن اللقاء الذى عقد فى اسطنبول، لم يكن له أى صلة تماما بالاضطرابات السياسية فى البلاد وأن النقاش كان مفتوحا لتبادل وجهات النظر بين خبراء السياسة الخارجية المخضرمين حول إيران وعلاقتها بجيرانها فى المنطقة.
وحذر المركز من أن الاتهامات الموجهه لعملاءه من شأنها أن تضر بالسمعة الدولية لتركيا. وقال إن تركيا طالما كانت وجهة جاذبة للقاءات الباحثين، بسبب جودة ومكانة مؤسساتها الأكاديمية والمجتمع المدنى، فضلا عن طبيعتها الجميلة وموقعها المناسب. غير أن هذه الاتهامات سوف تتسبب فى خسارة كبيرة لسمعتها الدولية، وتضر بمساهمة خبرائها فى المجتمع المدنى الديمقراطى العالمى إذ ربما يجرى إقصائهم.

..............

إردوجان يسعى لبداية جديدة في العلاقات مع روسيا على صفحة بيضاء
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوجان في مقابلة مع وكالة تاس الروسية للأنباء إنه يريد إعادة ضبط العلاقات مع روسيا على صفحة بيضاء واستئناف التعاون في مجموعة من المجالات.
وتحدث إردوجان عشية اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبرج يهدف لإنهاء فترة من التوترات الشديدة بعدما أسقطت تركيا طائرة روسية مقاتلة قرب الحدود السورية. وفرضت روسيا عقوبات تجارية على تركيا كما انخفض عدد السياح الروس الوافدين إلى تركيا بنسبة 87 بالمئة في النصف الأول من 2016.
ومع توتر علاقات تركيا مع أوروبا والولايات المتحدة عقب الانقلاب الفاشل ربما يأمل إردوجان أن تمنح زيارته لروسيا الغرب فرصة للتفكير.
وفي المقابلة التي أجراها إردوجان مع تاس أشار الرئيس التركي مرارا إلى بوتين بوصفه "عزيزي" أو "المحترم" فلاديمير كما وصفه بالصديق.
وقال إردوجان "هذه الزيارة تبدو بالنسبة لي معلما مهما جديدا في العلاقات الثنائية .. بداية جديدة من صفحة بيضاء."
وأضاف "سيتم فتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية التركية. ستشمل هذه الصفحة الجديدة التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي."
وسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوجان فتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء في سان بطرسبورغ بعد اشهر من الفتور الدبلوماسي بين البلدين، في وقت يواجه خلافا مع الغرب.
وهي اول زيارة يقوم بها اردوجان الى الخارج منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو وما تلاها من حملة تطهير غير مسبوقة اثارت انتقادات شديدة من الغربيين.
كما تاتي الزيارة تتويجا للمصالحة التي تحققت قبل شهر بين البلدين بعد ان اعرب الرئيس التركي عن "أسفه"لاسقاط سلاح الجو التركي طائرة مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في نوفمبر.
وصدرت تصريحات مماثلة من الجانب الروسي اذ توقع المستشار في الكرملين يوري اوشاكوف "لقاء غاية في الاهمية" يجري خلاله بحث اعادة "العلاقات الروسية التركية في مختلف المجالات مرحلة بعد مرحلة" ومناقشة الوضع في سوريا.
وقال اوشاكوف للصحافيين ان توجه اردوغان الى سان بطرسبورغ في شمال غرب روسيا بعد محاولة الانقلاب "انما هو دليل على ان الاتراك مهتمون فعلا باعادة العلاقات مع روسيا".
وكان بوتين من القادة الاجانب الاوائل الذين اتصلوا باردوغان للتنديد بمحاولة الانقلاب، ولم يبد التحفظات ذاتها التي اعرب عنها القادة الاوروبيون حيال حملة القمع التي تلتها.
واورد المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في تحليل انه حتى لو كانت العلاقات بين موسكو وانقرة "لديها هي ايضا ما يؤثر على ثباتها، الا ان تدهور العلاقات مع القوى الغربية من شأنه تسريع التقارب" بين البلدين.
واثار اسقاط الطائرة الحربية الروسية عند الحدود السورية ازمة خطيرة في العلاقات بين موسكو وانقرة وحمل روسيا على اتخاذ تدابير اقتصادية ضد تركيا.
وتفيد ارقام اعلنها الكرملين ان المبادلات التجارية بين البلدين تراجعت بنسبة 43% الى 6,1 مليارات دولار بين كانون الثاني/يناير وايار/مايو الماضيين.
لكن بعد اشهر من الخصومة وتبادل الهجمات الكلامية بين الرئيسين، تجاوبت موسكو بسرعة لم تكن متوقعة مع بادرة انقرة وامرت برفع العقوبات المفروضة على القطاع السياحي التركي الذي يعتبر اساسيا في اقتصاد هذا البلد وقد تضرر كثيرا جراء مقاطعة السياح الروس الذين تراجعت اعدادهم بنسبة 93% في حزيران/يونيو بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام 2015.
كما من المتوقع اعادة احياء مشروع مد انبوب الغاز "تركستريم" الى اوروبا الذي يفترض ان ينقل 31,5 مليار متر مكعب سنويا الى تركيا عبر البحر الاسود ومحطة اكويو النووية التي ستبنيها روسيا.
واكد اردوغان منذ الان استعداده "لاتخاذ تدابير فورية" لتحريك هذا المشروع.
وقال الكسندر بونوف من مركز كارنيغي للدراسات في موسكو "ما سنشهده هو علاقة اكثر متانة ولكن ذات طابع تغلب عليه البراغماتية، لا تقوم على علاقة شخصية او ايديولوجية وانما على المصالح العملية المشتركة".
كذلك رأى المحلل الروسي فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع "من الواضح ان روسيا هي في الوقت الحاضر شريك مهم لتركيا، في وقت شهدت علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة تدهورا واضحا (...) ولم تتحقق تطلعاتها الى تغيير سريع للنظام في سوريا".
وتابع ان الامر نفسه ينطبق على روسيا مستخلصا ان "البلدين بحاجة احدهما الى الاخر" لايجاد حل للنزاع في سوريا.
وان كان اردوجان لا يزال مصرا على رحيل الرئيس السوري بشار الاسد من السلطة، وهو ما تعارضه موسكو بشدة، الا انه اقر بالدور الاساسي الذي تلعبه روسيا في تسوية النزاع، في مقابلة مع وسائل اعلام روسية عامة.
وقال اردوجان ان "روسيا لاعب اساسي وشديد الاهمية من اجل احلال السلام في سوريا" مشيرا الى ان "هذه المشكلة ينبغي تسويتها من خلال تدابير مشتركة تتخذها روسيا وتركيا".