حماية المستهلك .. وضريبة القيمة المضافة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٣٢ ص
حماية المستهلك .. وضريبة القيمة المضافة

محمد محمود عثمان

ارتفعت أسعار الكثير من السلع في الفترة الأخيرة بسبب زيادة سعر الدولار، سواء السلع المستوردة أو المحلية باعتبار أن مستلزماتها مستوردة بالدولار،أو أن الدولار يرتفع من يوم إلى آخر ، ومن ثم سوف ترتفع أكثرعندما يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة ؛مما سيزيد من العبء على المواطن البسيط الذي من المفترض أن نسعى لمساعدته من خلال الحلول الجديدة وغير التقليدية لخفض الأسعار سواء السلع أو الخدمات التي يستخدمها للتخفيف من الأعباء التي ينوء بها كاهله، لأن المستهلكين هم الذين سيترتب عليهم تحمُّل التكاليف الإضافية لضريبة القيمة المضافة بدلاً من تجار التجزئة لأنهم هم الذين سيدفعون قيمة تلك الضريبة في المحصِّلة النهائية
ويبقى السؤال .. وهو هل يمكن أن تلعب أجهزة حماية المستهلك دورا إيجابيا في حماية المستهلكين من الآثار السلبية لضريبة القيمة المضافة التي تعد وسيلة للجباية الجبرية لزيادة دخل الحكومات بدون عناء ؟، وبدون تقديم قيمة مضافة للمستهلك ؟ ، لأنه من أهم فلسلفة السياسة الضريبية أنها تفرض في مقابل تقديم خدمات عامة للشعب وللمجتمع أو لتحسين الخدمات القائمة ، لأنه بلا شك أن فرض أي ضريبة مهما قلت قيمتها ، فإن لها تأثيرات سلبية على الفرد والشركات والمستثمرين ، لذلك يخشى البعض من فرض ضريبة الدخل على مؤسساتهم ، ويستعدون لنقل أعمالهم إلى الخارج بحثا عن بيئة العمل المعفاة من الضرائب التي تعتبر العامل الرئيسي الذي دفعهم للعمل والإقامة في بعض الدول ، و لأن بعض الدول ومنها جمهورية مصر العربية بصدد إقرا ر مشروع قانون يفرض ضريبة قيمة مضافة حتى على الخدمات المجانية التى تقدمها شركات الاتصالات مثل الدقائق المجانية التي تمنح لتشجيع المشتركين ، وهى المرة الأولى التي تحدث في العالم كله ، بالإضافة إلى رفع نسبة الضريبة من ١٥٪ إلى ٢٣٪ ، ومن هنا يتضح جليا أن تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة سيكون له آثارا سلبية على المواطن البسيط، لأن الأسعار سترفع بنفس القيمة التي سترتفع بها الضريبة، وفي النهاية سيتحملها المستهلك، لأنه لا خلاف على أن أسعار السلع التي ستطبق عليها القيمة المضافة، سترتفع وبنفس قيمة هذه الضريبة، وربما بأكثر من قيمتها ، نتيجة لجشع بعض التجار ، أو لضعف الرقابة والمتابعة ، ولن يتحملها سوى المستهلك النهائي للسلع ،ولا يمكن تقديم أي تبريرات غير منطقية بخلاف ذلك ، حيث ستنخفض القدرة الشرائية للمستهلكين، ومن ثم تتفاقم عدم قدرتهم على مواكبة الالتزامات الحياتية ، لأن ضريبة القيمة المضافة بصورتها المقترحة لا تفرق بين المستهلكين من الطبقات الدنيا ذات الدخل المحدود ،الذين سيتم مساواتهم بالمستهلكين من الطبقات الأعلى ذات الدخل الأكبر، وكذلك مساواة المستهلك العادي بالمستهلك التجارى ،ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم ، خاصة في قطاع السلع الكمالية والسيارات التي ستكون أكبر المتأثرين بتكاليف ضريبة القيمة المضافة من حيث حجم الطلب ، والغريب أن المواطن سيتحمل ضريبة على خدمة لم يتم تأديتها له مثل دفع قيمة الضريبة على الاشتراك فى خدمة ما بمجرد شرائه لها ،وحتى قبل أن يستخدم هذه الخدمة أو يستفيد منها، لذلك فإن ‏حماية المستهلك تعني حمايته من ارتفاع الأسعار ومن التضخم ومن تسلط اجهزة الدولة في الزامه بضرائب متعددة الغرض منها جباية الأموال لتغطية عجز الموازنة العامة ، باعتبار أن هى الوسيلة الأسهل في هذا الصدد، بدلا من محاولة توفير الأموال من تعدد مصادر الإنتاج أو زيادة الإنتاجية وتقنين ساعات العمل الفعلية للاستفادة القصوى منها ، لتعويض نقص العائدات خاصة في الدول التي كانت تعتمد بشكل كبيرومباشر على تصدير النفط ، لذلك من الضروري أن تنشط أجهزة ومؤسسات حماية المستهلك ومؤسسات المجتمع المدني المعنية في التصدي للتطبيقات الضريبية المستحدثة حتى لا يتضرر منها المستهلك البيسط والذي لا حول له ولا قوة سوى الرضوخ والاستجابة لتحمل أعباء ضريبة القيمة المضافة التي تقتص من دخله البسيط مع كل شراء سلعة أو خدمة لزيادة الإيرادات العامة ،وفي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار السلع والخدمات بدون مبرر حقيقي ، ولا يمكن بعد ذلك أن تتراجع الأسعار إلى قيمتها الحقيقية ، مهما بذلت السلطات من جهد في سبيل ذلك ، ولا سيما أن كل التجارب السابقة تؤكد هذه الحقيقة .