ملايين الامريكيين لايهتمون باي انتخابات

الحدث الثلاثاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٢٣ ص

واشنطن – ش

نشرت صحيفة "نيوريورك تايمز" الأمريكية تقريرا حذرت فيه من ضعف نسبة إقبال الأمريكيين على التصويت فى أى انتخابات تجرى فى الولايات المتحدة بما فى ذلك الانتخابات الرئاسية.
وقالت الصحيفة إن عدد سكان الولايات المتحدة يبلغ ٣٢٤ مليون شخص من بينهم ١٠٣ ملايين من الأطفال وغير الحاصلين على الجنسية الأمريكية أو من أصحاب السوابق الذين لا يحق لهم التصويت.
وأشار التقرير إلى أن ٨٨ مليون شخص من الذين يحق لهم التصويت لا يدلون بأصواتهم فى أى انتخابات تجرى فى الولايات المتحدة حتى الانتخابات الرئاسية.
وقد استندت الصحيفة إلى نسبة الإقبال على التصويت فى الانتخابات الرئاسية التى جرت عام ٢٠١٢. وأوضح التقرير أن ٧٣ مليون أمريكى لم يصوتوا فى الانتخابات التمهيدية التى جرت هذا العام لاختيار مرشحى الحزبين الديموقراطى والجمهورى .. غير أن الصحيفة أشارت إلى أن هؤلاء سيصوّتون على الأرجح فى الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر القادم.
ووفقا للتقرير، فإن نصف عدد الناخبين الذين صوتوا فى الانتخابات التمهيدية صوتوا لصالح مرشحين آخرين غير المرشحة الديموقراطية هيلارى كلينتون او منافسها الجمهورى دونالد ترامب أى أن ٩ بالمائة فقط من الأمريكيين هم الذين اختاروا هيلارى أو ترامب فى الانتخابات التمهيدية.

اللامشاركة
تعنى اللامشاركة عدم مشاركة أعداد كبيرة من الافراد فى العملية السياسية. والحقيقة ان هذه الظاهرة موجودة فى كل المجتمعات ولكن بدرجات واسباب مختلفة. فقد تكون نتيجة لعدم استطاعة المواطنيين فى المشاركة لان نظام الحكم نظام دكتاتورى ومستبد ولايسمح الا بمشاركة المناصرين له والعاملين على تحقيق أهدافة
وقد يكون السبب نتيجة لعدم رغبة المواطنيين أنفسهم فى المشاركة فى العملية السياسية أوفى اى نشاط آخر يتعلق بها كما هو الحال اليوم فى كل الدول الحرة والمتحضرة. فعلى سبيل المثال يوجد فى الولايات المتحدة الامريكية اكثر من خُمس (5/1) عدد السكان لا يشاركون فى العملية السياسية ولا فى اى نشاط سياسى بالرغم من انهم مؤهلين قانونيا للقيام بذلك
وهنا قد يسأل سائل فيقول: كيف يمكن ان نفسر ظاهرة عدم مشاركة المواطنيين فى الدول الحرة برغم من توفر الفرص لهم؟ والحقيقة ان علماء السياسة قد اختلفوا فى تفسير اسباب هذه الظاهرة فى المجتمعات الحرة. فمنهم من اعتبر عدم المشاركة فى العملية السياسية وخصوصا الانتخابات مشكلة سياسية واجتماعية خطيرة ولابد من التعامل معها وعلاجها.
وقد ارجعوا سببها الاساسى الى ما أطلقوا عليه "ألانحياز الطبقى." من قبل الذين يسيطرون على العملية السياسية والذين يعتبرون المشاركة السياسية تهديد لمصالحهم الخاصة ولقد أستدل هذا الفريق بحجج كثيرة تذل على ان أنخفاض المشاركة فى العملية السياسية يعتبر مشكلة, لعل من أهم هذه الحجج الاتى غياب شريحة كبيرة من ابناء الشعب عن المشاركة يعنى ببساطة غيابهم عند أتخاد القرارات. وبمعنى آخر ان الناخبين المشاركين فى العملية السياسية لا يمثلوا كل شرائح الشعب وبالتالى فان القرارات السياسات التى يتخدوها ستكون منحازة بطبيعتها الى الشرائح المشاركة فقط. والحقيقة ان أغلب الذين لا يشاركون فى العملية السياسية هم فى العادة من الفئات الفقيرة والغير متعلمة والذين لا واعي لهم بالعملية السياسية ودورها فى المجتمع.
هذا بلااضافة الى تجاهل القضايا المهمة وهو مالا بمعنى ان انخفاض المشاركة سوف يقود الى انتاج سياسات أنانية ولا ثمتل الواقع المعاش لأغلب المواطنيين ولا تتعاطى بجدية مع المشاكل والتحديات التى تواجه الدولة مثل العمل والتعليم والصحة والاسكان. وهذا يعنى فى النهاية ان النظام الحاكم غير مؤهل ولا قادر على استعاب واشراك كل فئات الشعب فى صناعة القرار السياسى. واخر العوامل هو إنخفاظ الوعى السياسى: فكل متتبع لدور المشاركة السياسية فى المجتمعات المتقدمة يجد ان المشاركة السياسية تزيد من معرفة الفرد وترفع من وعيه واحساسة بالمسئولية الوطنية. وان المشاركة السياسية وخصوصا فى العملية الانتخابية لا يستفيد منها المرشحين فقط وانما ايضا كل المشاركين فى هذه العملية. وعليه فهذا الفريق من العلماء يعتقد انه لابد من النظر الى انخفاض عملية المشاركة السياسية فى اى دولة على انها مؤشر خطير ومشكلة لابد من التعامل معها وحلها

فريق اخر
أما الفريق الآخر من العلماء فيعتبروا عدم المشاركة فى العملية السياسية على انها ليست مشكلة ولامرض اجتماعى يجب التخلص منه وانما هى مجرد خيار من الخيارات السياسية فى مجتمع يؤمن بحرية التعددية السياسية وبمبدا حق الاختيار لكل مواطنيه. بمعنى انهم يؤمنون بالمبدا الذى يقول"من المشارك اللا تشارك." وفى هذا الصدد يقول البروفسور "أوستن رانى" ان عدم المشاركة فى الانتخابات ليست قضية سياسية مهمة ولا يمكن أعتبارها مرض اجتماعى وانما هى خيار أختارته مجموعة من الافراد بمحض إرادتهم .
ولقد استدل هذا الفريق بحجج كثيرة تذل على ان انخفاض المشاركة فى العملية السياسية لا يعتبر مشكلة. ولعل من أهم هذه الحجج هو ما يمكن ان نطلق عليه الرضا الشعبى حيث يعتقد هذا الفريق بان ارتفاع نسبة المشاركة فى المجتمعات الحرة قد يكون مؤشر على عدم الرضا على الوضع القائم, بينما أنخفاض المشاركة فى العملية السياسية هو دلالة على رضا وقناعة الشعب على ما تقوم الدولة. يقول البروفسور سامويل هنتغتون فى هذا الصدد "... ان العمليات الفاعلة فى الانظمة السياسية الديمقراطية فى العادة تتطلب درجة من اللامبالاة اوعدم الانخراط فى العملية السياسية من قبل بعض الافراد اوالجماعات"
وهناك تفسير اخر قدمه البعض وهو ما يمكن ان يطلق عليخ نشااط نخبوى: بمعنى ان عملية المشاركة السياسية فى نظر هذا الفريق من العلماء هى بطبيعتها عملية تقوم بها النخبة والصفوة من ابناء الشعب. وهذا يعنى ان عدم مشاركة عدد كبير من المواطبيين قد لا يكون بالضرورة مشكلة وانما هو أمر عادى ومتوقع علاوة على ان المشكلة الحقيقة فى نظر هذا الفريق لا تكمن فى عدم المشاركة فى العملية السياسية وانما تكمن فى المشاركين أنفسهم.
وبمعنى آخر ان المشكلة تكمن فى الذين يسيطرون على العملية السياسية وآليات صناعة القرار. وذلك لانهم فى الاصل لايؤمنون بايجاد مشارك حقيقية ومنتجة وانما هذفهم الاساسى والوحيد هو تبرير أعمالهم واظهارها بمضهر جماهيرى شعبى وشرعى. وبانهم هم وحدهم الذين يعرفون ويحرصون على المصالح العليا للشعب وما تحتاجه الدوله.