المتحف الوطني.. مفخرة عمانية (تجربة شخصية)

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٢٨ م

ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com

في عام 2013 عقدت العزم على زيارة مملكة البحرين وكانت زيارة ممتعة اطلعت خلالها على ما تملكه هذه الدولة الشقيقة من تاريخ وتطور.

وكان أكثر ما شد انتباهي هو متحف البحرين الوطني وكان بحق تحفة معمارية فريدة بكل معنى الكلمة حيث أظهر حضارة (دلمون) العريقة الضاربة في عمق التاريخ. تمنيت خلالها أن يكون لدينا متحف مثله في عمان بدلاً من بعض المتاحف المتفرقة هنا وهناك ونشرت حينها مقالا عنونته بـ (خواطر من أرض الواقع) تحدثت فيه عن حاجة السلطنة لمتحف وطني يليق بحضارتها وتاريخها العريق. وكم كانت الفرحة كبيرة بعدها بصدور المرسوم السلطاني رقم 62/‏2013 الخاص بإنشاء متحف عمان الوطني والذي جاء في غمرة احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الثالث والأربعين. ونشرت وقتها مقالا آخر بعنوان (المتحف الوطني حلم تحقق) وعند اكتمال إنشاء متحف عمان الوطني وفي اليوم الثالث من افتتاحه لعموم الجمهور اصطحبت عائلتي ليعرفوا أن لدينا معلما بارزا وتاريخا تليدا نفخر به وكان لزاما علي أن أكتب هذا المقال بعد تلك الزيارة لاسيما أنني كنت متتبعا للحدث في عدة مقالات سابقة.

لن أتطرق في هذا المقال إلى ما يزخر به المتحف من بيئات عمان وثقافاتها المختلفة ومناطقها المتنوعة والتي تظهر ما للسلطنة من تاريخ يدون بأسطر من ذهب ويبرز تاريخ عمان منذ الأزل وحتى عصر شمس النهضة وذلك عبر وسائل التقنية الحديثة وما يحويه من روائع نادرة وتحف فريدة ومعلومات قيمة للغاية. وهناك العديد من المقالات التي صدرت وتغنت بروعة هذا الإنجاز الوطني وإن يكن هناك بعض الملاحظات البسيطة فهي لا تقلل من حجم هذا الإنجاز الضخم ولكني سأذكرها من باب الغيرة الوطنية والواجب المهني وكما لحظتها وهي على سبيل المثال لا الحصر عدم توفر أماكن دخول للمتحف لذوي الاحتياجات الخاصة. نعم، يوجد مصعد كهربائي ولكن ماذا إذا تعطل وهناك من يرغب بزيارة المتحف من ذوي الاحتياجات الخاصة فهل سيعود إدراجه !! كما لا توجد مطويات مختصرة تقدم نبذة عن المتحف وما يحتويه من أقسام قد تفيد السائحين والطلبة ورجال الإعلام.

كذلك لاحظت عدم وجود أماكن مجهزة للصلاة. نعم، توجد أماكن كجدران ولكنها ليست مجهزة بكل ما يمكن أن يكون في المصلى من سجادات صلاة وغيرها. والغريب أنني لم ألاحظ كذلك وجود ركن خاص في المتحف يتحدث عن الأهازيج والفنون الشعبية والموروثات المتنوعة والمنتشرة في كافة ربوع السلطنة، كذلك عدم وجود قاعة لإقامة الفعاليات والمناشط. وهي ملاحظات قد لا تكون مقللة من حجم المتحف الوطني ولكن قد تكون مكملة لمسيرته إلى الأفضل والسعي لإيجاد كل ما يرضي الزائر ويشعره بالرضى والفائدة.
وعلى الجهات المعنية هنا ومنها وزارة التربية تكثيف زيارة الطلبة لهذا المتحف فهي ستقرب أبناء عمان وجيلها الحالي من تراثهم وتعرفهم بتاريخهم أكثر وأكثر بعد أن جذبتهم المدنية الحديثة ووسائل التسلية وأصبح تاريخ بلدهم بالنسبة لهم لا يتعدى فصول الدراسة التي قد تكون هي الأخرى شحيحة في تعريفهم بتاريخ بلدهم إلا من بعض المواد المتفرقة بين سنوات الدراسة الطويلة.
كما أن إنشاء متحف وطني على أعلى طراز من شأنه المساهمة في تحريك عجلة السياحة الثقافية في البلد. وهنا يأتي دور وزارة السياحة في الترويج لهذا المحفل البارز داخلياً وخارجياً.
هو مفخرة وطنية إن جاز لنا التعبير وعلى الجهة المشرفة عليه أن تسعى لمواكبة تطويره بكل ما هو جديد في عالم المتاحف وأن يكون أيقونة نجاح ومصدر إلهام ثقافي من خلال إقامة المناشط والفعاليات المرتبطة بتاريخ عمان التليد. والشكر الخالص لباني عمان جلالة السلطان -حفظه الله- على هذه المكرمة. والشكر كذلك موصول لكل من ساهم في إنشاء هذا المعلم البارز.

“خارج النص”..

بلدنا بحاجة لضمير مخلص من أجل رفعته وتقدمه فقللوا من القيل والقال وحب الأنا... محاسبة المخطئ ومكافأة المجد يجب أن تكون هي المعيار وشعار المرحلة المقبلة، فحب الوطن ليس للمساومة ولا للمباهاة ولا مجال للمتقاعسين.. عمان عظيمة فاجعلوها كما كانت.
abusultan73@gmail.com