كوالالمبور.. تسوق وتأمل

محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أينما يممت وجهك في وجه العاصمة كوالالمبور تجد مجمعاً ضخماً للتسوق كأنما المدينة سوق كبير وأنيق لتسير فيه متسوقاً ومتأملاً.

قال سائق سيارة الأجرة إنها كثيرة فوق ما ينبغي لكنه لم يفطن إلى أن بلاده قبلة للسياحة الخليجية وغيرها.. ممن يجدون فارقا في الأسعار.. والمستثمرون لو لم يجدونها الدجاجة التي تبيض ذهبا لذبحوها على مأدبة عشاء عمل وحولوا أموالهم صوب ما يجعل الدولار خمسة دولارات.
كان حظي أن باب الفندق يبعد 300 متر عن البرجين الشهيرين.. وفيهما وحولهما عشرات المجمعات التجارية التي تعرض كل شيء، من الماركات العالمية إلى المطبخ الذي نشتهي أكلاته، ويا لها من راحة معدية حينما يجد المرء.. برياني!!
مدينة تحفها البنايات العالية لكنها الأنيقة، ثم تتداخل مع أطراف العمران مع الجبال الخضراء فتبدو اللوحة مفعمة بالجمال الداعي للتأمل في بلاد نهضت وصنعت مجدها، بما يريده من قوة اقتصاد.. لكنها القوة الناعمة التي تصنع الحياة والبهجة.
البرجان حياة يومية تجمع إليها عشرات الآلاف، أو أكثر، معلم اسمنتي لكنه مبهج، كانا أطول برجين في العالم منذ اكتمال بنائهما العام 1998 حتى العام 2004، قبل أن تنافسهما مدن أخرى تاركة برجي بتروناس مع الهوائي فوقهما 452 مترا لكن الارتفاع إلى الطابق العلوي 375 مترا فقط وبكل برج 88 طابقًا و78 مصعدًا، واللافت في موضوع المصاعد أنه تم تركيب مصعدين فوق بعض، واحد للأرقام الفردية والآخر للزوجية.
ومن المثير في موضوع البرجين أن بناءهما أسند إلى شركتين مختلفتين لضمان سرعة الإنجاز والتنافس بينهما.. وكان الفارق بين الشركتين تأخر وصول إحدى مانعتي الصواعق، كانت واحدة من كوريا والأخرى من اليابان.
أقاوم زحام (المولات) بمتنفس ثقافي فأقصد متحف الفنون الإسلامية حيث العلاقة بين ماليزيا والإسلام بدأت قبل 700 سنة لكنه تجذر في الثقافة القومية وساد أكثر مما عرفته البلاد من بوذية وهندوسية وغيرهما..
المتحف ليس ضخما لكنه دال على زمن معرفي وتاريخي أكثر من كونه يبدأ بمخطوطة كتاب دلائل الخيرات مع لوحات معروضة من صفحاته وهي في المديح النبوي والسلام عليه.. ثم تتعدد القاعات لتخصص واحدة لمخطوطات مصاحف تعود لمئات السنين في الصفحات دلالات بينة، حيث الزخارف المبهرة أو اللاشيء سوى حروف.
ضمت القاعات الأخرى أزياء قديمة لحكام ومحاربين ونساء وصولا إلى الأسلحة.. المتحف قصة حياة تستحق القراءة لهذه الدولة المنفردة بتاريخ وثقافات وقوميات.. هذا المعنى بدا واضحا في المتحف الوطني القريب منه حيث القسمان اللذان يعرفان بالبلاد.. تاريخها وحاضرها بمجسمات وصور ومقتنيات دالة على مراحل بناء أمة عاشت مخاضات عدة لكنها آمنت بالتعليم والتخطيط معززة نهضتها بمقومات الإنسان والطبيعة.
تتبعت الخطى إلى شارع العرب، كان المطعم الإيراني أمامي، استعدت قول سائق سيارة الأجرة إننا نحتسب الإيرانيين عرباً لكنهم يغضبون.. إنها الحمية القومية يا ابن البلاد نحملها نحن البشر كبصمات أصابعنا!