موروث ثقافي وحضاري عظيم

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٤٧ م
موروث ثقافي وحضاري عظيم

ناصر اليحمدي

يحتوي تراثنا التليد على الكثير من المفردات التي تظهر عظمة وإبداع الإنسان العماني الأول فقد استطاع عبر الحقب المتتابعة أن يقهر الصعاب والإمكانيات المحدودة ويحقق العيش الكريم والتنمية المستمرة وأقام علاقات مع مشارق الأرض ومغاربها حيث كانت السفن العمانية تجوب أعالي البحار لتنشر مبادئ التسامح والمحبة وتروج للبان الظفاري الفريد والتمر اللذيذ.
لاشك أن كل عماني يفخر بما تمتلكه السلطنة من موروث ثقافي وحضاري عظيم لذلك فإننا جميعا نقدر قيمة المعرض الوثائقي الرائع "عمان تاريخ وحضارة" والتي افتتحته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مؤخرا بقاعة عمان بمركز البلدية الترفيهي بمحافظة ظفار وذلك ضمن فعاليات مهرجان صلالة السياحي .. فهذا المعرض بمثابة نافذة مشرقة على تاريخنا وحضارتنا العظيمة.
يضم معرض "عمان تاريخ وحضارة" أكثر من 240 وثيقة ومخطوطا إلى جانب عدد من العملات والطوابع النادرة وجميعها تنتمي لحقب زمنية مختلفة توضح التسلسل الحضاري والتنموي الذي شهدته البلاد بالإضافة إلى مجموعة من الخرائط والوثائق التاريخية والمراسلات بين السلطنة ودول العالم والتي توضح الاتفاقيات والمعاهدات التي أقرتها تلك الدول .. إلى جانب وثائق المواطنين كإقرارات البيع والأفلاج والقصائد الشعرية والميراث والصور وغيرها من المقتنيات التي يفخر بها كل عماني والتي ستظل شاهدة على مخزون الوطن الثقافي والحضاري.

السؤال الذي يفرض نفسه .. ما قيمة مثل هذه المعارض ؟.

إن مثل هذه المعارض والمتاحف من الوسائل الهامة للحفاظ على التراث من الضياع والإهمال فهي ذاكرة الوطن التي لا تمحى وتنتقل من جيل إلى جيل والشاهد على حضارته وأحد أهم سبل إيجاد الوعي لدى الأجيال القادمة بماضيها التليد وأيضا تعريف العالم بما تمتلكه الدولة من إرث تاريخي عظيم فضلا عن أهميتها في مساعدة الباحثين والدارسين والمهتمين بشئون التاريخ بالإضافة إلى أهميتها السياحية وبالتالي الاقتصادية للدولة.
لاشك أن استغلال مهرجان خريف صلالة في إقامة هذا المعرض حسن تقدير من القائمين عليه .. فهذا المهرجان استطاع أن يضع اسمه على الخارطة السياحية العربية ويستقطب الآلاف كل عام للاستمتاع بالطبيعة الخلابة والمناخ المعتدل .. وإقامة هذا المعرض يساهم في تعريف زوار المهرجان بما تمتلكه بلادنا من كنوز حضارية وتاريخية عريقة يستمتعون بها بجانب الكنوز الطبيعية المتمثلة في المفردات البيئية الساحرة إلى جانب الكنوز العصرية بما تحتويه المحافظة من فنادق ومنتجعات شيدت على أعلى درجة من الحداثة لتجتمع الأصالة مع المعاصرة مع الطبيعة الجميلة.
لاشك أننا بحاجة لمثل هذه المعارض ونتمنى أن تجوب كل ولايات السلطنة حتى تبث روح الانتماء في نفوس الأجيال الجديدة الناشئة وتربطها بتاريخها وحضارتها وتحافظ على هويتها المميزة من التشوه والاندثار في ظل الانفتاح التكنولوجي الذي يسعى حثيثا لتذويب هوية الشعوب واندماجها في بوتقة واحدة تحت دعوات "العولمة".
إن من يتجول في أروقة المعرض يشعر بالفخر والزهو بما تركه الأجداد وبالتراث التليد والمخزون الثقافي الذي تمتلكه بلادنا .. فكل التحية والشكر لباني نهضتنا المباركة الذي حرص منذ بواكير العهد الزاهر على الحفاظ على أصالتنا وحضارتنا وإرثنا الإنساني العظيم وعمل على ربط حاضرنا بماضينا ومستقبلنا في تناغم يحفظ للعماني هويته وأصالته ويضمن استدامتها للأجيال القادمة.

* * *

ريو دي جانيرو ومواجهة التحديات

بعد سلسلة الفضائح وشبهات الفساد التي طاردت الفيفا وأطاحت بأباطرتها .. انطلقت في البرازيل دورة الألعاب الأوليمبية الحادية والثلاثين في مدينة ريو دي جانيرو الساحرة التي استطاعت أن تخطف أحقية تنظيم الدورة من شيكاغو الأمريكية وطوكيو اليابانية ومدريد الأسبانية رغم ما يحيط بها من تحديات.
لا يخفى على أحد التحديات التي تحيط بالدورة فمن ناحية تمر البرازيل بمرحلة سياسية مضطربة بعد الإطاحة بالرئيسة ديلما روسيف وتعيين اللبناني الأصل ميشال تامر رئيسا مؤقتا وذلك أثر اتهامات بالتلاعب بحسابات عامة ومن ناحية أخرى ما تمر به أيضا من أزمة اقتصادية طاحنة وارتفاع معدلات الجريمة .. ومن ناحية ثالثة الملف الأمني الذي يشغل بال معظم دول العالم في ظل تنامي الهجمات الإرهابية التي تنتقل من دولة لأخرى خاصة أن أحد إرهابيي فرنسا صرح من قبل إن البرازيل ستكون التالية بعد اعتداءات باريس .. كذلك فضائح الفساد التي مازالت تتردد في الأروقة الرياضية خاصة في اتحاد ألعاب القوى وقضايا المنشطات التي تلاحق اللاعبين .. بالإضافة إلى زيكا ذلك الفيروس الذي يهدد هذا الكم الكبير من الجماهير بالإصابة ويقض مضاجعهم خوفا من تأثيره على الأجيال القادمة وما قد يسببه من تشوهات للأجنة خاصة أن البعوض الحامل للفيروس يتكاثر في الصيف وتزداد كميته في الوقت الحالي وهو ما دفع بعض اللاعبين للاعتذار عن المشاركة في الدورة.
لاشك أن إعلان السلطات البرازيلية عن نشر الآلاف من أفراد الشرطة والعسكر بعث في نفوس الزائرين الطمأنينة إلا أن هذا لا يمنعنا من الدعاء بأن يمر الحدث على خير وبدون إصابات أو هجمات إرهابية تعكر على الرياضيين والجماهير الغفيرة صفوهم وتفسد عليهم متعتهم بالألعاب الرياضية المتنوعة.
الغريب في دورة الأولمبياد هذا العام هو تشكيل فريق من اللاجئين يضم 10 لاعبين من عدة جنسيات منهم سوريون وهو أول فريق أوليمبي للاجئين في تاريخ الألعاب الأوليمبية والجميل أن هذا الفريق نال تشجيع الكثير من الجماهير خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي .. فهذا الفريق يثبت أن اللاجئين من حقهم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي والاندماج في المجتمعات الجديدة وأنهم ينشدون السلام والعيش المشتركوسيتخطون من أجل ذلك كل الصعاب فهم يشكلون بسمة أمل بالنسبة لأكثر من 20 مليون لاجئ حول العالم ونتمنى أن تصل رسالتهم وينالوا تعاطف العالم تجاه قضيتهم.
لاشك أن العرب يحدوهم أمل كبير في أن يحرز لاعبوهم الميداليات وترفرف الأعلام العربية في هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة وسط أعلام الدول الكبيرة التي تستحوذ على مثل هذه الألعاب كروسيا والصين وغيرهما .. وندعو الله أن يتمكن لاعبو السلطنة من العودة وبحوزتهم الميداليات الذهبية وأن يرفعوا اسم بلادهم عاليا فقلوبنا جميعا مع العداء الدولي بركات الحارثي والعداءة مزون العلوية والرامي الدولي حمد الخاطري والرامية وضحى البلوشية ونتمنى لهم كل التوفيق وللبطولة بأكملها النجاح والسلامة.

* * *

حروف جريئة

وفاة العالم الكبير الحائز على جائزة نوبل أحمد زويل ليس فقدا لمصر وحدها بل للعالم العربي بأكمله فقد أثبت أن النبوغ العربي لا يقل عن الغربي الذي يحتكر الجائزة الدولية .. رحم الله زويل وأسكنه فسيح جناته وجزاه خيرا على ما قدمه من خدمات جليلة للبشرية.
في فنلندا أطلقت مبادرة للاستفادة من أدمغة ومهارات اللاجئين الخاصة بدلا من اعتبارهم عبئا على الدولة .. هكذا يعرف الغرب كيف يستفيدون من كل الظروف ويحولونها بما يصب في خانة تنمية البلاد .. ففي الوقت الذي تطالب بعض الدول الأوروبية بوقف الهجرة نجد أخرى تسعى للاستفادة من خبراتهم وإبداعهم ومهاراتهم .. فهل يستوعب العرب ؟.
إسرائيل أصدرت قانونا بتخفيض الحد الأدنى لسجن الأطفال من 14 إلى 12 عاما في حال إدانتهم بارتكاب عمل إرهابي .. أين حقوق الطفل التي يتشدق بها العالم وكيف ترى إسرائيل أن الأطفال دون 14 سنة ليسوا أطفالا ؟ .. أليس من الواضح من هو الإرهابي هنا ؟.

* * *

مسك الختام

قال تعالى : "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام".