ماليزيا.. نمر متوثب

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٣٢ م

محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

حينما يتداعى اسم ماليزيا في ذهني فإن صورة نمر متوثب تخطر في لحظات ومعها صورة بطل قومي يدعى مهاتير محمد، وينطق «محاضير» أحيانا، إذ إنها البلاد التي عدت ضمن النمور الآسيوية التي وثبت بسرعة. وكان رئيس الوزراء مهاتير مصدر إلهام لشعب صنع معجزته التعليمية قبل أن تكون اقتصادية فيما كانت شعوبنا العربية تبحث عن نفسها.. علميا وحضاريا مهما بدت ثرواتها، النفطية أبرزها، القاطرة التي قادت تغييرا عمرانيا على الأرض.

كانت كلمات الفخر بادية على حارس مسجد انغرا وهو يقول إن الآخرين يتحدثون عن برج يفخرون به ونحن لدينا برجان.. قلت له إن قلعتكم الأهم هي ماليزيا التي لم تنخدع بالبرجين ولا عشرات أخرى بل بالمعرفة التي وجهت أنظار العالم إليكم.
كلما فكرت في سياحة أوروبية أضيف بأحد بلدانها رقماً إلى قائمة أسفاري، نهض شيطان الإرهاب، وهو لم ينم أصلا، فأقول في نفسي لماذا أذهب الى بلاد تشك في هويتي وديني طالما أن هناك بلاداً أخرى تستقبلني فأسمع في فجرها نداء «الله أكبر»، وأسير في شوارعها مرفوع الجبين بعيداً عن نظرة ارتياب من شرطي وأدخل متاجرها دون نظرة احتقار من البائع.. كوني عربيا أو شرق أوسطي.. أو ملونا!!
ماليزيا التي أصبحت قبلة السياحة العربية تأخرت في زيارتها كثيرا لأن اختيار المدن يأتي مصادفة قدرية كاختيار لون الملابس أو فص خاتم.. تحط الأمكنة على الذهن فيتدخل قدر ما للذهاب نحو بلد تشفع له سيرته الجمالية والبشرية.. وأشعر أنه كم موجع أن أغادر كل الدنيا ولم أذهب إلى كل مدن الدنيا.
بلاد انحازت للرقي.. وأقرأ المفردة من زاوية النظام والنظافة وتعامل الشعب، وأغلب الشعوب في الشرق الآسيوي تتميز بلطف وجدته في تايلند وسريلانكا وإندونيسيا وصولا إلى كوريا الجنوبية والصين واليابان.
أحسست أن أوروبا جاءت إلي لتكون معي في ماليزيا.. مساحتها تزيد قليلا عن مساحة السلطنة لكن، يسكنها أكثر من ثلاثين مليون شخص.. متعددي الأعراق واللغات.. في السوق الهندي تكتسب الوجوه ملامح التسامح بلون لا يشذ عن فسيفساء النقش الإنساني في البلاد.
كوالالمبور بعيدة والطائرة الواسعة على أحلام مسافرين مزدحمة بالمسافرين حيث تغدو ماليزيا الخيار الأنسب مع حسابات السفر الصيفي والمدن المحترقة بمخاوفها والرعب العابر بالذئاب المتجمعة أو المنفردة.
لم أشعر أني أدخل مطاراً يقصده كل هؤلاء البشر فخلال دقائق كانت موظفة الجوازات تضع ختماً على جوازي حيث لا طوابير ولا انتظار ولا تأشيرة قالت عنها موظفة الطيران في مطار مسقط ستجدها مع الوصول، لا حاجة لنا بها.
السلاسة هي الرهان الأول للسائح لتحقيق متعته حيث لا تجد تعقيداً فكل شيء يسير بهدوء فلا فوضى في الشارع ولا أصوات عالية ولا أدخنة البشر والمكان تحاصرك.. فقط تجنب شارع العرب لتسلم أكثر رغم أن السائح يجد فيه لغته.. وخدماته ممكنة.. إنما بعض الحذر.