معارك في حلب بعد فك الحصار

الحدث الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٢٠ م
معارك في حلب بعد فك الحصار

حلب – بيروت – ش – وكالات

دارت اشتباكات متقطعة صباح امس الاحد عند الاطراف الجنوبية لمدينة حلب بعد ساعات من اعلان مقاتلي المعارضة عن قيامهم بفك الحصار الذي تفرضه القوات السورية منذ ثلاثة اسابيع على الاحياء الشرقية في مدينة حلب شمال البلاد.
وكان تحالف لعدد من الفصائل المقاتلة المعارضة اعلنت بعد ظهر امس الاول السبت فك الحصار عن الاحياء الشرقية لمدينة حلب التي يسكنها نحو 250 الف شخص.
الا ان المرصد السوري لحقوق الانسان ذكر امس الاحد ان المدنيين لم يتمكنوا من الخروج لأن الطريق التي تمر عبر الاطراف الجنوبية للمدينة لا تزال خطيرة وغير امنة.
كما افاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس عن حدوث "اشتباكات متقطعة وغارات جوية، ولكن بدرجة أقل". واضاف "ان ايا من المدنيين لم يتمكن من مغادرة الاحياء الشرقية لان الطريق خطيرة جدا وغير امنة".
وسيطرت فصائل مقاتلة وجهادية السبت على مواقع استراتيجية جنوب مدينة حلب عبارة عن ثكنات عسكرية لقوات النظام، الامر الذي مهد لفك الحصار عن احياء المدينة الشرقية.
وتمكن مقاتلو المعارضة من خارج المدينة خلال تقدمهم في حي الراموسة من لقاء إخوانهم القادمين من داخل المدينة.
ونشرت الفصائل المعارضة لقطات تبين احتضان المقاتلين لبعضهم البعض لدى اللقاء والاحتفال بفك الحصار الذي تفرضه القوات النظامية على المدينة منذ 17 تموز/يوليو.
وذكر مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية ان شاحنة من الخضروات دخلت الأحياء مساء السبت من اجل بيعها في الأسواق في اليوم التالي.
في المقابل، نفت وسائل الاعلام الرسمي الانباء عن فك الحصار مؤكدة ان المعارك مستمرة.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري "ان هذه المجموعات الارهابية لم تتمكن من كسر الطوق المفروض على الارهابيين فى الاحياء الشرقية من مدينة حلب".
واضاف المصدر ان "وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة تواصل عملياتها القتالية على جميع المحاور الى الجنوب وجنوب غرب حلب" لافتا الى ان "المجموعات الارهابية تتكبد خسائر كبيرة بالعتاد والافراد".
وافادت الوكالة عن مقتل 10 مدنيين خلال استهداف مقاتلي المعارضة للاحياء الغربية بالقذائف.
واعلن المرصد، من جهته، عن مقتل 130 مدنيا منذ الهجوم الذي شنته الفصائل المقاتلة على جنوب حلب في 31 تموز/يوليو.
كما قتل اكثر من 700 مقاتل من قوات النظام السوري والفصائل المقاتلة والجهادية على حد سواء في المعارك الدائرة في جنوب حلب منذ الاحد الماضي، غالبيتهم من الفصائل نتيجة "التفوق الجوي" لقوات النظام وكثافة الغارات الجوية.

شريط ضيق
ويسعى مسلحو المعارضة لاختراق شريط ضيق من الأرض يخضع لسيطرة الحكومة من أجل إعادة الربط بين المناطق التي تسيطر على المعارضة في غرب سوريا من ناحية وقطاعهم المحاصر في شرق حلب من جهة أخرى وهو ما يعني عمليا كسر الحصار.
وبدأ الهجوم على مجمع الراموسة العسكري الذي يضم عددا من الكليات العسكرية يوم الجمعة الفائءت .
وقالت جبهة فتح الشام التي كانت في السابق تسمى جبهة النصرة وتتبع تنظيم القاعدة في بيان عبر الانترنت "التقاء المجاهدين من خارج المدينة بإخوانهم المجاهدين داخل المدينة والعمل جاري للسيطرة على ما تبقى من النقاط لكسر الحصار عن حلب."
كما أبلغ قائد جماعة معارضة أكثر اعتدالا رويترز بأن الحصار تم كسره لكنه مازال في أيامه الأولى وأن الأمر لم يكن سهلا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن القتال العنيف والضربات الجوية المكثفة تحول دون إنشاء ممر آمن حتى الآن بين المنطقتين اللتين تسيطر عليهما المعارضة.

* الشهر الأسوأ
وفي تقرير آخر قال المرصد السوري إن هجوما على مستشفى في شمال غرب سوريا أسفر عن مقتل عشرة أشخاص من بينهم أطفال
وقالت جمعية خيرية طبية إن شهر يوليو الماضي هو الأسوأ في الهجمات على المنشآت الطبية في البلد الذي مزقته الحرب مشيرة إلى أنه تم تنفيذ 43 هجوما على منشآت للرعاية الصحية في سوريا.
ويقع المستشفى في بلدة ملس الواقعة على بعد 15 كيلومترا من مدينة إدلب في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. وتنفذ طائرات عسكرية تابعة للقوات الحكومية وأخرى روسية متحالفة معها عمليات في سوريا لكن من غير المعروف أي طائرة نفذت الضربة.
وقال المرصد في تقريره بشأن القتال في حلب إن المقاتلين سيطروا على كلية التسليح وعلى كلية المدفعية الرئيسية والكلية الفنية الجوية ومنطقة كراج الراموسة . ومازالت القوات الحكومية تسيطر على مصنع الأسمنت وبعض المساكن العسكرية.
وقال المرصد إن هذه أكبر خسارة عسكرية ورمزية مُني بها النظام والروس والإيرانيون وحزب الله منذ بداية 2013 .
وأضاف أن غارات جوية عنيفة يُعتقد أن طائرات روسية هي التي قامت بها شُنت على حلب يوم السبت.
وقالت وكالة أنباء الجيش السوري في وقت لاحق يوم السبت إن الجيش السوري استعاد السيطرة على كلية المدفعية وأجبر المعارضة على الانسحاب من كلية التسليح.
وقال شاهد إن الناس في أحد شوارع شرق حلب احتفلوا لوقت قصير بتقارير كسر الحصار لكنهم تفرقوا بعد مشاهدتهم للطائرات الحربية في السماء.
وبث التلفزيون السوري الرسمي تقريرا على الهواء مباشرة من مشارف قاعدة المدفعية في الراموسة جنوب غربي حلب حيث سمع دوي أعيرة نارية وتفجيرات وشوهدت طائرات حربية تحلق في أجواء المنطقة.
وبثت جماعات معارضة مقاطع فيديو تقول إنها تظهر معارك مسلحة مع اقتحام المقاتلين لمباني المجمع.
ويريد الرئيس السوري بشار الأسد استعادة السيطرة الكاملة على حلب التي كانت كبرى مدن سوريا قبل الحرب والتي انقسمت إلى مناطق تخضع لسيطرة المعارضة ومناطق تحت سيطرة الحكومة. وإذا حقق الأسد هذا الانتصار فسيوجه ضربة ساحقة للمعارضة.
* معاناة المدنيين
ويُعتقد بأن نحو ربع مليون مدني مازالوا يعيشون حتى الآن في أحياء شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة أي أنهم عمليا تحت الحصار منذ أن قطع الجيش والقوات الموالية له آخر طريق موصل إلى أحياء المعارضة في أوائل شهر يوليو تموز.
ويعاني السكان بشدة سواء في شرق أو غرب حلب. وتتعرض المناطق الحكومية بانتظام لقصف من المعارضة في حين تتعرض مناطق المعارضة أيضا لقصف وضربات جوية من قوات سورية وروسية متحالفة معها.
وتقول جماعات المساعدات الإنسانية إن الموقف في شرق حلب مقلق للغاية. وقالت الجمعية الطبية السورية الأمريكية إن منشآت طبية لم تعد قادرة على توفير الخدمة تعرضت لضربات 15 مرة في يوليو تموز.
وأضاف الطبيب أبو العز منسق الجمعية في حلب في بيان إنه لم يبق في المدينة سوى 35 طبيبا وإن 100 شخص في حاجة للإجلاء منها لتلقي العلاج.
وجذبت الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011 في سوريا قوى إقليمية وعالمية وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. كما جذبت الحرب مجندين من المتشددين الإسلاميين في أنحاء العالم.
وتشير بعض جماعات المعارضة إلى حرب حلب باسم "معركة إبراهيم اليوسف" في إشارة إلى قائد جيش سني قاد مذبحة قتل فيها عدد كبير من طلبة كلية المدفعية في أواخر سبعينيات القرن الماضي. وكان معظم القتلى ينتمون للطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد ووالده الرئيس السابق الراحل حافظ الأسد.

حلب للفائز
وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين قسميها الشرقي حيث يعيش حوالى 250 الف شخص والغربي الذي يسكن فيه حوالى مليون شخص. وباتت الاحياء الشرقية محاصرة بالكامل منذ 17 يوليو.
واعرب سكان الاحياء الغربية عن الخشية من حصار قد يطبق عليهم. وقال احدهم وهو استاذ لغة عربية رفض كشف اسمه "لدي ثقة كبيرة بالجيش السوري الا ان المسلحين يهاجمون بأعداد كبيرة مع انتحاريين وهذا امر مخيف".
واختصر عبد الرحمن بدوره التطورات في منطقة حلب بالقول "من يفوز بهذه المعركة سيفوز بحلب"، مضيفا "انها معركة تحديد مصير".
وفي تسجيل صوتي الخميس وقبل اطلاق اول هجوم على الكليات الحربية، اكد زعيم جبهة فتح الشام الجهادية ابو محمد الجولاني ان نتائج هذه المعركة "تتعدى.. فتح الطريق عن المحاصرين فحسب، بل انها ستقلب موازين الصراع في الساحة الشامية (...) وترسم ملامح مرحلة جديدة لسير المعركة".
من جهة ثانية اعلن المرصد ان عشرة مدنيين على الاقل قتلوا السبت بينهم ثلاثة اطفال في قصف جوي استهدف منطقة مجاورة لمستشفى في شمال غرب سوريا.
وقال المرصد ان الضربات الجوية استهدفت بلدة ملس في محافظة ادلب قرب الحدود مع تركيا، وهي تقع تحت سيطرة فصائل مقاتلة واسلامية ابرزها جبهة فتح الاسلام (جبهة النصرة سابقا).