القطاع غير النفطي رهان الشرق الأوسط لدفع عجلة النمو الاقتصادي

مؤشر الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٢٧ م
القطاع غير النفطي

رهان الشرق الأوسط لدفع عجلة النمو الاقتصادي

مسقط –
كشف تقرير صادر عن شركة الماسة كابيتال بعنوان «التقرير السنوي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا - 2016» أن منطقة الشرق الأوسط واصلت مسار نموها كما هو متوقع هذا العام في ظل المبادرات الحكومية المختلفة لاتخاذ تدابير بديلة لزيادة إيرادات ومساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي. ومع انخفاض أسعار النفط إلى مستويات قياسية منذ منتصف العام 2014، تراجعت الإيرادات الحكومية وارتفع العجز في ميزانية الدول. ومن المتوقع أن تستمر التقلبات في أسعار النفط خلال العام 2016، وبالتالي فإن زيادة إيرادات القطاع غير النفطي ستُمكن الحكومات من تمويل برامج الإنفاق الطموحة والتي تعتبر المفتاح لاستدامة النمو الاقتصادي الإقليمي. ويشير كل من الانخفاض الحاد في أسعار النفط والعوامل العالمية المختلفة وتصاعد التوترات الجيوسياسية إلى أن منطقة الشرق الأوسط من المتوقع أن تكون قد سجلت معدل نمو منخفض للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 % خلال العام 2015 بالمقارنة مع 2.6 % في العام السابق.

يسلط الضوء على الأداء الاقتصادي

ويحلل التقرير ويسلط الضوء على الأداء الاقتصادي والآفاق للاقتصادات الرئيسية في الشرق الأوسط وهي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر، إلى جانب الاقتصادات الرئيسية المتقدمة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو واليابان، والاقتصادات الناشئة في الصين والهند. كما يسلط الضوء على التحديات الاقتصادية المختلفة التي كانت سائدة في العام 2015 والتي من المتوقع أن تستمر ومن المرجح أن تتكثف بشكل أكبر خلال العام الجاري. وبحسب التقرير فإن الأحداث التي شهدناها في العام 2015، ونجاح أو فشل السياسات النقدية المتباينة من البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والرياح المعاكسة في الأسواق الناشئة الرئيسية وبخاصة الصين، تعتبر جميعها عوامل حاسمة سترسم شكل الاقتصاد العالمي في العام 2016. ومن المتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط نمواً للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 % خلال العام 2016. في المقابل، فإن آفاق النمو الاقتصادي العالمي متواضعة إلى حد ما مع خفض كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، توقعاتها للنمو العالمي إلى 2.4 % و 3.1 % و 2.9 % على التوالي.

اتباع الاتجاه الإقليمي

أدى انخفاض الإيرادات النفطية في العام 2015 إلى إضعاف المركز المالي للحكومة السعودية وأثّر على برنامج الإنفاق الرأسمالي الذي يهدف إلى تعزيز النشاط الاقتصادي. وفي خضم الظروف الاقتصادية الصعبة خلال العام 2016 والتوقعات بانخفاضٍ كبير في الإنفاق على المشاريع وخفض تدريجي للدعم، توقع صندوق النقد الدولي أن يتقلص معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.2 % متراجعاً من 3.4 % في العام 2015. ويشير التقرير إلى أنه إذا كانت المملكة العربية السعودية تسعى للحد من عجزها المالي، فإنها ستحتاج إلى اتباع الاتجاه الإقليمي وإدخال إصلاحات كبيرة لزيادة الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة بطالة الشباب التي تعتبر التحدي الاجتماعي الاقتصادي الأكبر الذي يواجه المملكة.

الأكثر تنوعاً في المنطقة

ورغم أن الإمارات العربية المتحدة تعتبر السوق الأكثر تنوعا في المنطقة، إلا أنه من المتوقع أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعا متواضعا بنسبة 3.1 % خلال العام 2016 في ظل المخاوف من استمرار انخفاض أسعار النفط مما يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. ولكن بدعم من رؤية الدولة المتمثلة في زيادة مساهمة القطاع غير الهيدروكربوني في الناتج المحلي الإجمالي إلى 81 % خلال السنوات الـ 5 المقبلة، تمكنت الإمارات العربية المتحدة من تحقيق تقدم كبير من خلال إصلاحاتها الاقتصادية والتخطيطية - تعزيز القدرة التنافسية للشركات وتشجيع الاستثمارات الأجنبية ودعم مجموعة من المشاريع والمبادرات القائمة على اقتصاد المعرفة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر بمعدل 4.3 % خلال العام 2016 بارتفاع طفيف عن معدل نمو يقدر بنحو 4.2 % في العام 2015، ولكن الحكومة وضعت توقعاتها لمعدل نمو 5 % للسنة المالية 2015-2016. وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من جهود الحكومة لتعزيز الأمن وإدخال إصلاحات إيجابية، إلا أن المناخ الجيوسياسي غير المستقر السائد وبطء تنفيذ المشاريع الجديدة وكذلك بطء الإصلاحات الهيكلية من المرجح أن تحد من النمو في المستقبل.

ومن المرجح أن يكون الناتج المحلي الإجمالي في قطر قد سجل ارتفاعا بنسبة 4.7 % في العام 2015 والذي من المتوقع أن يرتفع إلى 4.9 % في العام 2016. وعلى الرغم من اعتماد قطر على قطاع النفط والغاز، إلا أنه من المتوقع أن يستمر النمو مدفوعاً بالتزام الحكومة القوي لمواصلة الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية الكبرى كجزء من جهودها لتنويع مصادر إيراداتها. ووفقاً للتقديرات الأولية لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يكون الناتج الإجمالي المحلي في الكويت قد ارتفع بنسبة 1.2 % خلال العام 2015، وأن يرتفع إلى 2.5 % في العام 2016 مدفوعاً بنمو القطاع غير الهيدروكربوني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تنفيذ خطة تطوير البنية الأساسية التي تبلغ قيمتها 112.4 بليون دولار أمريكي، من المتوقع أن يعزز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، ويدعم النمو القوي في المستقبل.

في ظل بقاء الضغوط

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن نشهد توسعاً في الاقتصاد العماني بنسبة 2.8 % في العام 2016 مقارنة بنسبة 4.4 % في العام 2015 في ظل بقاء الضغوط على المركز المالي نتيجة ارتفاع سعر تعادل تكلفة إنتاج النفط مما قد يؤدي إلى قيود على الإنفاق وضعف النمو الاقتصادي. ورغم وجود العديد من التحديات، إلا أن الإصلاحات والطرق البديلة لزيادة الإيرادات يمكن أن تعدّل قليلاً من الرياح المعاكسة التي تواجه الاقتصاد هذا العام والأعوام المقبلة.
ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد البحريني بنسبة 2.1 % في العام 2016 ولكن مركزها المالي يتدهور مع استمرار أسعار النفط في الانخفاض. ومع وجود احتياطي متواضع من النقد الأجنبي. وكونها أحد أعلى نسب معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، ستحتاج البحرين إلى مواصلة إدخال الإصلاحات وتنويع اقتصادها لتعزيز إيرادات القطاع غير النفطي لدفع عجلة النمو.

الاقتصادات المتقدمة

اكتسب الاقتصاد الأمريكي المزيد من القوة خلال العام 2015، بنمو سنوي يتوقع أن يكون الأقوى منذ انتعاش ما بعد الأزمة الذي شهدناه في العام 2010 نتيجة التحسن التدريجي الذي شهده سوق العمل. ومع التقديرات بنمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.4 % في العام 2016، من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة القائد الرئيسي للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام جنباً إلى جنب مع الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
وتسير منطقة اليورو على مسار التعافي التدريجي الذي من المرجح أن يتحسّن بشكل أكبر في ظل السياسة النقدية التيسيرية للبنك المركزي، ولكن ضغوط الانكماش السعري لا تزال مستمرة. ومن المتوقع أن يكون اقتصاد منطقة اليورو قد ارتفع بنسبة 1.5 % في العام 2015 نتيجة الطلب المحلي القوي مدفوعاً بالتقدم الذي تم تحقيقه في سوق العمل.
وتأثر الاقتصاد الياباني ببطء تنفيذ الإصلاحات الداعمة للنمو، مسجلاً نمواً متبايناً خلال العام 2015. ويتوقع أن تتسبب كل من السياسة النقدية التيسيرية التي من المرجح أن تدعم الاستثمار والطلب على الاستهلاك، وارتفاع ثقة المستهلك بدعم من التحسن المطرد في سوق العمل، وزيادة النفقات الرأسمالية بفضل ضعف الين، إلى زيادة النشاط الاقتصادي الياباني هذا العام.

الاقتصادات الناشئة الرئيسية

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من مواصلة الأسواق الناشئة لنموها بوتيرة أسرع من الأسواق المتقدمة، إلا أن الأسواق الناشئة شهدت عاماً من التحديات خلال العام الفائت ومن المتوقع أن تستمر بمواجهة رياح معاكسة خلال العام 2016 - وهو ما يعتبر سبباً رئيسياً وراء تعديلات توقعات النمو من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية.

وتمثل الصين ما يقارب ثلث النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تم الشعور بتأثير التباطؤ في اقتصادها خلال العام 2015، الذي سجل معدل نمو أقل من 7 %، في جميع أنحاء العالم لا سيما وأنها تتحول من اقتصاد يقوده الاستثمار إلى اقتصاد مبني على الاستهلاك. وهذا يعني أنه سيكون على العالم احتواء تباطؤ النمو في الصين وبالتالي التكيف مع الحقائق الجديدة للمضي قدماً.

ومن جهة أخرى تمكن الاقتصاد الهندي من النمو بمعدل 7.5 %، والذي يعتبر أعلى من معدل النمو الصيني للمرة الأولى منذ عشر سنوات، ويتوقع أن يستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 7.5 % خلال عامي 2016 و2017.