مقال نهج حياة عصرية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٢٦ م
مقال
نهج حياة عصرية

علي العبيد
خبير تدريب

درج البعض إلى تناول مسألة التخطيط بحسبانها من الأمور المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأعمال تجارية مرموقة أو مشاريع مالية وإاتماعية كبيرة.. وفي ذات السياق يسود اعتقاد بين شرائح المجتمع أن السلوكيات الحضارية سمة غالبة بين شعوب الدول الكبيرة أو المتقدمة اقتصادياً فقط.. ولكن بالمقابل ننوه أن التخطيط السليم يبدأ من ثقافة الفرد باعتباره النواة الأولى في بناء المجتمع متقدما كان أم ناميا علاوة على أن السلوك الحضاري من ثوابت القيم الإسلامية على وجه الاطلاق.
وهناك من يجادل أن التخطيط أمر ليس بالأهمية للافراد لأنه شأن شخصي لا يحتاج إلى النظريات العلمية والإدارية ولا تملك أية جهة حق المتابعة والمحاسبة على المستوى الفردي وبالتالي ينظرون إلى تخطيط الأمور بمثابة جهد لا طائل منه ومضيعة للوقت طالما أن ذلك شأن خاص والمسائل الخاصة لا تندرج ضمن المال العام أو القضايا المرتبطة بالشأن العام.
إن هذه الافتراضية لوأخذت على ظاهرها قد نجد لها مبرراً لأن لكل فرد حرية التصرف والامتلاك في حدود القوانين والضوابط المرعية، مع العلم أن هذه القوانين والضوابط تراعي بطبيعة الحال مصلحة الفرد لأنه جزءا لا يتجزأ من المجتمع الذي يعيش ويتعايش مع شرئحه كلها.. لذلك لا بد من تناول الأمور بصورة دقيقة ونظرة ثاقبة.. فإذا فكرنا بعمق نجد أن الإنسان مرتبط مباشرة بكافة مؤسسات الدولة الخاص والعامة في إطار الخدمات والمنافع التي تقدمها في صورة تسهيلات ائتمانية على سبيل المثال أو خدمات عامة من تعليم وصحة وخدمات كهرباء ومياه واتصالات ومصارف وغيرها.
إن كل هذه الخدمات بلا شك قامت على مبدأ (التخطيط) العلمي ولا مناص لأي شخص في عالمنا المعاصر إلا أن يكيف نفسه مع هذه البيئة الخدمية حتى يحظى بالمردود المناسب في الوقت المناسب والكيفية المناسبة.
لذلك إذا لم يكن الإنسان مرتبا ومنتظماً في حياته سوف يصعب عليه مواكبة ايقاعات الحياة الحديثة.
ويتراءى لنا أن ترتيب جدول عمل يومي من أساسيات التخطيط الفردي لتحديد الأمور الأهم والمهمة والأقل أهمية.. وكيف يتم إنجازها حفاظاً للوقت والجهد المبذول وهذا لا يتأتى إلا بالتحضير الجيد مسبقاً لمقابلة متطلبات الحياة المتسارعة والمرتبطة بالمواعيد والتقنيات الحديثة وغيرها من مستجد.
ويمكن في سبيل ذلك اقتناء جهاز إلكتروني أو هاتف نقال أو مفكرة صغيرة لتنظيم الأمور المراد تنفيذها خلال فترات زمنية محددة تفادياً للنسيان أو عدم الانضباط والحرج وضياع الفرصة المواتية، كما أن الشخص الذي على سبيل المثال لديه مقابلة رسمية أو اختبار يتوجب عليه الحصول على قسط مناسب من الراحة أو النوم المبكر قبل اللقاء أو الموعد المحدد للاختبار أو العمل المطلوب مع تجهيز نفسه وفق اللازم من ملابس لائقة أو التزود بالتجهيزات والمعلومات التي تساعده على النجاح في مثل هذه الحالات وبالطبع كل هذا يتطلب سلوكاً حضارياً في التعامل مع الآخرين بدون رقابة أو خوف من القوانين فقط.. فهناك من يهمل مثلآ قوانين المرور أو الشارع العام طالما أنه بعيداً عن الرصد الإلكتروني مما يعكس وينم عن سلوك غير متحضر وحتى وأنت تؤدي صلواتك في المسجد لا بد من التقيد بالمواعيد والتوقيت المفروض وعدم تخطى رقاب الناس والحرص على إغلاق الهاتف مما يحسب سلوكاً حضارياً عاليا.. كما أن التمتع بفترات الراحة والاستجمام على الشاطئ بمفردك أو مع الأسرة يتطلب عدم إزعاج الآخرين قولاً أو فعلاً.. لأن احترام الذوق العام يفعل فعل السحر في نفوس الآخرين ويغرس في الأبناء والشباب قيم الفضيلة واحترام شركاء الطريق العام.
نخلص من هذا أن التخطيط وسلوك الفرد الواحد يصب ايجاباً في خانة الارتقاء بسلوكيات كافة شرائح المجتمع الأخرى وينمي روح التسامح والتعاون في أداء الأعمال وبالتالي ويرفع معدلات الإنتاج والخدمات ويصبح مكوناً محورياً في ثقافة الأمم، لذا يفضل التدريب على مثل هذا النهج الحضاري دوما مع الحرص على تدريب الأبناء على ذلك حتى يغدو ذلك من السلوكيات الأصيلة في حياتنا اليوميه المعاشة.
(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)