عدالة السوق في النظام الإقتصادي

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٢٧ ص
عدالة السوق في النظام الإقتصادي

د. حامد بن شظا المرجان

نستعرض فى هذا المقال اطروحات حديثة حول اهميه وجود نظام عالمي اقتصادى جديد يحقق الامن والاستقرار للعالم حيث اصبح اقتصاد السوق الحر الحالى لا يواكب متطلبات العصر الحديث . يؤكد الاقتصادى الفرنسي توماس بيكيتى فى دراسته"راس المال فى القرن الواحد والعشرين" ان اقتصاد السوق الحر المبنى على الملكيه الخاصه، اذا ترك لحاله فهو يتضمن تقارب بين الطبقه العليا والبقيه خاصه مع انتشار المعرفه لكن فى نفس الوقت يتضمن قوى تباعد من المحتمل ان تهدد المجتمعات الديمقراطية وقيم العدالة التى تستند اليها بما فيها من قيم الجداره والمهاره والمنافسه العادله وتكافؤ الفرص، اثار كتاب راس المال فى القرن الواحد والعشرين لتوماس بيكيتى جدلا واسعا فى اوساط قادة العالم والسياسيين والاقتصاديين هذا بالاظافه الى الموسسات الدوليه الاكاديميه والمعنيه بالشان الاقتصادي والسياسي.
جاءت اطروحة الاقتصادى الفرنسي توماس بيكيتى فى كتابه رأس المال فى القرن الواحد والعشرين الصادر فى شهر ابريل 2014 لتدحض كافة النظريات الراسمالية التى دللت "على ان تراكم الثروه الذى يؤدى الى زيادة فى متوسط دخل الفرد مع اغفال عنصر عدالة توزيع الثروه كاف لمكافحة الفقر وتحقيق العداله فى توزيع الثروه عبر الزمن" وهذا ما معناه ان توماس بيكيتى يؤكد "بان النمو لم يكن كافيا لمكافحة الفقر بل ان عدم العداله اصبحت عائقا امام تحقيق النمو". توكد ايضا هذه الدراسه "بان نظام السوق الحر غير مفيد للاقتصاد العالمى اذا لم يراعى جانب توزيع الثروه وتحقيق العداله".سبق توماس بيكيتى فرانسيس فوكوياما عندما كتب كتابه تحت عنوان " نهاية التاريخ" قائلا إن نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولى وانتهى إلى دون رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين، لتحل محله الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية. وقد أضاف فوكوياما نظريته المثيرة للجدل في كتاب أصدره عام 1992 بعنوان "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"وقد قصد فوكوياما أن يعارض فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس الشهيرة "المادية التاريخية"، والتي اعتبر فيها أن نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات. كما تأثر فوكوياما في بناء نظريته بأراء الفيلسوف الشهير هيغل واستاذه الفيلسوف ألن بلوم، حيث ربط كلاهما بين نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني واستقرار نظام السوق الحر في الديموقراطيات الغربية لفترة طويلة. وكان فوكوياما خلال تلك الفترة مؤمنا بضرورة التخلص من الأنظمة الاستبدادية بالقوة خاصة في حالة الشرق الأوسط.
طرأت تحولات على مواقف وقناعات فوكوياما في نهاية عام 2003، حين تراجع عن دعمه لغزو العراق. وأعلن عن احتمال تصويته ضد الرئيس بوش في انتخابات الرئاسة عام 2004، معتبرا أن الرئيس الأميركي قد ارتكب أخطاء رئيسية ثلاثة، هي: أولا، المبالغة في تصوير خطر التشدد الإسلامي على الولايات المتحدة. ثانيا، إساءة تقدير إدارة بوش لردود الفعل السلبية وازدياد مشاعر العداء للولايات المتحدة في العالم. ثالثا، التفاؤل الزائد في إمكانية إحضار السلم إلى الشرق الاوسط من خلال الترويج لقيم الثقافة الغربية في العالم.
وقد عبر فوكوياما في مقالاته ومؤلفاته في السنوات الأخيرة عن قناعته بأن على الولايات المتحدة أن تستخدم القوة في ترويجها للديمقراطية، ولكن بالتوازي مع ما اطلق عليه نموذج نيلسون الواقعي. حيث اعتبر أن استخدام القوة يجب أن يكون آخر الخيارات التي يتم اللجوء إليها، وكأنه ألمح إلى أن هذه الاستراتيجية تحتاج إلى المزيد من الصبر والوقت. واعتبر أن التركيز على إصلاح التعليم ودعم مشاريع التنمية يمنحان سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لنشر الديمقراطية أبعادا شرعية.وقد تخلى فرانسيس فوكوياما صراحة عن ولائه وانتمائه لأفكار المحافظين الجدد في مقال نشرته المجلة التابعة لصحيفة نيويورك تايمز مقارنا حركة المحافظين الجدد باللينينية. ونفى فوكوياما أن تكون الحرب العسكرية هي الإجابة الصحيحة على الحرب على الإرهاب. وأضاف أن معركة كسب عقول وقلوب الناس حول العالم هي المعركة الحقيقة. اما صامويل هنتنجتون أستاذ علوم سياسية بجامعه هارفارد اشتهر بتحليله للعلاقة بين العسكر والحكومة المدنية، وبحوثه في انقلابات الدول، وقال بأن اللاعبين السياسيين المركزيين في القرن الحادي والعشرين"سيكونوا الحضارات وليس الدول القومية". برز اسم هنتنجتون أول مرة في الستينات من القرن الفائت بنشره بحث بعنوان "النظام السياسي في مجتمعات متغيرة"، وهو العمل الذي تحدى النظرة التقليدية لمنظري التحديث والتي كانت تقول بأن التقدم الاقتصادي والاجتماعي سيؤديان إلى قيام ديمقراطيات مستقرة في المستعمرات حديثة الاستقلال .وفي عام 1993، أشعل هنتنجتون نقاشاً قويا حول العالم في العلاقات الدولية بنشره مقالاً شديد الأهمية والتأثير بعنوان "صراع الحضارات؟"، هذا التصنيف الثقافي سيصف العالم بطريقة أفضل من النظرة التقليدية للدول المختلفة ذات السيادة.خلص إلى القول بأنه لكي نفهم النزاع في عصرنا وفي المستقبل"يجب فهم الخلافات الثقافية بدلاً من فهم الدولة". لذلك فقد حذر أن الأمم الغربية قد تفقد زعامتها إذا فشلت في فهم الطبيعة غير القابلة للتوفيق للاحتقانات المتنامية حالياً.إلا أن هنتنغتون أكد كذلك أن هذا التغيير في البنية السياسة الجغرافية يتطلب من الغرب أن "يقوي نفسه داخلياً ويتخلى عن عالمية الديمقراطية والتدخل المُلِح".وبالرغم من تنوع وتعدد هذه الاطروحات ولكنها توكد على ان الراسماليه تحتوى على تناقضات جوهرية كفيله يتدميرنفسها ذاتيا وبالتالى البحث عن نظام اقتصادى اخر يجب بان يصبح من اوليات المجتمع الدولى واكد بان تحقيق قيم الديمقراطية الليبرالية هو الطريق لكسب قلوب وعقول شعوب العالم عن طريق تحقيق العداله واحترام ثقافتهم وان الحروب تولد الكراهية وليست هي الطريق لحل مشاكل العالم، وانه يجب علينا فهم ثقافات شعوب العالم بدلا من الحكومات اذا اردنا تحقيق الاستقرار العالمى.

باحث ومستشار تنموى