فيضانات السودان تضاعف محنة الفقراء

الحدث الأحد ٠٧/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:١٦ ص

الخرطوم - ش - وكالات
قالت السلطات السودانية إن مناسيب نهر النيل تجاوزت مستويات العامين 1946 و1988 اللذين شهدا أعتى فيضانات في تاريخ البلاد، ما ينذر بأخطار جسيمة على المدن التي تقع على الشواطئ، مؤكدة أن منسوب النيل لهذا العام تجاوز العام السابق بنسبة 88 في المئة، فيما توقعت هيئة الأرصاد الجوي السودانية هطول أمطار غزيرة في عدد من الولايات، في ذات الوقت الذي حاصرت فيه مياه النيل الأبيض عدداً من القرى بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم، بعد انهيار الجسر الترابي الذي يحمي المنطقة.
ووجه مجلس الوزراء السوداني بالمحافظة على مجاري السيول وترحيل ساكنيها، وحض على اتخاذ الإجراءات الضرورية لدرء الآثار السالبة جراء الأمطار والسيول التي تشهدها البلاد حالياً، والعمل على الاستفادة من هذه الأمطار في زيادة الإنتاج الزراعي، وأدت السيول والأمطار التي ضربت عدداً من الولايات في السودان إلى مصرع 76 شخصاً، وانهيار مئات المنازل.
وأكد وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسى، أن مناسيب النيل زادت عن العام الماضي، لافتاً إلى أن الموقف يشير إلى ارتفاع مياه النيل بالخرطوم إلى 15.56 متراً. ووفق الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء عمر محمد صالح، فإن وزير البيئة والتنمية العمرانية حسن عبد القادر هلال أشار إلى توقعات بهطول أمطار غزيرة هذا العام، ما سيؤدي لحدوث سيول جارفة في بعض الولايات، فيما أوضح وزير الداخلية عصمت عبد الرحمن، أن التقارير الإقليمية أشارت إلى تصاعد الأمطار خلال الخريف الحالي، مبيناً أن هناك 13 ولاية تأثرت حتى الآن جراء السيول والأمطار.
من جهته، كشف مدير إدارة الدفاع المدني بالولاية الشمالية العقيد إبراهيم طه الشوش، تجاوز مناسيب النيل لهذا العام لارتفاع عامي 1946و1988، مشيراً إلى أن محطة دنقلا سجلت أول من أمس ارتفاعاً بلغ نسبة 14.38، ومحطة مروي 14.9، وهي أعلى من المعدلات السابقة.
وبعد أيام من اجتياح السيول والفيضانات مدينة همشكوريب في شرق السودان وتسببها في قتل أكثر من عشرة أشخاص- أغلبهم أطفال- وتدميرها مئات المنازل، وجد الحاج علي محمد محمود نفسه في لحظة هي الأولى في تاريخ حياته بلا مأوى، مثله مثل آلاف الأشخاص ممن شرّدتهم تلك الفيضانات المدمّرة.
وبحسب تقرير للجزيرة نت، فإن الحاج علي محمد واحد من شيوخ إحدى قرى همشكوريب -المدينة القرآنية- الواقعة على الحدود مع إريتريا، التي لم يبق من منازلها غير أطلال وبعض أسرّة كانت عصية على الانجراف والاختفاء مع ممتلكات أثرية وتاريخية كان يدّخرها لوقتها، كما يقول.
ويجول الرجل السبعيني ببصره في أطلال منزله الذي أصبح عبارة عن كومة من القش قبل أن يجلس على ذات السرير الذي بقي، مطلقاً ابتسامة تعني بالنسبة له الرضى والقبول بالقدر خيره وشره. ومثل آخرين كثيرين، يتمنى الحاج علي ألا تسفر هذه الفيضانات عن مشكلات صحيّة لا قبل للمساكين بها -على حد تعبيره- قبل أن يُطالب القائمين على الأمر بتوفير المعاينات الصحيّة اللازمة "قبل فوات الأوان".
ويمسك الحاج بطرف آخر من الحديث ليقول: "هذه أول مرة نرى فيها هذه السيول والمياه المتدفقة من الجبال الإريترية". ويشير بعصاه إلى مجرى مائي دفنه الزحف الصحراوي الذي تعاني منه المنطقة منذ عشرات السنين، قائلاً: "هذا المكان لم أر فيه أي مياه من قبل". والحاج علي مهموم أكثر من غيره بمن فقدوا، فهو يسأل أحدهم عن طفل ما يزال مفقوداً منذ أربعة أيام حينما داهمته السيول والأمطار والفيضانات وهو يرعى أغناماً عثر على قليل منها في أحد المرتفعات الجبلية القريبة من المنطقة. ووفق تقرير لوزارة الداخلية السودانية فإن الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات التي اجتاحت البلاد مؤخراً أدت إلى مقتل 76 شخصاً وانهيار مئات المنازل وتشريد آلاف الأسر، خاصة في ولاية كسلا شرقي البلاد.
ولا يزال تهديد الفيضانات للمواطنين قائماً وفق وزارة الري والموارد المائية، إذ أشار وزيرها إلى ارتفاع منسوب النيل بأكثر من 88% عن هذا الوقت من العام الماضي، مستبعداً خطورة الوضع "ما لم تحدث سيول بسبب هطول الأمطار".