هل من الممكن أن تساعد المشاريع الاجتماعيّة على تحقيق التوازن في تكوين الثروات الإقليميّة؟

الحدث السبت ٠٦/أغسطس/٢٠١٦ ٠٢:٥٩ ص
هل من الممكن أن تساعد المشاريع الاجتماعيّة على تحقيق التوازن في تكوين الثروات الإقليميّة؟

مع تزايد أعداد السكان إقليميًا، أصبحت منطقة الشرق الأوسط تعاني من انتشار البطالة، التي غدت تطال واحدًا من بين كلّ أربعة من الشباب دون سن الخمسة وعشرين عامًا والذين أصبحوا يشكلون ستين في المئة من سكان المنطقة. وعلى الرغم من زيادة أعداد الشباب المنتمين للطبقة الاجتماعيّة المتوسطة الحاصلين على قدر وافر من التعليم، لا تزال فرص العمل المتاحة للسكان المحليين نادرةً.
ويحذر تقرير جديد صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي من أن الفشل في استحداث 100 مليون فرصة عمل جديدة بحلول العام 2020 قد يحول شباب المنطقة من "مصدر للربح" إلى "مسؤوليّة" عليها.
وفي حديث خاص وحصري لـ"حوار الشرق الأوسط"، أشار البروفيسور محمد يونس، مؤسس بنك جرامين، إلى أن شباب منطقة الشرق الأوسط قد يستفيدون من مبادرات استحداث مخططات تمويل مشاريع الريادة الاجتماعيّة إلى أقصى حد.
وفي هذا السياق، أفاد قائلاً: "لقد حان الوقت كي يصرف الشباب نظرهم عن الحصول على وظيفة، فهي ليست سوى فكرة قديمة وخاطئة تدفع الجميع نحو الجنون، فكرة كان لا بدّ لنا أن نتخلى عنها منذ القرن الماضي".
وأضاف قائلًا: "لم يولد الإنسان كي يعمل لحساب أيّ شخص آخر، بل لحلّ المشاكل وإنشاء الشركات المهمة. فعدما كنّا نسكن الكهوف، لم نكن نهتم بإيجاد فرص العمل أو إرسال طلبات توظيف، بل كان تركيزنا الأوّل والأخير يتمحور حول كيفية الاهتمام بأنفسنا فحسب".
وجديرًا بالذكر أن البروفيسور محمد يونس حصل على جائزة نوبل للسلام في العام 2006 لعمله الرائد في مجال الإقراض متناهي الصغر. ومن خلال إنشاء أكبر مصرف لإقراض المشاريع الاجتماعيّة في وطنه الأمّ بنغلاديش، تمكّن من إقراض الأموال للفقراء لمساعدتهم في البدء بأعمالهم التجاريّة وإنشاء شركات مربحة لهم من شأنها تحويل حياتهم وتحسينها للخروج من دائرة الفقر. ويستفيد أكثر من 80 مليون شخص، أيّ حوالي نصف سكان بنغلاديش، من الخدمات التّي يقدمها بنك جرامين.
أمّا الآن، يركز البروفيسور يونس على قضية أوسع نطاقًا تتعلق بالشباب وقضية البطالة العالميّة، لا سيما في وطنه الأمّ بنغلاديش ومنطقة الشرق الأوسط، حيث أشار قائلًا: "تضمّ كلتا المنطقتين عددًا كبيرًا من الشباب العاطلين عن العمل".

الحلول الاجتماعيّة
يرى البروفيسور محمد يونس أن أصحاب الأعمال الخيريّة الإقليميين والشركات الاجتماعيّة أصبحوا اليوم في أفضل وضع يمكنهم من حلّ مشكلة البطالة المتزايدة في الشرق الأوسط.
وأضاف قائلًا: "تختلف شركات الأعمال الاجتماعية اختلافًا تامًا عن غيرها، فهي لا تسعى إلى تحقيق الأرباح أو كسب الأموال، بل تتمثّل مهمتها في حلّ مشكلة أو قضيّة اجتماعيّة دون تحقيق مكاسب مالية شخصيّة. ولا بدّ لهذه النوعية من الأعمال أن تغطي جميع التكاليف من خلال ما تنفذه من عمليات لضمان الاكتفاء الذاتي".
وأشار إلى أن الزكاة تحث كلّ فرد مسلم على تخصيص جزء من دخله السنويّ للجمعيات الخيريّة لاستخدامه كمصدر تمويل للبنوك الاجتماعيّة، وقال: "هل تخشى البطالة؟ دعني أقدم لك الحلّ: لو قام كلّ مسلم بتخصيص جزء من دخله (في إطار الزكاة) في هذه البقعة من العالم، سنتمكن من حل جميع مشكلات البطالة والتعليم والتدريب، فمليارات الدولارات متاحةً للتبرّع بها واستخدامها في البنوك الاجتماعيّة بدلًا من إعطائها للفقراء مباشرة".
وأضاف أن أصحاب المشاريع الممولة حديثًا يساهمون في تعزيز جانب الطلب، ما يؤدي إلى استحداث فرص عمل جديدة.
ويقول يونس: "إن إنشاء شركة أعمال تجاريّة مكتفية ذاتيًا يشبه عمليّة بدء تشغيل محرك لا يتوقف عن العمل أبدًا، فهي لا تحتاج إلى أيّ وقود من الخارج لأنها تقوم بالاستفادة من الاستثمار الأصلي، أيّ أنها تعيد استخدام الأموال مرارًا وتكرارًا لتطوير أعمال اجتماعيّة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن الشخص الذي يدير شركة أعمال اجتماعية هو بالتأكيد رائد أعمال اجتماعي مميّز يحاول أن يحدث فارقًا ما وتغييرًا ذا شأن لا يتمثّل في كسب الأموال بل في حلّ المشاكل التي نعاني منها".
ويدعو يونس كذلك إلى تطوير أنظمة تعليميّة إقليميّة من شأنها تعزيز ريادة الأعمال ومبادراتها.
وفي هذا الإطار، يقول: "هل بإمكانك أن تتخيّل شاب ماهر لا يقوم بأيّ عمل لأنه من الصعب عليه الحصول على وظيفة ما؟ لماذا لا يفعل شيئًا؟ هذه ليست مشكلة تعاني منها بنغلاديش وحدها، بل العالم بأسره. فما الذي فعلناه بالشباب ليصلوا إلى هذه المرحلة؟"
ثمّ أضاف قائلًا: "ليس الذنب ذنبهم! فالخطأ يكمن في النظام التعليمي الموجّه لتخريج عمّال فحسب. لنفترض أننا نقوم باستحداث نظام تعليمي لتخريج رجال أعمال، ألن يكون ذلك أكثر أهميّةً؟ وبالتالي، ينبغي على النظام التعليمي أن يساعد الشباب على استخدام قوتهم الإبداعيّة لإنجاز ما يرغبون به بدلًا من تدريبهم على خدمة أرباب أعمالهم لبقية حياتهم".
وأشار صاحب المصرف الاجتماعيّ إلى أن الحكومة وحدها لا يمكنها أن تدعم صناديق المشاريع الوطنيّة، ومن ثم لا بدّ من تعاون "شركاء مستقلين من محبي العمل الخيريّ" لدعم البنوك الاجتماعيّة وسوف يستعيدون أموالهم بمجرد أن تحقق الشركات الناشئة عائدات ومكاسب، الأمر الذي من شأنه إرساء أسس عمليّة إخراج الشباب العاطلين عن العمل من دائرة الفقر والبطالة".
وفي هذا الشأن، يقول يونس: "إن كنت أحد رواد الأعمال، هناك فرصة لكسب الأموال. فالإنسان ليس آلة، على عكس ما يظن النظام الاقتصادي الحالي!".
ثمّ أضاف: "تشبه الثروة المغناطيس، فكلّما كان المغناطيس أكبر، حصلت على المزيد. فإن كنت فقيرًا، لن تنجح في جمع شيء، ولذا علينا أن نقدم اختراعًا يتيح الحصول على الثروات للفئات الأقل".