باريس- هدى الزين
يعتبر كتاب عمارة المساجد للمؤلف باسيليو بابون مالدونادو المدخل المهم لعمارة المساجد في الأندلس، وفيه يسلط الضوء على المرحلة الانتقالية وعلى بداية الحلقة العربية الإسلامية في تاريخ العمارة في الأندلس.
وقد تمت ترجمة ونشر مجلد "عمارة المساجد" بالتعاون مع المجلس الأعلى للأبحاث العلمية في العاصمة الإسبانية مدريد، وقام بنقله للعربية المترجم علي إبراهيم منوفي.
ويتألف المجلد من أربعة أجزاء، الجزء الأول يتناول "عمارة المساجد في الأندلس .. مدخل عام" المرحلة الانتقالية الأولى، من الكنيسة إلى المسجد، ويحدثنا عن مكونات المسجد من الصحن والحرم وحائط القبلة والمحراب والمنبر وأرضيات المساجد والأماكن المخصصة للنساء وإضاءة المساجد، سواء الإضاءة الطبيعية أو باستخدام الثريا.
وتناول المؤلف كل ذلك في الإطار العام بالعمارة الدينية في المغرب الإسلامي التي تشمل الأندلس والشمال الأفريقي (وبالتحديد تونس والجزائر والمغرب). كذلك لم ينس في هذا المقام التذكير بالموروث المعماري السابق على العصر الإسلامي.
أما الجزء الثاني "عمارة المساجد في الأندلس .. قرطبة ومساجدها" فقد تناول فيه مساجد الأندلس كافة من الناحية الآثارية وتوزيعها الجغرافي، حيث تحدث عن المسجد الجامع في عاصمة الإمارة والخلافة، والتوسعات التي تمت على مدى العصور المختلفة، وعن مسجد مدينة الزهراء، إضافة إلى مساجد أخرى، كمساجد الأحياء.
الجزء الثالث "عمارة المساجد في الأندلس .. طليطلة وإشبيلية" ويستعرض عمارة المساجد في طليطلة، عاصمة القوط قبل الفتح الإسلامي، وحلقة توصيل الثقافة العربية الإسلامية إلى أنحاء أوروبا كافة، كما يتناول ما تبقى من مساجد في إشبيلية، العاصمة التي تلت قرطبة، حيث نجد أمامنا تلك المئذنة الشامخة -هي اليوم الخيرالدا- التي خلفت أصداء واسعة في المغرب الإسلامي، وهناك أيضاً مسجد آخر هو مسجد " السكان الأربعة “ Cuatrohabitas.
في الجزء الرابع "عمارة المساجد في الأندلس.. غرناطة وباقي شبه الجزيرة الإيبيرية" يختتم المؤلف هذا الاستعراض الشامل بجولة تشمل شرق الأندلس وجنوبه وغربه، بما في ذلك البرتغال وجزر البليار، وكانت له وقفاته عند مدن أندلسية مهمة ومراحل تاريخية حاسمة في تاريخ الأندلس، مثل غرناطة بمساجدها العامة والخاصة، وألمرية، وجيان، وويلبه، قادش، ومرسية.
يذكر ان باسيليو بابون مالدونادو، أستاذ جامعي وباحث في علم الآثار الإسلامية في كل من شبه جزيرة إيبيريا والشمال الأفريقي، ويعتبر مالدونادو من أبرز الباحثين في علم الآثار الإسلامية بالأندلس، ويأتي دوره ليكون ممثلاً للجيل الذي أتى بعد كل من جارثيا مورينو وتورس بالباس، ليصبح حلقة الوصل الجوهرية التي تربط بين جيل أوائل الباحثين الأسبان في هذا المجال وبين الأجيال التي ظهرت حديثاً.