إسرائيل تعترف بخطف وبيع أطفال يهود اليمن

الحدث الأربعاء ٠٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م

القدس المحتلة – ش
ليسَ جديداً على الاحتلال الإسرائيلي قيامهِ بعمليات قذرة، لا تراعي الحد الأدنى من الأخلاق؛ ربما يكون آخرها، خطف آلاف الأطفال اليهود من اليمن، وبيعهم إلى يهود الأشكناز (الأوروبيين).
وتعكس هذه الفضيحة التي أقرت بها الحكومة الإسرائيلية رسميا، الوجه العنصري لهذا الكيان، وتمييزهِ حتى بين مكوناتهِ اليهودية، وهو التمييز الذي يتسبب على الدوام، بخلل داخل "المجتمع الإسرائيلي" الذي تشكل من خليط غير متجانس من القوميات والعرقيات، وحتى في الهوية الدينية، فثمة تباينٌ وصراع بين يهود "أشكناز" (غرب)، و"سفرديم" (عرب)، و"فلاشا" (أفارقة)، والخزر (الروس).
اختفى أطفال المهاجرين اليهود القادمين من اليمن بكل بساطة، وكان هذا خلال نهاية أربعينيات ومطلع خمسينيات القرن الماضي في أوج موسم الهجرة الصهيونية إلى فلسطين. أما الآن فتخفي إسرائيل خلف ابتسامة رئيس وزرائها وهو يستقبل يهودا يمنيين مأساة بسطاء حرمتهم مؤسسة إسرائيلية رسمية من أطفالهم.
ولم يرض اليمنيون بنتائج لجنة تحقيق، شكلت منذ 15 عاما وأنكرت ادعاءاتهم، ووضعوا الملح على جرح كاد أن يندمل، حتى فتحه الوزير تساحي هنغبي الذي كلف بفتح الملف.
ويزيد عمر هذه القضية أكثر من 60 عاما، حافظت خلال سلطات الاحتلال على الإنكار، ورفض الاعتراف بخطف أطفال يهود اليمن، إلا أن "حبال الكذب قصيرة" كما يقال، فكان أن اعترف الاحتلال أخيراً بهذه الفضية على لسان مسؤول بارز في حكومة نتنياهو.
وبحسب هذا المسؤول، فقد خطفت السلطات الإسرائيبلية ألوف الأولاد من أمهاتهم وآبائهم المهاجرين اليهود من اليمن، في خمسينات القرن الفائت، وتم تسليمهم أو بيعهم لعائلات من اليهود الأشكناز، وأن هؤلاء الأولاد، لا يعرفون إلى اليوم، من هم ذووهم الحقيقيون.
وقال الوزير تساحي هنغبي، المكلف بفحص هذا الملف في حكومة بنيامين نتنياهو، خلال تصريح تلفزيوني، إنه «حدثت بالفعل عملية سرقة لآلاف الأطفال عمدًا». وفي إطار لقاء أجراه معه برنامج «واجه الصحافة» في القناة الثانية، تطرق هنغبي للقضية التي تعصف بالجمهور منذ 65 سنة، والتي عادت إلى العناوين في الأشهر الأخيرة.
وقال إن “الدولة بمختلف مؤسساتها ودوائرها، وكذلك الجمهور الواسع في إسرائيل، بدأ يفهم أن هذا الخطف لم يكن هوسًا، وإنما شيء حقيقي ينبع من الخوف الحقيقي. لقد أخذوا أولادهم، الذين حملت بهم أمهاتهم طوال 9 أشهر، سرقوهم وسلموهم لآخرين. لا أعرف لمن. آمل أن نتمكن أخيرًا، من خلال دراسة المواد، من فهم المسألة حتى العمق وحل هذه المأساة»
وتقوض تصريحات هنغبي هذه، الاستنتاجات التي توصلت إليها لجنة التحقيق الرسمية، برئاسة القاضي يعقوب كدمي، التي فحصت الموضوع في سنوات التسعينات. فقد كانت اللجنة قد قررت، في تقريرها الذي صدر في 2011، أنها لم تتوصل إلى وجود أساس يدل على وقوع عملية اختطاف منظم ورسمي لأطفال اليمن، وأن غالبيتهم توفوا جراء المرض وتم دفنهم. مع ذلك، فإن اللجنة تركت علامات استفهام كبيرة، ومن بينها، حقيقة عدم معرفة مصير عشرات الأطفال.
تذكر شوشانا دوغما بوضوح ذلك الصباح قبل 66 عاما، عندما ذهبت لإطعام رضيعتها مزال أثناء إقامتها بمخيم للمهاجرين اليهود في الأراضي المحتلة، وتقول دوغما (83 عاما) إنها ذهبت لتفقد طفلتها التي كانت تبلغ آنذاك من العمر 11 شهرا "كانت الساعة السادسة صباحا، كنت أول شخص يدخل الى الحضانة. وكان المهد فارغا ".
.عند وصولها إلى الكيان المحتل كمهاجرة يهودية من اليمن، كانت دوغما تبلغ من العمر 17 عاما وتعيش في مخيم في شمال فلسطين المحتلة مع زوجها وأطفالها الأكبر سنا. وكان يتم الاحتفاظ بالرضع في حضانات لكي يحصلوا على ظروف حياتية أفضل. وقالت دوغما بمزيج من العبرية والعربية إن طفلتها « لم تكن مريضة أبدا، ولم تكن ضعيفة، وكانت تأكل جيدا». ولا تعلم شوشانا حتى الآن مصير طفلتها.
ويقدر ناشطون وعائلات فقدت أطفالها أن آلافا من الأطفال الرضع أُخذوا في السنوات التي تلت قيام دولة إسرائيل عام 1948، من عائلات من يهود اليمن خاصة، بالإضافة إلى عائلات اليهود القادمين من دول عربية أخرى ودول البلقان.
ويقول هؤلاء إن الأطفال سرقوا ومنحوا لعائلات يهودية من أصول غربية (إشكناز) في إسرائيل والخارج، خصوصا إلى أزواج لم يكن بإمكانهم الإنجاب. وبحسب الروايات، فإن العاملين في المستشفى كانوا يبلغون أحيانا العائلة أن الرضيع قد مات، ولكنهم لم يقوموا بتسليم أي جثمان لدفنه.