القوات الليبية تقدم بدعم أمريكي

الحدث الأربعاء ٠٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:١٧ م
القوات الليبية تقدم بدعم أمريكي

طرابلس – ش – وكالات

تسعى قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا الى تعزيز تقدمها في مدينة سرت في مواجهة قناصة تنظيم داعش والالغام التي زرعها بعد الزخم الذي حصلت عليه جراء الضربات الأمريكية المتواصلة، بحسب ما افاد متحدث يوم أمس الأربعاء. وقال رضا عيسى العضو في المركز الاعلامي للعملية العسكرية الهادفة الى استعادة سرت من ايدي التنظيم إن "قواتنا تواصل التقدم وهي تسعى اليوم الى تعزيز هذا التقدم في ظل ضربات أمريكية متواصلة اعطت زخما للعملية العسكرية".
وأضاف "قواتنا تواجه قناصة والغام تنظيم داعش في اجزء متفرقة من سرت، وهناك اهداف يصعب التعامل معها بفعل تواجدها بين المنازل، ولذا فان الضربات الأمريكية التي تتمتع بالدقة ستساعد في القضاء على هذه الاهداف المهمة".

تفخيخ المدينة
وبدأت الولايات المتحدة الاثنين تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع واليات لتنظيم داعش في سرت (450 كلم شرق طرابلس) بطلب من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي.
ونفذت الطائرات الأمريكية في اليومين الفائتين 7 غارات على الاقل. ولم يعلن عيسى عن وقوع غارات جديدة أمس. وكانت القوات الحكومية الليبية التي تضم خليطا من الجماعات المسلحة ووحدات صغيرة من الجيش المفكك اطلقت قبل اكثر من شهرين عملية "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف منذ يونيو 2015.
وحققت القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية تقدما سريعا، لكن العملية عادت وتباطأت بفعل المقاومة التي يبديها عناصر التنظيم الذين يعتمدون على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون.
وقتل في العملية العسكرية منذ بدئها في 12 مايو اكثر من 300 عنصر من القوات الحكومية واصيب اكثر من 1500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) حيث مركز قيادة عملية "البنيان المرصوص".
وقال عيسى إن "كل يوم يتأخر الحسم فيه تصبح المدينة أكثر تفخيخا"، مضيفا "لكن لا شك أن وجود سلاح فعال ودقيق (الضربات الأمريكية) سيسرع من انتهاء المعركة".
وتابع "الضربات الأمريكية تساعد القوات لكنها لن تحسم المعركة على كل حال. الجنود على الارض هم الذين سيحسمونها، كما حدث في العام 2011"، في اشارة الى قصف طائرات حلف شمال الاطلسي لقوات النظام السابق خلال الانتفاضة الشعبية المسلحة.

سرت من القذافي إلى داعش
وظلت مدينة سرت التي تخوض قوات حكومة الوفاق الليبية معارك لإخراج تنظيم داعش منها بدعم جوي أمريكي لعقود معقل نظام معمر القذافي والموالين له حتى سقوطها قبل سنة في ايدي المتطرفين.
تقع سرت على بعد 300 كلم من الساحل الاوروبي وفي منتصف الطريق الساحلي بين طرابلس وبنغازي وعلى بعد 180 كلم من مصراتة في الغرب من حيث انطلقت في مايو قوات حكومة الوفاق التي تضم عدة فصائل. وكان قربها من منطقة "الهلال النفطي" الى الشرق وراء تغذية اطماع تنظيم داعش الذي يهدف الى السيطرة على منافذ التصدير والموانىء النفطية.

طبيعة صحراوية
ينتمي سكان سرت ذات الطبيعة الصحراوية بمعظمهم إلى القبائل الاربع الاكثر شهرة في المنطقة وهم القذاذفة وورفلة وهم كثيرو العدد في غرب ليبيا ويهيمنون على بني وليد، والفرجان والمقريحة الأقرب والأكثر ولاء للنظام السابق. واشتهرت المنطقة منذ قرون بتربية الماشية والإبل.
كان يعيش في المدينة 120 الف شخص قبل سيطرة تنظيم داعش عليها في 9 يونيو 2015 لكن 75% منهم فروا ولم يبق سوى 30 الف مدني.
يعبر مدينة سرت شارعان حيويان، طريق الشط والشارع الرئيسي، وتتفرع منهما شوارع اخرى على امتداد الاحياء السكنية المقسمة في معظمها الى مربعات. وتضم المدينة ميناء على البحر المتوسط، ومطارا دوليا وقاعدة جوية. كما تضم جامعة حكومية، ومستشفى، ومصارف، ومجمعا للمؤتمرات هو الاكبر في شمال افريقيا يسمى مركز واغادوغو. وهذا المركز هو حاليا اهم حصون تنظيم داعش.
وبنى القذافي مركز واغادوغو لاستضافة القمم الافريقية والدولية خدمة لسياسته الافريقية، وفي هذا المجمع اعلنت فكرة قيام الاتحاد الافريقي في 9 سبتمبر 1999 ضمن "اعلان سرت".
اتخذ تنظيم داعش من المجمع مقرا ومركزا لقيادته وفي هذا المجمع تحاصرهم قوات حكومة الوفاق التي تحرز تقدما في المدينة حيث تمكنت من استعادة المرفأ والمطار الدولي والقاعدة الجوية والمستشفى الحكومي في يونيو.

المدينة المنسية
حظيت مدينة سرت لاكثر من اربعة عقود، بين عامي 1969 و2011، بمكانة مميزة على اعتبار انها مسقط راس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
واقام القذافي في هذه المدينة مقرات حكومية وحاول اكثر من مرة ان ينقل الاجتماعات الحكومية الرئيسية اليها دون ان ينجح في ذلك.
وتعرضت سرت خلال الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق لدمار كبير. وفي هذه المدينة اعتقل القذافي عام 2011 وقتل بعد ان لجأ اليها اثر سقوط طرابلس بايدي الثوار في نهاية اغسطس من العام ذاته.
وكانت سرت خلال الثورة هدفا لهجمات الثوار بعدما تركزت القوات الموالية للقذافي فيها بينما جعلها ابنه المعتصم منطلقا لشن هجمات على الجبهتين الشرقية والغربية.
ودفعت سرت التي كانت اخر المدن الموالية للقذافي ثمن ذلك غاليا فتحولت شوارع باكملها فيها عقب انتهاء المعارك الى ركام، بينما ظل سكانها ينتقدون السلطات الجديدة ويتهمونها بتهميشهم والانتقام منهم، حتى باتوا يطلقون على مدينتهم اسم "المنسية".
وتحولت المدينة الى ملاذ لتنظيم داعش بعدما وقعت تحت سيطرته في يونيو 2015. وجعل التنظيم من سرت قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الاجانب الذي يجري تدريبهم على شن هجمات في الخارج.
وفي هذه المدينة المتوسطية، قطعت الايادي واعدم الناس في الساحات. وفي شوارعها الرئيسية، رفعت رايات التنظيم السوداء والسيارات التي تراقب حركة المارة واصحاب المحلات. وفرض على السكان اداء الصلاة في مواعيدها، ومنعت النساء من مغادرة منازلهن من دون محرم.

*-*
التايمز: حرب أمريكا في ليبيا قد تمتد لدول أخرى

أبرزت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الولايات المتحدة أطلقت أول غاراتها ضد معقل داعش بسرت، وقالت إنها تمثل تطور كبير لحرب قد تمتد بسهولة لدول أخرى بالمنطقة. وأشارت الصحيفة الأمريكية بعنوان "أمريكا تفتح جبهة ثالثة في الحرب ضد داعش، مضيفة أن ذلك تصعيد خطير من جانب أمريكا، بعيداً عن حدود سوريا والعراق، وأن إدارة أوباما نفّذت الغارات بدون إذن من الكونجرس أو نقاش مسبق، لكنها نفذت ما كانت تسعى له منذ وقت طويل. وقالت "التايمز" إن تلك الجبهة الجديدة تأتي في وقت وصلت فيه القوات البرية الأمريكية في عمق سوريا والعراق.
وقال رئيس هيئة الأركان الأمريكية "جوزيف دانفورد" إن مسؤولي الجيش يبحثون اتخاذ موقف عسكري حاسم ضد داعش بليبيا، حيث يقدّر خبراء الغرب وجود 3 آلاف عنصر داعشي هناك. صرّح المتحدث بإسم البيت الأبيض "بيتر كوك"، بأن أمريكا ستقصف داعش بأي مكان يرفع رأسه، وليبيا أحد تلك الأماكن، مشدداً على أن الهجمات الجوية ستستمر، وطالما طلبت الحكومة الليبية، وبدون نهاية في هذا الأمر بالتحديد. كما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هناك سبب قوي يدفع لنشر قوات برية عقب بدء الغارات الجوية لجمع معلومات استخباراتية ودعم المعارضة الليبية بالسلاح، كما يحدث بسوريا.
وأضافت "التايمز" ساخرة، أنه فيما يبدو أن أمريكا تعاني ضعف الذاكرة، أو لا تتعلم من عواقب تدخّل الناتو للإطاحة بالعقيد معمر القذافي عام 2001، وتريد تكملة الجزء الثاني من تلك الحرب الكارثية