التدخل الأمريكي يخلط الأوراق في ليبيا

الحدث الثلاثاء ٠٢/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٥ م
التدخل الأمريكي يخلط الأوراق في ليبيا

سرت – طرابلس – ش – وكالات
لا خلاف في ليبيا حول ضرورة استئصال تنظيم داعش من البلاد؛ فكل الأطراف الليبية، تحارب التنظيم المتطرف الذي احتل مدينة سرت، واتخذها معقلاً له، إلا أن هنالك تباينات في الرؤية بين الأطراف الليبية حول "التدخل الأجنبي"، لاسيما العسكري منه، استنادا إلى تجارب أمريكا في العراق وسوريا وأفغانستان، وما آلت إليه الحال في تلك الدول، من حرب على الإرهاب.
وفي أول المواقف، أعلن رئيس البرلمان الليبي في طبرق، عقيلة صالح رفض "التدخل الأجنبي"، بينما أعلنت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، تحقيق تقدم لقواتها على الأرض مع الضربات الجوية الأولى للولايات المتحدة الأمريكية.

دعم الوفاق
الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو قال إن "القوات حكومة الوفاق الليبية تحتاج إلى الدعم الجوي رغم انها تملك قوة جوية الا ان هذه القوة لا تقارن بالدعم الذي يمكن ان تحصل عليه من الولايات المتحدة".
ومع اولى الضربات الأمريكية في سرت، يكون التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فتح جبهة جديدة في الحرب مع تنظيم داعش الذي يتعرض لحملة عسكرية دولية في كل من العراق وسوريا.
وسبق للولايات المتحدة ان شنت ضربات ضد مجموعات متطرفة في مناطق متفرقة من ليبيا في الاعوام الخمسة الاخيرة، بينها ضربة جوية في فبراير الفائت استهدفت منزلا في مدينة صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) كان يستخدمه تنظيم داعش كمعسكر، في غارة قتل فيها 49 شخصا.
وفي ظل تراجعه في سوريا والعراق حيث يتعرض لحملة جوية من قبل التحالف الدولي، وجد تنظيم داعش في الفوضى الامنية التي تشهدها ليبيا منذ انتفاضة العام 2011 موطئ قدم اتاح له تأسيس قاعدة تدريب وتجنيد في هذا البلد الغني بالنفط.
وإلى جانب سيطرته على مدينة سرت التي تبعد نحو 300 كلم فقط عن السواحل الاوروبية، يتواجد تنظيم داعش في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) حيث يخوض معارك مع قوات موالية للبرلمان المعترف به دوليا يقودها الفريق اول خليفة حفتر.
وتقوم مجموعة عسكرية فرنسية بمساندة القوات التي يقودها حفتر في حربها مع تنظيم داعش وجماعات متطرفة أخرى عبر مراقبة تحركات هذه التنظيمات، بحسب ما اعلنت باريس.

رفض عقيلة صالح
واثار اعلان السلطات الفرنسية عن تواجد عسكري في شرق ليبيا موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي الاخرى الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق هذا الشهر.
ويرى توالدو أن الدور العسكري الأمريكي في ليبيا "أقل إشكالية" من الدور الفرنسي على اعتبار أن القوات الأمريكية تقصف اهدافا محددة لتنظيم داعش وليست منخرطة في "الحرب الداخلية" في بنغازي كما هو الحال بالنسبة إلى القوات الفرنسية. ورغم ذلك، يقول توالدو إن السراج سيتعرض للمساءلة حيال "الجهة التي منحته الحق في طلب تنفيذ الغارات".
وفي السياق؛ رد رئيس البرلمان الليبي في طبرق عقيلة صالح برفض "التدخل الأجنبي في ليبيا"، خاصة وأن حكومة الوفاق الوطني لم تمثل أمام البرلمان للحصول على الثقة ـ وهو بند أساسي لاستكمال عملية الأمم المتحدة السياسية، ورأى صالح أن ما قام بهِ السراج يعد خرقا للدستور.
الكاتب والباحث السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل قال إن البرلمان الليبي يشهد حالة انقسام كبيرة بسبب الغارات الأمريكية على سرت، مشيرًا إلى أن عقيلة صالح رئيس البرلمان أكد رفضه بشكل قاطع للتدخل الأجنبي في ليبيا لأن ذلك يشعل الأوضاع ويجعلها تزداد توتر.
وأشار بن هامل إلى أن فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وقع فى الفخ، فطوال أحاديثه السابقه أكد أن التعاون الدولي سيكون مقصوراً فقط علي تقديم الدعم اللوجيسيتي والتدريبات العسكرية، ويبدو أنه ذهب بعيداً بتلك الطموحات لاسيما وأن دعم حكومته فى الأساس مرهوناً بالخارج.
من جانبه؛ رأى اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية المصرية سابقا، إن إعلان رئيس الوزراء الليبي دعوة المجتمع الدولي للتدخل العسكري في ليبيا هو تصحيح لخطأ بخطأ أكبر قائلا إنه "كمن يستجير من الرمضاء بالنار" على حد وصفه.
سفير روسيا في ليبيا إيفان مولوتكوف أعلن أمس الثلاثاء، أن الضربات الجوية التي تقوم بها واشنطن على مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا تفتقر إلى الأسس القانونية. ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عن السفير تأكيده على أن مسألة توجيه ضربات إلى إرهابيين في ليبيا تحتاج إلى اتخاذ قرار من مجلس الأمن الدولي. ورفض الدبلوماسي الروسي التعليق على إمكانية قيام بلاده بتوجيه ضربات ضد مواقع تنظيم "داعش" في ليبيا في حال حصول موسكو على طلب مناسب في هذا الشأن.

بين فرنسا وأمريكا
الكاتب الصحفي الليبي سالم العوكلي قال في تصريحات لـ "بوابة افريقيا الإخبارية": "نستطيع أن نتفهم التدخل الفرنسي، لأن ليبيا ظلت منطقة نفوذ أوروبي، ولأن فرنسا مطلة على حارة المتوسط وأمنها مرتبط بأمن هذه الحارة وبشاطيء طوله 2000 كم، ولأن فرنسا تُضرب بلا هوادة من الإرهابيين القادمين من شمال إفريقيا، ولكن ما علاقة أمريكا الآتية من خلف المحيط؟"، مقارنا بين ما يراه نجاحات فرنسية واخفاقات أمريكية في سخرية قائلا: "متى نجحت أمريكا في الحرب على أي إرهاب في أي منطقة؟ بل كل جماعات إرهابية ضربتها ازدادت قوة وجبروتا وتنظيما، أفغانستان، العراق ، سوريا، اليمن. بينما فرنسا استطاعت تحرير أربع مدن في شمالي مالي في شهر واحد من هذه الجماعات، طالما فتحنا حدودنا وأفخاذ بلادنا فالأقربون أولى بهذا المعروف .
في حين رفض المرشح لرئاسة الوزراء السابق عبد الحميد النعمي الطرابلسي اعتبار التدخل الأمريكي نتيجة لطلب السراج قائلا "الضربات الأمريكية ضد داعش في سرت محسوبة ومدرجة ضمن البرنامج اﻻنتخابي للحزب الديمقراطي وﻻ علاقة لها بطلب السراج وﻻ المقاتلين على الأرض الذين يشتكون من تأخر الدعم الحكومي والدولي لهم منذ بداية العمليات ويشعرون بالخذﻻن من جميع اﻻطراف"، مضيفا "من المتوقع ان تتكرر هذه العمليات وسيتم التركيز عليها إعلاميا وتقديمها على انها من انجازات الحزب الديمقراطي في السياسة الخارجية"، مختتما بالقول "بالنسبة لنا هذا التدخل يعتبر مؤشر قوي على التزام امريكا بوحدة ليبيا وكذلك رسالة قوية لبعض الأطراف الدولية بأن الكلمة الأخيرة في الملف الليبي هي لأمريكا"
أما السجين السياسي السابق أصيل مدينة الزاوية عبد العظيم البشتي فيرى القصة برمتها مؤامرة متسائلا " هل لتنظيمي داعش والقاعدة خاصة ، كل هذه القدرات التنظيمية والمخابراتية واللوجستية والتسليحية الكبيرة جدا، وإلى درجة تمكّنهما من اختراق كل التحصينات الأمنية المشددة، وأن تغطي عملياتهم كل من القارّتين الأفريقية والأوربية خاصة وحتى آسيا، إن لم يكونا يتلقيان دعما ، بل ربما مشاركة وتخطيطا وتسليحا من بعض القوى في بعض الدول العظمى، وخاصة أمريكا وإسرائيل!؟".

نقطة حاسمة
جريدة «واشنطن بوست» رأت أن الضربات الأمريكية الأخيرة ضد تنظيم «داعش» في سرت «نقطة حاسمة» في العمليات العسكرية ضد التنظيم، لكنها قد تأتي بنتائج عكسية تؤثر على شرعية الحكومة.
ونقلت في تقريرها تحذير الباحث الليبي وزميل معهد «أتلانتيك كاونيسل» محمد الجارح أن يؤثر العمل الأمريكي على شرعية حكومة الوفاق الوطني، وأن يأتي بنتائج عكسية، إذ قد يرى البعض أن «حكومة السراج تعمل بدعم خارجي، وقد يستغل بعض المعارضين الموقف للتشكيك في شرعية الحكومة، إذ إنها لم تحصل على الدعم الكامل من جميع الأطراف ولم تحصل بعد على موافقة مجلس النواب في الشرق كما هو منصوص في الاتفاق السياسي".
ويُعد تأكيد السراج اقتصار العمليات الأمريكية على الدعم دون قوات أرضية «محاولة من قبله للحفاظ على صورة حكومته وشرعيتها أمام الليبيين، وخاصة في ظل التظاهرات المنددة بالتواجد العسكري الفرنسي والتي أظهرت مدى حساسية الليبيين للتدخل العسكري الأجنبي بالدولة»، وفق تقرير الجريدة.
وكانت تقارير إعلامية عدة كشفت عن وجود فرق من قوات أمريكية وفرنسية وإيطالية وبريطانية في ليبيا لجمع معلومات حول مواقع التنظيم، وتحديد شركاء محتملين من بين المجموعات المسلحة المختلفة في المعركة ضد التنظيم.
واعتبرت «واشنطن بوست» في تقرير نشرته أمس الأول الضربات الأمريكية في ليبيا «نقطة حاسمة لصالح المعارك العسكرية لاستعادة مدينة سرت»، و«فصل جديد» في الحملة الأمريكية الممتدة ضد التنظيم في المنطقة. وخلال الفترة الماضية، اقتصر العمل الأمريكي في ليبيا على ضربات جوية محدودة ضد مواقع التنظيم، آخرها في مدينة صبراتة ضد مركز للتدريب.
ومن شأن تحرير مدينة سرت أن يساعد في حل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالدولة، إذ ستسمح بزيادة إنتاج وتصدير النفط، وفق تقرير الجريدة. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية استمرار الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش» في سرت، لتحقيق تقدم استراتيجي حاسم وتمكين قوات حكومة الوفاق من هزيمة «داعش». ووجه الجيش الأمريكي ضربات جوية دقيقة ضد التنظيم في سرت عقب موافقة الرئيس باراك أوباما على طلب حكومة الوفاق.
وتزامن إعلان فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي في طرابلس عن طلب حكومة الوفاق الوطني المشكلة باتفاق الأمم المتحدة، والتي لم تكتسب شرعيتها بعد حسب اتفاق الصخيرات، عن بدء غارات أمريكية على أهداف للإرهابيين في سرت مع تأكيد من واشنطن لتلك العمليات واستمرارها.
أحدث ذلك خلطا لدى بعض وسائل الإعلام التي اعتبرت أن الغارات الأمريكية تساعد جهود الجيش الوطني الليبي لمحاربة الإرهابيين في شرق ليبيا، رغم وضوح الإعلان من طرابلس وواشنطن بأن الطلب جاء من "حكومة الوفاق الوطني".

التحول إلى عراق جديد
وهناك عدة تفسيرات لإقدام الولايات المتحدة، والآن تحديدا، على التدخل الجوي في ليبيا أولها أن أمريكا توسع حملتها على الإرهاب من العراق وسوريا إلى ليبيا. وهذا ما جعل بعض الليبيين على وسائل التواصل الاجتماعي يسخرون بمرارة من أنه لم يبق إلا "تحويل البلد إلى عراق وسوريا" في إشارة إلى تمزق البلدين وشبه استحالة استعادة وحدة أراضيهما مجددا.
أما المجلس الرئاسي وحكومة الأمم المتحدة في طرابلس فاعتبرت ذلك "شرعية دولية" لها، إذ بتلك الغارات ستعتبر عضوا جديدا في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة أمريكية.
ذلك على الرغم من أن حكومة طرابلس في جانب، والجيش الوطني الليبي في جانب آخر، حيث تعتمد الحكومة على دعم الميليشيات وأغلبها جماعات إرهابية ومتطرفة كانت ضمن تجمع "فجر ليبيا".
يذكر أن واشنطن كانت مترددة حتى الآن في الاستجابة لضغوط اوروبية لإعادة التمثيل الدبلوماسي إلى ليبيا دعما للحكومة التي شكلتها الأمم المتحدة، وذلك بانتظار اكتمال شرعيتها بحصولها على ثقة البرلمان الشرعي.
ولعل الغارات على سرت تعد مخرجا لواشنطن، فهي لم تتجاوز الاتفاق الدولي بشأن دعم كامل لحكومة السراج، وكذلك لم تتخل عن جماعات تنسق معها على الأرض بعيدا عن الجيش الوطني الليبي ـ وأغلبها جماعات معارضة للجيش.
هناك أيضا من يربط بين التدخل العسكري الأمريكي الآن وما تكشف قبل أيام من وجود قوات خاصة فرنسية تعمل ضد الإرهابيين في بنغازي ودرنة في الشرق. ومن ذهب إلى الربط بين الموقف الأمريكي وزيارات قائد الجيش الوطني الليبي إلى موسكو مؤخرا.

السيطرة على حي إضافي
وعلى صعيد الميدان؛ أعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية أمس الثلاثاء أنها احكمت سيطرتها بالكامل على حي اضافي في وسط مدينة سرت لتضيق بذلك الخناق على تنظيم داعش الذي تعرضت مواقعه في المدينة المتوسطية أمس الأول لضربات جوية أمريكية.
وجاء الإعلان عن التقدم الميداني بعد ساعات على تنفيذ الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع لتنظيم داعش في سرت، كانت الاولى منذ اطلاق القوات الحكومية الليبية العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة من ايدي المتطرفين في مايو.
ونشرت القوات الحكومية على صفحتها على موقع "فيسبوك" أمس الثلاثاء رسما بيانيا اوضحت فيه انها باتت تسيطر بشكل كامل على حي الدولار في وسط سرت (450 كلم شرق طرابلس) الذي اقتحمته الاحد.
وبحسب الرسم البياني، انتقلت الاشتباكات إلى منطقة قصور الضيافة الواقعة بين حي الدولار ومركز قاعات واغادوغو، المقر الرئيسي لتنظيم داعش في سرت.
وقتل في معارك أمس الأول التي خاضتها القوات الحكومية مع تنظيم داعش في حي الدولار خمسة عناصر من القوات الحكومية، واصيب 17 عنصرا بجروح، بحسب بيان رسمي.
وكانت القوات الحكومية الليبية التي تضم خليطا من الجماعات المسلحة ووحدات صغيرة من الجيش المفكك اطلقت قبل اكثر من شهرين عملية "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف منذ يونيو 2015.
وحققت القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية تقدما سريعا، لكن العملية عادت وتباطأت بفعل المقاومة التي يبديها عناصر التنظيم المتطرف الذين يعتمدون على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون.
وقتل في العملية العسكرية منذ بدئها في 12 مايو اكثر من 300 عنصر من القوات الحكومية واصيب اكثر من 1500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) حيث مركز قيادة عملية "البنيان المرصوص".

خمس غارات
ومع استمرار بطء التقدم الميداني والخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية، اعلنت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي الاثنين عن ضربات جوية أمريكية بناء على طلب منها.
وقال رئيس الحكومة الليبية فايز السراج في كلمة متلفزة ان حكومته طلبت "دعما مباشرا من الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربات جوية محددة". وهو ما اكدته وزارة الدفاع الأمريكية معلنة استهداف دبابة واليات تابعة لتنظيم داعش.
واوضحت القوات الحكومية في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه الثلاثاء ان الطائرات الأمريكية شنت الاثنين خمس غارات استهدفت مواقع واليات لتنظيم داعش.
وكان المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك اكد في بيان امس ان هذه الغارات "ستتواصل". وقام السراج بزيارة إلى مركز قيادة عملية "البنيان المرصوص" في مصراتة حيث شدد على "وضع كافة الامكانيات المتاحة لدعم قوات" حكومته، بحسب بيان نشر على موقع الحكومة اليوم.

*-*

باريس تؤكد مجددا "دعمها الكامل" لحكومة الوفاق الليبية ردا على طلب التوضيحات
باريس – أ.ف.ب
أكدت فرنسا من جديد "دعمها الكامل" لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرئسها فايز السراج وذلك بعد اسبوع من مطالبته باريس "بتوضيحات رسمية" عن الوجود العسكري الفرنسي في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان وزير الخارجية جان مارك آيرولت وفي اتصال هاتفي مع السراج "جدد دعم فرنسا الكامل لحكومة الوفاق الوطني في عملها من اجل توحيد ليبيا واعادة بناء مؤسساتها". واوضح البيان ان الوزير الفرنسي "اكد مجددا رغبة فرنسا في تعزيز تعاونها مع هذه الحكومة في كل المجالات بدءا من الامن ومكافحة الارهاب". واضاف البيان ايضا ان وزير الخارجية الفرنسي "رحب بقرار السلطات الليبية طلب مساعدة دولية تتمثل بضربات اميركية على اهداف ارهابية في سرت". وشنت الولايات المتحدة أمس الأول اولى ضرباتها الجوية على مواقع لتنظيم داعش في سرت في ليبيا بطلب من حكومة الوفاق الوطني.
وكان السراج طلب في 26 يوليو من فرنسا تقديم توضيحات عن الوجود العسكري الفرنسي في شرق ليبيا حيث مقر حكومة غير معترف بها دوليا، معتبرا انه "تجاوز للاعراف الدولية وتدخل مرفوض تماما". وقام السراج باستدعاء السفير الفرنسي لدى ليبيا انطوان سيفان المقيم في تونس والتقى به على هامش القمة العربية التي عقدت الاسبوع الماضي في نواكشوط "ليبلغه احتجاج ليبيا الرسمي على التواجد الفرنسي في المنطقة الشرقية".
وكانت فرنسا اضطرت في منتصف يوليو للاعتراف بوجود عسكري لها في ليبيا مع مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في تحطم مروحية في الشرق الليبي، مما تسبب بتظاهرات في مدن عدة في غرب هذا البلد الغني بالنفط بينها العاصمة طرابلس ومصراتة (200 كلم شرق طرابلس).
وتعترف فرنسا والدول الكبرى بشرعية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنها تساند رغم ذلك القوات الموالية لحكومة موازية تتخذ من شرق ليبيا مقرا لها وترفض تسليم السلطة الى حكومة الوفاق. وتخوض هذه القوات بقيادة الفريق اول خليفة حفتر منذ اكثر من عامين معارك يومية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) ضد جماعات مسلحة معارضة بينها تنظيمات متطرفة على راسها تنظيم داعش.