الاحتلال يسعى لعزل القدس عن محيطها

الحدث الثلاثاء ٠٢/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٥ م
الاحتلال يسعى لعزل القدس عن محيطها

القدس المحتلة – نظير طه – زكي خليل
يواجه 316 ألف فلسطيني يقطنون في مدينة القدس نقصاً حاداً في المساكن مقابل تسارع وتيرة البناء الاستيطاني وعمليات التهويد في القدس ومحيطها، حيث حذر وزير شؤون القدس المحافظ عدنان الحسيني إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تسعى لتحويل القرى الفلسطينية المحيطة بمدينة القدس إلى مناطق معزولة يصعب على السكان العيش فيها.

تصعيد غير مسبوق
وأوضح الحسيني في تصريحات للصحفيين في مكتبه بضاحية البريد أن سلطات الاحتلال صعدت وعلى نحو غير مسبوق، من عمليات هدم المنازل في المدينة، إذ تم هدم 11 مبنى تضم 25 شقة في منطقة قلنديا، وتم توجيه إنذارات لأصحاب هذه المنازل من قبل 6 جهات "إسرائيلية" لأول مرة.
وقال إنه من الواضح أنه يراد للقرى المحيطة بالمدينة أن تتحول إلى مناطق معزولة، فالأمر يتكرر في بيت إكسا المحاصرة والمعزولة، وأيضًا في قرية النبي صموئيل، حيث هناك الآن صعوبة كبيرة في الوصول إلى مسجد القرية، وبالتالي هي بلطجة من نوع غريب تمس بالمشاعر.
وأضاف "يضاف إلى ذلك القرى الفلسطينية المنوي تنفيذ المخطط الاستيطاني E1 عليها في شرق القدس، وقضايا البدو في نفس المنطقة، وهي معركة مستمرة ومحتدمة".
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية بدأت معركة ضد حراس الأقصى والموظفين في إدارة الأوقاف الإسلامية بالقدس وموظفي لجنة الإعمار، وقال "هناك تدخل غير مسبوق في تفاصيل الأمور، ضغوط مستمرة من قبل إسرائيل فإدخال كيس الإسمنت للترميم لا يتم إلا بشق الأنفس".
وحذر الحسيني من التوتر في المدينة بعد إعلان جماعات استيطانية "إسرائيلية" نيتها اقتحام المسجد الأقصى خلال فترة ما يسميه اليهود ذكرى "خراب الهيكل"، وقال "نأمل في أن يتواجد السكان في المسجد لحمايته وأداء الصلوات والفعاليات الدينية".

ضغوط إسرائيلية
ولفت إلى أن هناك ضغوطًا "إسرائيلية" على المدارس الخاصة بالقدس، في محاولة للسيطرة عليها من خلال الدعم المالي. وقال "ما تدفعه البلدية هي أموال يجب عليها أن تدفعها مقابل الضرائب التي تجمعها من السكان، وليس من حقهم التدخل في المناهج أو عمل المدارس، ولكنهم يريدون استغلال هذا الأمر لتحقيق مكاسب سياسية، وبالتالي فإن الأمر يقع على عاتق السكان لوقف هذا الأمر، فإذا كان موقفنا قويًا فإنهم سيتراجعون".
وأفاد أنه سيتم قبل منتصف هذا الشهر، توزيع المناهج على المدارس، وقد تم عقد عدة اجتماعات مع إدارات المدارس، ونأمل في أن تمر الأمور بطريقة مرضية لنا كفلسطينيين.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال تقوم بعمليات اقتحام واسعة للبلدات والأحياء في القدس، قائلًا "القضية مفتوحة بشكل كبير في محاولة لوضع الناس بحالة قلق كي يمروا بمرحلة يصلون فيها إلى أنهم غير قادرين على الاستمرار بالحياة في المدينة كي يهاجروا".
واستنكر الحسيني استمرار الحكومة "الإسرائيلية" بالمماطلة في تسليم جثامين الشهداء منذ عدة أشهر، قائلًا "ما زالت قضية الجثامين يتم العبث بها، وكل مرة يعطون موقفًا مختلفًا ولم يسلموا الجثامين، وبالمقابل فإن المحامين والأهالي يتابعون هذا الأمر، ولكن لم نسمع حتى الآن أي انفراج في هذا الموضوع الذي يقلقنا جدًا".

هدم منازل الفلسطينيين
أفاد مركز ابحاث الاراضي التابع لجمعية الدراسات العربية بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمت 44 منزلًا ومبنى فلسطينيًا منذ بداية انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر الفائت، كان آخرها المبنى الذي تحصن فيه الشهيد محمد الفقيه قبل اغتياله الأسبوع الماضي في بلدة صوريف غربي الخليل جنوب الضفة الغربية.
وأوضح المركز في تقريره أصدره، أمس الثلاثاء، حول حملة هدم منازل المواطنين الفلسطينيين من قبل الاحتلال أن 19 مسكنًا تم هدمه خلال العام الماضي، و25 خلال العام الجاري 2016، وذلك كوسيلة عقاب جماعية لأهالي الشهداء والأسرى المتهمين بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال أو لمجرد الاشتباه بهم فقط.
وأشار إلى أنه نتج عن عمليات الهدم الهمجية هذه تشريد 217 فردًا، بينهم 74 طفلًا أصبحوا الآن بلا مأوى، إضافة إلى تضرر 50 مسكنًا بشكل جزئي نتيجة عمليات تفجير المساكن.
ولفت التقرير إلى أن سلطات الاحتلال تصدر أوامر بعنوان "إعلان عن النية لمصادرة وهدم مسكن" لمن تتهمهم بالمقاومة بموجب قانون الطوارئ البريطاني خلال فترة الانتداب على فلسطين، وفقًا لنظام 119 لسنة 1945م.
يذكر أن هذا القانون الجائر قد تم إلغاؤه قبل انتهاء الانتداب عام 1948، فلا يحق للاحتلال الإسرائيلي تنفيذه، ثم أن الهدم يطال آخرين لا علاقة لهم بالأمر، وهم أبناء وزوجة المتهم، وأسرته الكبيرة أو مستأجرين في البناية، كذلك يتسبب في تصدع بقية شقق البناية التي يسكنها جيران وغرباء لا يعرفون المتهم جيدًا.

الهجمة العدوانية
ورأى مركز أبحاث الأراضي في الهجمة العدوانية هذه ضد مساكن الفلسطينيين، بأنها تندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها سلطات الاحتلال بحق عائلات الشهداء والأسرى، وهي سياسة يسعى من خلالها للضغط على العائلات وترويعهم وتدمير ما تبقى من حياتهم والتنكيل بهم، وفرض ظروف حياتية صعبة عليهم، كتشتيت شملهم وهدم مساكنهم.
وتعترف سلطات الاحتلال بأن مثل هذه القرارات تهدف إلى "ردع الفلسطينيين" كي لا يقوموا بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال وقطعان مستوطنيه الذين ينفذون جرائم بحق الفلسطينيين.
من جهة أخرى حذر مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة، أمس الثلاثاء، من خطورة الوضع الصحي المتدهور للأسير المضرب عن الطعام لليوم 49 على التوالي بلال كايد والمتواجد في مستشفى برزلاي في عسقلان، والذي يعاني من فقدان جزئي للنظر، وضيق في التنفس ويتعرض لنوبات إغماء وقد فقد 32 كيلوغراماَ من وزنه منذ بداية الإضراب.
وأضاف حمدونة في بيان صحفي وصل "الشبيبة" نسخة منه، أن معاناة المضرب كايد ستتضاعف في ظل قراره بعدم التعاطي مع أيّة فحوصات طبية يعرضها عليّ الأطباء في المستشفى والمطالبة بالعودة الفوريّة إلى السجن، رغم تردّي حالتي الصحية، في أعقاب تجاهل المحكمة الاسرائيلية لمطالبه.
وقال حمدونة أن فعاليات التضامن بأشكالها الجماهيرية والقانونية والإعلامية بمثابة مفتاح حرية الأسير كايد ورفاقه المضربين، وكلمة السر في انجاح خطواتهم في ظل التراجع الذى طرأ على صحتهم.
وشدد على دور كافة شرائح المجتمع الفلسطيني بكافة تخصصاته واهتماماته بدعم صمود الأسرى التي تراهن إدارة مصلحة السجون والحكومة الاسرائيلية على كسره من خلال تجاهل مطالبهم وطول أمد الاضراب بلا استجابة.
وطالب حمدونة بتواصل الفعاليات، والتنسيق مع مؤسسات حقوقية فلسطينية وعربية ودولية، وتوسيع دائرة التضامن عبر الحملات الالكترونية لإبراز معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية، وقضية الاعتقالات الادارية بلا لوائح اتهام وبملفات سرية.