الأمراض تفتكُ بمنكوبي سوريا

الحدث الثلاثاء ٠٢/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٢٨ ص

مسقط – ش – وكالات
ليس بالحرب وحدها يموتُ المنكوبين، وإنما بما تخلفهُ من آثار، فعلاوةً على الأمراض النفسية المحققة، والعابرة للحدود، لما تتركهُ الصورة من ألم، فإن الأمراض تتحولُ إلى سلاحٍ فتاك، لاسيما مع نقص الرعاية الصحية أو انعدامها.
في سوريا، على سبيل المثال، والتي تقلص عدد سكانها بحسب بعض التقديرات بنسبة تتراوح 20-30٪، فيما نزح 50٪ داخلياً، فعلت الأمراض الكثير؛ فعاد مرض شلل الأطفال الذي انقرضَ من تلك الدولة عام 1999م، ليعود إليها مع الألفية الجديدة.
ولأن هذا المرض معدٍ، فقد انتقل إلى الجوار العراقي، بسحب بعض التقارير، ويعتقد أن مرض شلل الأطفال الذي انتهى العالم منهُ، عاد إلى سوريا بسبب وجود مقاتلين من باكستان، يحملون فايروس هذا المرض.
والشيء بالشيء يذكر؛ فمن أسباب انتشار الأمراض، عدم توفر "مطاعيم" في مناطق النزاعات، ففي المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، لا يمكن إعطاء المواليد الجدد والأطفال مطاعيم صحية، لأن التنظيم يرفض ذلك، ولا يقبل بتوزيع هذه العقاقير.
وبحسب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دى ميستورا، وفي تصريح صحفي نشر الشهر الفائت فإن هناك 900 ألف طفل في سوريا قد لا يحصلون على التطعيم، بالرغم من جهود أممية لتطعيم الأطفال من ثمان أمراض معدية، منها شلل الأطفال والحصبة.
وبحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال البريطانية، فإن أمراض كالتيفود والكبد الوبائي والكوليرا تنتشر في سوريا، وذلك حسبما نقلا عن مسؤولي هيئات صحية إقليمية ودولية.
وبسبب الوضع الصحي في سوريا، وهروب الملايين منها، فإن أمراضا نقلت مع اللاجئين إلى عدة دول في العالم، وكان من بينها الجرب وداء الليشمانيات، وهو مرض جلدي آخر، انتشر أولًا في شمال سوريا منذ عدة سنوات، وامتد إلى مخيماتهم بالبلدان المجاورة. ونقلت وول ستريت جورنال عن متحدثة اليونيسيف جوليين توما قولها: إن المخاطر سوف تستمر طالما كان هناك صراع وما دام كان هناك نزوح.
الباحثة سارة هدلستن، وفي مقال بحثي لها "مرض قديم يطلّ بعنوان برأسه البشع"، نشرته مدونة "نيتشر ميدل إيست"، النسخة العربية، الشهر الفائت، تقول فيه إنه هنالك "فاشية كارثية لحبّة حلب في طريقها للحدوث في الشرق الأوسط، وفقًا لقول العلماء الذين يجمعون البيانات والمعلومات من مخيمات اللاجئين ومناطق النزاع في المنطقة. ويحدث هذا المرض، الذي يعرف علميًّا باسم داء الليشمانيات الجلدي، بسبب طفيلي يوجد في مجرى الدم، وينتقل عن طريق لدغة ذبابة الرمل. وهو يسبب آفات مشوّهة في الجسم، قابلة للإصابة بعدوى ثانوية".
وبحسب هدلستن فـ "الآن هناك مئات الآلاف من الأفراد في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط ممن تأثروا بداء الليشمانيات الجلدي، الذي كان حتى فترة قريبة محصورًا في مناطق تحيط بحلب ودمشق في سوريا".
وبلغة الأرقام ففي سوريا، "تضاعفت حالات الإصابة المبلغ عنها إلى وزارة الصحة من 23,000 حالة قبل الحرب إلى 41,000 في عام 2013. أما الدول المجاورة، التي استقبلت الملايين من اللاجئين السوريين، والتي كانت في السابق تكاد تخلو من هذا المرض، فقد بدأت أيضًا بالإبلاغ عن عدد كبير من الحالات. في لبنان، قفز عدد الحالات من ست حالات في السنوات الاثنتي عشرة الماضية إلى 1033 في عام 2013. وأبلغت تركيا والأردن أيضًا عن حدوث مئات الحالات"، بحسب هدلستن.
ويقول العلماء إن وضعًا مماثلًا ربما يحدث في ليبيا واليمن. وأبلغت المناطق الموجودة في شرق ليبيا عن أعداد متزايدة من داء الليشمانيات، والأدلة السردية تؤكد انتشار المرض في مخيمات اللاجئين في تونس المجاورة.
ومن الأمراض الوبائية والمعدية، إلى العقلية، حيث ذكرت صحيفة الوطن السورية الصادرة من دمشق أكدت في يناير من العام الجاري وصول عدد المصابين بالأمراض العقلية في شوارع دمشق إلى 10 آلاف شخص. وذلك بزيادةٍ قُدّرت بثلاثة أضعاف عن إحصائية العام السابق التي قدّرت أعدادهم ا بـ 3 آلاف. وقال القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي إنه تم الحجر على أكثر من 10 آلاف شخص خلال السنوات الخمسة الماضية، بسبب نقص أهليتهم ووصولهم لمرحلة "الجنون أو العته".
كما رصدت صحيفة الحياة في تقرير لها من العاصمة السورية ازدياد ظاهرة التسول والمصابين بالأمراض العقلية في الشوارع بشكل غير مسبوق، مؤكدة أن سكان دمشق لم يتوقعوا هذا الانقلاب الجذري في حياتهم ومشاهدة بعض أبناء جلدتهم يبحثون في حاويات القمامة عن لقمة عيش أو يتسولون في الشوارع، بينما يعيش آخرون من أبناء جلدتهم برخاء ويرقصون في "حانات ناهضة فوق بعض الفنادق". وأكدت الصحيفة أن المتسولين والأشخاص الذين فقدوا عقلهم انتشروا إلى حدّ كبير في شوارع المدينة ووصل الأمر إلى مشاهدة أطفال ونساء وشيوخ يبحثون في أكياس القمامة أمام البيوت والحاويات عن بقايا طعام. كما يُشاهد كثيرون من مصابي الأمراض العقلية وهم يتجولون في حدائق دمشق.