تصاعد التوتر بين تركيا والغرب

الحدث الثلاثاء ٠٢/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٢٨ ص
تصاعد التوتر بين تركيا والغرب

عواصم – ش – وكالات

تمر العلاقات التركية الأوروبية، وعلاقات أنقرة بواشنطن، بتوتر شديد حيال موقف الدول الغربية من الاعتقالات وعمليات التطهير التي تجريها السلطات التركية في أعقاب الانقلاب الفاشل؛ إلا أن أبرز مؤشر على ذلك التوتر، تمثل في تلميح أنقرة للتراجع عن اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى دولهِ، إذ لم يمنح الاتحاد المواطنين الأتراك حق الدخول إليه دون تأشيرة، كما واستدعت أنقرة القائم بالأعمال الألماني للاحتجاج على تضييق برلين الخناق على نشاطات المناهضين للانقلاب الفاشل على أرضها.

تصاعد التوتر
ينتقد الغرب تركيا "حقوقيًّا"، إذ يعتبر أن حملة التطهير داخل مؤسسات الدولة التركية، في الجيش، والقضاء، والتعليم، والإعلام، يعد تجاوزاً لـ "دولة القانون"، ولحقوق الإنسان، الأمر الذي ترفضهُ أنقرة، وتعتبرهُ موقفاً منحازاً لمدبري الانقلاب.
وفي آخر هذه المواقف التي تعكس التوتر، وتصاعده، السويد إذ أعربت وزيرة خارجيتها مارغوت فالستروم، عن قلقها جراء الأحداث الأخيرة في تركيا عقب محاولة الانقلاب التي شهدتها في النصف من الشهر الفائت. وطالب فالستروم، الاتحاد الأوروبي، والامم المتحدة بردة فعل، حيال الأوضاع المقلقة والتي لا تطاق على حدو وصفها.
وأضافت الوزيرة السويدية، أنه من الممكن فهم المتغيرات التي حصلت نتيجة محاولة الانقلاب الفاشلة، مشيرة إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان وفق الاتفاقيات الدولية. وشددت مالستروم، على أهمية حرية وسائل الإعلام، والصحافة، وحرية الفكر، والتعبير، مؤكدة أنها ضروريات لا بد منها في دولة ديمقراطية.
وقالت، "إنه يجب على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في الطلب الذي قدمته أنقرة لنيل عضوية الاتحاد الأوربي، ويجب الاحتجاج، ونقوم بزيادة الضغط على تركيا". وأوضحت وزيرة الخارجية السويدية، أنها قامت بتوجيه دعوة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقب محاولة الانقلاب بثلاث أيام، للعب دور عادل في المحافظة على حقوق الإنسان.
وفي سياق التوتر، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوجلو، إن أنقرة ستضطر للتراجع عن اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى دوله إذا لم يمنح الاتحاد المواطنين الأتراك حق السفر إليها دون تأشيرة.
وتعرض السماح بدخول الأتراك إلى دول الاتحاد دون تأشيرة إلى التأجيل أكثر من مرة بسبب خلاف بشأن تشريع تركي لمكافحة الإرهاب وحملة أنقرة ضد المعارضين في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة.
وقال جاويش أوجلو لصحيفة ألمانية إن الاتفاق بشأن وقف تدفق اللاجئين كان فعالا بسبب "إجراءات مهمة للغاية" اتخذتها أنقرة. وأضاف: "لكن كل ذلك يعتمد على إلغاء شرط التأشيرة لمواطنينا الذي هو أحد بنود اتفاق 18 مارس".
وقال: "إذا لم يتبع ذلك إلغاء للتأشيرة سنضطر للتراجع عن الاتفاق.. وعن اتفاق 18 مارس"، مضيفا أن الحكومة التركية بانتظار تحديد موعد دقيق لإلغاء شرط التأشيرة.
وتابع: "ربما يكون ذلك في أوائل أكتوبر أو منتصفه، لكننا بانتظار موعد محدد". وفي وقت سابق، قال غونتر أوتينغر مفوض الاتحاد الأوروبي إنه لا يرى أن يمنح الاتحاد الأوروبي الأتراك حق السفر دون تأشيرة هذا العام بسبب حملة أنقرة التي تلت المحاولة الانقلابية.

أزمة مع ألمانيا
وفي الأثناء؛ استدعت تركيا الاثنين القائم بالاعمال الألماني على ما اعلنت السفارة الألمانية، غداة تظاهرة في كولونيا لانصار الرئيس التركي رجب طيب أردوجان لم يسمح له خلالها ان يخاطب الحشد عبر اتصال بالفيديو.
وصرحت متحدثة باسم السفارة لوكالة فرانس برس ان "القائم بالاعمال استدعي الى وزارة الخارجية التركية في الساعة 13,00 (10,00 ت غ)"، بعدما اعتبرت انقرة "غير مقبول" منع المحكمة الدستورية الألمانية أردوجان من القاء كلمة بالفيديو على الاف المتظاهرين في كولونيا.
انتقد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالن قرار المحكمة الألمانية القاضي بمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوجان من إجراء مكالمة فديو مع المواطنين الأتراك والألمان في أثناء تجمعهم في كولن الألمانية، للتعبير عن رفضهم لمحاولة الانقلاب، ولتأكيد دعمهم للديمقراطية.
وفي هذا السياق قال كالن: "لا يمكن قبول القرار الألماني الذي حال دون إجراء الرئيس أردوجان مكالمة فديو مع المواطنين الأتراك والألمان الذين تجمعوا في كولن للتعبير عن تأييدهم للديمقراطية، ورفضهم للانقلاب".
وأشار كالن إلى أن الحكومة الألمانية عملت طوال مدة التحضيرات للتجمع على خلق صعوبات أمام مؤسسات المجتمع المدني، والمواطنين الأتراك والألمان الذين شاركوا في التجمع.
وأضاف كالن بعد تأكيده على ضرورة وقوف ألمانيا إلى جانب كل من وقف ضد محاولة الانقلاب: "إن قيام ألمانيا بمحاولات منع حرية الدفاع عن الديمقراطية والإرادة الشعبية، بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو، وعدم وقوفها إلى جانب حرية التعبير يعدّ أمرا منافيا للحرية، وللتجمعات المتعلقة بهذا الصدد".
وذكر كالن أنه يتوق لمعرفة السبب الكامن وراء قيام ألمانيا بمنع الرئيس أردوجان من إجراء مكالمة فديو مع المواطنين الذين سطروا ملاحم في التصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، فقال: "آمل أن تقدم ألمانيا جوابا مطمئنا ومقنعا، أستغرب السبب الذي دفع ألمانيا لاتخاذ هذا القرار، في الوقت الذي شارك فيه الرئيس أردوجان فيما سبق في تجمعات كهذه لمخاطبة المواطنين مرات عدة عبر مكالمة فديو".
ولفت كالن الانتباه إلى أن ألمانيا التي صمتت أمام مسيرات التأييد لتنظيم بي كي كي الإرهابي، حاولت منع رافضي الانقلاب من تنظيم تجمعات للتعبير عن رفضهم للانقلاب، ودعمهم للديمقراطية، وذلك تحت حجّة أن التجمعات من الممكن أن تُولد عنفا، قائلا: "إن محاولتها لمنع هذه التجمعات أمر غير مقبول على الإطلاق".
يذكر أن المحكمة الدستورية الألمانية اتخذت قرارا بمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوجان من مخاطبة المواطنين الأتراك والألمان الذين تجمعوا في "كولن" الألمانية للتعبير عن رفضهم لمحاولة الانقلاب، والوقوف إلى جانب الديمقراطية، الأمر الذي أدى إلى انتقاد كبير من قبل الحكومة التركية، التي أبدت امتعاضها من القرار الألماني، وخصوصا أن الأخيرة لم تقدم سببا مقنعا في هذا الصدد.
من جانبه، اعتبر عمر جليك الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي أن قرار المحكمة الألمانية "انحراف عن الديمقراطية وحرية التعبير". وقال، عبر حسابه على موقع تويتر، إنه "من المخجل رؤية الاتحاد الأوروبي يفشل في إظهار التضامن مع دولة مرشحة للحصول على عضويته ضد خطر الانقلاب"، وأضاف: "على من يعظ تركيا حول قيم الديمقراطية يجب أن ينظر الآن داخل الاتحاد الأوروبي".

*-*
مسؤول تركي: فشل الانقلاب خيب أمل الدول الأوروبية
صرح نائب رئيس الوزراء التركي محمد شمشيك، بأن فشل المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في منتصف شهر يوليو الفائت تسبب بصدمة وخيبة أمل لدول أوروبا. وذكر شمشيك في مقابلة تلفزيونية على قناة "سي أن أن"، بأن دعم الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية بشكل مباشر أو غير مباشر للمحاولة الانقلابية الفاشلة، تسبب في توتر العلاقات مع هذه الدول. وانتقد نائب رئيس الوزراء، تصريحات الإعلاميين الغربيين، والجنرالات الأمريكيين بحق اعتقال الجنرالات الأتراك المنتمين لتنظيم الكيان الموازي ووصفهم بالحلفاء المقربين. وكان مقدم برنامج في قناة "سي أن أن" قد صرح بأن الاعتقالات التي طالت العديد من الأشخاص في تركيا على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة، تعد تعديًا على حقوق الإنسان، معبرا عن قلقه من حملة الاعتقالات، مشيرا إلى أن من الصعب نجاح تركيا في امتحان الديمقراطية عقب حالة الانقلاب الفاشلة. وعقب شيمشك، على كلام مقدم البرنامج قائلًا: "الذين تم اعتقالهم خرجوا وفي أيديهم السلاح، وقاموا باستهداف مؤسسات الدولة والشعب بالطائرات المروحية، والحربية، متسائلا هل لكم أن تتخيلوا، أن تقوم الطائرات الأمريكية باستهداف الشعب الأمريكي، ومبنى الكونجرس الأمريكي، ومؤسسات الدولة، ماذا ستفعلون؟". وعلى صعيد آخر؛ حذر وزير العدل التركي بكير بوزداج الإدارة الأمريكية من خطر تغلغل جماعة جولن داخل المؤسسات السياسة الأمريكية. وأشار بوزداج في تصريح له إلى أن جماعة جولن قد تستخدم نفس الأسلوب التي استخدمته في تركيا بعد خمس أو عشر سنوات في المؤسسات الحكومية الأمريكية لمحاولة السيطرة عليها أو تشكيل كيان موازي داخل مؤسسات الدولة في أمريكا. وفي ذات السياق قال بوزداج إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستضحي بعلاقتها مع تركيا من أجل زعيم منظمة إرهابية. وفي سياق آخر، أكد بوزداج على أن الحكومة التركية ستقوم بتعديلات هيكلية وجذرية في بنية المؤسسات القضائية والمؤسسة العسكرية بهدف إزالة كل آثار التنظيم الموازي داخل مؤسسات الدولة.