مسقط: ش
يُعدّ إرساء دعائم التعليم المهني وتأسيس ثقافة مهنية موازية لثقافة التعليم العام من أهم التحديات التي تواجهها المجتمعات التي تؤمن بأن العمل المهني يشكّل أحدى أهم دعائم الاقتصادات الوطنية.
وأعلنت وزارة القوى العاملة أنها تستعد لتخريج نحو 600 خريج في الدبلوم المهني من مراكز التدريب المهني ومعهديّ تأهيل الصيادين ورفدهم إلى سوق العمل، وذلك في 6 مراكز تدريب موزعة على ولايات السيب وصحم وصور فضلاً عن عبري وشناص والبريمي، بالإضافة إلى معهدي تأهيل الصيادين في كل من صلالة والخابورة.
وأوضحت الوزارة لـ "الشبيبة" أن هذه المراكز تقدم مجتمعة نحو 31 برنامجاً ودورة تدريبية تخصصية تتباين فيها فترات الدراسة بحسب طبيعة كل برنامج والشهادة المستهدفة فيه.
وأضافت أن التعليم والتدريب المهني يمثلان رافداً أساسياً لجهود الدولة في زيادة معدلات التنمية واستيعاب الباحثين عن عمل، وذلك بسبب تكاملهما وارتباطهما الوثيق ببعضهما بعضاً. فالتدريب المهني معني ببناء المهارات الفنية وتأمين المؤهلات المحددة لتوفير احتياجات سوق العمل من الفنيين المدربين بما يساعد على مواجهة الخلل الهيكلي بين العرض والطلب، كما أن توفير قوى عاملة وطنية مؤهلة يعد أحد ركائز دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار الذي يمثل الركن الأساسي لكل عملية تنموية.
بناء المهارات
وأكدت وزارة القوى العاملة أن مراكز التدريب المهني، بالإضافة إلى معهدي تأهيل الصيادين، هي من أهم المؤسسات التي تعمل على تأهيل القوى العاملة الوطنية وفق المعايير المحلية والعالمية من خلال بناء المهارات وتطويرها للإسهام الفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك بطرح برامج مهنية ذات جودة عالية.
ويرتبط نظام التعليم والتدريب المهني كذلك بأربعة مسارات تعليمية هي الدبلوم المهني، الدبلوم المهني العام، التلمذة المهنية و برامج الدورات التدريبية المهنية والتي تهدف جميعها إلى رفع كفاءة العالمين وصقل مهاراتهم، بالإضافة إلى التدريب المقترن بالتشغيل، و تنمية المجتمع المحلي، وكذلك تدريب وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
وإدراكا من الوزارة- ممثلةً في المديرية العامة للتدريب المهني- لأهمية إعداد عمالة فنية ومهنية وطنية وتأهيلها لتكون قادرة على التعامل مع التطورات المستمرة في مختلف المجالات،ومواكبة مستجدات العصر تم توجيه الاهتمام لتطوير البرامج التدريبية وخططها المقدمة للملتحقين بالمعاهد، وذلك بما يواكب احتياجات السوق و يضمن مسايرة تلك البرامج للتقدم الملموس في قطاع الأعمال إلى جانب إكساب المتدرب المهارات التي تمكنه من الدخول إلى سوق العمل، الأمر الذي يعتبر عنصراً أساسياً لمتطلبات التنمية.
وتم إعداد معايير المهارات المهنية الوطنية والبرامج التدريبية من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمت مع عدد من الدول المتقدمة في هذه المجالات، إضافة إلى استطلاع أراء أصحاب الأعمال في القطاع الخاص لتحديد نوعية المهارات والتخصصات التي يحتاجونها.
إنتاج الكوادر
وأكدت وزارة القوى العاملة أن الإقبال على التخصصات المهنية يأتي بشكل متكافئ وذلك وفقا لدراسة مؤشرات سوق العمل بتوفير فرص وبرامج تدريبية مناسبة لتقليل الفاقد من الكوادر البشرية وتحقيق المعادلة بين عرض القوى العاملة والطلب عليها من خلال استحداث برامج جديدة وفقا للتحليل والمؤشرات.
وتتم متابعة الطلاب المتدربين من خلال المختصين عن طريق التواصل الدائم بين الخريجين ومراكز التدريب بهدف الارتقاء بمستوياتهم بعد التخرج لتزويدهم بمهارات إضافية تجعلهم أكثر قدرة على المنافسة بما يرد إليهم من معلومات عن السوق والحراك الدائم فيه، حيث يتم تقديم الخدمات التي تستهدف رفع كفاءة الخريجين وتنميه مهاراتهم، إلى جانب التنسيق مع المديرية العامة للتشغيل، لإنشاء قواعد بيانات للخريجين، ومساعدتهم في ايجاد فرص العمل التي تناسبهم.
التفاهم مع الجهات
وأوضحت الوزارة أنه تم العناية بقطاع الأعمال عن طريق إيجاد صيغة من التفاهم بينه وبين الجهات المعنية بالتعليم المهني على أساس أن مخرجات هذه الجهات هي من المدخلات الرئيسية لقطاع الأعمال عن طريق الاهتمام بالقوى العاملة الوطنية وتأهيلها لريادة الأعمال من خلال مراجعة وتطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني، ودعم قطاع المنشآت الطلابية الصغيرة والمتوسطة والمبادرات المقدمة، والعمل على تفعيل دور القطاع الخاص بصفته شريك حقيقي في تلك المنظومة.
دور ريادة
وعن دور الهيئة العامة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة قالت مديرة دائرة التسويق والفعاليات بريادة سلمى الحراصية إن الهيئة تقوم بالتنسيق مع الشركات المتخصصة بتنظيم الفعاليات بالإضافة إلى الجهات الحكومية المعنية بتنظيم المعارض الخاصة لكي يتم من خلالها التسويق و الترويج لمنتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سواء داخلياً أو خارجياً، ونفذت الهيئة معرض منتجات رواد الأعمال تحت عنوان "إبداعات عمانية" بالتعاون مع صندوق الرفد والهيئة العامة للصناعات الحرفية وغرفة تجارة وصناعة عمان.
وأضافت:"توجد لدى ريادة خطة عمل تتضمن أنشطة عام كامل يتم من خلالها تنفيذ فاعليات عدة حيث بلغ عدد الأنشطة المنفذة خلال العام 2015 نحو 26 فاعلية من بينها 21 خارجية و5 داخلية، إلى جانب عدد من المشاركات في فاعليات أخرى والذي وصل عددها إلى 14 مشاركة، بمجموع استفادات حصدتها مؤسسات داخلية عددها 252 مؤسسة، وحوالي 56 مؤسسة خارجية، ومازالت الهيئة ماضية في سياساتها الداعمة لتلك المؤسسات بما يحفز الشباب العماني في الإقبال على تأسيس مشاريعهم الخاصة.
مركز الزبير
أما مركز الزبير للمؤسسات الصغيرة فقال إن عدد أعضائه يزيد عن 310 عضواً، 61% منهم من الذكور و39% من الإناث، ويشمل 235 مؤسسة صغرى، و59 مؤسسة صغيرة و16 مشروعا منزليا، منها 72% من داخل مسقط، و 28% من باقي المحافظات كما أن عدد العضويات يشهد تزايداً ملحوظاً، من خلال منظومة متكاملة للدعم والإرشاد، بهدف تحفيز الشباب العمانيين وتقديم الاستشارات اللازمة لهم والأخذ بأيديهم لتجاوز عقبة البداية التي عادة ما تكون الأصعب، وتشمل هـذه المنظومة خدمات الاستشارات وبناء الكفاءات، و فرص لتطوير المشاريع والعقود، وأخرى للتواصل مع الشركات الكبرى والجهات الداعمة، إضافة إلى الخدمات الخاصة من قبل الشركاء الإستراتيجيين.
كما يتم نشر التوعية حول أهمية الريادة بشكل عام والتركيز على الميزات والفوائد المتحققة إذا ما قورنت بالوظيفة التقليدية، وقد جذب ذلك العديد من الحرفيين الذين يرغبون بتطوير هواياتهم ومهاراتهم وتحويلها إلى مشاريع ناشئة قائمة على أسس علمية مدروسة تساعدهم على تحقيق الاستدامة والنمو المنشود، بالإضافة إلى مساعدة الأعضاء في الحصول على التسهيلات المالية اللازمة من قبل المؤسسات المعنية، إلى جانب تمهيد الطريق أمام التعاون التجاري الذي يمكن أن يكون بين الأعضاء والمؤسسات الكبيرة في شتى القطاعات الاقتصادية بعد التأكد من جاهزيتهم المهنية لتلبية احتياجات تلك الشركات التي يرغبون بالعمل معها، حيث تم التنسيق لاتفاقيات تفاهم وتعاون تجاري ما بين عدد من الأعضاء وعدد من شركات مجموعة الزبير.
وقال مركز الزبير لـ "الشبيبة" إن برنامج الدعم المباشر للمؤسسات الصغيرة "شهد نجاحاً ملحوظاً ونموّاً متميزاً، حيث تقدم إلى البرنامج في نسخته الثالثة للعام 2016، 214 شخص مقارنة بـ 94 في العام 2015، ومن خلال هذا البرنامج يتم تكريم مجموعة من الأعضاء سنويا حيث يحصل الفائزين على عدة ميزات من ضمنها منحة مالية تساعدهم في رأس المال التأسيسي لمشاريعهم، وقد تم اختيار 28 فائزاً من ضمنهم 6 في مجال الصناعات الحرفية، 4 في مجال الحلي والمجوهرات و 2 في مجال منتجات العناية بالبشرة المصنوعة محلياً، كما يتم التعريف بالأعضاء ومنتجاتهم وخدماتهم إلى جانب تسليط الضوء على عدد كبير من قصص النجاح بين هؤلاء الشباب، عبر وسائل الإعلام المحلية والإقليمية إلى جانب برامج التواصل الإجتماعي وقد حققت هذه التغطيات جذباً ملحوظاً للاهتمام من قبل جهات عدة حول خدمات ومنتجات أعضاء المركز.
ويعتبر برنامج الدعم المباشر في مركز الزبير فرصة للتعريف بعشرة أشخاص مجيدين يتم اختيارهم بناء على معايير شمولية ومحددة ويتم تكريمهم من خلال حفل خاص يحضره العديد من رواد الأعمال والمهتمين والداعمين لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنة، إلى جانب إطلاق مبادرة جلسات "تجربتي" الحوارية التي تعرض التجارب الفردية والجماعية لرواد الأعمال، إلا أن التحدي الأكبر هو تمكين رواد الأعمال أو المقبلين على ريادة الأعمال من حيث المعرفة والأدوات والقناعات اللازمة لإدارة مشاريعهم بطرق مستدامة وقابلة للنمو لكي يتشكل لديهم ثقة في مشروعاتهم وجدواها الإقتصادية، الذي يضمن طمأنتهم لاتخاذ قرارات حاسمة مثل التفرغ لإدارة المشروعات أو عدم التشبث بحلم الوظيفة، لأن الوعي الكافي بمفهوم وأدوات ريادة الأعمال ما بين الشباب العماني يمكنهم من إدراك ميزاتها وفوائدها المرجوة بالمقارنة بالوظائف سواء في القطاع العام أو الخاص وإن كان هذا التخوف أمراً طبيعيا إذ أن 75% من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تقل أعمارهم عن 30 سنة، وبالتالي تنقصهم الدراية والخبرة الكافية، مما يزيد من أهمية المبادرات والجهود الساعية إلى التمكين وبناء الكفاءات اللازمة وتقديم كل الدعم للنهوض بهذا القطاع الهام، ولابد من التأكيد على أن هذه الجهود تكاملية بين جميع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بدعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي ساهمت بشكل ملحوظ في نشر ثقافة الريادة في مختلف أنحاء السلطنة لتشجيع الشباب العماني على الدخول بقوة إلى هذا المجال الحيوي الواعد.
فرص هائلة
ويؤكد لؤي البطاينة مدير الاستثمار ببنك عمان العربي أن "دخول الشباب العماني لمعترك العمل الحرفي الانتاجي من خلال تأسيسهم لمشروعات صغيرة ومتوسطة يزيد من حجم السوق العماني ويعطي فرصاً أكبر للنمو الاقتصادي الوطني كما أنه يُساعد آخرين في الانضمام لهم والانخراط في العمل الخاص والاستفادة من الخبرات الموجودة في هذا القطاع، وأضاف إن أصعب ما يواجه هؤلاء الشباب المقبلين على خوض تجربة العمل الخاص هو الخوف المتعلق بفكرة النجاح من عدمه بعد تأسيس المشروع، لذلك فلابد من خلق بيئة تدريب لهم من شأنها أن تعمل على تأهيلهم فنياً وإدارياً، إضافة إلى توفير مصادر التمويل وهي جميعها مقومات موجودة من خلال ما تقدمه مؤسسات القطاع العام والخاص داخل السوق العماني ، ويجدر الإشارة إلى وجود أكثر من 300 ألف شركة معظمها من فئة الصغيرة والمتوسطة، ولكن تُدار من قبل عمالة وموظفين غير عمانيين."
ودعا مدير الإستثمار ببنك عمان العربي إلى "البدء فوراً بإرساء دعائم منظومة كاملة تشترك فيها جميع الجهات المعنية والمسؤولة من مؤسسات المجتمع ليبدأ إعداد الطلاب وتأهيلهم مادياً ومعنويا من أول الصفوف الأولى في مراحل التعليم على أسس التدريب المهني من خلال مساقات مُعتمدة من قبل مؤسسات عالمية ومن ثم تأهيل المتميزين منهم وإعطائهم دورات وبعثات علمية مهنية وحرفية في أفضل المؤسسات التعليمية والتدريبية وخصوصاً الأوروبية والأسيوية منها، انطلاقاً من مبدأ أن ثقافة العمل المهني ضرورة حياة وهو الأساس في وضع تربية مهنية للمُستقبل من خلال تعزيز القناعة لدى الشباب العماني بأن الإرادة والإصرار فيما لو التقيا بالإرشاد الصحيح والمساعدة الفاعلة من ذوي الخبرة، كفيلان بتحقيق النجاح وإيصال الشخص إلى أهدافه المرجوة، مهما اكتنفته هواجس أو مخاوف في بدايات مشروعه".