رسائل نتنياهو متعددة الألوان

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠١/أغسطس/٢٠١٦ ٠١:٠٦ ص
رسائل نتنياهو متعددة الألوان

ناصر اليحمدي

منذ أن أنشئت الدولة المزعومة إسرائيل وهي تحاول جاهدة أن تنال صداقة وثقة العالم وتحرص على تقوية علاقاتها وترسيخ أقدامها على الصعيد الدولي حتى تضمن استدامتها وبقاءها في ظل التهديدات التي تلاحقها بالزوال نتيجة سياسة الاحتلال والقمع التي تتبعها مع الشعب الفلسطيني المحتل.

ومؤخرا كشف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكنيست عن خريطة العالم توضح وضع إسرائيل بين الأمم وتتنبأ بمستقبلها بحيث قسم دول العالم إلى فئات حصلت فيها كل دولة على لون معين يدل على علاقتها بالدولة العبرية فمثلا الدول التي قامت بتطوير علاقتها معها ورفعت مستوى التعاون بينهما كانت ملونة بالأحمر .. بينما الدول التي تم تلوينها باللون الأزرق هي التي تجمعها علاقات جيدة مع بني صهيون وتم تلوين الدول التي لا توجد بينها وبين إسرائيل علاقات خاصة باللون الأخضر .. أما الدول المعادية علنا فقد تم تلوينها باللون الأسود وهي خمس دول إيران والعراق وسوريا وأفغانستان وكوريا الشمالية.

لقد هدف نتنياهو من عرض خريطته إلى تسليط الضوء على جهوده التي يبذلها من أجل تحسين العلاقات الخارجية لدولته .. فهي تظهر أن لإسرائيل الكثير من الأصدقاء والقليل جدا من الأعداء حيث وصل عدد الأصدقاء تقريبا إلى 30 صديقا قديما و20 حديثا إلى جانب عدد لا يحصى من الأصدقاء المحتملين في المستقبل ليقنع الكنيست بنجاح سياسته الخارجية وأنه استطاع أن يحسن علاقاته دبلوماسيا واقتصاديا مع هذه الدول.

الغريب أنه بالرغم من وجود اتفاقية كامب ديفيد التي تربط بين الشقيقة مصر والدولة الصهيونية إلا أن خريطة نتنياهو منحتها اللون الأخضر الذي يشير إلى عدم وجود علاقات بين الدولتين وهو ما يجعلنا نتساءل عن المغزى من وضع مصر في هذه الفئة رغم أن ذلك في صالحها من وجهة نظري ؟.. وكذلك الحال بالنسبة لدول تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وتضم جاليات يهودية كبيرة ورغم ذلك تم تلوينها بالأخضر مثل المكسيك وتشيلي وبنما وأفريقيا الجنوبية .. ومن الغريب أيضا هو أن خريطة نتنياهو منحت أوروبا بكاملها اللون الأزرق أي تربطها بها علاقات جيدة رغم الانتقادات المستمرة للسياسة الإسرائيلية والمطالبة بإعادة الحقوق للفلسطينيين وهو ما يجعلنا نتساءل هل هذه الخلافات حقيقية أم أنها تمثيلية لحفظ ماء الوجه الأوروبي وما وراء الستار كان أخفى ؟.

السلطنة في خريطة نتنياهو أخذت فئة الدول التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ونحمد الله أنها جاءت في هذه الفئة فكل عماني لا يريد أن ترتبط الدولتان من قريب أو بعيد بأي نوع من العلاقات.

لاشك أن الرسائل متعددة الألوان التي أراد نتنياهو أن يوصلها لأعضاء الكنيست أو للعالم لا تمت للواقع بصلة .. فالعلاقات الدولية التي تربط بلاده بدول العالم ليست في طريق الازدهار كما يحلم لأن سياسته الاستبدادية القائمة على القمع وانتهاك الأعراف والقوانين الدولية والتي تصل لحد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في حق الشعب الفلسطيني أصبحت مفضوحة أمام المجتمع الدولي وهناك الكثير من الدول حول العالم والتي وصفها بالصديقة أو التي ستجمعه بها علاقة صداقة في القريب العاجل تنتقد تصرفاته باستمرار وتندد بسياسته الفاشلة .. إلا أن هذا لا يمنع أن البقع الحمراء على الخريطة جرس إنذار للعرب والفلسطينيين كي يتجهوا إليها ليكشفوا الوجه الزائف لبني صهيون.

السؤال الذي يفرض نفسه ما الذي جعل إسرائيل عنصرا مؤثرا على الصعيد الدولي وبدأت تتنامى علاقاتها مع العدد من الدول وتحظى بتأييدها وصداقتها ؟.

لاشك أن الدبلوماسية الناعمة التي تتبعها الدولة العبرية وتقوية المصالح الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المشتركة والإنجازات التكنولوجية التي تصدرها دفعت تلك الدول للتقرب منها وطلب التطبيع معها فالمال والتكنولوجيا أسلحة أقوى من أي مبادئ وكلما امتلكت دولة هذه الأسلحة رسخت أقدامها على المستوى الدولي .. وبالتالي فإن هذه الخريطة درس يجب أن يستفيد منه العرب كي يقتدوا بإسرائيل في تقوية علاقتهم بدول العالم حتى يكون لهم تأثير على القرارات الدولية .. فهل نرى لكل دولة عربية خريطة تحدد سياستها الحالية والقادمة فيما يتعلق بمكانتها بين الأمم ؟.

* * *

البابا فرنسيس كشف الحقيقة

التصريحات التي أدلى بها البابا فرنسيس بابا الفاتيكان مؤخرا بعد مقتل كاهن في فرنسا تثبت أن الرجل على دراية جيدة بما يجري على أرض الواقع فهو محق حينما قال إن سلسلة الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها الدول الأوروبية تدل على أن العالم في حالة حرب ولكنها ليست حربا دينية بل هي حرب من أجل المال والموارد الطبيعية والمصالح الاقتصادية والهيمنة على الشعوب .. وأن كلمة انعدام الأمن ليست هي الكلمة الصحيحة بل يجب أن تستبدل بكلمة حرب منظمة والتي نعيشها بكل ما تحمل الكلمة من معنى وأرجع سبب ذلك لأن العالم فقد السلام الذي تدعو له كل الأديان وهناك آخرون يبغون الحرب.

لاشك أن البابا فرنسيس محق فيما قال فالأديان لا تتصارع والحضارات لا تتنازع كما يريد أن يصورها البعض بل تتكامل ومنذ مئات السنين يسجل التاريخ أنها تدعو للتعايش في سلام ووئام .. إلا أن تزايد الأطماع وحب السيطرة على الموارد الطبيعية خاصة ممن يتسيد العالم أدى إلى تحويل هذا التعايش إلى ما نشهده اليوم من صراعات سواء بين دول وأخرى أو بين أبناء الدولة الواحدة.

عندما أعلن جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر حربه على الإرهاب وقال إنها حرب صليبية لم تكن زلة لسان كما أشيع عنها وإنما هي تمويه لإخفاء الهدف الحقيقي من هذه الحرب التي شنها في أماكن متفرقة حول العالم .. فعلى سبيل المثال عندما غزا بلاد الرافدين لم يكن للقضاء على نظام صدام حسين الديكتاتوري كما ادعى أو للبحث عن السلاح النووي الذي يمتلكه والذي ثبت فيما بعد أنها كذبة استخدمها كغطاء لتبرير الغزو وإنما هدف من وراء ذلك السيطرة على الثروات الطبيعية وخاصة النفط العراقي إلى جانب تفكيك الجيش العراقي الذي كان قويا وقتها بالإضافة إلى نشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط وتفكيك بلاد الرافدين لأكثر من جزء .. فالعراق كان مثالا رائعا للتعايش والتأخي بين الطوائف والديانات والمذاهب المختلفة لكن عندما عبثت اليد الأمريكية في تركيبة المجتمع تسببت في قيام فتن تزداد اشتعالا يوما بعد يوم.

إن ما تمتلكه أمتنا العربية من ثروات طبيعية وموقع استراتيجي هام جعلها للأسف في مرمى أطماع الدول العظمى فسعت للسيطرة عليها سواء بالاحتلال قديما أو بنشر الفوضى التي تمنحها المبرر للتدخل وتفكيك وحدتها حاليا .. لذلك يجب على الدول العربية التنبه للمخططات الخبيثة التي تحاك حولها وتتمسك بوحدة أراضيها وشعوبها حتى لا تعطي الفرصة لأحد ليتمكن من السيطرة عليها والعبث بمقدراتها.

* * *

حروف جريئة

جبهة النصرة في سوريا أعلنت رسميا فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام" .. نأمل ألا تؤدي هذه الاستقلالية إلى زيادة معدلات الإرهاب الذي لا يصب في صالح الإسلام ولا المسلمين.

الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن دعمه لهيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة الأمريكية وقال إنها قادرة على القضاء على داعش .. وهنا نسأل أوباما لماذا لم تستطع أنت القضاء عليه إذا كان بإمكان أمريكا ذلك ؟.. وهل يمكن أن تكون هذه المرأة أقوى من أشاوس أمريكا ؟.

استنكرت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة إسرائيل الاستيطانية وعبرت عن قلقها من بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية ووصفته بأنه "أعمال استفزازية" تقوض جهود السلام واحتمالات التوصل لحل الدولتين .. أليس بإمكان أمريكا والمجتمع الدولي أن يوقف إسرائيل عند حدها ويمنعها من مواصلة بناء المستوطنات وإلى متى سيظل الجميع يتعامل مع هذه السياسة الظالمة بالاستنكار والشجب والتنديد دون اتخاذ خطوات فعلية تجبر بني صهيون على الانصياع للشرعية الدولية ؟.

صحيفة التليجراف البريطانية نشرت عدادا تنازليا لنهاية العالم المزعومة وفق تنبؤات وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" التي زعمت أنها يوم 29 يوليو وأن أحداثا مرعبة ستحدث للعالم في هذا اليوم .. هاهو اليوم مر على سلام ولم تأت نهاية الكون .. حقا "كذب المنجمون ولو صدقوا".

* * *

مسك الختام

قال تعالى "يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون".