يعقوب الخنبشي: الكتابة رئتي الثالثة

مزاج الاثنين ٠١/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٥٥ ص
يعقوب الخنبشي:
الكتابة رئتي الثالثة

مسقط - ش
روائي ومثقف عماني، يعد من أهم وأبرز الكتاب في السلطنة، رجل يميزه حرصه على بناء العلاقات الانسانية مع الآخرين، انه يعقوب الخنبشي الذي خص "الشبيبة" بحديث طويل حول روايته "عودة الثائر" الصادرة اخيرا.
يشير الخنبشي الى ان روايته استمر مخاض ولادتها منذ عامين أو أكثر، وعندما رأت النور، أثارت موجة من النقاش والتحليل لم تنتهي حتى اليوم. رواية يعقوب الخنبشي "عودة الثائر" حاولت أن تعيدنا إلى ماضي الرستاق لتحكي لنا عن دورها الفاعل في الحراك السياسي الذي نتج عن موقعها الجغرفي الذي جعلها البوابة التي تلج منها إلى عمان الداخل.
الرواية صدرت عن دار الانتشار العربي في 295 صفحة وهي الثانية له بعد "سفر آخر الليل" الصادرة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع قبل قرابة العقد من الزمن. في الحوار التالي حاولنا الاقتراب من عوالم يعقوب الخنبشي الحقيقية للتعرف على كواليس "عودة الثائر" ومناقشة ما أثير حولها.
•لمن لا يعرف يعقوب الخنبشي عن قرب. كيف توصف نفسك؟
أنا إنسان أعشق الحياة والتواصل مع الآخرين، مملكتي الحقيقية أسرتي الصغيرة، أعيش بهدوء تام في ولاية الرستاق، ورغم بعد المسافة إلا أنني أجد متعة في مشاركة الأنشطة الثقافية التي يقيمها النادي الثقافي كما أحرص على المشاركة والحضور في فعاليات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وشاركت في العديد من الفعاليات الثقافية داخل وخارج السلطنة. أشعر بسعادة كبيرة عندما ألتقي أشخاصا يطلبون مني تزويدهم بنسخة من أعمالي التي صدرت والتي كان آخرها روايتي "عودة الثائر" وقبلها مجموعتي القصصية "لذة ميتة" و روايتي "السفر آخر الليل" ولا أخفيك سرا بأنها هي الأقرب إلى قلبي من بين أعمالي التي صدرت حتى الآن. ومصدر رزقي بفضل من الله من وظيفتي الحكومية والتي ما زلت على رأس عملي بوزارة التربية والتعليم.

•هل لك أن تطلعنا قليلاً على الأجواء التي رافقت تأليفك لرواية عودة الثائر، أين كُتبت، وكم استغرق ذلك من الوقت، وهل اختلفت المسودة الأولى عن النسخة الصادرة.  
هاجس كتابة "عودة الثائر" أشغلني كثيرا منذ فترة ليست بهينة وربما بدأت التفكير بها منذ زمن طويل وأنا أستمع للكثير من الحكايات التي تتناقلها الألسن عن تاريخ الرستاق وماضيها ودورها في الحراك السياسي واعتبارها مركزا وبوابة مهمة للولوج إلى عمان الداخل لذلك شغلتني في حلي وترحالي وكتبتها في أماكن متفرقة ابتداء من البيت وانتهاء بأماكن الإقامة في السفر وقد استغرق ذلك حوالي أكثر من سنتين كاملتين رافق ذلك الكثير من القراءات والتحليلات ومقابلة الأشخاص الذين لهم علاقة بأحداث تلك الفترة وعاصروها وبذلك مر هذا العمل بالكثير من المراحل ابتداء من مرحلة تدوين ورصد المعلومات إلى مرحلة الإخراج النهائي والنشر.

•دار نقاش بين متابعي روايتكم الجديدة " حول ما إذا كانت نوعاُ من السيرة الذاتية لأحدهم أم إسقاط تاريخي رمزي لمرحلة ما، هل لك أن تضيء قليلاً هذه الزاوية دون التصريح بالأسماء طبعاً إن وجدت؟

اسمحي لي بداية القول هل هذا عيبا كما يراه البعض؟ أعتقد توافقينني الرأي بالإجابة هنا بـ"لا"؟
وسأجيب على سؤالك هذا بسؤال ولا أطلب منك أيضا الاجابة في الوقت الحالي،
لو قرأتِ رواية ما لا تعرفين كاتبها ولا شخصياتها وليس لك صلة بالمحيط والظروف التي كتبت فيها هل تستطيعي أن تقولي عنها "سيرة ذاتية"؟
لذلك من السهل جدا لدى الكثير من الأشخاص أن يقولوا عن عمل من الأعمال الأدبية التي من مثل هذا النوع بأنها سيرة ذاتية وقد سمعت هذا الكلام عن أعمال وروايات سابقة وقيل عنها نفس الكلام أذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر رواية "انا والجدة نينا" للكاتب أحمد الرحبي كما أن بعض القصص القصيرة لم تسلم من هذا الرأي وربما أجد لهم عذرا فيما يرون على إن من الخيال ما يلازم الحقيقة والواقع الذي نعيشه ورغم قناعتي بأنه من الصعب أن نفصل بينهما ذلك أن العلاقة بينهما علاقة ملتبسة ومتداخلة وأن نستلهم من السيًر الذاتية ما يمكنه المزج والتلاقح مع الشخوص والأحداث ذات المرجعية الواقعية مع خيال الرواية وليس عيبا على الرواية كما يعتقد البعض ويروج له وأنا في هذا العمل ربما قدرت على المزج بينهما واسقاط بعض الشخصيات التاريخية التي عايشت وشاركت تلك المرحلة على هذا الواقع لتكون أقرب إلى المصداقية التاريخية قبل كل شيء.

•هل هناك رمزية مشتركة ما في عودة خلفان سالم وعودة يعقوب الخنبشي للكتابة الروائية بعد انقطاع لمدة عشر سنوات؟ هل تعتبر نفسك ثائراً أيضاً وعلى ماذا؟
الكتابة بالنسبة لي رئة ثالثة أتنفس من خلالها ومرآة مشوبة بالعديد من التجليات والشغف للبوح الذاتي. أنا أكتب من أجل أن تستمر الحياة معي وليس ترفا، والنشر في حد ذاته مجازفة لكل شيء وعودة خلفان سالم كما أراها ماهي إلا عودة للكثير من الأفكار والأحداث التي ينبغي الالتفات إليها وإعطائها قدرا كبيرا من العناية في زمن أصبح فيه المتاجرة بالموت كالمتاجرة بلعب الأطفال وعليه من الصعب التكهن بالمستقبل.

•تشترك مع بطل روايتك في جغرافيا المولد، أين تقع الرستاق بالنسبة إليك وهل هي اليوم المدينة التي حلمت بها صغيراً؟
الرستاق بالنسبة لي ذاكرة المكان والطفولة والحياة والعشق الأول ولها مكانة كبيرة في التاريخ العماني لا يخفى على أحد وهو أشبه بالبحر لا تعرف أين يبدأ وأين ينتهي ما يؤلمني فيها كثيرا حين أرى الكثير من شواهد التاريخ والتراث تندثر وتهمل دون اهتمام من الجهات المختصة.

•هناك مساحة واضحة للمرأة في عملك الأخير، هل تقصدت ذلك، أم جاء في سياقه الطبيعي كونها نصف المجتمع؟
دائما أردد عندما أسأل عن المرأة وأقول "لم يخلق الله على وجه الأرض أجمل من المرأة" ولا أقصد بطبيعة الحال الجمال الشكلي أو الجسدي فقط وانما المرأة هي القلب النابض للحياة منها نستمد القوة والحب، لذلك ما دخلت المرأة في عمل ما إلا زانته وما خرجت منه إلا شانته، ولم تكن المرأة في التاريخ العماني مجرد رقم أو تعداد سكان وإنما كانت مناضلة وعالمه وكاتبة وملكة وقائدة كما هو حالها الآن، وبروزها في عملي الأخير عودة الثائر لم يأت اعتباطا وإنما لدورها الكبير والمشرف الذي لعبته في حركات النضال والتحرر جنبا الى جنب مع أخيها الرجل فكانت هي الأم وهي العشيقة وهي المناضلة وهي المنقذة وهي مكمن الأسرار لذلك كان حضورها في الكثير من أعمالي.

•هل تعتقد أن الرواية أخذت حقها من الانتشار والمناقشة؟ وهل ما بيع منها يرضيك؟
كما تعرفين أن بلادنا تفتقر لوجود مكتبات أدبية سواء خاصة أو حكومية وكل ما لدينا هي مكتبات قرطاسية وإن تكرمت تلك المكتبات بعرض بعض الكتب فهي لا تبيع إلا الكتب ذات التوجه الواحد فقط ولكن ما أسعدني وما لاحظته من إقبال كبير لشراء الرواية والأعمال الأدبية العمانية الأخرى أثناء معرض الكتاب وكثر الطلبات التي انهالت لتزويد أصحابها بنسخ هو مقياس حقيقي ينبغي تبنيه سواء من الجهات المعنية بتقديم وتسهيل التصاريح واقدام المهتمين للاستثمار في هذا الجانب.

•لديك تجربة قصصية وأخرى روائية، وهنا أريد سؤالك عن رأيك في الكتابة الدرامية المحلية، ما رأيك بواقعها الحالي وهل تعاني من أزمة نص كما يقول البعض، وهل لديك محاولات لكتابة السيناريو، وهل تعتقد أن عودة الثائر تصلح لتكون مادة لسيناريو مسلسل تلفزيوني في يوم من الأيام؟
بصراحة وشفافية أقول أنه لا توجد رغبة حقيقية لتطوير الدراما لدينا رغم تواجد النص العماني الذي يمكن أن يصل بها للعالمية والسبب أنه عندما تشكل لجان التطوير يتم ترشيح نفس الأشخاص وهم يتكررون في تلك اللجان لذلك يرسمون نفس السياسة والتوجه ويطرحون نفس الأفكار دون تجديد، والأعمال الناجحة التي وصلت وسجلت حضورا قويا هي إما بمبادرات شخصية أو جهود ذاتية بعيدة عن طوق لجان التطوير وسياساتها. أقول هنا بصوت عال افتحوا الطريق ومكنوا الشباب للقيام بواجبهم في كل شيء وفي كل مجال فهم قادرون على نقلنا مع متطلبات العصر والتناغم والانسجام مع التجديد ومتطلباته.
أما عن محاولاتي لكتابة السيناريو فلا توجد وقد حاولت في فترة ما الدخول في أحد الدورات التي عقدتها إحدى الجهات المعنية بالأمر وفشلت بعدما عجز المختصون عن تزويدي برسالة إلى مقر عملي بالرستاق رغم تعهدي بتحمل تكاليف الاقامة والمعيشة في مسقط بدل من السفر اليومي ذهابا وعودة لأقطع كل يوم ما يقارب ثلاثمائة كيلو ذهابا وعودة، وإذا كان من عمل لي أرشحه لمسلسل تلفزيوني فهو روايتي " السفر آخر الليل".

•دعنا نختتم الحديث بسؤالك عن خطواتك القادمة فيما لو كنت راغباَ في مشاركتنا بعض التفاصيل؟
لا يوجد حاليا مخطط لإصدار جديد في الوقت الحالي وكل ما لدي لا يخرج حاليا عن نطاق مسودات لم تكتمل بعد وأنا عاكف حاليا على القراءة ومزاولة شؤون حياتي الخاصة.