أنقرة – ش – وكالات
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أنه يريد وضع أجهزة الاستخبارات ورئاسة أركان الجيش تحت سلطته المباشرة فيما يسعى إلى تعزيز السيطرة على البلاد بعد محاولة الانقلاب.
إصلاحات دستورية
وواصلت السلطات حملة التطهير الواسعة لمن اعتبرتهم متواطئين في محاولة الانقلاب التي أدت بحسب أردوجان إلى توقيف حوالى 19 ألف شخص وأثارت مخاوف المجتمع الدولي.
وقال أردوجان في مقابلة مع قناة "أ - خبر" التلفزيونية "سنطرح مجموعة صغيرة من الإصلاحات الدستورية (في البرلمان) من شأنها، إن تم اقرارها، أن تضع وكالة الاستخبارات الوطنية ورئاسة الأركان تحت سلطة الرئاسة".
لكن اقرار هذا التعديل الدستوري الذي يعزز صلاحيات الرئيس يتطلب اكثرية الثلثين في البرلمان مما يعني ان حزب العدالة والتنمية الحاكم يحتاج إلى الحصول على تأييد بعض من احزاب المعارضة.
وأضاف الرئيس التركي إن "المدارس العسكرية ستغلق.. وسيتم إستحداث جامعة عسكرية وطنية" في إطار إعادة هيكلة كبرى للسلك العسكري في أعقاب الانقلاب الفاشل.
وتابع أن قادة أسلحة البر والبحر والجو سيتبعون في المستقبل مباشرة إلى وزير الدفاع فكري إشك. ويبدو أن هذه التعديلات المعلنة بعد أسبوعين على محاولة الانقلاب تهدف إلى منح أردوجان سلطات أعظم على القوات المسلحة والاستخبارات.
وفاجأت محاولة الانقلاب العسكري التي جرت في 15 يوليو وعزاها أردوجان إلى عناصر من اتباع الداعية فتح الله جولن المقيم في الولايات المتحدة، السلطات التركية فيما اشتكى الرئيس من ثغرات في الاستخبارات.
فالرئيس لم يكن راضيا عن المعلومات التي تلقاها من جهاز الاستخبارات التركي ومديره هاكان فيدان ليلة الانقلاب، معتبرا أن الكثير من الوقت الثمين أهدر.
وقال أردوجان "مع الأسف سجل في كل هذا فشل ذريع للاستخبارات". والخميس شهد الجيش التركي تبديلات كبيرة شملت طرد نحو نصف جنرالاته (149 جنرالا واميرالا) من الخدمة واعادة هيكلة الرتب العليا في بنيته.
وأمس الأول أكد مسؤول تركي لم يشأ كشف هويته أن الاستخبارات اعترضت قبل أكثر من عام رسائل مشفرة أتاحت التعرف على هويات 40 ألف شخص يناصرون جولن بينهم 600 من الضباط الكبار. لكن جولن ينفي تكرارا أي علاقة له بالانقلاب.
إمكانية تمديد حالة الطوارئ
وعن حالة الطوارئ التي فرضت لمدة ثلاثة أشهر إثر المحاولة الانقلابية أكد أردوجان انها يمكن ان تمدد على غرار ما فعلت فرنسا إثر الاعتداءات المتطرفة التي استهدفتها.
قال أردوجان "ان لم تعد الامور إلى سابق عهدها في فترة حالة الطوارئ، فيمكن ان نمددها مثلما فعلت فرنسا". وأفاد الرئيس عن توقيف 18699 شخصا في حملة تلت الانقلاب، أبقي 10137 منهم قيد الاعتقال.
كما اودع 17 صحافيا تركيا السجن في أسطنبول بتهمة وجود صلات لهم مع "منظمة إرهابية"، فيما تصاعدت أصوات الاستياء حول العالم ازاء استهداف الصحافيين إثر الانقلاب الفاشل.
والصحافيون الـ 17 المسجونون يندرجون ضمن 21 مثلوا أمام محكمة اسطنبول. ووجه اليهم القضاة تهمة وجود صلة لهم مع "منظمة إرهابية"، وفق وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
وبين هؤلاء الصحافية المعروفة نازلي ايليجاك التي كانت عملت لحساب صحيفة قريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل إقالتها إثر فضيحة فساد هزت القريبين من أردوجان، وهانم بصرى أردال المراسلة السابقة في صحيفة زمان التي كانت موالية لجولن قبل أن تضع السلطات اليد عليها. وصرح الصحافي بولنت موماي، وهو واحد من أربعة تم الافراج عنهم "لم أتصور إطلاقا أن أتعرض لاتهامات مماثلة".
وفي بادرة حسن نية تهدف إلى "تعزيز الوحدة الوطنية" بعد أسبوعين من محاولة الانقلاب في 15 يوليو، أعلن الرئيس التركي التخلي عن الشكاوى المرفوعة على متهمين بـ"إهانته". ويشمل هذا الإجراء نحو ألفي شخص بينهم أحد زعماء المعارضة بحسب أرقام قدمها مسؤولون في بداية العام.
الإفراج عن الطلاب
كما أفرج عن آلاف الموقوفين إثر الانقلاب، بينهم 758 عسكريا مساء الجمعة يضافون إلى 3500 موقوف أفرج عنهم، ومن بين العسكريين المفرج عنهم 62 طالبا في أكاديمية إسطنبول العسكرية يقل عمر بعضهم عن عشرين عاما، غادروا سجن مالتيبي حيث استقبلتهم عائلاتهم وسط أجواء من التأثر بحسب وكالة دوجان.
وانتقد الرئيس التركي علنا غياب التضامن الغربي مع تركيا، والتقى السبت وزير خارجية قطر محمد عبد الرحمن ال ثاني. كذلك من المقرر أن يتجمع عشرات الآلاف من أنصار أردوجان في مدينة كولونيا الألمانية وسط استنفار السلطات المحلية لتجنب أي عنف.
*-*
أنقرة تحقق لكشف صلة محاولة الانقلاب بالخارج
قال نائب رئيس الوزراء، المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان قورتولموش، إن بلاده ستجري تحقيقات دقيقة جدًا لكشف صلة محاولة الانقلاب الفاشلة بالخارج، مشيرًا أنها ستبلغ الرأي العام بكل النتائج التي تحصل عليها في هذا الإطار.
وشدّد قورتولموش على أن إعادة "فتح الله جولن"، زعيم تنظيم الكيان الموازي من الولايات المتحدة الأمريكية إلى تركيا، تُعد المسألة الأهم التي من شأنها أن تُزيل التردّد والشكوك فيما يتعلق بالمتورطين في المحاولة الانقلابية منتصف يوليو الجاري.
وأوضح في مقابلة مع صحيفة "حرييت" التركية، أن هناك حملات تشنها أطراف خارجية (لم يسمها) خلال الفترة الأخيرة، لتأليب الرأي العام ضد تركيا، داعيًا المواطنين الذين ليست لديهم صلة بالمنظمة الإرهابية إلى عدم القلق. وأشار أن القضاء التركي سيحاسب كل من لديه صلة بمنظمة "فتح الله جولن" الإرهابية، بالطرق العادلة، وأن الحكومة التركية ستبذل جهدًا كبيرًا للحيلولة دون تضرر المواطنين الأبرياء.
وفي معرض ردّه على سؤال ما إذا كان حزب العدالة والتنمية (الحاكم) سيعمل على إبعاد أشخاص من أعضائه ضمن إطار مكافحة المنظمة الإرهابية، أفاد قورتولموش بأن "الحزب كان يضم سابقًا نوابًا ووزراء ينتمون للمنظمة، وتم التسامح معهم بشكل كبير للأسف"، مضيفاً "سنعمل خلال الفترة القادمة على تقييم هذا الأمر داخل الحزب، كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات الدولة التي يتم تطهيرها من المنظمة بشكل كامل، ونتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الإطار".
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء 15 يوليو، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، موالية للكيان الموازي، حاولوا خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الإعلامية الأمنية، وذلك بحسب ما تقوله الحكومة التركية.