شكوك أمريكية في الساعات الأخيرة من صفقة تبادل السجناء مع إيران

الحدث الخميس ٢١/يناير/٢٠١٦ ١٩:٢٢ م

من ييجانة تربتي وجويل شيكتمان ومات سبيتالنيك
هيوستون/واشنطن 21 يناير كانون الثاني (رويترز) - عندما ألقى ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي القبض على بهرام ميكانيك في ابريل نيسان من العام الماضي وصف رجال الإدعاء هذا الأمريكي من أصل إيراني المقيم في هيوستون بأنه وسيط لمشتريات غير قانونية لحساب القوات المسلحة الإيرانية ويمثل خطرا على الأمن الوطني.
وحينما خرج ميكانيك (69 عاما) من مركز احتجاز في هيوستون قبل الفجر يوم الأحد الماضي حصل على حريته بموجب عفو أصدره الرئيس باراك أوباما تم التفاوض عليه سرا مع إيران على مدى شهور مقابل إطلاق سراح أربعة أمريكيين.
ويؤكد التحول الجذري في مصير ميكانيك وستة إيرانيين آخرين شملهم العفو في صفقة تزامنت مع رفع العقوبات الدولية على إيران مدى السرعة التي تغيرت بها الافتراضات فيما يخص العلاقات الأمريكية مع طهران.
وقال مسؤولون بالإدارة ومحامون يمثلون الإيرانيين الستة إن عملية التبادل التاريخية تميزت بالشكوك وقلق في الجانبين فيما يتعلق بآراء الرأي العام واستمرار الارتياب بين واشنطن وطهران.
واشترطت إدارة أوباما أن يتخلى الرجال عن حقوق الاستفادة من أي كتاب أو فيلم ينتج عن قرارات العفو والتخلي عن حق مقاضاة الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى قال جويل اندروفي محامي ميكانيك إن الإيرانيين طلبوا من ميكانيك الذي كان من بين ستة من الرجال يحملون الجنسيتين الأمريكية والإيرانية أن يفكر في القيام برحلة لإيران لإبداء الامتنان للحكومة التي مارست ضغطا من أجل الافراج عنه.
ويقول المحامون إن قرارات أوباما تؤكد ما قدموه من دفوع في المحكمة. ويقول ميكانيك وآخرون إنهم لم يمثلوا خطرا قط وإنهم مهاجرون عصاميون ضبطوا أثناء تنفيذ أشمل حظر تجاري تفرضه الولايات المتحدة.
وقد عزا أوباما لبرنامج العقوبات وتنفيذه المحكم الفضل في إعاقة اقتصاد إيران وإرغامها على قبول فرض قيود على برنامجها النووي. ومازال حظر أمريكي واسع النطاق ساريا على إيران ويوم الأحد الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تستهدف برنامج الصواريخ البالستية الإيراني.
وقال المحامون إن جميع الإيرانيين باستثناء واحد سجنوا أو كانوا ينتظرون محاكمتهم عرضت عليهم تفاصيل العفو للمرة الأولى في الأسبوع الماضي.
احتجز ميكانيك وآخر يدعى خوسرو أفغاهي دون حق الإفراج عنهما بكفالة منذ اعتقالهما في ابريل نيسان الماضي في حين أفرجت السلطات عن توراج فريدي الذي يعمل لدى ميكانيك بكفالة. وقال الثلاثة إنهم غير مذنبين فيما نسب إليهم من اتهامات بشحن أجهزة إلكترونية إلى إيران وكان من المحتمل أن تصدر عليهم أحكام بالسجن لمدة 20 عاما.
وقال كنت شافر المحامي الذي يمثل فريدي "الأمر أشبه بالفوز باليانصيب."
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومساعدوه يتفاوضون على تبادل السجناء مع إيران منذ أكثر من عام. واكتسبت المحادثات زخما في يوليو تموز عندما اتفقت الولايات المتحدة والقوى العالمية الكبرى على صفقة لرفع بعض العقوبات المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على قدرتها على تطوير أسلحة نووية.
وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن البيت الأبيض شكل في الأسابيع الأخيرة "غرفة حرب فعلية" برئاسة سوزان رايس مستشارة الأمن القومي لتنسيق عملية التبادل.
وكان الهدف هو ضمان ألا تترك الولايات المتحدة فرصة لإيران لعدم الإفراج عن الأمريكيين الأربعة في الوقت الذي يصبح فيه العفو عن ميكانيك والآخرين ساريا.
وانطوى ذلك على التنسيق لحظة بلحظة بين المسؤولين الأمريكيين في فيينا حيث كان من المقرر أن يبدأ رسميا تنفيذ الاتفاق النووي يوم السبت وبين مسؤولين سويسريين في طهران مع الأمريكيين وسجون في تكساس وفرجينيا ونيويورك.
وقال المسؤول بالإدارة الأمريكية "صفقة مثل هذه تخلق بعض الثقة لكننا في هذه المرحلة لا توجد بيننا علاقة ثقة كاملة."
* زيارة للسجن في نوفمبر
وقال أندروفي إن فاريبورز جاهانسوزان المستشار القانوني بقسم برعاية المصالح الإيرانية في واشنطن زار ميكانيك وأفغاهي في نوفمبر تشرين الثاني لابلاغهما أن من الممكن إدراجهما في قائمة السجناء الذين ستتم مبادلتهم.
وامتنع جاهانسوزان عن التعليق.
وزار المسؤول الإيراني الرجلين مرة أخرى في أوائل يناير كانون الثاني وأشار إلى أن الاتفاق أصبح وشيكا حسبما ذكره أندروفي الذي قال إن جاهانسوزان طلب منه إبقاء ما دار من محادثات طي الكتمان.
وفي أواخر الأسبوع الماضي أبلغ مسؤولون بوزارة العدل المحامين عن الرجال أن أوباما بصدد إصدار عفو عنهم. وكان ميكانيك الذي امتنع عن التعليق عندما اتصلت به رويترز مستعدا لقبول العرض.
وكانت إيران قد عرضت في البداية قائمة تضم 12 مسجونا تريد إطلاق سراحهم. وقال المسؤول الأمريكي الكبير إنه رغم إبلاغ إيران من البداية أن الرئيس أوباما لن ينظر في أمر أي متهم متورط في أعمال عنف أو أعمال إرهابية "فقد حاولوا إدراج أسماء لا تطابق تلك المعايير."
* الانتظار في هيوستون
ويوم الجمعة اتصل أندروفي وميكانيك بجاهانسوزان ومدير قسم رعاية المصالح الإيرانية مهدي اتيفات لبحث العفو الأمريكي مرة أخيرة. ولم يتسن الاتصال باتيفات للتعليق.
وقال أندروفي إن الجانب الإيراني كان له مطلب هو أن يعود ميكانيك إلى إيران ولو في زيارة. وأضاف أن ميكانيك الذي يدير نشاطا تجاريا في إيران يعتزم زيارتها.
وقال المسؤولون الأمريكيون لأندروفي أن يكون موجودا في مركز الاحتجاز الاتحادي في هيوستون قبل الفجر لحضور الإفراج عن ميكانيك في الخامسة والنصف صباح يوم السبت بتوقيت هيوستون.
وفي صباح ذلك اليوم اقتيد ميكانيك وأفغاهي إلى قاعة مؤتمرات في السجن وهما يرتديان ملابس السجن الزرقاء. وسمح مسؤولو السجن لميكانيك بمعانقة زوجته ثم فصلوا بينهما.
وحان الموعد وفات. وطلب المسؤولون من الجميع التأهب للتنفيذ حيث كانوا في انتظار الموافقة النهائية.
وفي طهران اعترض مسؤولون إيرانيون على مرافقة زوجة صحفي الواشنطن بوست جيسون رضائيان ووالدته له على الطائرة السويسرية. وقال المسؤولون إن الجانب الأمريكي رد بتعطيل الإفراج عن ميكانيك والآخرين نحو 24 ساعة قبل أن يلين الإيرانيون.
وفي الساعة الخامسة إلا الربع من صباح يوم الأحد بتوقيت هيوستون تم الإفراج عن ميكانيك وأفغاهي بينما كان رضائيان والأمريكيون الآخرون يستعدون لمغادرة طهران.
والتقى ميكانيك وأفغاهي بمجموعة صغيرة من أفراد أسرتيهما كانت تنتظر في الظلام. وعانق كل من الرجلين زوجته والتقطا بعض الصور ثم دخلا سيارة كانت تنتظرهما وهما يحملان قرارات العفو التي وقعها أوباما. (إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)