بلغ الجنون مبلغه في هذا العالم الغريب العجيب والذي تحولت فيه الملايين إلى ملاليم، فأصبح ولا أسهل من رمي 100 مليون يورو تحت قدمين كل ما تحسنان فعله هو «دحرجة الكرة».
نعم أنا وغيري نترزق من مهنتنا في الكتابة عن كرة القدم والرياضة عموما، ولكن لم يخطر في بالنا يوما أن تتحول الأمور إلى هذا المنحنى الخطير في إهدار المال واستحقار كل ما هو ثمين وغالي.
كان ريال مدريد الإسباني أول الأندية جنونا عندما دفع مبلغ 96 مليون يورو ثم 100 مليون على التوالي في البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي جاريث بيل، وكنا نظن أن النادي الملكي استثناء لهوس رئيسه فيورنتينو بيريز بجمع النجوم. ولكن ما هو استثناء تحول بسرعة إلى العموم فها هو يوفنتوس الايطالي يلقي بـ90 مليون يورو تحت اقدام الأرجنتيني جونزالو هيجواين ويجلبه من الغريم نابولي.
هذه الجرأة التي تحلى بها يوفنتوس جاءت نتيجة الاخبار التي أكدت أن مانشستر يونايتد الانجليزي دفع فعلا مبلغ 110 مليون جنيه استرليني (125 مليون دولار أمريكي) مقابل شراء الفرنسي بول بوجبا من السيدة العجوز.
يأتي من بعيد أحدهم ويقول «ما الغريب في الأمر» طالما أن الأندية في أوروبا تحصل سنويا على 30 مليار يورو من حقوق بيع البث التلفزيوني وبيع تذاكر المباريات ورعايات الشركات ومبيعات القمصان والمنتجات الرياضية.
حدثني احدهم عن مشجع يمتلك 100 قميص «أصلي» لناديه المفضل جمعها على مدار 15 عاما، وكل قميص يحمل نقشة مختلفة ولون مختلف.
وإزاء هذا الهوس الأعمى لماذا لا تستخدم الاندية الكبيرة والمشهورة هذه الاموال الطائلة السهلة في صفقات شراء اللاعبين تحت قاعدة ما سهل جمعه هان صرفه، او كما يقول الخواجات «ايزي كم .. ايزي جو».
إلى أين تذهب كرة القدم في واقع الأمر، وما هي النهاية في هذا المسار المجنون، وهل يشترط فعلا دفع كل هذه الملايين من أجل تحقيق المجد السهل والانتصارات بلا تعب؟.
نسوق هذه الأسئلة ونحن نستعرض مثلا ما حصل مع فريق ليستر سيتي الفائز بلقب الدوري الانجليزي الممتاز الموسم الماضي وكيف نجح في التتويج بأصعب بطولة في العالم رغم ان مجموع رواتب لاعبيه لا يتجاوز راتب نجم واحد فقط في أحد الأندية الكبيرة.!!
نتساءل ونحن نراقب هجوم الاندية الكبيرة على لاعبي ليستر سيتي من اجل التعاقد معهم بمبالغ خرافية لتكون النتيجة في النهاية تحطيم هذا النموذج المكافح الناجح.
نتمنى أن يحافظ بطل انجلترا المغمور على كفاحه واستبساله أمام هذه الآلة الضخمة، كما يحصل في أفلام هوليود عندما يواجه البطل الأعزل رجلا آليا وينتصر عليه.. ولكن هذا في الفيلم فقط.
الغالب أن يسير ليستر إلى الظل كما حصل مع اندية صغيرة كثيرة في الماضي ويفرض منطق المال (القوي) نفسه من جديد، وكم أتمنى سيناريو الفيلم وليس سيناريو الواقع.
husam@karmicholding.com