حملة التطهير في تركيا تمتد للخارج

الحدث الثلاثاء ٢٦/يوليو/٢٠١٦ ٢٢:٣٥ م
حملة التطهير في تركيا تمتد للخارج

أنقرة – ش – وكالات

امتدت حملة التطهير التي تشهدها تركيا عقب المحاولة الانقلابية في 15 يوليو إلى خارج البلاد حيث اعتقلت سلطات الإمارات جنرالين تركيين يخدمان في أفغانستان وسلمتها إلى انقرة، فيما تتواصل الاعتقالات في صفوف الصحافيين.
وتسببت المحاولة الانقلابية التي سعت إلى الاطاحة بالرئيس رجب طيب أردوجان، لكنها فشلت بعد ساعات، في صدمة في تركيا لا يزال صداها يتردد بعد اسبوعين.
فقد اعتقلت السلطات ما يزيد عن 13 الف شخص بينما خسر عشرات الالاف وظائفهم بسبب الانقلاب الفاشل الذي تلقي السلطات التركية بمسؤوليته على الداعية الاسلامي المقيم في بنسلفانيا فتح الله جولن.
واوقفت سلطات الامارات جنرالين تركيين يخدمان في افغانستان للاشتباه بعلاقتهما بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وسلمتهما إلى السلطات التركية، بحسب ما افادت وكالة الاناضول للانباء
وتسببت حملة القمع واعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر في انحاء تركيا، في انتقادات من الاتحاد الاوروبي الذي تسعى انقرة منذ سنوات إلى الانضمام إلى صفوفه، مع مطالبة بروكسل انقرة باحترام القانون.
وفي مؤشر على تغير الاولويات في الدبلوماسية التركية بعد المحاولة الانقلابية، سيزور أردوجان روسيا في اغسطس لاصلاح العلاقات بين انقرة وموسكو بعد اسقاط تركيا لمقاتلة روسية على الحدود مع سوريا، بحسب مسؤولين.
واحتجزت السلطات الصحافية المعروفة نازلي اليجاك بعد صدور مذكرات اعتقال بحق 42 صحافيا أمس الأول في خطوة تسببت في قلق دولي. واعتقلت اليجاك صباح أمس الثلاثاء عندما اوقف عناصر الشرطة سيارتها في قضاء بودروم ونقلوها إلى اسطنبول، بحسب ما افادت وكالة الاناضول شبه الحكومية.
وستمثل الصحافية في وقت لاحق امام محكمة لتعرف ما اذا كان سيتم احتجازها. وذكرت وكالة دوغان للانباء انه اضافة إلى اليجاك اعتقلت السلطات ستة صحافيين وغادر 11 البلاد.
من ناحية اخرى اوقفت سلطات الامارات جنرالين تركيين يخدمان في افغانستان للاشتباه بعلاقتهما بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وسلمتهما إلى السلطات التركية، بحسب وكالة الاناضول.
وكان مسؤول تركي صرح طالبا عدم كشف هويته ان سلطات الامارات اوقفت في مطار دبي الدولي اللواء جاهد باقر قائد القوات التركية في افغانستان والعميد شنر طوبشو قائد مكتب التدريب والدعم والاستشارة ضمن القوات التركية في كابول، بعد تعاون بين اجهزة الاستخبارات التركية والاماراتية.
واكدت الوكالة ان الامارات سلمت الجنرالين إلى السلطات التركية "بعد محاولتهما الفرار إلى مدينة دبي قادمين من كابول". واشارت إلى ان اعتقالهما ياتي "في اطار التحقيقات المتعلقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة".
وتعتبر هذه اولى الاعتقالات لضباط كبار يخدمون خارج تركيا عقب المحاولة الانقلابية. وفي تطور منفصل اعتقلت السلطات التركية محافظ مدينة اسطنبول السابق حسين عوني موتلو في اطار التحقيقات.
وتقول الحكومة ان الاجراءات المشددة ضرورية لتطهير البلاد من نفوذ جولن في المؤسسات بعد ان خلق ما تطلق عليه "الكيان الموازي" داخل تركيا. الا ان جولن نفى تلك الاتهامات. ويعيش الداعية الاسلامي في مجمع في ريف بنسلفانيا، وتدير مؤسسته شبكة عالمية من المدارس والجمعيات الخيرية والمؤسسات الاعلامية.
وفي مقال في صحيفة نيويورك تايمز، قال جولن انه لا يريد ان تعاني تركيا في تاريخها من "محنة" الانقلابات العسكرية مرة اخرى، متهما أردوجان بانه "يسعى بشكل خطير لارساء حكم الرجل الواحد".
وتمر تركيا بتغييرات هائلة منذ ليلة 15 يوليو التي شابتها اعمال عنف بين جنود مؤيدين للانقلاب وحشود تظاهرت ضده. واعلن رئيس الوزراء بن علي يلديريم انه ستتم اعادة تسمية الجسر الممتد فوق مضيق البوسفور في اسطنبول الذي شهد اعنف الاشتباكات، يحيث يصبح "جسر شهداء 15 يوليو" تكريما لضحايا المحاولة الانقلابية.
وسيزور أردوجان موسكو في التاسع من اغسطس لعقد اول اجتماع مع بوتين منذ ان اصلحت موسكو وانقرة العلاقات بينهما بعد تضررهما بسبب اسقاط تركيا لمقاتلة العام الماضي، بحسب نائب رئيس الوزراء محمد تشيمشك.
وتشيمشك هو ارفع مسؤول تركيا يزور روسيا عقب اسقاط المقاتلة في /نوفمبر على الحدود السورية.
من ناحية اخرى واصل أردوجان انتقاداته العنيفة على الاتحاد الاوروبي متهما بروكسل بعدم سداد المبالغ المتفق عليها بموجب اتفاق بشان اللاجئين السوريين. وقال في تصريح لتلفزيون ايه ار دي الالماني ان "الحكومات الاوروبية ليست صادقة". لم يؤثر الانقلاب الفاشل على وظائف الجيش التركي في مواجهة المقاتلين الأكراد والمنظمات الإرهابية
وتركت محاولة الانقلاب فى 15 يوليو الجيش التركي في حالة من الإذلال والاستنزاف في الوقت الذي يواجه فيه المتمردين الاكراد وتنظيم داعش. وسيتحدد مستقبله جزئيا الخميس خلال اجتماع يعقده المجلس العسكري الاعلى في انقرة.
يشكل الجيش التركي بعديده البالغ 750 الفا معظمهم من المجندين، القوة الثانية في حلف شمال الاطلسي. وحتى العام 2010، كان الدستور ينص على انه "حامي الجمهورية التركية" وعلمانيتها. لكن هذه المكانة باتت من الماضي.
فقد اصبح نحو ثلث جنرالاته (123) قيد الاحتجاز في حملة تطهير لم يسبق لها مثيل، رغم ان الرئيس الاسلامي المحافظ رجب طيب أردوجان كان بدأ عملية مشابهة في هذه المؤسسة الوريثة لمفهوم الكمالية.
ويقول سنان اولغن رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية في اسطنبول، "سيترك الانقلاب الفاشل تأثيرا على قدرة تركيا على المساهمة في تحقيق الامن الاقليمي". ويضيف ان "الروح المعنوية وتماسك الجيش سيتضرران حتما".
وكتب اولغن في تحليل بعد محاولة الانقلاب ان "ضعف الثقة" بينها سيجعل "التعاون اشكاليا بين الجيش والشرطة والاستخبارات". من جهته، يقول فرنسوا هيسبورغ من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان "قدرة أردوجان على تحفيز الجيش ستكون ضعيفة" كما ان المرحلة "تؤكد اقصاء الجيش" من المجال السياسي.
لكن حملة التطهير ستفتح "المجال امام ترقيات غير متوقعة، وهذا امر مشجع للغاية جدا" حسبما قال المحلل لفرانس برس. وهؤلاء الكوادر الجدد سيؤكدون بصماتهم "خلال اشهر وليس سنوات".