يوم العزة والفخار

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٤/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٥٥ م
يوم العزة والفخار

ناصر اليحمدي

تعم ربوع وطننا الحبيب هذه الأيام فرحة عارمة وشعورا بالرضا والطمأنينة لحلول ذكرى الثالث والعشرين من يوليو المجيد .. ذلك اليوم الذي بدأت فيه عماننا تخطو أولى خطوات النهضة ودخلت مرحلة جديدة في تاريخها تحققت خلالها كل أمنياتها على يدي جلالة القائد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وأبقاه الكريمتين .. فبتوجيهاته السديدة تحقق ما يصبو إليه الوطن والمواطن من رفعة ومكانة وتنمية شاملة وازدهار وأمن .. وكلما أتى هذا اليوم فإن العمانيين يقفون جميعا فخورين بما تحقق لهم متمنين لقائد مسيرتهم الصحة والسعادة والعمر المديد معربين عن تقديرهم وصادق ولائهم لجلالته الذي وعد فأوفى ووفر كل أسباب النجاح لمسيرة البناء والتنمية منذ بدايتها حتى استطاعت أن تواكب دول العالم في الرقي والتقدم.

إن جلالة القائد المفدى منذ انطلاق عهد العطاء والنهضة لم يدخر جهدا ليس فقط في تهيئة كل ما من شأنه حشد طاقات الوطن في كل المجالات من خلال استجماع القوى الوطنية وترسيخ وحدتها وتماسكها ولكن أيضا من خلال الثقة العميقة في قدرات المواطن العماني وتوفير كل السبل أمامه ليقوم بدوره على أكمل وجه نحو وطنه ومن ينظر إلى ما حققته السلطنة من إنجازات خلال سنوات المسيرة الظافرة يجد أنها بمثابة المعجزة التي يشهد بها التاريخ .. فقد استطاع حضرة صاحب الجلالة المعظم أن يزرع في قلوب وعقول أبناء شعبه الوفي أسمى مبادئ العطاء المتواصل والانتماء وحب الوطن والخير والسلام والتفاني من أجل رفعة البلاد وتقدمها ورخائها.

إن من أبرز الجوانب المشرقة في درب النهضة الشامخة اهتمام القيادة الحكيمة بالمواطن ومنحه الأولوية الأولى باعتباره الثروة الحقيقية للوطن فكان قطب الرحى الذي تدور حوله كل الأهداف وتحقق من أجله كل المنجزات وتعد في سبيل تنشئته وإعداده مختلف الخطط والبرامج والمناهج إيمانا منها بأن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائهاوهذا ما أشار إليه جلالته في أقواله التي يسطرها التاريخ بأحرف من نور حين قال : "التنمية ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي من أجل بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها ومن ثم ينبغي ألا تتوقف عند مفهوم تحقيق الثروة وبناء الاقتصاد، بل عليها أن تتعدى ذلك إلى تحقيق تقدم الإنسان وإيجاد المواطن القادر على الإسهام بجدارة ووعي في تشييد صرح الوطن وإعلاء بنيانه على قواعد متينة راسخة".

إن مسيرتنا الناهضة الرائدة تتواصل عاما بعد عام منذ انطلاقتها الوثابة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله ورعاه محققة إنجازات عديدة في كل المجالات بثقة وعزيمة واقتدار نحو بلوغ أهدافها العليا لتحقيق المزيد من التقدم والرفاهية لأبناء الشعب العماني مهيئة له كافة السبل لتحقيق المزيد من مسيرة العطاء التنموية في ضوء خطة طموحة تعتمد على وضوح الرؤية وتحديد الهدف والحفاظ على القيم الأصيلة والمبادئ الراسخة.

لقد تمكنت السلطنة بفضل الله وبفكر حضرة صاحب الجلالة وبفضل جهود أبنائها من تحقيق أهداف الخطط التنموية المتتالية وأكثر لتكون بذلك مثلا يحتذى لكل من يريد تحقيق تنمية شاملة مستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية من خلال استراتيجية التنمية طويلة المدى والتي تقوم على أربعة محاور تتمثل في دعم التوازن الاقتصادي والنمو المتواصل وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني وتنمية القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية .. فشهد المواطن استقرارا ورفاهية من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية واقتصادية وتوفير بنى تحتية تحقق له التنمية المستدامة سواء على المستوى الشخصي أو العام في مناخ من العدل والديمقراطية والمساواة فثمرات النهضة متمثلة في كل شبر من البلاد.

ولم تقتصر إنجازات نهضتنا المباركة على الصعيد الداخلي بل النجاحات الخارجية لا تقل شموخا وعظمة عن مثيلاتها الداخلية فكانت السلطنة النموذج والقدوة للدولة الراعية للسلام وتقريب وجهات النظر ولم شمل الفرقاء ومد يد الصداقة للدول الشقيقة والصديقة على حد سواء واتسمت علاقاتها بدول العالم ببعد النظر من أجل تحقيق الأمن والاستقرار لكافة شعوب الأرض وصار لها دور بارز في دعم القضايا الملتهبة التي تحتاج إلى حكمة وبصيرة نافذة في التعامل.

إن ذكرى يوم النهضة مناسبة غالية على قلب كل عماني ومحفورة في وجدانه .. فهو بالنسبة له عيد بمعنى الكلمة .. ففيه يفرح بما حققته البلاد من تقدم ورقي ونماء ونهضة حديثة شملت كافة مناحي الحياة .. فالإنجازات تتحدث عن نفسها في كل المجالات لتنطق وتشهد بما تم تحقيقه في مسيرة النهضة التي رسم خطوطها حضرة صاحب الجلالة المفدى وسار عليها ونفذها العمانيون بكل صدق وإخلاص وولاء رغم التحديات وقلة الإمكانات لتنطلق نهضة وثابة أعادت لعمان وجهها المشرق عبر تاريخها القديم والحديث.

ولا يسعنا ونحن نعيش فرحة الذكرى الغالية إلا أن نجدد العهد ونقدم أسمى آيات الولاء والوفاء لباني النهضة المباركة ونرفع أكف الدعاء لله عز وجل أن ينعم على جلالته بموفور الصحة والعافية والعمر المديد وأن يحفظه ذخرا لهذا الوطن وأن تبقى راية عمان في عهده الميمون مرفوعة خفاقةترفل بثوب العز والإباء .

فكل عام والوطن وقيادته وشعبه وكل المحبين له بألف خير .. وتبقى يا وطني نبض القلب نحمل لك أسمى معاني الحب.

* * *

الإسلام برئ من جريمة "نيس"

الحادث الإرهابي الذي وقع مؤخرا في مدينة "نيس" الفرنسية والذي راح ضحيته 84 شخصا إضافة لإصابة العشرات نتيجة قيام منفذه بهجوم على جموع من الفرنسيين أثناء احتفالهم بالعيد الوطني "يوم الباستيل" عن طريق دهسهم بشاحنته هذا الحادث يعد جريمة بمعنى الكلمة تدينها كافة الديانات بما فيها الإسلام الذي يقف في قفص الاتهام بارتكابها.

المشكلة أن الفرنسيين والغرب بأكمله يحملون الجالية المسلمة في الخارج مسئولية هذا الجرم خاصة بعدما أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن الهجوم رغم أنه لا يوجد دليل على أن هناك صلات مباشرة تربط هذا التنظيم بمنفذ العملية .. لكن الخوف كل الخوف أن يزيد هذا الحادث من تعرض المسلمين في الخارج للتمييز العنصري البغيض والاضطهاد والمزيد من التهميش.

لقد كان يعاني محمد لحويج بوهلال التونسي المولد الذي نفذ العملية الإرهابية – كما قال أهله وأصدقاؤه –من مشاكل نفسية واكتئاب وكانت سلوكياته تتنافى مع مبادئ الدين الحنيف حيث كان يشرب الخمر ويدخن المخدرات ويقيم علاقات نسائية ولم يصم رمضان قط وبالرغم من ذلك يتهمون الإسلام بأنه هو الذي حضه على الكراهية وحثه على تنفيذ هذه الجريمة النكراء التي تتنافى مع المبادئ الإنسانية وليست الإسلامية فقط .

إن تزايد الجرائم الإرهابية التي يرتكبها مسلمون والتي تتزامن مع صعود التنظيمات المتشددة وكثرة عدد المهاجرين واللاجئين لأوروبا تتسبب في تزايد شعور الأقليات المسلمة في الغرب بالعزلة والتهميش والاضطهاد والتفرقة العنصرية القائمة على التمييز الديني بالإضافة إلى تزايد موجة العداء ضد التواجد الإسلامي في هذه الدول وهو ما يجلب للأصوات اليمينية المتطرفة المزيد من الشعبية ويمنحها الفرصة على طبق من ذهب كي تشن انتقاداتها للإسلام كدين ويزيد من فرص نجاحها في الانتخابات .
لقد حرم الله الاعتداء على النفس البشرية أو ترويعها وتعاليمه السمحة تدعو دائما لنشر الأمن والسلام واحترام الآخر والتعايش المشترك المبني على التسامح والتعاون .. لذلك فإن التصدي لهذه العمليات الإرهابية لن يكون باتخاذ التدابير الأمنية وحدها بل يجب معالجة ظاهرة التطرف بشكل شامل ومواجهة الفكر المتطرف بآخر معتدل يمنع مثل هؤلاء الأشخاص من الانزلاق في أحضان التنظيمات الإرهابية وتبني أفكار العنف التي تروج لها تلك التنظيمات.. إلى جانب تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى غير المسلمين عن الدين الحنيف والعمل على اندماج الأقليات المسلمة في مجتمعاتها بما يحقق لها المساواة والعيش الكريم .. فالتهميش سوف يزيد الطين بلة ويدفع المسلمين المضطهدين في طريق العنف والإرهاب

* * *

آخر كلام

يقول شاعرنا العربي بعد فراقه لوطنه :

العين بعد فراقها الوطنا ****** لا ساكنا ألفت ولا سكنا

ريانة بالدمع أقلقهــا ****** أن لا تحس كرى ولا وسنا