جدل متواصل حول "سفاح ميونيخ"

الحدث الأحد ٢٤/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٤٧ م
جدل متواصل حول "سفاح ميونيخ"

ميونيخ – ش – وكالات
تحاول الشرطة الألمانية كشف آخر النقاط الغامضة حول دوافع مطلق النار في ميونيخ، وهو شاب معجب بالمجازر الجماعية، بينما فتح جدل حول تشديد القوانين المتعلقة بحيازة اسلحة في ألمانيا.

أسئلة بلا إجابات
وما زالت اسئلة عديدة بلا اجابات. فلماذا نفذ هجومه؟ وهل اختار ضحاياه عشوائيا ام ترصدهم؟ وكيف حصل على السلاح والذخيرة؟ وثبت ان المهاجم شاب ألماني ايراني في الثامنة عشرة من العمر، يعاني من اضطرابات نفسية. وقد أعد لضربته واستدرج ضحاياه عبر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وقتل تسعة اشخاص معظمهم من المراهقين وجرح 16 آخرون في ماساة أثارت الهلع في هذه المدينة الواقعة في جنوب ألمانيا، ما ادى إلى فرض اجراءات امنية مشددة غير مسبوقة فيها خوفا من عمل ارهابي. وقالت السلطات ان المهاجم يدعى ديفيد علي سنبلي ومولود في ميونيخ لابوين قدما إلى ألمانيا في نهاية تسعينات القرن الماضي كطالبي لجوء.

سلاح بريفيك نفسه
وفتح الشاب النار مساء الجمعة على مجموعة اشخاص عند مغادرتهم مطعم ماكدونالدز ثم في مركز تجاري. وبعد ذلك اقدم على الانتحار فيما كانت الشرطة تتحرك لتوقيفه.
وعثر في حقيبة الظهر العائدة له على حوالي 300 رصاصة مما يعني ان حصيلة الضحايا كان يمكن ان تكون اكبر من ذلك. ويفترض ان تحدد الشرطة كيف حصل على السلاح وهو مسدس من نوع جلوك-17 من عيار 9 ملم وصل إليه بطريقة غير مشروعة إذ أن رقمه التسلسلي متضرر. وفتح جدل في ألمانيا حول ضرورة تشديد القانون المتعلق بالأسلحة النارية.
وقال وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزيير لصحيفة بيلد أمس الاحد "علينا ان ندرس بدقة ما اذا كان من الضروري اصدار قوانين واين".
من جهته، دعا نائب المستشارة الألمانية سيغمار غابرييل إلى بذل كل الجهود الممكنة "للحد من الوصول إلى الاسلحة القاتلة ومراقبتها بصرامة". وكان الشاب يعيش مع والديه، وكان مهووسا بعمليات القتل الجماعية. وقد عثر المحققون في غرفته على وثائق حول النروجي اندرس بيرينغ بريفيك الذي قتل 77 شخصا معظمهم من الشباب في 2011.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة بيلد ان السلاح الذي استخدم في ميونيخ هو نفسه الذي كان بحوزة بريفيك وأن كان نوعا منتشرا جدا من المسدسات.
وهو عمل بمفرده ونصب فخا للضحايا بعدما "قرصن" حساب فتاة على فيسبوك. ووعد هؤلاء بالحصول على تخفيضات كبيرة في مطعم للوجبات السريعة في المركز التجاري. وقال دي ميزيير إنها "طريقة خبيثة". وبين القتلى ثلاثة كوسوفيين وثلاثة أتراك ويوناني.
وفي السياق؛ دعا مسؤولون ألمان كبار أمس الأحد إلى فرض قيود أكبر على بيع الأسلحة النارية بعد إطلاق النار الدامي الذي وقع في ميونيخ، وقال زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية لمؤسسة فنكه ميدينجروبه التي تمتلك سلسلة من الصحف الألمانية "علينا أن نواصل بذل كل ما في وسعنا للحد وفرض رقابة صارمة على إمكانية الحصول على أسلحة قاتلة ."
وأضاف أن السلطات الألمانية تحقق في كيفية حصول المهاجم الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والإيرانية على سلاح رغم علامات على أنه يعاني من مشكلات نفسية واضحة.
وأردف قائلا "القيود على الأسلحة النارية قضية مهمة." وأطلق الشاب النار قرب مركز تسوق مزدحم مساء الجمعة ليقتل تسعة ويصيب 27 آخرين قبل انتحاره لدى اقتراب الشرطة منه.
وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره لصحيفة فيلت ام زونتاج في مقابلة منفصلة إنه يعتزم مراجعة قوانين الأسلحة الألمانية بعد الهجوم ويسعى لإدخال تعديلات حيثما يحتاج الأمر. وقال في مقابلة نُشرت أمس الأحد "بعد ذلك يتعين علينا أن نقيم بتأن جدا إذا كانت هناك حاجة لمزيد من التغييرات القانونية ."

مضايقات في المدرسة
قالت السلطات إن القاتل كان ضحية مضايقات. وتحدثت بيلد عن فرضية ان يكون هاجم شبانا أجانب لأنه لقي معاملة سيئة وخصوصا من قبل اتراك في مدرسته.
وقال احد رفاقه في الصف لشبكة التلفزيون البريطانية "آي تي في" انه كان يبقى وحيدا في اغلب الاحيان ولا يلقى تقديرا في المدرسة. واضاف طالبا عدم كشف هويته "رأيته امس، كان يبدو قلقا وغريبا ولم ينظر الي. عادة يلقي علي التحية".
وكان الشاب من هواة ألعاب الفيديو العنيفة، وهو عامل قد يكون "لعب دورا في هذه القضية"، على حد قول وزير الداخلية. وما زالت ألمانيا تحت تأثير الصدمة بعد هذا الهجوم الذي سبقه قبل اربعة ايام فقط هجوم بساطور قام به في قطار في بافاريا طالب لجوء في السابعة عشرة من عمره وتبناه تنظيم داعش.
وهذا الهجوم هو الثالث ضد مدنيين في اوروبا في اقل من عشرة ايام بعد اعتداء نيس (جنوب فرنسا) في 14 يوليو الذي اسفر عن سقوط 84 قتيلا، والهجوم بساطور في فورتسبورغ.

أداة جمع المعلومات
وفي الأثناء؛ تواجه شبكات التواصل الاجتماعي التي تشكل اداة لجمع المعلومات تساعد في التحقيق، بعد حادث اطلاق النار في مدينة ميونيخ الألمانية اتهامات بانها شكلت ارضية خصبة لبث شائعات كاذبة وسمحت للمهاجم باستدراج ضحاياه.
كانت هذه القنوات ضرورية للشرطة للتواصل بصورة انية حول هذه الماساة التي ارتكبها شاب يعاني من اضطرابات نفسية اذ اطلق النار موقعا تسعة قتلى و16 جريحا قبل ان ينتحر.
وبعد قليل على اطلاق الرصاصات الاولى، نشرت شرطة ميونيخ على حسابيها على تويتر وفيسبوك رسائل تحذيرية باللغات الألمانية والانكليزية والفرنسية والتركية، بهدف اطلاع السكان على الوضع في اسرع وقت ممكن.
وكتبت اجهزة الامن "هناك اطلاق نار والوضع غامض" و"ابقوا في بيوتكم في ميونيخ ولا تخرجوا إلى الشارع" و"عدد غير مؤكد من الضحايا" و"نبذل كل جهودنا للعثور على منفذي" اطلاق النار.
وبسرعة، ساد التضامن على شبكات التواصل الاجتماعي واطلقت سمة "اوفنتور#" اي "الباب المفتوح" باللغة الألمانية، تشير إلى اماكن آمنة للاشخاص الموجودين في الشوارع بينما توقفت وسائل النقل المشترك.

إنذارات كاذبة
لكن في حالة الفوضى التي نجمت عن اطلاق النار، واجهت السلطات سيلا من الشائعات الجنونية التي تحدثت عن عدد من الهجمات المتزامنة ووجود مشبوهين يحملون بنادق او حتى فرارهم بسيارة.
وكل هذه المعلومات الخاطئة جعلت قوات الامن في حالة استنفار وغذت خصوصا مخاوف من هجوم ارهابي. ومن هنا جاءت حالة الهلع التي سادت المدينة، قبل ان يتبين في نهاية المطاف ان الحادث هو عمل شاب واحد مختل عقليا.
وقال قائد شرطة ميونيخ هوبرتوس اندري "حصلنا ليلا على كمية كبيرة من المعلومات والتحقق منها بشكل مفصل وسريع شكل تحديا. اضطررنا بطبيعة الحال لاخذها كلها على محمل الجد نظرا للوضع".
من سخرية القدر ان الشرطة ساهمت إلى حد ما في ترويج هذه الشائعات بتأكيدها اولا على شبكات التواصل الاجتماعي انها تشتبه بعمل ارهابي وانها تبحث عن ثلاثة مشتبه بهم مسلحين، قبل ان تتراجع عن هذه المعلومات في وقت لاحق.
وفي محاولة لتبديد الفوضى، طلبت الشرطة عبر تويتر "عدم اثارة التكهنات لان هذا سيساعدنا كثيرا". كما طلبت من مستخدمي الانترنت عدم تناقل صور ضحايا وعدم كشف مواقع رجال الشرطة. وقالت "لا تساعدوا مطلقي النار".

استدرجوا عبر الانترنت
وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير السبت "اليوم في عصر الشبكات الاجتماعية، ليست الشرطة من يتحكم بكمية المعلومات وتوقيتها، بل الناس". واضاف ان "لهذا الامر بعض الفوائد لاننا نرى النجاح في بعض التحقيقات بفضل الصور وتسجيلات الفيديو التي يلتقطها افراد".
وفي الولايات المتحدة خصوصا، شكلت صور التقطها افراد من العوامل التي اتاحت احراز تقدم في التحقيق حول اعتداءات بوسطن في 2013.
في ميونيخ اظهرت تسجيلات فيديو التقطها هواة، الشاب يطلق النار على اشخاص، ما سمح بتوضيح مواصفات المهاجم بصورة سريعة.
وقال وزير الداخلية الألماني "بالتأكيد عندما تنتشر شائعات هذا لا يساهم في وضع تقييم مناسب للوضع".
من جهة اخرى، استدرج مطلق النار عددا من ضحاياه عبر اختراق حساب على فيسبوك لدعوتهم إلى التوجه إلى احد مطاعم ماكدونالدز. وذكرت وسائل الاعلام ان ديفيد علي سنبلي نشر على فيسبوك رسالة تقول "اقدم لكم ما تريدون لكن بسعر غير باهظ".

*-*

التحقيقات الأولية تكشف: معظم ضحايا هجوم ميونيخ من المسلمين
أطلق الألماني الإيراني الأصل " ديفيد علي سنبلي"، النيران على مركز تجاري في مدينة "ميونيخ" الألمانية، وراح ضحية الهجوم 10 قتلى، وأصيب 21 آخرون، وتبين أن معظم الضحايا من المسلمين، وهو ما أكدته التحقيقات الأولية، إذ تسبب الهجوم بمقتل ألماني واحد والباقي أجانب من جنسيات عدة، بينهم 6 مسلمين من تركيا وكوسوفو، ومعظم ضحايا الهجوم تتراوح أعمارهم من 14 إلى 21 سنة، وهم 4 إناث و5 ذكور، وتجري حاليًا معالجة 27 جريحًا ومشوّهًا في المستشفيات، منهم 10 بحالة حرجة.
الألماني الوحيد بين الضحايا هو جولينو كوللمان البالغ عمره 18 سنة، وقتله سونبولي برصاصة خارج محل "ماكدونالدز" للوجبات السريعة، فيما سقط 4 ضحايا داخل المحل، المجاور لشوبنج سنتر "أوليمبيا" بميونيخ، حيث قتل البقية، وعلى باب مطعم الوجبات، قرب المكان الذي قتل فيه، وقد وضع ذووه صورة له ، كما رشّ أصدقاؤه ورودا وأشعلوا الشموع حزنا عليه بحسب صحيفة بليد الألمانية .وبين الضحايا أيضا، يوناني يدعى حسين ديتزيك قتله سنبلي برصاصتين خارج "ماكدونالدز" حين أنقذ شقيقته من موت محقق، فقد دفعها بيديه وأبعدها عن الرصاص الذي أرداه قتيلا في الحال "وحين علم والده بمقتله، انهار بنوبة قلبية، بحسب العربية نت .
وبين الضحايا 3 أتراك مسلمين، ممن تم الاتصال بعائلاتهم قبل أن تبث أسماءهم قناة NTV الإخبارية التركية، نقلاً عن وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، وهم سيفدا داق و كان ليلى البالغ عمر كل منهما 14 عام، إضافة إلى سلكوك كيليك وعمره 21 عاما.
وهناك 4 قتلى من كوسوفو، بينهم 3 مسلمين، وهم ديجامانت زيبيرجا البالغ عمره 21 سنة، والمراهقتان أرميلا سيجاشي، وسولاج سيبينا، وعمر كل منهما 14 عاما، وهما مسلمتان من ألبانيا . وقتل المراهق الإيراني الأصل امرأة من كوسوفو أيضا، عمرها 45 سنة، ولم يرد اسمها في أي بيانات.