"قمة موريتانيا".. تواجه التحديات بـ "الأمل"

الحدث الأحد ٢٤/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٤٦ م
"قمة موريتانيا".. تواجه التحديات بـ "الأمل"

نواكشوط – ش – وكالات
لم يعد الإرهاب تحدِّيا هامشيًّا بعدَ أن تضخمَ، وأصبحَ في السنوات الأخيرة يهددُ كيان دول عربيةً تصارعُ إلى اليوم من أجل الحفاظ على ما تيسر لها من مؤسسات وأرض، كما لم يستطع الغرب – الأوروبي والأمريكي –، أن يحلَّ هذه المعضلة جذريا، بل حتى الغرب بات يواجهه "الذئاب المنفردة" و"الخلايا النائمة" على أرضه.

الأمل والتحديات
وفي ظل وضعٍ كهذا، انطلقت "القمة العربية" في موريتانيا، اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، تحت شعار "قمة الأمل"، التي من المقرر أن تتناول قضية الإرهاب، ومكافحته، كأبرز وأهم التحديات التي من المفترض البحث عن حلٍّ لها، وهو ما ترجم بتعهد وزراء الخارجية العرب بـ "هزم الإرهاب".
تأتي أعمال هذه القمة في دورتها الـ 27 لأول مرة في تاريخها تحت شعار "قمة الأمل" في محاولة لبثه (الأمل) لدى الشعوب العربية في مواجهة التحديات المتصاعدة التي يواجهها وطنهم الكبير.
موريتانيا، على الصعيدين الشعبي والرسمي، كانت مستعدةً، إذ شهدت نواكشوط حفاوة شعبية كبيرة لاستقبال القادة العرب وكافة الوفود المشاركة في القمة العربية التي ستنطلق غدا وتتسلم خلالها موريتانيا الرئاسة من مصر.
كما أكد موريتانيا على الاستعدادات الأمنية لديها، إذ تتم القمة في منطقة قصر الاجتماعات والتي تضم أكبر خيمة ستشهد انعقاد القمة العربية، لتكون بمثابة منطقة عسكرية يؤمنها حوالي 40 ألف جندي ، كما أنه سيتم اغلاق الشوارع المحيطة بمنطقة انعقاد القمة لمزيد من التأمين
وتزدان شوارع المدينة باعلام الدول العربية المشاركة وسط حفاوة وترحاب كبير من الموريتانيين الذين اعتبروا انعقاد القمة يشكل تحديا كبيرا لانجاز تحضيراتها في وقت قياسي وهو ثلاثة اشهر بعد اعتذار المملكة المغربية عن القمة في مارس الماضي .
واكد الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ إن بلاده تشهد حالة استنفار كبيرة استعدادا للقمة العربية، وهناك حالة من الاستقرار التام تشهدها البلاد وتهيئ لقمة ناجحة وفارقة في العمل العربي المشترك .
واضاف في تصريح لصحيفة النهار المصرية: "إن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود في مواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة وفي صدارتها مكافحة الإرهاب وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك، والنهوض بدور الجامعة العربية"، مؤكدا في الوقت ذاته ان الملفات الاقتصادية امام القمة العربية لا تقل اهمية عن الملفات السياسية ، معربا عن تطلعه لان تسهم القمة في تلبية تطلعات الشعوب العربية .
من جانبه؛ قال رئيس البرلمان العربي أحمد بن محمد الجروان إن تنظيم موريتانيا للقمة العربية التي تبدأ اليوم الإثنين حدث تاريخي وإنجاز لموريتانيا ولكل العرب خاصة وأن نواكشوط تستضيف القمة للمرة الأولى.
وأضاف الجروان – في تصريح له عقب وصوله أمس الأحد إلى مطار نواكشوط الدولي للمشاركة في القمة –، أنهم "في البرلمان العربي واثقون من أن القيادة المسؤولة لموريتانيا جديرة بأن تتولى الرئاسة الدورية للجامعة العربية وأن تجعل من هذه القمة قمة أمل وعمل عن طريق الحرص على ما هو متميز ويخدم مصالح اليمن والأمة العربية" وقال إن الرئاسة الدورية للجامعة تنتقل "من أيد أمينة إلى أيد أمينة والبرلمان العربي سيسخر كل إمكانياته لتقديم الدعم لإنجاح هذه المهمة في نهاية المطاف".

16 ملفا
وفي الأثناء؛ قال النائب المصري البدري أحمد ضيف، إن القمة العربية ستناقش 16 ملف أهمها تشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة الإرهاب في المنطقة العربية، وآخر تطورات الأزمة السورية خاصة في ظل فشل الانقلاب في تركيا، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع في ليبيا.
وأكد ضيف، في تصريحات صحفية له، أمس الأحد، أنه يتوقع أن تؤدي هذه القمة العربية إلى توحيد العرب فيما بينهم، وأشار إلى أن القمة العربية من المقرر أن تناقش المبادرة التي أطلقها السيسي، في أسيوط لحل القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى مناقشة كيفية تنشيط التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول العربية، مؤكدا أن أهم ما في هذه القمة هي أنها ستكون بمثابة صيانة للأمن القومي العربى لمواجهة الإرهاب في المنطقة.

أهمية القمة
وتكتسب "قمة نواكشوط" أهمية كبيرة، بعد أن أوشكت دورية انعقاد القمم العربية السنوية، والتي استحدثتها قمة القاهرة غير العادية عام 2000 أن تنتهي، عقب اعتذار المملكة المغربية في 19 فبراير الفائت عن استضافة القمة التي تُعقد عادة في نهاية مارس من كل عام، علما بأنه تم تعديل موعد عقد القمة العادية في دورتها السابعة والعشرين بمدينة "مراكش" المغربية من 29-30 مارس 2016، إلى 7- 8 أبريل من نفس العام قبل أن تعتذر المغرب عن استضافتها لتؤول تلك القمة إلى موريتانيا، حسب الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء بجامعة الدول العربية.
وأرجعت الخارجية المغربية، في بيان لها اعتذار المملكة عن استضافة القمة إلى أن "الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع"، مؤكدة "أن المغرب سيواصل عمله الدؤوب في خدمة القضايا العربية العادلة، ومحاربة الانقسامات الطائفية التي تغذي الإنغلاق والتطرف".
وأكد سفير موريتانيا لدى مصر ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية ودادي ولد سيدي هيبة، أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين بالعاصمة الموريتانية، الخميس الفائت، أن "قمة نواكشوط "تعقد في ظروف عربية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد"، لافتا أن القادة العرب "يدركون حجم التحديات التي تواجه تلك القمة"، آملا أن "تسهم القمة في تحقيق عمل جديد يستجيب لتطلعات وآمال الشعوب العربية لينعم المواطن العربي بحياة كريمة".
القوة العربية المشتركة
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لوكالة الأنباء الموريتانية الرسمية إن بند "القوة العربية المشتركة" سوف يطرح بقوة أمام القادة العرب، خلال اجتماعهم في قمة نواكشوط، رغم أن مشاريع قرارات القمة تناولت موضوع القوة المشتركة في بند صغير لا يحمل الأهمية التي تستوجب تشكيلها.
وكلف القادة العرب في البيان الصادر في ختام أعمال قمتهم الأخيرة في شرم الشيخ في مارس 2015 الأمين العام السابق للجامعة العربية نبيل العربي بالتنسيق مع رئاسة القمة "مصر" بدعوة فريق رفيع المستوى تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء بالجامعة العربية للاجتماع خلال شهر من صدور القرار، لدراسة كافة جوانب الموضوع واقتراح الإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة وتشكيلها وعرض نتائج أعمالها في غضون ثلاثة أشهر على اجتماع خاص لمجلس الدفاع العربي المشترك لإقراره.

ونص القرار على "أن القوة العربية المشتركة تضطلع بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى، لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية، بناء على طلب من الدولة المعنية".
وتشهد المنطقة العربية نزاعات متعددة في اليمن والعراق وليبيا وسوريا؛ والتي أدت، حسب مراقبين، إلى تنامي نشاطات جماعات مسلحة عديدة، أبرزها تنظيمي "القاعدة" وداعش" الإرهابيين، إلى جانب جماعات أخرى تحمل أفكارهما.

وكان تنظيم "داعش" أعلن في أغسطس 2014، سيطرته على أراضٍ شاسعة سيطر عليها في العراق وسوريا، قبل أن يعلن تمدده أو تبايعه جماعات مسلحة في مناطق أخرى بينها ليبيا واليمن مصر.

القطريين المختطفين
وفي الأثناء؛ تصدرت قضية القطريين المختطفين في العراق اجتماعات وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعاتهم التحضيرية أمس الأول للقمة العربية المزمع عقدها في موريتانيا اليوم الاثنين. وأكد مشروع البيان على أن هذا العمل الإرهابي يعد خرقا صارخا للقوانين الدولية وانتهاكا لحقوق الإنسان ومخالفا لأحكام الدين الإسلامي الحنيف من قبل الخاطفين، وعملا يسيء إلى أواصر العلاقات الأخوية بين الأشقاء العرب. وأكد مشروع البيان تضامنه التام مع حكومة قطر في أي إجراء قانوني تتخذه، ويعرب عن أمله في أن تؤدي الاتصالات التي تجريها حكومة دولة قطر مع الحكومة العراقية إلى إطلاق سراح المختطفين وعودتهم سالمين إلى بلادهم، مطالبا الحكومة العراقية بتحمل مسؤولية ضمان سلامة المختطفين وإطلاق سراحهم.

*-*
المعارضة الموريتانية تطالب القمة العربية بالوحدة والإصلاحات
نواكشوط – ش – وكالات
دعت المعارضة الموريتانية القادة العرب إلى جعل قمة نواكشوط "قمة الأمل" حقاً من خلال تبني إصلاحات كبرى، والأخذ بما أسمته أسباب القوة الحقيقية "عبر مراجعة شجاعة للذات وتبني الإصلاحات الضرورية ليستعيد العالم العربي عافيته ويتبوأ المكانة اللائقة به على المسرح الدولي". وقال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يضم جميع أحزاب المعارضة في موريتانيا، إن القمة تنعقد في ظرف بالغ الدقة والخطورة في حياة الأمة العربية، تطبعها تحديات داخلية وخارجية جمة وفي محيط دولي متأزم وبالغ الخطورة. وذكر في بيان له أن خريطة الوطن العربي اليوم لوحة مأساوية يشكلها الإرهاب والحروب الأهلية والطائفية، تلونها الدماء والدموع ويلفها اليأس والإحباط.
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية انتقلت من قضية الأمة المركزية، إلى ذيل الاهتمامات، في الوقت الذي تحتل فيه إسرائيل كل يوم المزيد من الأراضي وتقتل وتهجر المزيد من الفلسطينيين العزل، كما أن دولا عربية عديدة تحولت إلى مسارح للفتن الدامية والصراعات الدولية، وتحول سكانها إلى لاجئين يتسكعون عبر القارات، إضافة إلى تعرض دول عربية أخرى إلى خطر التقسيم والانهيار.
وطالب المنتدى بالعمل على حل القضية الفلسطينية حتى ينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه ويستطيع بناء دولته المستقلة على أرضه، فضلاً عن ضرورة "إطفاء النار التي تشتعل حالياً في الجسم العربي عن طريق حل النزاعات الدموية القائمة في بعض الدول العربية بعيداً عن التدخلات الرامية إلى إذكاء الفتن وعن الصراعات الدولية، وبصورة تضمن وحدة هذه البلدان وتستجيب للتطلعات المشروعة لشعوبها".
كذلك طالب بتنقية الأجواء بين الأشقاء وبعث التضامن والتكامل العربيين وبناء قوة عربية موحدة رادعة تكون ضمانة للأمن القومي العربي وفاعلاً إيجابياً في استتباب السلم الدولي، وتعزيز التضامن والتنسيق بين الدول الإسلامية حول قضاياها المشتركة، وعلى رأسها قضية القدس الشريف.