النادي الثقافي.. عقود من العطاء في عصر النهضة المباركة

مزاج السبت ٢٣/يوليو/٢٠١٦ ٠٢:٣٩ ص
النادي الثقافي.. 
عقود من العطاء في عصر النهضة المباركة

مسقط – ش
قبل أكثر من ثلاثة عقود من يومنا هذا، تأسس النادي الثقافي بأهداف أقرب للتعليم منها إلى الثقافة، وخلال سنوات تم تعديل الاسم، ليليه في العام 2008 تعديل الأهداف والمهمة لنشهد ولادة المظلة التي جمعت تحت قبتها أولئك المهتمين بالتنوير وإنتاج غذاء العقول.
ويعد النادي الثقافي مؤسسة ثقافية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، يعمل ويساهم في الارتقاء بالشأن الثقافي من خلال برامجه وأنشطته المتنوعة، وعبر روابط تعاون وتكامل مع المؤسسات العاملة في المشهد الثقافي العماني في القطاعين العام والمدني الملتزمة بالتنمية المعرفية بكل أبعادها ومضامينها. كما يعتبر النادي أول تجمع ثقافي يتصف بالعمومية والشمولية بهدف توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية والمهنية بين كافة أطياف المثقفين وتشجيعهم على إقامة جسور التعاون الفعال مع المؤسسات العلمية والثقافية المعنية أو المماثلة.
وقد حرص النادي منذ إنشائه على تطوير فعالياته للإسهام في إثراء الحياة الثقافية والفكرية في عمان وتعميق مساراتها وبلورة أطرها ومعالمها حيث تعددت مظاهر وأساليب حراك النادي على الخارطة الثقافية عن طريق تنظيم المحاضرات والندوات في كافة المجالات الثقافية والإبداعية والأدبية والعلمية والفنية والدينية والسياسية التي يشارك ويدعى إليها المثقفين والمفكرين والعلماء أو من خلال الندوات وحلقات النقاش التي تطرح وتناقش فيها القضايا وموضوعات متصلة بالمسيرة الثقافية المعاصرة بالإضافة إلى عرض ومناقشة أحدث المنجزات في مجال الفكر والأدب.

التأسيس والتسمية
تأسس النادي عام 1983م، بموجب المرسوم السلطاني رقم 31 / 83، بمسمى "النادي الجامعي"، تحت إشراف معالي وزير التربية والتعليم وشؤون الشباب آنذاك. وكانت أهدافه تقتصر على:
(أ‌)توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية بين الشباب العماني من خريجي الجامعات والمعاهد العلمية المماثلة وغيرهم من الراغبين في الدرس والتحصيل وإن كانوا من غير حملة المؤهلات الجامعية.
(ب‌)توفير المراجع والمؤلفات العلمية لأعضائه تشجيعاً لهم على الاستمرار في الدراسة والاستزادة من العلوم والمعرفة وتطوراتها في مجالاتها المختلفة.
(ج‌)التعاون مع الهيئات والمراكز العلمية والثقافية الأخرى داخل السلطنة وخارجها لرفع المستوى الفني والثقافي في السلطنة.

في عام 1986م تم تعديل مسمى من "النادي الجامعي" إلى "النادي الثقافي"، بمقتضى المرسوم السلطاني رقم 42/ 86، فيما استمر في أداء نشاطه طبقا لنظامه الأساسي وكافة أحكامه المقررة بمقتضى مرسوم إنشائه.

إعادة التنظيم
شهد النادي الثقافي عام 2008م تحولا جذريا في أهدافه ومسارات عمله، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم 15/ 2008 القاضي بإعادة تنظيم النادي الثقافي، والذي أسند مهمة الإشراف عليه إلى وزير التراث والثقافة بدلا من وزير التربية والتعليم. كما حدد المرسوم أهداف النادي الجديدة في الآتي:

(أ‌)توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية بين المثقفين والمبدعين في مختلف المجالات الثقافية والفنية والمجالات الأخرى.
(ب‌)نشر الوعي الثقافي من خلال الأساليب والأدوات المناسبة ومنها إقامة الندوات والمحاضرات الثقافية بمقر النادي، ودعوة الأعضاء والجمهور بغية الاستفادة منها.
(ج)إقامة المعرض الفنية والأمسيات الثقافية أو المساهمة فيها بغية التعريف بالنتاجات الأدبية والفكرية للأعضاء والمثقفين.
(د‌)التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية والهيئات والمراكز العلمية داخل السلطنة أو خارجها لرفع المستوى الفني والثقافي في السلطنة.
(هـ) دعوة المبدعين والمثقفين العرب وغيرهم في مختلف المجالات الفكرية والأدبية لإقامة المعارض الفنية أو المشاركة في أمسيات ثقافية ومحاضرات بمقر النادي.
ويضم النادي مكتبة تحتوي على عدد كبير من الكتب والمراجع والموسوعات العلمية في كافة فروع الثقافة والمعرفة ويتم تزويدها باستمرار بالمؤلفات والدوريات والمجلات، وتعد هذه المكتبة عند إنشائها من بين أولى المكتبات العامة والمحدودة في العاصمة مسقط وموردا خصبا للباحثين والدارسين والأدباء والمثقفين من رواد النادي وأعضائه.

النادي في المرحلة الراهنة
شهد النادي الثقافي في السنوات الفائتة نقلة نوعية في برامجه وفعالياته وفي سير العمل وفي طبيعة البرامج التي تم تدشينها وتبنيها وتنفيذها من خلال التوسع في تناول مفردات الأنشطة الثقافية، وفي شراكة فاعلة بينه وبين العديد من المؤسسات المعنية بالحراك الثقافي والفكري. وقد دشن النادي الثقافي خلال هذه الفترة عدة برامج هامة أخذت منحى جديا وعمليا خلاقا أسهمت في إغناء المشهد الثقافي بتحريك وطرح أولويات جديدة وإبراز التحديات التي تعترض مسيرة العمل الثقافي في السلطنة والحلول المطلوبة لمعالجة ذلك، ومن هذه البرامج ما يلي:

البرنامج الوطني لدعم الكتاب
هو برنامج يهدف إلى تذليل العقبات أمام الكتاب والمبدعين، ونشر الكتاب العماني على أوسع نطاق، وفي كافة فروع العلم والمعرفة. ويأتي هذا البرنامج ثمرة للحلقة النقاشية في مشكلات الكتاب في السلطنة، والتي تعد من بين أهم ما تم تنظيمه وربطه بنتائج لاحقاً، من خلال تسليط الضوء على العديد من المشكلات التي يواجهها الكتاب والمؤلف، ودور النشر، والتسويق والتوزيع، والقراءة، كان من نتائجها إطلاق برنامج وطني لدعم الكتاب، مستهدفا دعم وتبني طباعة كتب ودراسات وأبحاث جادة ومتنوعة تغطي الجوانب الفكرية والثقافية، مع إعطاء الأولوية للموضوعات التي لم تلق العناية، وتكاملا مع جهات أخرى داعمة لقطاع النشر وعلى رأسها وزارة التراث والثقافة.
كما يطرح البرنامج في جانب منه فكرة الاستكتاب في محاور معينة ذات أهمية قصوى أو ندرة في التأليف، حتى يسهم البرنامج في سد حاجة معرفية تتسم بالضرورة البالغة. وتعتمد اللجنة في عملها آلية مبتكرة في اختيار وتقييم الأعمال التي يتبناها البرنامج بغية اعتمادها للطباعة والنشر.

المجلس
من البرامج الفاعلة والجادة التي أضافها ويحتضنها النادي الثقافي منذ عام 2009 وحتى الآن برنامج "مجلس الاثنين" وهو عبارة صالون أدبي مفتوح يقام مساء الاثنين بواقع مرتين شهريا، وقد نجح "مجلس الاثنين" في إثبات أهمية وتكريس مضامينه في العمل الثقافي، حتى بات تقليدا هاما في خارطة مناشط النادي، وقد استضاف العديد من الأسماء الثقافية والفكرية البارزة على المستويين المحلي والعربي والعالمي عبر جلسات مفتوحة تناولت العديد من القضايا ذات الأهمية الوطنية والفكرية.

نادي الأصدقاء المبدعين 2008 - 2009
يحتضن النادي الثقافي برنامجاً أدبياً وثقافياً للأطفال والناشئة بهدف تعزيز قيمة القراءة والأدب والثقافة بوجه عام لدى هذه الفئة بالمجتمع، وتشجيع المواهب الأدبية وإظهارها للمجتمع ودفع المستوى الثقافي للأطفال والناشئة لأن يبلغ درجات عالية. ويشمل البرنامج أنشطة وفعاليات متنوعة على مدار العام للموهوبين منها برنامج القراءة وبرنامج المكتبة وبرنامج الهوايات والأنشطة الفنية وبرنامج إبداعات الأطفال بالإضافة إلى إقامة الأمسيات الثقافية وتنظيم حلقات العمل.
ويمثل هذا البرنامج الذي تديره الكاتبة أزهار الحارثي، نشاطا يلقى التفاعل المنشود من قبل الفئات العمرية من طلاب المدارس في محاولة مدروسة لربطهم بالحراك الثقافي والإبداعي.

أسر النادي عام 2006 - 2009
تعمل تحت مظلة النادي الثقافي مجموعة من الأسر التي تمثل مختلف الاهتمامات الثقافية والفكرية والإبداعية، مثل أسرة الشعر وأسرة القصة والأسرة العلمية وأسرة الترجمة وأسرة الكاتبات. ويوفر النادي مظلة حاضنة لأنشطة هذه الأسر التي يتم تشكيلها وانتخاب أعضائها بواسطة المختصين والمهتمين كل في مجاله. ويتيح النادي لهذه الأسر المتخصصة المجال الواسع لتقدم برامجها ومناشطها التي تراها مهمة في مناقشة قضاياها وإبراز أعمالها والتعبير عن أفكارها ورؤاها الجمالية والإبداعية وفق نسق حضاري بناء من شأنه أن يرتقي بالعلم الثقافي في المجتمع.

مجالس إدارة النادي الثقافي منذ عام 1985م
توالى على رئاسة هذه المؤسسة الهامة منذ تأسيسها 11 مجلس إدارة مختلفا وترأس هذه المجالس الأسماء التالية بالترتيب: معالي د. محمد بن علي موسى، سعادة سالم بن إسماعيل سويد، سعادة محمد بن عوفيت الشنفري، سعادة الشيخ سيف بن هاشل المسكري لفترتين متتاليتين، الشيخ د. اليقضان بن طالب الهنائي، د.سيف بن محمد الرمضاني لفترتين أيضا، الأستاذ سالم بن محمد المحروقي، الشيخ سيف بن هاشل المسكري وأخيرا د. عائشة بنت حمد الدرمكي الرئيس الحالي لتكون بذلك أول امرأة تترأس مجلس إدارة النادي الثقافي.

أول امرأة
د. عائشة الدرمكي حاصلة على الدكتوراة في سيميائيات اللغة العربية، تعمل في المجال الأكاديمي بالجامعة العربية المفتوحة بمسقط، ولها مجموعة من الكتب في مجال تخصصها ومجال التراث الثقافي، شاركت في مجموعة من اللجان الثقافية في مؤسسات متعددة داخل السلطنة وخارجها، وأسست مجموعة من المشروعات الثقافية الوطنية.
شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات والفعاليات العلمية والثقافية داخل السلطنة وخارجها، ولها أيضا العديد من الكتابات والمشاركات في ملاحق ومجلات عالمية وعربية ومحلية علمية وثقافية .
وعن أهمية وجود النادي الثقافي في المشهد الثقافي العماني تقول لـ"الشبيبة": "يعتبر النادي الثقافي أولى مظاهر المجتمع المدني في المجال الثقافي في السلطنة، فقد كان يضم مجموعة من المثقفين والمبدعين في مجالات متعددة أدبية وفنية وموسيقية، يحضرون إليه لممارسة هواياتهم وإبداعاتهم ويعقدون فيه اللقاءات والورش والمعارض والفعاليات المتنوعة التي تدعم مجالات عملهم وشغفهم الثقافي، ومنه أيضا خرجت تلك المجموعات الثقافية إلى الميدان المجتمعي، حيث نجد اليوم مجموعة من الجمعيات المتخصصة التي كانت قد تشكلت في أروقة النادي، ولهذا فإن النادي الثقافي يمثل رابطة فكرية وثقافية لتلك الجمعيات وأولئك المثقفين سواء أكانوا ينتمون للجمعيات أو فضلوا أن يبقوا فرادى، ولأنه كذلك فإننا جميعا نعتز بهذا الصرح الثقافي الذي يمثلنا ويمثل ذاكرة ثقافية مستمرة عبر الأجيال.

أفتخر بها
وتضيف د. عائشة: "بالنسبة لي فإنني أفخر بهذه التجربة ليس كوني امرأة وحسب بل لأن رئاسة النادي أكسبتني العديد من المهارات شخصيا وعمليا، بالإضافة إلى أن الفريق الذي أعمل معه فريق متميز إداريا وفنيا وهذا أيضا مما أعتز به دوماً. إن رئاسة النادي تمثل تحدٍ كبير لي على المستوى الشخصي لأنها مسؤولية ذات أبعاد متشعبة؛ فالنادي غير متخصص في مجال ثقافي معين بالإضافة إلى أن تاريخ النادي ومجالس الإدارة التي توالت عليه والتراكم الإداري والمعرفي الذي تشكل خلال ذلك يجعل المسؤولية أكبر، ناهيك عن تنوع منتسبي النادي ومرتاديه من حيث الأعمار والمجالات الثقافية التي يمثلونها. كل ذلك يزيد من التحدي من جهة ويرفع مستوى فرص الإبداع والعمل الجماعي من جهة أخرى، ولهذا كانت لنا تلك الفرص التي حاولنا ونحاول العمل عليها مع الزملاء والأصدقاء المثقفين في مجالاتهم التخصصية المختلفة.

المثقف ركيزة للوطن
وبمناسبة يوم النهضة المباركة 23 يوليو تقول: "نقدم أسمى التهاني والتبريكات لباني هذا الوطن الغالي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ولصاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة المشرف العام للنادي والزملاء والأصدقاء المثقفين وأبناء هذا الوطن، ونؤكد أن المثقف ركيزة من ركائز هذا الوطن وحامل لواء التقدم وبناء الحضارة قديما وحديثا وهو أهل لهذه المسؤولية وواع بها وبأهميتها، يعمل يد بيد لوطن الحضارة والسلام . وكل عام والجميع بخير.

وحول الحصول على عضوية النادي تقول د. الدرمكية: يمنح النادي الثقافي عضوية للراغبين في الحصول على عضويته، تسري لسنة كاملة قابلة للتجديد، أو مدد أخرى مماثلة. ويمكن للراغبين في الحصول على عضوية النادي التقدم رسميا بطلب العضوية إلى مدير النادي الثقافي على النموذج المعد لذلك. ويشترط في عضو النادي الآتي:
(أ‌)أن لا يقل عمره عن 18 سنة.
(ب‌)أن لا يكون قد صدر ضده أي حكم في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن قد رد له اعتباره.
وتتيح العضوية للأعضاء التمتع بالآتي:
(أ‌)حضور كافة الفعاليات التي ينظمها النادي.
(ب‌)تقديم الاقتراحات وإبداء الآراء كتابة في الموضوعات التي تهم النادي.
(ج) الانتفاع من مرافق النادي وما يتيحه لأعضائه من خدمات ومزايا.