هل نحن بحاجة إلى وزارة لتطوير التعليم؟ (4 من 9)

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٤٠ م

مواجهة تحديات التعليم، وتحدي كل المشاكل التي نواجهها، تحدٍ للإدارة في جميع المجالات. والحقيقة التي ننساها أن السياسة -أية سياسة- هي في صميمها علم وفن إدارة موارد المجتمعات المختلفة بما فيها الموارد التعليمية والثقافية.
أعرف يقيناً أن تصورات كل منا تظل متأثرة بموقفه وموقع نظره ومنهجه في الاجتهاد وبالتالي فإني أقدر أن بعضاً مما أعرضه من تصورات قد يختلف مع تصورات اخرى، ويطمئنني - في كل الاحوال - ان اختلاف التصورات مفيد في البحث عن الحقيقة، وقد قيل سابقا: " من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد".

ومن أجل الوصول الى الأهداف التعليمية ففي اعتقادي انه من الضروري ان تعطى لإدارة الوزارة المقترحة أصلح وأنضج العناصر المهيأة لتحمل المسؤولية، بما يوفر درجة معقولة من الكفاءة تحفظ للهدف حدا مأمونا من فرص النجاح.
وفي تصوري ان بعض الخطط والسياسات والاستراتيجيات التي ينبغي للوزارة المقترحة ان تقوم بها، هي الآتي:

1- إجراء دراسة كاملة وشاملة للكفاءة الداخلية للنظام التعليمي بعموميته، من خلال التركيز على جودة المقررات ونوعية الجهاز التعليمي والاداري والبيئة المدرسية، وايضا من خلال تحليل مستوى نتائج الطلبة الخريجين وقدرات نضجهم وثقافتهم العامة مع ما يحصل في العالم وسوق العمل المتغير وقدراتهم على التكيف مع التغيرات السريعة ومع الوظائف المستقبلية، واجراء مقارنات وتقيمات مع مستويات الطلبة في ذات المراحل في الدول المختلفة، للتعرف على اسباب الاختلافات والوصول الى استنتاجات عن طبيعة المؤثرات والمستجدات المدرسية والتعليمية المؤثرة على الكفاءة الداخليه للنظام التعليمي العام وللتعليم الثانوي على وجه الخصوص، اضافة الى تقويم التحصيل الدراسي عن طريق اجراء مقابلات مستمرة لعينة ممثله للطلاب في كل مرحلة دراسية للتعرف على مدى ما استوعبوه وعن مدى جاهزيتهم للانتقال الى المرحلة التالية..كل ذلك سوف يساعد على دراسة المشاكل وتبيان مواقع الخلل وايجاد حلول لها قبل استفحالها.
2- اعتبار تعليم الاطفال من عمر الثلاث السنوات جزءًا اساسيا من التعليم العام، وذلك عن طريق توفير رياض الاطفال لكل طفل في منطقته وفي جميع انحاء عمان، تضمن تعليم الطفل ثلاث سنوات كاملة قبل التحاقه بالمرحلة الابتدائية، تعليما يليق بالطفل وقدراته في تلك المرحلة المبكرة، وتوفير الطاقم التعليمي، والمتخرج من معاهد متخصصة تعلمه على اصول التعامل مع الطفل الصغير وتدرسه موضوعي علم الاجتماع وعلم النفس، وتجري للراغب ان يكون مدرسا في الروضة وقبل التحاقه بالمعهد او الكليةً، مقابلات شخصية للتعرف على مدى قدرته واستعداده للتعامل مع تلك البراعم الممتلئة بحب الفضول والرغبة في التعلم وتوجيه الاسئلة. والتعلم النوعي في الجيل المبكر، يمنح الطفل قدرة التزود بادوات أساسية للتعلم والابتكار لاحقا، ويعزز ثقافته ويدعم مهاراته وقدراته على الاعتماد على النفس، كما يوفر نقطة انطلاق لائقة له في المستقبل ويعلمه قيم الحوار الفعال وبناء علاقات انسانية منذ ذلك العمر ويكسبه مهارات التفكير الضرورية له في المستقبل.
3- من أجل إيجاد البيئة المدرسية التي تحقق الاحتياجات التعليمية والتربوية والترفيهية، ومواكبة التغيرات المستجدة باستمرار في اتجاهات التعليم واحتياجاته، ويلبي متطلبات وتطلعات المستخدمين من البنين والبنات في مراحل التعليم المختلفة، من رياض الاطفال حتى المرحلة الثانوية، فمن الضروري ان يتجه التفكير الى التصاميم المختلفة والحديثة لمدارس المستقبل، والبدء التدريجي ببنائها، وتطوير الوضع القائم في الأبنية الحالية. والدول التي بدأت في هذا الطريق، لاحظت ورصدت، ان تلك المدارس الحديثةً تسهم في دعم التحصيل العلمي وتساعد الطلبة على تحقيق مراكز احسن في التحصيل والاختبارات.
4- إجراء مقابلات شخصية مع جميع الطلبة المنتهين من الصف العاشر وقبل دخولهم لمرحلة الدبلوم العام لمعرفة الطلبة الذين يريدون استمرار دراستهم الجامعية مقابل هؤلاء الذين يريدون الدخول في المعاهد والكليات الفنية والمهنية او الذين يريدون الالتحاق بسوق العمل مباشرة وحصر الدراسة في السنتين الاخيرتين، اي السنة الحادية عشرة والثانية عشرة، في مواضيع ومواد محددة، بحسب الفرع الذي ينوي الطالب مواصلة الدراسة فيه. فعلى سبيل المثال فان الطالب الراغب مواصلة دراسته في العلوم الطبية والعلوم البيولوجية والزراعية، يذهب الى الصفوف التي يتم التركيز فيها على مواد الكيمياء والفيزياء وعلم الاحياء والرياضيات واللغة الانكليزية، وتركز الدراسة للطلبةً الراغبين يالالتحاق في الكليات الهندسيةً والتقنية والفنية والمعاهد التدريبية، على مواد الرياضيات والرسم الهندسي واللغة الانكليزية وغيرها من المواد المتعلقة في مجال دراستهم. ونفس الشيء للطلبة في القسم الادبي والتجاري، يتم التركيز على المواد المناسبة في مجال دراستهم. اما الطلبة الراغبون بالالتحاق لسوق العمل مباشرة بعد الحصول على الدبلوم العام فيتعرضون الى دروس نظرية وعملية في اللغه الانجليزية وبعض الجوانب من الرياضيات والحاسب الالي وغرس مهارات الاتصال والتخاطب والتواصل وحل المشكلات والابداع والمبادرة.

أيضا من المهم جدا ايجاد جسور تؤهل الطلبة المتخرجين من الكليات الفنية والمهنية والبيئية لاحقا، والراغبين بالحصول على شهادة البكالوريوس والماجستير فاكثر، اذا ما رغبوا في مواصلة دراستهم الجامعية لاحقا.
"يتبع"