مسقط – محمد البيباني
يوما بعد يوم تتزايد التكهنات حول وجود تحركات دبلوماسية ترعاها السعودية للمصالحة بين مصر وتركيا ... وتتزايد بورصة التوقعات في الفترة الراهنة التي تسبق انعقاد القمة الاسلامية المرتقبة في انقرة والتي تشهد معضلة تتمثل رئاسة مصر للقمة بينما تركيا هى الرئيس المقبل ، وهو ما ينبا بمشكلة بروتوكولية في تسليم الرئاسة من مصر الى تركيا خاصة في ظل التازم الراهن في العلاقات والذي يضع مشاركة مصر في القمة محل شك ما لم تشهد العلاقات بين البلدين انفراجة قبل موعد انعقادها في ابريل القادم .
واشارت بعض التقارير ان انقرة رفضت اقتراحا تبنته دولة عربية مغاربية بنقل القمة الى الرياض بحيث تتسلم السعودية الرئاسة باعتبارها دولة المقر ثم تسلمها إلى تركيا
الخلاف بين القاهرة وانقرة عقب الاطاحة بحكم الاخوان المسلمين يضع تحديات قوية امام اية فرصة للالتقاء في المستقبل القريب علاوة على ان التسريبات من القاهرة وانقرة حول شروط كل طرف لاتمام المصالحة تجعل نهاية الازمة بين الدولتين بعيدة وتؤكد ان ابريل القادم لن يشهد تطبيعا للعلاقات .
وعلى الرغم من ان قمة ابريل الاسلامية تمثل الفرصة الاخيرة للمصالحة بين انقرة والقاهرة في المستقبل القريب الا انها في الوقت نفسه لن تثمر عن تقارب الدولتين في حال اصرار الجانب التركي على موقفه من مصر بعد الاطاحة بالاخوان المسلمين وهو ما يعد مستبعدا راهنا في ظل تصميم الرئيس التركي رجب طيب اردوجان على موقفه
الباب المفتوح
وزير الخارجية المصري سامح شكري قال في تصريحات دبلوماسية نفي خلالها صحة التقارير التي تحدثت عن وجود وساطة سعودية - قال - "أن العلاقات المصرية التركية سوف تعود إلى طبيعتها عندما تتخذ تركيا موقفا يتجه إلى دعم العلاقات، وتتراجع عن دعمها لجماعة «الإخوان المسلمين»
وأكد ان مصر قطعت العلاقات بعد تجاوز انقرة حدود المسموح به رغم العلاقات التاريخية بين البلدين، بحسب قوله.
وأكد وزير الخارجية المصري أن مصر سوف تشارك في القمة الثالثة عشرة لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، المقررة في إسطنبول، خلال الفترة ما بين 10 إلى 15 أبريل المقبل.
مشيرا إلى أن مصر عضو فاعل في «منظمة التعاون الإسلامي»، وتتولى رئاستها في الوقت الراهن، مضيفا أن مستوى المشاركة المصرية في قمة إسطنبول ستتم دراسته، وسيحدده الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، وسيتم الإعلان عنه في الوقت المناسب، وفق قوله.
وحول مشاركة مصر بمستوى أقل من مستوى الرئيس في القمة، قال «شكري»: «ليس هناك ما يفرض علينا المشاركة بأي تمثيل، سواء الرئيس أو مستوى أقل من ذلك، فالرؤساء يشاركون وفقا للمنظور السياسي، ولبرنامجهم، وارتباطاتهم، في توقيت انعقاد المؤتمر»، على حد وصفه.
وأضاف أنه يجوز من الناحية البروتوكولية لرئيس الوزراء أو وزير الخارجية أن يسلم القمة لأحد الرؤساء أو الملوك حال غياب الرئيس، مشيرا إلى أن ما تحدده مصر، وتعلنه ممثلا للوفد يحظى بمكانة رئيس الجمهورية.
وحول التعاون الاستراتيجي الذي تم توقيعه بين السعودية وتركيا، قال «شكري»: «هذه علاقة ثنائية يتم تحقيق إطارها وفقا لمصالح البلدين، وليس لدينا تعليق على ذلك الأمر».
وعلق وزير الخارجية المصري على الأنباء التي تشير إلى وجود مفاوضات بين مصر وتركيا، لإجراء مصالحة بواسطة سعودية، قائلا: «لست على أي علم بمثل هذه المفاوضات، ولم نتطرق إلى هذا الأمر، عندما زرت المملكة مؤخرا».
واستدرك بالقول: «لكن هذا لا يمنع أنه في مراحل عديدة، كنا دائما نتحدث مع الشركاء الأوروبيين والشركاء في المؤتمر الإسلامي لتوضيح الأمور».
تسريبات من تركيا
على الجانب الاخر قال تقرير تركي،امس الاربعاء إن أنقرة تستعد للاعتراف بنظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مقابل إلغاء عقوبات الإعدام ضد قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
الاتفاق التركي المصري المتوقع ظهوره قريبا بحسب صحيفة "تودايز زمان" التركية، ينص على اعتراف تركيا بإدارة السيسي مقابل عدم إعدام الإخوان.
وتلعب المملكة السعودية دور الوساطة في هذا الاتفاق، الذي يشمل أيضا عودة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة.
ونقل التقرير عن مسؤولين قريبي الصلة بالمداولات والمفاوضات الحالية أن البلدين على وشك إبرام اتفاق.
ووضعت الرياض كل نفوذها في مفاوضات الصلح بين تركيا ومصر، في محاولة جادة منها لبلورة تحالف اسلامي في المنطقة .
زيارة
في السادس عشر من الشهر الجاري كشفت مصادر مطلعة أن وفدًا دبلوماسيًا وأمنيًا مصريًا زار العاصمة التركية أنقرة ، لمناقشة الأزمة «المصرية التركية»، بـ«وساطة سعودية»، لبحث إمكان المصالحة بين البلدين.
وتوترت العلاقة بين مصر وتركيا بعد ثورة ٣٠ يونيو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، إذ انقطعت العلاقات الدبلوماسية بشكل شبه كامل بين البلدين.
وقالت المصادر، حسبما اكدت صحيفة «الجريدة» الكويتية،: «إن لقاءً ثلاثيًا بين مسئولين سعوديين ومصريين وأتراك، تم لاستعراض شروط الطرفين، فى محاولة لتقريب وجهات النظر وحل الأزمة، خصوصًا أن الرياض تعتمد على حلحلة الأزمة، لتفعيل تحالفها الإسلامى الذى أعلنته الشهر الماضى، ويضم فى عضويته مصر وتركيا».
وأضافت: «إن القاهرة متمسكة بمطالبها، وعلى رأسها مناقشة تهريب أموال مصرية بواسطة عناصر إخوانية إلى تركيا، ووقف الدعم للميليشيات المسلحة فى ليبيا، ووقف التحريض على النظام المصرى عبر فضائيات إخوانية تبث من الأراضى التركية»، مشيرة إلى أن استجابة أنقرة لهذه الشروط ستحسم موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى من المشاركة فى مؤتمر القمة الإسلامية الذى تستضيفه تركيا فى إبريل المقبل، حيث يفترض أن تسلم القاهرة رئاسة القمة إلى أنقرة.
وكان الموقع الإلكترونى لقناة «روسيا اليوم» قد كشف مطلع يناير الجارى عن مساعٍ سعودية جرت فى الفترة الماضية لـ«حلحلة الأزمة» بين مصر وتركيا، قبل انعقاد الدورة المقبلة لمؤتمر القمة.
وتعقد القمة الإسلامية المقبلة فى إسطنبول، برئاسة الرئيس التركى رجب طيب أردوجان، فيما رئيسها الحالى هو الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وبحسب تقرير للموقع، فإن الأزمة تبقى قائمة فيما يتعلق بكيفية تسليم «السيسى» رئاسة القمة إلى غريمه فى قلب تركيا، وبحضور زعماء نحو ٥٧ دولة، من دون أن تتم المصالحة بينهما.
وتجرى التجهيزات للقمة الإسلامية على قدم وساق، وربما يكون هذا الحدث أحد الأسباب الرئيسة التى تدفع الرياض للمضى قدمًا فى مسار المصالحة بين «السيسى» و«أردوجان».
وردت مصادر مصرية رفيعة المستوى حول ما تردد عن مشاركة «السيسى» فى اجتماعات القمة الإسلامية بالقول: «إن تقرير مشاركة الرئيس من عدمه هو أمر سابق لأوانه»، مضيفة أن «الأشهر الثلاثة المقبلة المتبقية على موعد القمة، ستشهد العديد من المواقف السياسية إزاء قضايا المنطقة، والتى تُعد مؤشرًا على حالة الخلاف أو الوفاق الدبلوماسى بين البلدين».
وكشفت تقرير صحيفة «الجريدة» الكويتية أن الوفد المصرى يزور تركيا لمدة يومين، التقى خلالها مسئولين أمنيين لعرض شروط مصر، إضافة إلى وقف التصعيد بين البلدين وعودة العلاقات الدبلوماسية بشكل تدريجى.
راي اخر
الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير معهد البحوث والدراسات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم يرى ان الحديث عن وساطة سعودية محتملة بين مصر وتركيا قبل انعقاد القمة فى أبريل المقبل أمر غير وارد فى حيث لا توجد أى مؤشرات على تغيير يمكن أن يطرأ على السياسة التركية الراهنة تجاه مصر
وعن معضلة المشاركة المصرية في القمة الاسلامية يرى يوسف أن الكرامة المصرية تحتم ألا تشارك مصر بوفد رئاسى وليرتب المعنيون بالأمر فى منظمة التعاون الإسلامى ما يرونه مناسباً لحل هذه المعضلة إجرائياً .
ويضيف احمد قائلا " أعلم أن البعض قد يختلف معى على أساس أن تركيا قوة إقليمية مهمة وأن من مصلحة مصر أن تكون لها علاقات تعاونية معها وهذا صحيح ، غير أن المشكلة أن الخبرة التاريخية للعلاقات المصرية - التركية تشير إلى نموذج انطوى عادة على أبعاد سلبية تضمنت حيناً هيمنة فعلية كما فى الخبرة العثمانية وحيناً آخر على تصادم مع السياسة المصرية كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية بعد أن أصبحت تركيا جزءاً من المنظومة الأطلنطية ومن ثم مخلب قط لمشروعات الهيمنة الغربية على المنطقة ومن هنا كان الصدام مع مشروع التحرر العربى لثورة يوليو 1952 ، ولا ننسى فى هذا السياق اعتراف تركيا المبكر بإسرائيل وإقامة العلاقات معها .