غياب برامج التدريب للطلبة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص
غياب برامج التدريب للطلبة

علي بن راشد المطاعني

يمثل التدريب الصيفي لطلبة الجامعات والكليات في القطاعين العام والخاص أهمية كبيرة لأبنائنا الطلبة والطالبات الراغبين في صقل مهاراتهم وتعزيز قدراتهم وقضاء أوقات فراغهم في أمور تعود بالفائدة عليهم وعلى الجهات التي سيتدربون بها، فضلا عن فتح آفاق واسعة أمام الطلاب للولوج لسوق العمل والتعود على متطلباته في مرحلة لاحقة من حياتهم العملية بعد التخرج من الجامعات والكليات، الأمر الذي يتطلب إيجاد نظام تدريبي في الجهاز الإداري للدولة والقطاع الخاص يخص الطلبة والطالبات في السلطنة يبدأ كل صيف باستيعاب الطلاب وتأهيلهم بشكل يتوافق مع تخصصاتهم، بل وتطبيقه يعد أحد الخيارات التي ينبغي الإيفاء بها للتخرج من الجامعات والكليات في البلاد، واعتبار التدريب جزءا لا يتجزأ من مكونات التخرج بدرجة البكالوريوس وغيرها من الشهادات الجامعية لتوجيه الشباب ومعالجة الاختلالات الفكرية نتيجة الهوس بالتقنيات والحديثة والممارسات الضارة بها.
فبلا شك إن التدريب الصيفي للطلبة والطالبات له من المكاسب لا ‏يمكن حصرها في هذه العجالة، لعل أهمها القضاء على أوقات الفراغ لدى أبنائنا وما ينتج عنه من إدمان على الألعاب الالكترونية وما يكتنفها من ممارسات خاطئة أصبحت اليوم تؤرق الكثير من الأهالي لما تشكله من أخطار جسيمة على الفرد والمجتمع، وما تفرزه من ممارسات فظيعة لا يمكن تلافيها إلا بتوجيه هذه الطاقات نحو الإبداع، فالتدريب الصيفي أحد المجالات التي من شأنها أن تشغل الشباب عن أعمال غير مفيدة لهم ولمجتمعهم، ويوجه حماستهم إلى الكثير من جوانب العمل المفيدة لهم، ومن شأن التدريب الصيفي أيضا أن يتعرف الشباب على الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والخاصة للمواطنين ويعرف قيمتها وأثرها في رخاء الفرد والمجتمع، ويسبر أغوار بعض المجالات الخافية عليهم بحكم ابتعادهم عن هذه الجهات وما تقدمه من خدمات جليلة للمواطنين والمقيمين.
فالتدريب الصيفي لطلاب الجامعات والكليات من شأنه أن يصقل مواهب ومعارف الدارسين في جوانب دراستهم والمسار العلمي الذي يتخذونه في العديد من التخصصات، ومطابقة الدراسة النظرية بالجانب العملي وهذا يرسخ المعرفة والتجربة معا في عقول أبنائنا الطلبة والطالبات وهو ما يسهم في تسهيل التعلم لديهم.
ويساهم الطلبة من خلال برامج التدريب في الجهات الحكومية والخاصة في القيام بأعمال مساعدة في هذه الجهات مما يسهم في تسريع وتيرة العمل خاصة في موسم الصيف حيث تكثر الإجازات لدى الموظفين وتنقص الكوادر الوظيفية التي تقوم بهذه الأعمال، والاستفادة من الطاقات الشبابية المتدفقة ذات أثر إيجابي في انسيابية الخدمات في الأجهزة الحكومية والخاصة سوف يثمر عن تسريع وتيرة الأعمال وإنجاز المعاملات وبالتالي يكون أبناؤنا عونا في تقديم خدمات جليلة للجهات.
وعلى الرغم من أن بعض الجهات تبدأ في برامج للأنشطة الصيفية كالأندية والمنتديات وغيرها من البرامج الترفيهية والاجتماعية، إلا أن إهمال التدريب الصيفي للطلاب يعكس عدم وجود خطوط واضحة لماهية استغلال الإمكانيات المتاحة لتنفيذ هذا الجانب في البلاد، والاستفادة من القدرات المتوفرة بشكل صحيح.
فالتدريب له جانب مهم يعزز الثقة لدى أبنائنا الطلبة والطالبات في القيام بأعمال ميدانية في العديد من المجالات ذات الأهمية كالمجالات الهندسية والإدارية وغيرها، ومنحهم الثقة تحت الإشراف الإداري والفني سوف يسهم في إثبات الذات والتمكن من العمل.

إن إكساب أبنائنا المهارات اللازمة من خلال التدريب العملي بالطبع سوف يعمل على تطوير قدراتهم ومهاراتهم المدفونة بدواخلهم تحتاج إلى من يكتشفها ويشجعها على الظهور، وهذا لا يأتي إلا إذا كانت تؤدى سنويا في الإجازات الصيفية وفق برامج واضحة وآليات مقننة تظهر الجدية في التعاطي مع هذا الجانب المهم ترسيخه في المجتمع الجانح نحو اللامبالاة والاتكالية والدعة.
بالطبع هناك محاولات جارية من بعض الكليات والجامعات في تدريب صيفي لبعض التخصصات العلمية، إلا أنه في إطار ضيق وآليات بسيطة لا تفي بالغايات التي تهدف إلى السماح بالتدريب الممنهج وفق أطر وآليات واضحة وبرامج تهدف إلى الاستفادة من طاقات المجتمع الكامنة وإفادتهم في إكساب أبنائنا الحياة العملية ومتطلباتها، وهناك الكثير من الموظفين في الدوائر الحكومية والخاصة بإمكانهم القيام بمهام التدريب سواء من خلال أقسام التدريب في الجهات أو من خلال انتدابهم من دوائر أخرى.
وفي الماضي كان هناك فرض للبرامج التدريبية في الصيف على الخريجين يتوزعون على الجهات الحكومية ويقومون بمهام جليلة في العمل تكتسبها الجدية والتعاطي المسؤول من كل الأطراف سواء الطلبة أو الجهات أو المسؤولين في حين اليوم نرى ترهلا في العمل في هذا الجانب بعدما كانت تجربة ثرية بكل المقاييس استفادة منها قطاع كبير من الخريجين آنذاك وإلى اليوم يتذكر المسؤولون أهمية هذه التجربة وثراءها..
بالطبع هناك الجامعات و الكليات التي لديها برامج التدريب في الصيف في بعض التخصصات لتدريب الطلبه كجزء من المتطلبات الاكاديمية ، و لكن ما ننشده ان يكون هناك توجه عام لتدريب اكبر قدر من الطلاب في كل المجالات و ليس فقط في المجالات العلمية و الطبية لتحقيق العديد من الاهداف ذكرنا بعضها في هذه العجالة وبعضها يعلمه الجميع في هذا الوقت العصيب الذي يتطلب اشغال ابناءنا لكل ما هو مفيد.
نأمل أن يحظى التدريب الصيفي بالاهتمام الذي يستحقه كأحد برامج ذات أهمية كبيرة للعديد من الدواعي والمبررات التي ينبغي أن تهيئ لها الحكومة بكل أجهزتها ووحداتها الخطط الهادفة إلى استغلال أوقات الشباب وتوجيههم إلى جوانب ذات أهمية لحياتهم العملية وغرس بعض المهارات وإكساب المعرفة والعلوم الهادفة، وهو ما يتطلب إيجاد آليات أكثر شمولية ودقة في التعاطي مع هذا التوجه ووضعه في أجندة البرامج الصيفية لاستغلال أوقات الفراغ.