ماذا يعني يوم النهضة للعمانيين

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:٠٤ ص
ماذا يعني يوم النهضة للعمانيين

فريد أحمد حسن

المتابع لحسابات العمانيين ، ذكورا وإناثا ، في مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ أن الكثيرين منهم يتخذون من صورة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أيقونة لها ، ويلاحظ أن حساباتهم لا تخلو من تغريدات تمجد في باني السلطنة ورائد نهضتها ، وهو أمر غريب لو تمت مقارنته بالحسابات في تلك المواقع في أغلب دول العالم إن لم يكن فيها جميعها . وبسبب اقتراب احتفال السلطنة ب"يوم النهضة" الذي تولي فيه صاحب الجلالة مقاليد الحكم في السلطنة العام 1970 والذي يصادف يوم السبت المقبل (23 يوليو) فإن كل حسابات العمانيين في تلك المواقع بدأت منذ أيام تمتلئ بالتغريدات المعبرة عن ولائهم لجلالته وتقديرهم لما قدمه للسلطنة على مدى نحو خمسة عقود ، وبدعواتهم أن يمد الله في عمره كي يستمر في درب الخير ويواصل البناء .
اليوم يعلم العالم أجمع أن "عمان وشعبها كانا في ذلك اليوم على موعد مع فجر جديد أطل عليها وهو يحمل بشرى التغيير والانطلاق إلى مراتب الرقي والتقدم ، فكان هذا اليوم بمثابة نقطة فارقة في تاريخها الحديث وعلامة على نهضتها الحديثة التي تجلت ملامحها في حجم الإنجازات التي تحققت وعلى مختلف الأصعدة مما هيأ للمواطن العماني كل فرص النهوض والارتقاء فكان هو محور عملية التنمية والشريك فيها . ولأجل أن يؤدي دوره من منطلق هذه الشراكة أقيمت المؤسسات بهدف بناء دولة عصرية وفق الرؤية والدعائم التي أرساها السلطان قابوس لتواكب عصرها في ميادين العلم والمعرفة وتحافظ على أصالتها وعراقتها" . هذا هو ملخص ما يتم تداوله في هذه المناسبة وإن بأساليب وصيغ مختلفة ، كلها تقر بدور صاحب الجلالة في هذه النهضة كونه أساسها ، وكلها تقدر ما قام به وقدمه على مدى تلك العقود فأدهش العالم ، ليس فقط ببناء دولة من الحجر والقانون ولكن ببناء الإنسان العماني الذي قدمه كنموذج للعالم يحتذى به ، ويعبرعن جلالته .
الشعب العماني لا يزال يتذكر أول ما وعد به صاحب الجلالة في أول خطاب له من البيان التاريخي الأول في 23 يوليو 1970 م حيث قال "شعبي .. إني وحكومتي الجديدة نهدف لإنجاز هدفنا العام .. كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدا سيشرق الفجر على عمان وعلى أهلها ، حفظنا الله وكلل مسعانا بالنجاح والتوفيق" . ولأن جلالته قرن كلامه بالعمل وترجم ما وعد إلى فعل صار الشعب العماني يراه على أرض الواقع ويلمسه بيده ، لذا فإن كل فرد من أفراد هذا الشعب صار ينظر إلى جلالته على اعتبار أنه مفتاح الولوج إلى العالم المتقدم ، بل إلى الحياة ، وصار يجتهد في الوصول إلى الوسيلة التي يعبر من خلالها عن حبه لهذا القائد وتقديره لما قدمه على مدى كل هذه السنين .
حب الشعب العماني لقائده الهمام لا مثيل له ، والتصاقه بهذه الشخصية الفذة لافت ومثير ، لذا فإنه لا غرابة لو سمع أحد العماني وهو يقول إنه لو كان ممكنا فإنه لا يتردد عن إعطاء بقية عمره لجلالته كي يواصل البناء ، وهو قول صادق صار يكثر بعد الظروف الصحية التي مر بها صاحب الجلالة أخيرا وازداد مع ازدياد القلق على صحته .
المتابع لتغريدات العمانيين هذه الأيام يلاحظ أن أغلبها يتناول جوانب من شخصية صاحب الجلالة السلطان المعظم بدءا من ولادته في مدينة صلالة بمحافظة ظفار ونسبه ومعنى اسمه في اللغة ، مرورا بتعليمه في الداخل والخارج ، وانتهاء بتسلمه مقاليد الحكم في السلطنة والبدء في بنائها حتى أوصلها إلى ما وصلت إليه اليوم فشملت المنجزات مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية .
في الأدبيات التي انتشرت في هذه المناسبة في الأعوام الفائتة وردت عبارات لخصت الكثير مما ينبغي أن يقال فيها ويعبر عن حب الإنسان العماني لقائده ، من ذلك على سبيل المثال أن جلالته "اهتم بشتى اتجاهات الحضارة , رعى الفكر بالعلم , والعقل بالوعي , والنفس بالأمل والأمن , ورسم البهجة وجعل من السلطنة تزهو وتزدهر به" ، وكذلك "كان جلالة السلطان المفدى بشرى خير ونور وثراء لعمان ولشعبها الكريم , مد يده للوطن والمواطن في كل المناسبات ولكل المجالات , وعمل على بناء وتثقيف وتنوير الإنسان العماني بوجه عام" .
مشاريع كثيرة وكبيرة نفذها صاحب الجلالة في السلطنة حققت التنمية في البلاد ورفعت من مستوى الشعب العماني فصار فاعلا ومؤثرا ورقما موجبا في كل مسألة وفي كل حكاية ، قائما وقاعدا . من هنا فإن من الطبيعي أن يفرح هذا الإنسان بهذه المناسبة العظيمة ، ومن الطبيعي أن يجتهد في التعبير عن حبه وتقديره لقائده وباني نهضة السلطنة .
لكن ليس بالتغريدات المعبرة عن الحب والولاء وحدها يجازى باني النهضة المباركة ، فالتغريدات الموجبة في مثل هذه المناسبة كلها جميلة وكلها تؤدي الغرض من نشرها وتؤكد أصالة الإنسان العماني واعتزازه بقيادته وتقديره لما تم ، غير أن الأهم وما يفرح باني النهضة هو المشاركة بالعمل في البناء والاستمرار على النهج الذي اختطه جلالته والعطاء كل في مجال اختصاصه وخصوصا الطلبة الذين هم أمل السلطنة ومستقبلها ، حيث اجتهادهم ونيلهم أعلى الدرجات كفيل بأن يوجد شحنة فرح كبيرة في قلب صاحب الجلالة الذي يبني آمالا كثيرة على هذه الفئة كي يكون لها إسهاماتها في الجزء التالي من مسيرة النهضة المباركة .

· كاتب بحريني