الشــــــــقصي: التقريرالدولي حول عاملات المنازل يفتقد للمنهجية

بلادنا الثلاثاء ١٩/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:١٦ م
الشــــــــقصي:

التقريرالدولي حول عاملات المنازل يفتقد للمنهجية

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

أكدت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أن تقرير مرصد حقوق الإنسان الدولي حول أوضاع عاملات المنازل في السلطنة افتقد المنهجية العلمية في البحث والتقصي، مشيرة إلى أن التقرير اعتمد في تقصي أخباره على عدد بلغ 59 عاملة منزل معظمهن من الهاربات في حين أن عدد عاملات المنازل في السلطنة يزيد عن 130 ألف عاملة، بحسب إحصائيات حكومية، ما يعني أن الشريحة غير كافية وغير ممثلة لشريحة عاملات المنازل.
وقال الأمين العام للجنة العمانية لحقوق الإنسان د. عبيد بن سعيد الشقصي لـ "الشبيبة" إن هؤلاء العاملات الهاربات هن أنفسهن مخالفات لاتفاقيات العمل رغم أن قوانين السلطنة تتيح لهن المطالبة بحقوقهن بالطرق القانونية ودون تكلف أية مصاريف.
وأضاف الشقصي أن التقرير تجاهل بقصد أو دون قصد آراء الجهات المعنية في السلطنة واللجنة العمانية لحقوق الإنسان وكذلك أراء المواطنين، ما يعرض التقرير إلى فقدان القيمة العلمية له، مؤكدا أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان ستتعامل مع التقرير بمنتهى المهنية وستفند ما جاء فيه من سلبيات حول واقع عاملات المنازل في السلطنة وتتقصى الوقائع حولها للعمل على تلافيها إن وجدت وتعزيز حقوق عاملات المنازل.
وأفاد الشقصي بأن اللجنة تتمنى أن يزودها مرصد حقوق الإنسان بالتقرير وبيانات هذه الحالات المرصودة للتأكد منها ومعالجة أوضاع أصحابها، مؤكدا أن اللجنة تسعى لحفظ حقوق جميع العمال العمانيين منهم والوافدين وهي لا تفرق بينهم بحسب الجنس أو البلد أو غير ذلك.

مراجعة القوانين

وأشار الأمين العام للجنة العمانية لحقوق الإنسان إلى أن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أوصت خلال الفترة الفائتة بمراجعة القوانين المنظمة لعاملات المنازل وأن هناك مساعي حكومية في هذا الجانب، حيث تعمل وزارة القوى العاملة على إصدار قانون خاص لهؤلاء الذين لا ينطبق عليهم قانون العمل ولاعتبارات عدة معظمها في صالح هذه الشريحة من العمال كالسكن والمأكل والعيش في وسط الأسرة.
وقال إنه لم ترد أية بلاغات للجنة من عاملات منازل مع أنه قد تكون هناك حالات فردية من تجاوز حقوق عمال المنازل ولكنها ليست بظاهرة يمكن رصدها، مشيراً إلى أن أحد التقارير العالمية أوضح أن العمانيين هم أكثر الشعوب ودية مع الأيدي العاملة الوافدة.

نظام الكفيل

وذكر الشقصي أن مما أشار إليه التقرير هو نظام الكفيل دون أن يتم التعرف على المعمول به في نظام الكفيل بالسلطنة والذي أكد أنه لا يعني العبودية بل العكس حيث إن هناك عقد عمل هو الذي يسري بين الطرفين ويوضح جميع التعاملات بينهما ويحمي حقوق العمال.
وحول حجز الجواز من قبل الكفيل أوضح الشقصي أن القرارات الصادرة عن وزارة القوى العاملة تجرم حجز جواز السفر من قبل الكفيل إلا بالتراضي مع العامل، وأن ذلك قد يكون من أجل حفظ جواز السفر وليس منع السفر.

منشورات بلغات مختلفة

وحول الجهد التوعوي للجنة العمانية لحقوق الإنسان بشأن حقوق عمال المنازل قال الشقصي إن اللجنة الوطنية طبعت منشورات بلغات مختلفة ووزعتها على سفارات الدول التي يستقدم منها عمال المنازل وإن هناك برنامجاً تعمل عليه اللجنة بالتعاون مع وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية يقضي بتعريف العامل بحقوقه وواجباته قبل التحاقه بالعمل.
وأشار الشقصي إلى أن اللجنة بصدد إصدار بيان تفند فيه جميع ما جاء في التقرير وسيتم نشره وتوزيعه على المنظمات الحقوقية ووكالات الأنباء العالمية والمحلية.

حماية العمال

في السياق ذاته، قال مدير عام الرعاية العمالية بوزارة القوى العاملة سالم بن سعيد البادي إن الوزارة تعمل بالاشتراك مع أطراف الإنتاج المعنية بالسلطنة على تنظيم عمل القوى العاملة في القطاعين التجاري والخاص بمن فيهم عمال المنازل وذلك من خلال تطوير الأنظمة والقوانين التي تكفل لهم حقوقهم، موضحا أن قانون العمل والقرارات الوزارية واللوائح المنظمة جاءت لتحمي جميع العمال بمن فيهم عمال المنازل.
وأضاف البادي أنه في حالة مخالفة القوانين فإنه يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وتسويتها من قبل الوزارة أو رفعها إلى القضاء للفصل فيها وتطبيق العقوبة وفقاً للقوانين المعمول بها في السلطنة على المخالفين، وأن على العامل في حال انتهاك أي من حقوقه من قبل صاحب العمل الإبلاغ عنها لدى الدوائر المختصة في وزارة القوى العاملة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.

تنظيم العمل المنزلي

وأشار البادي إلى أن الوزارة أصدرت عدداً من القرارات الوزارية المنظمة للعمل المنزلي، حيث تم إصدار القرار الوزاري رقم (1/2011) بشأن إصدار اللائحة التنظيمية لمزاولة نشاط استقدام القوى العاملة غير العمانية الذي يقوم بتنظيم عمل هذه المكاتب، كما شملت اللائحة نماذج لعقود العمل لعمال المنازل، والقرار الوزاري رقم (189/2004) بشأن قواعد وشروط العمل الخاصة بالمستخدمين بالمنازل، الذي يتم بموجبه تنظيم العلاقات بين صاحب العمل والعامل.
وبين أنه لمنع الاتجار بالقوى العاملة الوافدة فقد أصدرت الوزارة كذلك التعميم الوزاري رقم (2/2006) الذي حدد أن لا يحق لأصحاب العمل حجز جوازات سفر عمالهم، حيث كفل التعميم حرية احتفاظ العامل بجواز سفره.

استقبال الشكاوى

وذكر البادي أن السلطنة تعتمد على معايير العمل الدولية في تنظيمها لعلاقات العمل، حيث تقوم العلاقة على أساس مبني بين طرفين (صاحب العمل والعامل)، وأن القوى العاملة الوافدة في السلطنة هي قوى عاملة تعاقدية مؤقتة تعمل بناء على عقد عمل يتفق عليه من قبل صاحب العمل والعامل ويعتمد من قبل الجهات الرسمية بالسلطنة.
وأضاف: تشير الإحصائيات إلى أن عدد الشكاوى العمالية الفردية التي تم التعامل معها عام 2015م بلغ (9689) شكوى، كما تلقت الوزارة العام الفائت (824) طلب انتقال عامل من صاحب عمل إلى صاحب عمل آخر وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، مؤكداً أن الأنظمة والقوانين بالسلطنة كفلت حقوق العمال على حد سواء.

متابعة التجاوزات

وأوضح البادي أنه تم في إطار التوعية والتثقيف إعداد ونشر كتيبات إرشادية بأربع عشرة لغة وتوزيعها على العمال الوافدين القادمين للعمل في السلطنة بهدف تزويدهم بمعلومات وافية حول حقوقهم وذلك على نحو يسهم في توفير الرعاية والحماية وتوجيه النصح لهم للالتزام بعقود العمل وأحكام القانون تجنباً لحصول أي ممارسات غير إيجابية تجاههم ينجم عنها حالات اتجار بالبشر، وكيفية التواصل مع الجهات المختصة في حالة حدوث أي تجاوزات لحقوقهم.
وتوفر الوزارة خدمة مركز الاتصال لتسجيل الملاحظات والشكاوى والبلاغات الواردة حول قانون العمل وأية مخالفات بشأنه واللوائح المنفذة له وذلك على الخط المجاني (80077000) وتتوفر هذه الخدمة يومياً وعلى مدار الساعة، كما يتم تقديم الخدمات التوعوية للعمال ولأصحاب العمل.

برامج توعوية

وأضاف مدير عام الرعاية العمالية بوزارة القوى العاملة: قامت الوزارة في عام 2015م بعقد (600) برنامج توعوي فردي و(379) برنامجاً توعوياً جماعياً وإرسال رسائل نصية توعوية بلغ عددها (103576) رسالة. وبالإضافة إلى ذلك فقد وقعت السلطنة في عام 2010 ممثلة بأطراف الإنتاج الثلاثة (وزارة القوى العاملة، غرفة تجارة وصناعة عمان، الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان) مذكرة تفاهم مع منظمة العمل الدولية بشأن تطبيق البرنامج الوطني للعمل اللائق. وفي هذا الإطار تم عقد عدد من الدورات التدريبية وحلقات العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية مع التركيز على قضايا حماية القوى العاملة الوافدة والاتجار بالبشر والإجراءات اللازمة لمنع حدوث هذه الظاهرة، كما قامت الوزارة بالتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم مع الدول المرسلة للقوى العاملة (جمهورية الهند، جمهورية باكستان جمهورية بنجلاديش الشعبية، جمهورية فيتنام الاشتراكية) حيث تحتوي بعض من هذه المذكرات على بند يتيح تبادل المعلومات بين السلطنة وهذه الدول التي تمنع الاستقدام غير الشرعي للقوى العاملة والاتجار بالبشر.

حالات فردية

من جانبها قالت أستاذة الفلسفة بجامعة السلطان قابوس د. عالية بنت هلال السعدية إن التقرير ركز على حالات معينة تبحث المنظمة عنها وتجاهلت الحالات الأخرى التي تشعر بالأمان من خلال القانون العماني أولاً ومن خلال تعامل الأسرة العمانية بل إن البعض من هؤلاء العاملات لا يردن العودة لبلدانهن أصلا حتى أن البعض منهن يتجاوزن أحقية السفر بعد انتهاء مدة العقد المحددة بسنتين.
واستدركت السعدية بالقول: في الجانب الآخر أعتقد أن هذا الاستثناء من المنظمة هو لصالح السلطنة لا ضدها.
وأضافت السعدية أن التطرق إلى هذا الجانب من القضية المتمثل في واقع العلاقات الجيدة بين العاملة والأسرة العمانية كان سيعطي هذه التقارير مصداقية أكبر.
وأشارت إلى أن هذه المنظمات تكون مسيسة أحياناً بهدف استغلال بعض القضايا الفردية لتحولها لظاهرة من أجل الضغط على الدول لإجراء مزيد من التنازلات الثقافية والاجتماعية التي قد تكون مضادة لثقافة هذه المجتمعات.

ثقافات مختلفة

وأوضحت السعدية أن مثل هذه التقارير تعد أحيانا من قبل أشخاص غير مطلعين على قوانين البلدان التي تحمي حقوق العاملين، وأن بعضهم وإن اطلع على هذه القوانين فإنه لا يدرك اختلاف الدول وثقافاتها وظروفها، فهو يحاول أن يجعل أنظمة العمل في أمريكا كأنظمة العمل لدينا، وبالتالي يتغاضى عن كل القوانين الوطنية الكافلة لحقوق هذه القوى العاملة طالما أنها لا تتناسب مع القوانين الموجودة في بلده، وبذلك تأتي النتيجة خارج سياقها ومفرداتها الثقافية.
وأفادت السعدية بأن هناك قضية لافتة حول هذه التقارير فيما يتعلق بحقوق الإنسان في السلطنة، والتركيز على نظام الكفيل ومحاولة تصويره كنظام عبودية، وليس كنظام يحمي العامل حيث يجعل رفاهيته على حساب كفيله ليوفر له كل احتياجاته، في حين أن الدول الغربية وإن لم يكن لديها نظام كفيل فإن العامل فيها يدفع ضرائب عن كل قرش يكسبه.
وأضافت السعدية: للأسف، فإن التقرير لم يوضح جهود الحكومة المستمرة في تطوير السبل لضمان حقوق العمال ومعالجة أي نقص في التشريعات قد تهضم حقوقهم، كما أن هذه التقارير تغفل وجود قضاء "ودي وجبري"، إن جاز التعبير، لحل أي مشكلة تقع بين طرفي العمل.

ليست ظاهرة

وأكدت السعدية أن قوانين السلطنة جيدة، وقد تكون هناك تجاوزات فعلاً لكنها ليست ظاهرة، في حين أن المنظمة في تقريرها تصور الموضوع كأنه ظاهرة وعمل ممنهج من قبل القائمين على القانون لظلم هذه الشريحة من العمال ومنهم عاملات المنازل.
وأكملت السعدية حديثها قائلة إنه بالنسبة للعاملات فإن الاستغلال الحقيقي يأتي من بلادهن حيث وجود الهرمية في هذه المجتمعات والثقافات واستغلال العاملات لفقرهن وحاجتهن من قبل المكاتب هناك وأن المشكلة الاخرى أن أغلب هؤلاء العاملات أميات ولا يعرفن واجباتهن ولا حقوقهن وقد يعملن مع أناس محدودي الثقافة أيضاً، فالوعي بالقوانين من الطرفين يصبح ناقصاً ومشوهاً.
وأضافت أن هناك "تخريباً" من العاملة نفسها قد يكون سبباً لظاهرة انتهاك حقوق العمال بعضهم البعض، أي أن تخرج العاملة في إجازة وتتعرف إلى من يغريها بالتمرد أو الهرب، وبالتالي تضطر الأسر لمنعها.

حقوق محفوظة

وحول رأي أصحاب العمل قال يونس بن أحمد الهوتي إنه لا يوجد ظلم على عاملات المنازل وإنهن يتمتعن بكامل حقوقهن وأكثر حيث إن معظم الأسر العمانية تتعامل مع عاملة المنازل على أساس أنها جزء من الأسرة.
وأضاف الهوتي أن عاملات المنازل يتمتعن في السلطنة بوجود المسكن الملائم والطعام النظيف من نفس طعام الأسرة.
وبين أنه قد تكون هناك بعض حالات العنف أو التسلط على العاملة ولكن هناك في المقابل حالات كثيرة لمخالفة العاملات وهربهن دون أن يكون عليهن أية عقوبة رادعة، بل يتحمل صاحب العمل أو الكفيل جميع التبعات القانونية لذلك.
من جانبها قالت عاملة المنزل صوفيا دلال، من الجنسية البنغالية، إنها لا تشعر بأي انتهاكات لحقوقها وإن العائلة التي تسكن معها تشعرها بأنها أحد أفراد الأسرة وتكافئها في المناسبات وتشتري لها كل أغراضها بما فيها الملابس الجديدة.
وأضافت صوفيا أنها هي وأختها التي تعمل لدى عائلة عمانية أخرى تشعران بالراحة، معبرة عن اعتقادها بأن معظم العائلات العمانية ودودة في تعاملها مع عاملات المنازل.