منشورات دعائية ومكبرات صوتية على الحدود بين الكوريتين "الحرب النفسية " تشعل شبه الجزيرة الكورية

الحدث الخميس ٢١/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م

سول – ش

ذكر تقرير اخباري أن حوالي مليون منشور دعائي من كوريا الشمالية ألقيت على كوريا الجنوبية خلال الاسبوع الماضي. ونقلت وكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية عن وزارة الدفاع في سول قولها إن المنشورات أرسلت بواسطة بالونات ضخمة من قبل الجيش الكوري الشمالي. وأفاد التقرير بأن العديد من تلك المنشورات تم جمعها.

يذكر أن الاختبار النووي الذي أجرته بيونجيانج في السادس من الشهر الجاري تسبب في تصاعد التوتر بين البلدين فضلا عن استئناف الحرب الدعائية بين الجانبين.

وكانت كوريا الجنوبية استأنفت بث دعاية مناهضة لكوريا الشمالية عبر مكبرات الصوت على الحدود بين الجارتين. وقبلها بيومين تم العثور مرة أخرى على حزم من المنشورات الدعائية المناهضة لكوريا الجنوبية في مناطق مقاطعة كيونغ كي.

وقالت الشرطة إنها جمعت حوالي تسعة آلاف من المنشورات الدعائية بعد تلقي تقرير في حوالي الساعة الثامنة و20 دقيقة من صباح الخميس باكتشاف مثل تلك المنشورات في "كو يانغ". وقد أشارت مصادر الشرطة إلى أن بعض حزم المنشورات الدعائية سقطت على سطح سيارة متوقفة في تلك المنطقة مما تسبب في حدوث تلفيات بها. كما أفاد أحد سكان مدينة "باجو" بأنه تم التقاط عدة منشورات دعائية صباح اليوم الخميس، لكن الشرطة لم تتمكن من العثور عليها بكميات كبيرة.

وفي وقت سابق من صباح الأربعاء، تم اكتشاف الآلاف من المنشورات المعادية لكوريا الجنوبية، والتي تدعو إلى وقف البث الدعائي المضاد لكوريا الشمالية، في المنطقة الشمالية من مقاطعة كيونغ كي ومنطقة "سون دونغ" في شرق سيول. وقالت هيئة الأركان المشتركة إنه تم التأكد من أن الجيش الكوري الشمالي هو الذي قام بإسقاط المنشورات المناهضة بين ليلة الأربعاء وصباح الخميس الفائت .

تحذيرات
في مارس الفائت جددت كوريا الشمالية اليوم، تهديداتها ضد خطة مجموعة مدنية كورية جنوبية تقضي بإرسال منشورات دعائية مناهضة لبيونغ يانغ نحو الأراضي الكورية الشمالية عن طريق بالونات هوائية، مؤكدة جديتها في استخدام كامل قوة نيرانها لتدميرها.

وتأتي هذه الدعوة بعد حوالي أسبوع من تأكيد ناشط قيادي في سول نيته نشر مطويات تنتقد النظام الشيوعي في 26 مارس المصادف للذكرى السنوية الخامسة لإغراق بيونغ يانغ السفينة العسكرية الكورية الجنوبية "تشونان".
وقال بارك سانغ هاك، رئيس مجموعة مدنية مناهضة للشمال، في وقت سابق من هذا الشهر، إنه سيقوم برفقة عدد من الفارين الكوريين الشماليين بإطلاق بالونات تحمل نحو 500 ألف مطوية، فضلا عن أقراص فيديو رقمية للفيلم الأمريكي "المقابلة"، وهو كوميدي تصور اغتيالا وهميا للزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون".

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، إن الحملة "تهدف عمدا لتصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية حيث أصبح الوضع قاب قوسين أو أدنى من الحرب"، هذا بالإضافة إلى التدريبات العسكرية السنوية بين سول وواشنطن التي انطلقت في 2 مارس.

وقالت الوكالة، "إن الجيش الكوري الشمالي يخطط لإسقاط البالونات وتفجيرها بكل قوة نيرانه المتاحة، مضيفة أن أي تدابير مضادة سوف يترتب عنها ضربات انتقامية مضاعفة لا ترحم".
في شهر أكتوبر الماضي، تبادلت الكوريتان إطلاق نار بعدما حاولت كوريا الشمالية اسقاط البالونات الحاملة لمنشورات ومطويات مماثلة. ولم يسفر الحادث عن وقوع إصابات أو أضرار بالممتلكات في الجانب الكوري الجنوبي.

حالة حرب

ولا تزال الكوريتان من الناحية الفنية في حالة حرب منذ توقف القتال الذي استمر بين عامي 1950-1953، بهدنة وليس معاهدة سلام. ما يضع أكثر من 2 مليون جندي، بما في ذلك 28,500 جندي أمريكي، على أهبة الإستعداد بشكل مستمر.

ولم تكن تهديدات بيونغ يانغ المستمرة كافية للضغط على الحكومة الكورية الجنوبية ودفعها لوضع حد لمثل هذه الحملات المناهضة للشمال، إذ أن إدارة الرئيسة بارك كون هيه المحافظة ترى أنه من غير الممكن للسبل القانونية إنهاء ذلك لارتباط الأمر بحرية التعبير.

إلا أن محكمة في كوريا الجنوبية حكمت بإمكانية حظر إطلاق مثل هذه المنشورات في حال كانت تعرض السلامة العامة للخطر. وقالت وزارة الوحدة، إنها تحترم قرار المحكمة وبأنها ستواصل السعي لإيجاد التدابير المناسبة لحماية الناس من أي رد فعل كوري شمالي محتمل.

حرب المكبرات

قالت الحكومة الكورية الجنوبية إنه حتى وإن كانت جارتها الشمالية تملك السلاح الذري، فإن الجنوب يتقدم عليها كثيرا في قوة البرامج الدعائية التي تبث بمكبرات الصوت عبر الحدود بين البلدين.

ومنذ الحرب الكورية في الخمسينات من القرن الماضي، ينصب الطرفان مئات المكبرات الصوتية على الحدود، لاستعمالها في الدعاية ضد الطرف الآخر.

ويؤدي استعمال المكبرات في الدعاية إلى ارتفاع التوتر بين الكوريتين يصل إلى حد تبادل القصف المدفعي، كما حدث في آب/ أغسطس الماضي.

وأعادت صول تشغيل مكبرات الصوت بأقصى طاقتها باتجاه الشمال لتبث مزيجا من أغاني البوب الكورية والرسائل الدعائية، ردا على أول تجربة نووية أجرتها بيونغ يانغ، الأسبوع الماضي.

ولم يتأخر الرد الشمالي، فقد وضعت كوريا الشمالية بدورها مكبرات للصوت تبث باتجاه الجنوب رسائل تمجد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ- أون، وتهاجم الرئيسة الجنوبية باك غن- هي.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إنه "تم تشغيل مكبرات الصوت الكورية الشمالية في 10 مواقع لكن تأثيرها ضئيل"، موضحا أن "هذا يفسر بأن قوة (أجهزة البث) لكوريا الشمالية ضعيفة بالمقارنة مع أجهزتنا". وتابع المسؤول الجنوبي "برامجهم تسمع من مسافة كيلومتر إلى ثلاثة كيلومترات، بينما يمكن أن يسمع بثنا من على بعد 10 كيلومترات".

وقبل أن ترد كوريا الشمالية بتشغيل مكبرات الدعاية الخاصة بها، أعلن مسؤول كوري شمالي كبير الجمعة الماضية أن الدعاية التي تبثها كوريا الجنوبية تدفع البلدين إلى "حافة الحرب". وقال رئيس إدارة الدعاية في حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية كيم كي- نام، خلال حشد دعائي الجمعة، إن "الولايات المتحدة وأتباعها الذين يشعرون بالغيرة من نجاحنا في أول تجربة قنبلة هيدروجينية، يدفعون الموقف نحو حافة الحرب بقولهم إنهم استأنفوا الدعاية النفسية وأحضروا قاذفات استراتيجية".

ونشرت وسائل الإعلام الرسمية الشمالية صورا للحشد أظهرت، على ما يبدو، آلاف الأشخاص المتجمعين في وسط بيونغ يانغ وهم يحملون لافتات دعائية تمجد الزعيم كيم جونغ- أون. وإثر ذلك، شرعت كوريا الشمالية في بث الدعاية ضد الجارة الجنوبية في حوالي 10 مناطق على الحدود.

وحسب وكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية، نقلا عن مسؤول في وزارة الدفاع، فإن "بث الدعاية من قبل الجانب الشمالي لا يستهدف الجيش الكوري الجنوبي، بل يهدف إلى منع استماع الجيش الشمالي إلى الدعاية الجنوبية من خلال التشويش على بث الدعاية الجنوبية".

وتعود هذه الوسيلة في الحرب النفسية الى سنوات الحرب بين الكوريتين (1950-1953) عندما كانت وحدات متنقلة مزودة بمكبرات للصوت تتحرك على طول جبهة متقلبة جدا. وقد بدت أسلوبا قديما لكن فاعليتها كانت كبيرة.

وفي أجواء من التوتر الشديد الصيف الماضي، أثارت هذه الرسائل سخط الكوريين الشماليين ووصل الأمر ببيونغ يانغ الى حد التهديد بقصفها بالمدفعية لإسكات مكبرات الصوت. وأوقفت صول في نهاية المطاف مكبرات الصوت في إطار اتفاق أبرم في نهاية أغسطس وسمح بوقف تصعيد كان يهدد بنزاع مسلح. وينص هذا الاتفاق على أن قرار كوريا الجنوبية بشأن الرسائل الدعائية سيصبح لاغيا "اذا وقع حدث غير عادي" في المستقبل.