المدير العام البرنامج الليبي للإدماج والتنمية لـ "الشبيبة": تشكيل الجيش يحتاج لاتفاق شامل منصف

الحدث الثلاثاء ١٩/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:١٧ ص
المدير العام البرنامج الليبي للإدماج والتنمية لـ "الشبيبة":
تشكيل الجيش يحتاج لاتفاق شامل منصف

مسقط – محمد محمود البشتاوي
تمرُّ ليبيا في أزمات متعددت المستويات، يتلازمُ فيها الخلاف السياسي، إلى جوار أزمة أمنية وعسكرية تتمثل في غياب وجود "جيش وطني"، قادر على حفظ الأمن، وتوفير حدٍّ معقول من الاستقرار، الأمر الذي أعادَ المجتمع الدولي عبر مبعوثهِ إلى ليبيا، مارتن كوبلر، لجمع الأطراف السياسية الليبية، مجددا، في تونس، مطلع الأسبوع الجاري، لبحث تشكيل "جيش موحد"، ومسائل أخرى تتعلقُ بالعقبات التي تواجه تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات بالمغرب.

مبادرات
لم يكن هذا الاجتماع الأول من نوعهِ، يتناول تشكيل مؤسسة عسكرية في ليبيا، أو دمج المجموعات المسلحة، وإعادة تأهيلها، ولأجل إنهاء الفوضى الأمنية، وانتشار السلاح والمسلحين، أسس في ليبيا بعد 17 فبراير 2011، "البرنامج الليبي للإدماج والتنمية"، هو مؤسسة حكومية تُعنى بجميع المسلحين السابقين ومجموعاتهم المسلحة، ومن دون أي تمييز، ويسعى البرنامج إلى إعادة إدماجهم وتأهيلهم وتقديم الدعم والمساندة لهم من خلال برامج التعليم والتدريب والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والإدماج في المؤسسات الأمنية والعسكرية، ليصبحوا مواطنين فاعلين، وليساهموا في بناء ليبيا بعدما ساهموا في تحريرها.
وفي العام 2013، أعدت وثيقة تتعلق بسياسة الدفاع وبناء المؤسسة العسكرية في ليبيا، عرفت بـ "الورقة البيضاء"، قدمت من قبل الأمم المتحدة، وبعض الليبيين، وبمشاركة عدة دول، إلى وزارتي الداخلية والدفاع الليبيتين.

الورقة البيضاء
المدير العام للبرنامج الليبي للإدماج والتنمية مصطفى الساقزلي يرى في حديثهِ لـ "الشبيبة" أن "تشكيل الجيوش يحتاج إلى خطة طويلة المدى ولا يمكن أن يتم من خلال اجتماع،
لذا فإنه من الأفضل تشكيل لجنة مهنية من الضباط والخبراء الحرفيين والذين
لم يشاركوا في النزاعات الداخلية خلال العامين الفائتين على أن تستند على"الورقة البيضاء" التي أعدت في 2013 بمشاركة الأمم المتحدة لتشكيل جيش مهني حرفي على أسس جديدة يكون بعيد عن التسييس والجهوية والقبلية 
تضخ فيه دماء جديدة من الشباب على أن يتم إعادة إصلاح وتطوير الشرطة لتتولى الأمن داخل المدن ويشكل جسم 
ثالث (درك/جندرمة/حرس وطني) بين الشرطة والجيش يتم فيه دمج المسلحين كأفراد بعد تفكيك المجموعات المسلحة وبعد أن يمروا بتدريب واختبار وعلى أن يكون على رأسه ضباط حرفيين لم يشاركوا في النزاعات الأخيرة ليقوم بمهام
حماية الحدود ودعم الشرطة حتى تتكون نواة الجيش ويستطيع القيام بمهامه".
ويتابع الساقزلي أن محاولة تشكيل جيش من القوات المتنازعة غير المنضبطة والمسيسة فلن ينجح
وسيكون مضيعة للوقت والجهد، مشيرا إلى أن أزمة ليبيا تتمثل في الخلاف والنزاع السياسي ومحاولة كل طرف إقصاء الطرف
الآخر،
ودون وجود اتفاق شامل منصف يستوعب كل الأطراف، دون استثناء لا يمكن تجميع جيش.
ويؤكد النائب السابق لوزير الداخلية الليبي – في الحكومة الانتقالية – حديثه لـ "الشبيبة" قائلا: الجيش مؤسسة من مؤسسات الدولة للدفاع عن الحدود فلا يمكن تسطيح مشكلة
ليبيا بعدم وجود جيش فقط،
كما أن الجيوش لا تبنى من شعث ومجموعات متنازعة وإنما بناء على توافق وخطة يتفق عليها الليبيون.
وحول رؤية البرنامج يقول إنها ترتكز على "تشكيل وبناء الجيش يحتاج لفريق من الخبراء يختارها كافة مكونات المجتمع، تكون مهنية وحرفية
 وتستعين بتجارب العالم الآخر، وبالدراسات التي أعدت في هذا المجال ومنها "الورقة البيضاء" على أن يقدم
لها الدعم والمساندة لتضع خطة لبناء جيش مهني حرفي غير مسيس، وغير مأدلج، إلا باعتباره جيشا لحماية حدود ليبيا.
وينوه الساقزلي أن البرنامج عرض حل لمشكلة المجموعات المسلحة في 2012 ببرامج "إدماج في التعليم"، والمشروعات الصغرى وانضمام بعض من ينطبق عليه
شروط الانضمام للأجهزة الأمنية والعسكرية فُرادى، لكن "للأسف الشديد الحكومات لم تدعم برامجنا وبدل ذلك
حاولت شراء ذمم المجموعات المسلحة بإعطائها الأموال مما قواها وزاد في انتشارها وأفسد الكثير منها".

استفحال الأزمة الأمنية
ويحذر من أن الأزمة الأمنية في ليبيا استفحلت مع تقادم الوقت، قائلا: "أعتقد أن الأمر اليوم أكثر صعوبة من 2012، حينما كانت مجموعات تنسب نفسها إلى ثورة 17 فبراير، وكانت راغبة في برامجنا جميعها
وتقدم لنا عشرات الآلاف، ولكن خذلان الحكومات والوزارات لبرامجنا، وعدم 
التزامها باتفاقيات الإدماج التي وقعوها معنا سواء في المشروعات أو المؤسسة الأمنية جعل التفكيك والادماج اليوم أكثر صعوبة".
ويختم المدير المؤسس لهيئة شؤون المحاربين في ليبيا، والتي تحولت إلى "البرنامج الليبي" حديثه: اليوم المجموعات المسلحة انتشرت بشكل أكبر وأصبحت ذات مشارب مختلفة فمنها الثوري ومنها القبلي ومنها الجهوي ومنها الديني سواء المدنيون منهم أو من يدعون أنهم عسكريون، وإعادة إدماجها يحتاج لأن يفتح معها حوار شامل وأن تعتمد خطط الإدماج وأن تكون لها الأولوية القصوى في برنامج الدولة والمجتمع الدولي، إن لم يحدث هذا فلا يمكن أن تستقر ليبيا ولن تستطيع 
الحكومة أن تنجز شيئا. وهذه الرسالة أوصلناها للحوار السياسي وللمجلس الرئاسي وللمجتمع الدولي ولكننا لم نجد أي تجاوب منهم".
السراج يجدد الدعوة
وفي الأثناء؛ دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج ، جميع الأطراف الليبية، إلى الالتحاق بالاتفاق السياسي بهدف إيجاد حلول لمختلف الاشكاليات التي تواجهها البلاد. وجدد السراج في المؤتمر الصحفي الذي عقده في تونس عقب اختتام الجلسة الثالثة للحوار الليبي، بحضور النائب الأول لرئيس مجلس النواب "امحمد شعيب"، التأكيد على تفعيل الاتفاق السياسي، مطالبا كل الأطراف، بالالتحاق به، وأعلاء المصلحة العليا للوطن. وأوضح السراج ، أن الاتفاق السياسي يشمل كل الليبيين ، وانه لن يكون هنالك اقصاء ، أو تهميش لأي طرف ، مشيرا إلى أن الاجتماع في تونس مع أطراف الحوار ، تطرق إلى التحديات التي تواجه عمل حكومة الوفاق الوطني في المجالات الخدمية. وأكد السراج، أن جلسة الحوار المنعقدة في تونس، ليست جلسة مساءلة ، ولكنها جلسة للتشاور من أجل إيجاد حلول سريعة للصعوبات التي تعرقل الاتفاق السياسي.

*-*

إستكمال جلسات الحوار الليبي في تونس باجتماع أمني
يبدأ في تونس يوم أمس الاجتماع الأمني الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة استكمالا لجلسات الحوار الليبي وأكدت مصادر إعلامية وصول المبعوث الاممي مارتن كوبلر لمقر الإجتماع والجنرال الإيطالي ”باولو سيرا ” رئيس قسم الأمن بالبعثة الأممية وعشرات الضباط من رتب مختلفة بالجيش من بينهم اللواء يوسف المنقوش رئيس الأركان السابق، إضافة إلى العقيد محمد البرغثي وزير الدفاع السابق ومسعود رحومة وكيل وزارة الدفاع السابق والعقيد فرج البرعصي آمر منطقة الجبل الأخضر العسكرية سابقا وفوزي عبد العال وزير الداخلية الأسبق، والعقيد محمد موسى آمر درع الوسطى، والعقيد علي الشيخي الناطق السابق باسم رئاسة الأركان. وفي الأثناء؛ نفى رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر التصريحات المنسوبة اليه بخصوص دعوته الى تقسيم الجيش الليبي الى ثلاثة جيوش ، مؤكدا ان المخرج الوحيد هو وجود جيش ليبي موحد. وقال كوبلر في تصريح صحافي في تونس " ان جميع مشاكل ليبيا الان مرتبطة بالوضع الامني وان المخرج الوحيد لكل المشاكل هو وجود جيش ليبي موحد يكون تحت قيادة المجلس الرئاسي وفق ماجاء في الاتفاق السياسي الليبي ، مشددا على انه لايمكن ان تكون ليبيا موحدة وبها عدة جيوش .